بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

الرؤيا الثامنة والخمسون

          الرؤيا الثامنة والخمسون
          كأن سيّدنا صلعم دخل منزل عبد الله بن أبي جمرة، ومعه جمع كثير من الأنبياء، صلوات الله عليهم، وجمع من الصحابة ♥، فعند دخولهم يغشى المنزل ستور منها حمر ومنها خضر ومنها كحل ومنها بيض، والكل لها نور وجمال.
          ثم إنه ◙ ، ينظر في حديث (مَن أسعد الناس بشفاعتك)(1) ثم يقول لعبد الله: انظر: فيريه جملة دور في غاية الحسن ما يقرب من المائتين داراً(2) / وبساتين في غاية الحسن، وتكون في العدد مثل الدور، وزائداً على ذلك خيرات لا يقدر أحد أن يصفها، ويقول ◙ : هذا ثواب هذا الحديث.
          ثم ينظر ◙ ، في حديث (هل نرى ربنا؟)(3) فيريه دوراً وبساتين وغرفاً بعضها فوق بعض، وبيوتاً كل نوع مما ذكر في غاية الحسن، وأما عددها فلا يقدر أحد على إحصائه، وزائداً على ذلك أنواع من الخير لا يقدر أحد أن يصفها أو يشبّهها. ويقول ◙ : هذا ثواب هذا الحديث، وباقيه لا تطيق أن تراه إلا في الآخرة، إن شاء الله.
          وهذا الحديث قد أخذ الناس فيه أخذاً كثيراً، ورجع به قوم إلى مذهب الاعتزال إلى غير ذلك من الوجوه الفاسدة. وبعد هذا البيان في هذا الرح قامت حجة الله على عباده، كل إنسان بحسب حاله وطرائقه، فلم تبق حجة لأحد منهم.
          ثم يقول له: خذ حذرك للنصر، واعلم أنه إذا وقع التشويش فإن لله ليالي خصها بنفحات، فتعرض لها. فليلة الإثنين وليلة الخميس لك ولأهل حومتك، دعاؤكم فيها مستجاب، وليلة الثلاثاء لأهل الحسينية، دعاؤهم فيها مستجاب. وليلة الجمعة لأهل مصر، دعاؤهم فيها مستجاب. وليلة الأربعاء لأهل القاهرة، دعاؤهم فيها مستجاب. وليلة السبت لأهل القرافة، دعاؤهم فيها مستجاب.
          فيقول له عبد الله: ألم تخبرني أن ليلة الإثنين والخميس إنما خُصّتا باستجابة الدعاء فيهما في هذا الشهر رجب ليس إلا؟ فيقول ◙ : كان ذلك قبل ظهور الفتنة، وهذا الحكم الثاني هو بعد ظهور الفتنة. فيقول عبد الله: يا رسول الله وما الحكمة بأن جعلت هذه الليالي؟ فيقول ◙ : لأن يكون الفضل واللطف بالعباد دائماً، ولأجل أن الناس لا يمكن أن يجتمعوا كلهم للدعاء في ليلة واحدة.
          ثم يقوم ◙ ويصلي صلاة جهرية، ويصلي معه كل من كان في المنزل، ثم يقول ◙ : هذا الدعاء الذي عمل معكم لم يعمل مع أحد. /


[1] رقمه 13.
[2] كذا.
[3] رقمه 48.