بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

حديث: إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا

          14- (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ(1) عَمْروِ بنِ العَاصِ(2) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ / الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِن الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ...(3)) الحديث. [خ¦100]
          ظاهرُ الحديثِ يدلُّ علَى أنَّ قبضَ العلمِ يكونُ شيئًا بعدَ شيءٍ، ولا يكونُ مرَّةً واحدةً، والكلامُ عليهِ مِنْ وجوهٍ:
          الوجهُ الأوَّلُ: قولُه ◙ : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِن الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ(4) العلمَ بقبضِ العُلَماءِ) فيه دليلٌ لأهلِ السنّةِ حيثُ يقولونَ بأنَّ الأعمالَ خَلْقٌ للربِّ وكَسْبٌ للعبدِ؛ لأنَّه لا يقبضُ إلَّا ما قدْ أَعطَى، فالقبضُ(5) بمعنى الاسترجاعِ، وقدْ صرَّحَ ◙ بإعطاءِ ذلكَ لعبيدِه(6) وبيَّنهُ في حديثٍ تقدَّم بيانُه، قالَ(7) فيه: ((مَن يُرِدِ اللهُ بهِ(8) خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ)). فهذا الخَلْقُ للهِ قدْ ثبتَ بالنقلِ، وأما الكسبُ فهو مُشاهدٌ مَرئِيٌّ مَحسوسٌ؛ لأنَّ العلماءَ يَنقُلونَ العُلومَ ويَدرسونَ وهو تَكُسُّبُهم.
          الثاني(9): الألفُ واللامُ في هذا (العلمِ) المذكورِ(10) يُحتَمَلُ أن تكونَ للجنسِ(11) ويحتملُ أنْ تكون(12) للعهدِ، والأَظْهَرُ مِنَ الاحتمَالَينِ العهدُ(13) للقرينةِ التي أتتْ في الحديثِ بعد تبينِه، وهو قولُهُ: (ضَلُّوا وأَضَلُّوا) والضلالُ المحذورُ إنما هوَ فيما عدا العلومِ الشرعيةِ؛ لأنَّ العلومَ الشرعيةَ هيَ(14) التي بها الهدايةُ، ولا يُقالُ لغيرِها مِن العلوم: هِدايةٌ مُطلَقةٌ حتى تُحققَ(15) باللفظِ، فيقالُ: هدايةٌ لكذا وضلالٌ عن كذا، والعِلمُ المَذكور هنا المرادُ بهِ: الفَهْمُ في(16) كتاب الله وسنةِ نبيِّه ◙ .
          الوجه(17) الثالثُ: لقائلٍ أن يقولَ: ظاهرُ(18) الحديثِ مُعارِضٌ لِمَا رُوِيَ عنهُ ◙ في الكتابِ العزيزِ: أنَّهُ يُرفَع جُملةً واحدةً، وقيل له: يا رسول الله، أَوَلَيْسَ قد وَعَيناهُ في صُدورِنا وأَثْبَتْناهُ / في مَصاحِفِنا وعلَّمناهُ أبناءَنا ونساءَنا؟ فقالَ ◙ : «تَأتِي(19) عليهِ ليلةٌ يُرفَع مِن الصدورِ(20) والمَصَاحفِ فلا يبقى في الصدورِ ولا في المصاحف منهُ شيءٌ». ثم تَلا قولَه ╡ : {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} [الإسراء:86].
          والجوابُ(21): أنَّه لا تعارضَ بينهما، بدليلِ ما نقلناهُ عن الأئمةِ بأنَّ العلمَ نورٌ يَضَعُهُ اللهُ في القلوبِ فيقعُ بذلكَ النورِ الفَهْمُ في كتابِ اللهِ ╡ (22) وفي(23) سنةِ نبيِّه ◙ ، وقدْ نطقَ الكِتابُ والحديثُ بهذا المعنى، وبيَّنَه أَتَمَّ بيانٍ.
          فأمَّا الكتابُ فقولُه ╡ : {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83]، ولا يُفهَم(24) معاني القرآنِ وأحكامُه إلَّا بالنورِ، ومهما فُقِدَ النُّور(25) وقعَ الضلالُ، نعوذُ باللهِ مِن ذلكَ.
          وأما الحديثُ فقولُه ◙ : «أنتُمْ في زمانٍ كثيرٌ فُقهاؤُه، قليلٌ قُرَّاؤُه، تُحفَظُ فيهِ حدودُ القرآنِ وتضيَّع(26) حروفه...» إلى آخر الكلام(27)، ثمَّ قالَ: «وسَيأتِي على النَّاسِ زمانٌ قليلٌ فقهاؤُه، كَثيرٌ قُرَّاؤُهُ، تُحفَظُ فيه حُروفُ القُرآنِ وتُضَيَّعُ حُدودُهُ»(28). فقد جعلَ ◙ أولئكَ(29) يفهمونَ وهؤلاءِ لا يفهمونَ، مع أنَّ هؤلاءَ أكثرُ حِفظًا وأكثرَ ضَبطًا للحروفِ، وأتى بذلكَ في مَعرضِ الذمِّ لهؤلاءِ لكونِهم لا يفهمونَ الأحكامَ، فلم يبقَ إلا أنْ يكونَ النورُ الذي كانَ عندَ أولئكَ(30) عَدِمَهُ هؤلاءِ، فرجعَ المساكينُ مثلَ بعضِ مَن تقدَّم منَ الأُممِ الماضيةِ نَقَلَةً وحَمَلَةً؛ لأن اللهَ ╡ قد وصفَهم بذلكَ في كتابِه حيثُ قالَ: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة:5].
          وهاهوَ اليومَ / قد كَثُرَ هذا الأمرُ وتَفاحَشَ؛ لأنَّ النقلةَ والأَسفارَ قد كَثُرَتْ، والقليلُ النادر(31) مَن تَجد عِنْدَهُ طَرَفًا مِن العلمِ الذي هو النورُ، فهذا العلمُ هو(32) الذي يُقبَضُ شيئًا فشيئًا، فما يَزالُ(33) يرتفعُ شيئًا فشيئًا حتى يُرفَعَ(34) المُصحفُ، فإذا رُفِعَ المُصحفُ ارتفعَ معه ذلكَ الطرفُ مِنَ النورِ الذي(35) بقِيَ عندَهم، فيبقونَ بعدَ ذلكَ في الضلالةِ يتخبَّطونَ، وعن طريقِ الحقِّ زَاهِقونَ، مع أنَّ الأحكامَ تبقى عندهم مَسطورةً في الكتبِ، لكن بعدمِ(36) النُّورِ وارتفاعِ الأصلِ لا يفهمونَ تلكَ الأحكامَ، ففي إبقاءِ الأصلِ إِشارَةٌ(37) ببقاءِ ذلكَ النورِ وإنْ قلَّ.
          الوجهُ(38) الرابع: لقائلٍ أن يقولَ: لِمَ نَعتَ ◙ القبضَ أولًا بالنَّزْعِ ثم نعتَهُ بعدَ ذلكَ بصفتِهِ التي هي: القَبْضُ؟
          الجوابُ(39): أنَّ الانتزاعَ فيهِ شِدَّةٌ وغِلظةٌ، والقَبضُ فيه لِينٌ وتَسهيلٌ، فأخبرَ ◙ بأنَّ شدَّةَ الانتزاعِ لا تكون(40)، وإنَّما يكون قَبْضٌ برِفقٍ، لاسيما وقدْ جعلَه ╡ مُغطّى بحكمةِ قبضِ الوعاءِ، وذلكَ(41) ألطفُ(42) وأخفُّ، لأنه(43) لو كان قبضُه بادِيًا دونَ حِكمة تَستُرُه(44) لكانَ العالِمُ يجدُ(45) منهُ خَوفًا ووَحشةً وهو ╡ بعبادِه رؤوفٌ رحيمٌ؛ لأنَّهُ العالِمَ إذا ماتَ لم يَقطعِ الناس إِياسهم بأنَّ اللهَ ╡ يُقيمُ عَالِمًا مَقامَه، فإذا أُقيمَ ذلكَ العالِمُ مَقامَ الأوَّلِ انجبرتِ النفوسُ ولم يَحصُل لها عِلمٌ بمقدارِ مَن قُبِضَ ومَن أقيم، فبقيت الآمالُ في الفضلِ راجِيةً والعينُ بما أُبْدلتْ(46) قَريرَةً، وهذا أَبدَعُ ما يكونُ مِن اللُّطفِ والحكمةِ.
          الوجهُ(47) الخامسُ: إذا قُبِضَ(48) العالِمُ ثم أُقِيمَ آخرُ مقامَه هل يكونُ مثلَه فيَجبُرُ تلكَ الخَلَّةَ التي وقعتْ في الإسلامِ أم(49) لا؟
          ظاهرُ / الحديثِ يفيدُ أنْ: لا، ويعارضُه قولُه ◙ : «إذا مَاتَ العالِمُ ثُلِمَتْ في الإسلامِ ثُلْمَةٌ لا يَسُدُّها إلا عالِمٌ آخرُ»، فظاهرُ هذا معارضٌ لِمَا نحنُ بسبيلِهِ، وفي الحقيقةِ ليسَ بينهما تعارضٌ؛ لأنه إذا ماتَ(50) الأوَّل وقامَ الثاني فَسَدَّ تلكَ الثُّلْمَةَ، فهوَ معلومٌ بالضَّرورةِ أنهُ ليسَ كالأولِ على حدٍّ سَواء؛ لأنَّ الثوبَ المُرقَّعَ ليسَ كالصحيحِ، وكلاهما يسترُ، وإنْ كانَ لا يحس(51) في المُرقَّعِ وهذا موجودٌ حِسًّا، لا سيما(52) إذا قلنا: بأنَّ(53) العلمَ كما قدَّمناهُ عن(54) أئمةِ الدِّين نورٌ يضعُه اللهُ في القلوبِ، فنقصُهُ(55) معلومٌ بالضرورةِ وموجودٌ حِسًّا لأنَّ نورَ الصحابةِ ♥ ليسَ كنورِ التابعينِ، ونورُ التابعينَ ليس كنورِ تابعي التابعينَ، ثمَّ كذلكَ جيلًا بعد جيلٍ، ففي كلِّ جيلٍ(56) يَرتفِعُ منهُ شيءٌ ويَقِلُّ.
          ولأجلِ هذا المعنى(57) كانَ العِلْمُ أولًا في صدورِ الرجالِ، ثم انتقلَ إلى الأوراقِ والكتبِ، وبقيت مفاتِيحُهُ في صدورِ الرجالِ، ثمَّ الآنَ كثرتِ الكتبُ والأَسفارُ وقلَّتِ المفاتيحُ، وإنْ وَجدنا(58) مِفتاحًا(59) فقَلَّ ما يكونُ مُستقيمًا إلا النادرُ القليلُ، ثم رجعتِ العلومُ الشرعيةُ مثلَ علمِ القرآنِ والحديثِ كقَدَحِ(60) الراكِبِ، وما بَقِيَ النظرُ إلَّا في بعضِ علومِ(61) الفروعِ، وانصرفتِ الهِمَمُ إلى علمِ الجَدَلِ والمنطِقِ وعلمِ النجومِ وعلم الطَبائعيِّينَ وما أشبهَ ذلكَ، فارتكبوا النهيَ واستقرَّتْ سُنَّتُهم الذَميمَةُ عليهِ؛ لأنَّ النبيَّ صلعم يقولُ: «لا تَجعلونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ(62)». وهؤلاء قد(63) اتَّخذوا القرآنَ والحديثَ كذلكَ، ثم يَزيدونَ الكلامَ في دينِ اللهِ بتلكَ العلومِ الرَّدِيئَةِ، فمَن كان باكيًا فليَبْكِ على / ذهابِ العلمِ وأهلِه(64) والدِّين ِوضَعفِه، فإِنَّا لله وإنا إليه راجعونَ، فمُنذُ انتقلَ النبيُّ صلعم إلى رحمةِ ربِّه أخذَ العلمُ في النقصِ شيئًا بعدَ شيءٍ إلى هَلُمَّ جَرًا إلى أنْ يُرفعَ القرآنُ، وقدْ نصَّ بعضُ الصحابةِ على هذا المعنى وبيَّنَه، حيثُ قالَ: لم ننفِضْ أيدِينا مِن الترابِ حِينَ دفَنَّا النبيَّ صلعم إلا ووجدنا النقصَ في قُلوبِنا، لكنْ كانَ النقصُ في ذلكَ الوقتِ لا يعرِفُه إلا أهلُ القلوبِ، وكذلكَ في القَرنِ الذي بعدَه، وكذلكَ في القرنِ الثالثِ الذينَ شهدَ(65) لهم النبيُّ صلعم بأنهم خيرُ القُرونِ، فالعلمُ إذ ذاكَ يَنْقُصُ وهو في الظاهرِ(66) متوافرٌ متزايدٌ لكَثرةِ(67) العلماءِ وكَثرةِ الكُتبِ.
          والمعنى الخاصُّ الذي أشرنا إليه لا يَعرِفُه إلا مَن أشرنا إليه؛ وهم أهلُ القلوبِ، ولذلكَ قالَ أُسامةُ بن زَيدٍ ☺: ((إني لأَسمعُ منكُم في اليومِ أشياءَ مِرارًا لا تُبالونَ بها، كنَّا(68) نَعُدُّها في زمانِ رسولِ اللهِ صلعم (69) مِن المُوبِقاتِ))(70)، ثمَّ بعدَ القرنِ(71) الثالثِ رجعَ النقصُ يَظهرُ لسائرِ الناسِ ويَستبينُ، وهاهو اليومَ أَظهرُ مِنَ الشمسِ في الظَهيرةِ ليسَ دونَها سحابٌ.
          الوجهُ(72) السادسُ: لقائلٍ أن يقولَ: هذا الحديثُ مُعارِضٌ لقولِه ◙ في الحديثِ المتقدِّمِ: «لنْ(73) تزالَ هذهِ الأُمَّةُ قائمةً على أَمرِ اللهِ لا يَضرُّهُم مَن خالفَهم حتى يأتِيَ أمرُ اللهِ». وأَخبرَ هُنا: بأنَّ العلمَ يُقبَضُ، وإذا قُبِضَ العلمُ بَقِيَ الجهلُ فيقعُ الضلالُ كما(74) نصَّ النبيُّ صلعم عليهِ(75).
          والجوابُ: أنَّه لا تعارضَ بينهما؛ لأنَّ المرادَ بالطائفةِ المذكورةِ في الحديثِ / المتقدِّمِ أنَّها تبقى مُوفيةً بالحقِّ الذي يَلزمُها لا تُخِلُّ منهُ بشيءٍ، وأمَّا العلمُ الذي هو النُّورُ فليسَ هو عندهم كما كانَ عندَ مَن تقدَّمَهم، يؤيِّدُ هذا المعنى قولُه ◙ : «أَنتُمْ في زَمانٍ مَن تركَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بهِ هَلَكَ، ويَأتِي زَمَانٌ مَن فعلَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بهِ نَجَا» يُريدُ في أعمالِ البرِّ مِن المَندوباتِ عدا الفرائضِ؛ لأنَّ الفرضَ في أوَّل الزمانِ وآخرِه مطلوبٌ على حدٍّ سواء، وإنما المُعتبرُ(76) هنا الذي عليه وقعَ النصُّ (ما عدا الفرضِ) مِن أعمالِ البرِّ؛ لأن الدِّينَ(77) مطلوبٌ بفرضِه ونَدبِه وآدَابِه(78) ونَفْلِه.
          وكان الصدرُ الأولُ ♥ يُحافظونَ على تَوفِيَةِ(79) ذلكَ، وكان النبيُّ صلعم يطلبُ ذلكَ منهم ويُحَرِّضُهم عليه، مثلُ ما رُوِيَ عنهُ صلعم (80) أنَّه هَمَّ أن يُحرِّقَ بُيوتَ قَومٍ كانوا لا يَشهدونَ الجَماعةَ، وشُهودُ الجماعةِ على الواحدِ مَندوبٌ، وكذلك(81) ما رُوِيَ عنِ الصحابةِ ♥ أنهم كانوا يَطلبونَ مِن الناسِ تَسْويةَ الصُّفوفِ، وتَسويةُ الصفوفِ في الصلاةِ مِن المَندوبِ، فكانوا ♥ يَحُضُّونَ على ذلكَ أكثرَ الحَضِّ، ويَحرِصونَ عليه أكثرَ الحِرْصِ؛ لِئلا يقعَ لهم خَللٌ في شيءٍ مِن ذلكَ فيقَعون في تركِ ما حُدَّ لهم، وأما اليومُ فذلكَ لا يُتَصوَّرُ لِمَا حَدَثَ في الأعمالِ مِن البدعِ والمُنكراتِ، وقلَّ أن يتخلَّصَ العُشْرُ إلا بالجهدِ الكبيرِ، ونعني بالخَلاصِ هنا أن يقعَ العملُ على نحوِ ما حُدَّ وشُرِعَ دونَ بِدعةٍ ولا مُنكَرٍ(82)، ومثالُ ذلكَ: شُهودُ الجَنازةِ أو الصلاةُ عليها أو حُضورُ العرسِ وما أشبهَ / ذلكَ، قلَّ أن يَقدِرَ الإنسانُ أن يفعلَ شيئًا مِن ذلكَ لِما كَثُرَ فيهِ مِنَ البِدَعِ الفاحشةِ والمَنَاكِرِ المُتْلِفَةِ(83) إلا نادرٌ قليلٌ، فليسَ تركُهم للتِّسعَةِ الأَعْشَارِ رغبةً عَنها ولا زُهدًا فيها، ولو كانَ كذلكَ لَمَا نَجَوا، وإنَّما هوَ مِن أجلِ ما قرَّرناهُ، فالطائفةُ المَذكورةُ المرادُ بها ما بيَّناهُ هنا مِن أنها لا تُنْقِصُ(84) مما يلزمُها شيئًا.
          الوجهُ(85) السابعُ: يَظهرُ مِن الحكمةِ في نصِ(86) هذا العلمِ وجهانِ:
          الأول: أنَّه لما كانَ العلماءُ ورثَةُ الأنبياءِ ‰، فمعلومٌ بالضَّرورةِ القَطعيَّةِ أنَّ العلماءَ ليس(87) كالأنبياءِ، وذلكَ موجودٌ مُشاهدٌ في عالمِ الحسِّ؛ لأنَّ الوارِثَ(88) ليسَ كالمَوروثِ مِن كلِّ الجهاتِ، وإن(89) كانَ يَرِثُ جميعَ المالِ؛ لأنَّ المُتوفَّى ينفردُ بالكَفَنِ ومَؤنةِ الدَّفنِ وما يُحتاجُ إليه في تَجهيزِهِ، فقد نَقَصَ مِن المالِ شيءٌ ما(90) دخلَ مع المَوروثِ في قبرِهِ لا(91) ينتفعُ الوارثُ بهِ ولا يستطيعُ الوصولَ إليهِ، هذا إذا لم يُوصِ، فإن أَوصَى(92) فقدْ أَباحَتْ لهُ الشَّريعةُ الوَصيَّةَ بالثُلُثِ، فقالَ ╕(93): «إنَّ اللهَ تصدَّقَ(94) عليكُمْ بثُلُثِ أموالِكمْ تَتَصَدَّقون بها عندَ مَوتِكُمْ» فحجَزَهُ عن الوارث، والحِكمَةُ فيما نحنُ بسبيلِه مِن هذا القبيلِ؛ لأنَّ كلَّ مَن أُنعِمَ عليه بشيءٍ لا بُدَّ أَن يختصَّ منه بشيءٍ لا ينالُه غيرُه بمقتضى الحِكمَةِ.
          الثاني: أنَّ الوعاءَ له اشتراكٌ ما معَ ما أُودِعَ فيهِ، فلا بدَّ لهُ أن يَصحبَه منهُ شيءٌ يدلُّ على ما كانَ فيهِ، وذلكَ الشيءُ الباقي(95) نقصٌ مِن الشيءِ المُودَعِ فيهِ؛ مثالُ ذلكَ: أَوانٍ(96) مملوءَةٍ أحدُها زيتًا والأُخرى(97) عَسلًا والأُخرى(98) سَمنًا، إلى غيرِ ذلكَ مِنَ الأشياءِ، فلا بدَّ أن يبقى في الوعاءِ بقيةٌ تدلُّ على ما كانَ فيهِ، وذلكَ الشيءُ الباقِي في الوعاءِ نَقصٌ مِن الشيءِ المُودَعِ فيهِ، وإنْ كانت العلومُ أَنوارًا لا ينتقصُ مِن عُيونِها شيء(99)، لكنْ لمَّا أنْ شاءَ الحكيمُ(100) في أنْ يُرفَعَ مع(101) أوعيتِها شيءٌ منها وقعَ ظهورُ النقصِ في هذا العالم فاتَّحدت النسبةُ بمقتضى الحكمةِ كما أشرنا، ولذلكَ / قالَ أهلُ التحقيقِ: عددُ الطُرقِ إلى اللهِ ╡ على عددِ الأَنفاسِ؛ لأنه(102) ليسَ كلُّ شخصٍ حالُهُ كمثلِ حالِ الآخرِ مِن كلِّ الجهاتِ، وإنْ وقعَ الشَّبَهُ بين الحالين(103) فلا بدَّ مِن فَرْقٍ ما بينَهما كما هو(104) مشاهدٌ في عالمِ الحِسِّ، فصُوَرُ الناسِ في وَضْعِ الخِلقَةِ على حدٍّ واحدٍ، وليس في حقيقةِ الشَّبَهِ كذلكَ؛ لأن كلَّ واحدٍ يَختصُّ بصفةٍ ما يمتازُ بها في النَّعتِ عن غيرهِ وإنْ أَشْبَهَهُ في أكثرِ الصفاتِ، فكذلكَ(105) جميعُ الحيواناتِ على اختلافِ أَصنافِها على حدٍّ واحدٍ في صِنفِهِ(106) في وضعِ الخِلقَةِ، وليسَ كذلكَ في حقيقةِ الشَّبَهِ، فسُبحانَ مَن أَظهرَ أَثَرَ عِظمِ(107) قُدرَتِهِ بجميلِ وضعِ حِكمتِهِ في جميعِ بريَّتِه، ولأجلِ هذا المعنى الذي أشرنا إليه أَحالَ ╡ في كتابِه بالنظرِ إليهِ ليُستَدَلَّ به(108) على وحدانيتِهِ، فقالَ عزَّ مِن قائلٍ(109): {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت:53].
          الوجهُ الثامنُ: قولُه ◙ : (حَتَّى إذا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخذَ الناسُ رُؤوسًا جُهَّالًا فَسُئِلوا فَأَفْتَوا بغيرِ عِلمٍ فَضَلُّوا وأَضَلُّوا).
          فيه دليلٌ على أنَّ الضلالَ المخوفَ لا يقعُ مهما بَقِيَ مِنَ الطائفةِ المذكورةِ واحدٌ؛ لأن تلكَ الطائفةَ همُ الذينَ تمسَّكوا بالعلمِ وعملوا بهِ، لأنَّه مهما بَقِيَ عَالِمٌ واحدٌ على الحقِّ لم تضرَّ الضلالةُ وإنْ ظهرتْ، لعدمِ الإجماعِ(110) عليها، وقدْ قالَ ╕(111): «لَنْ تَجتَمِعَ أُمَّتي على ضَلالةٍ» وكثيرٌ ما بينَ الظهورِ والإجماعِ؛ لأنَّ الإجماعَ(112) هيَ الحالقة(113)، أَعاذَنا اللهُ مِن ذلكَ بَمِّنهِ.
          تبيينُ سرِّ ذلكَ وتوضيحُه(114) مارُوِيَ أنَّ أحدَ أنبياءِ بَنِي اسرائيلَ مرَّ على قريةٍ وقدْ أَهلكَها اللهُ، فقال: يا ربِّ! كيفَ أهلَكْتَهم وكنتُ أعرفُ فيها(115) رجلًا صالحًا؟ فأوحى اللهُ إليهِ أنَّه لم يَغَر لي قطُّ / يومًا واحدًا، فأفادَ ذلكَ أن موافقَتَهُ لهم على الباطلِ _وإن كانَ يَعرِفُ الحقَّ_ كان سببَ هلاكِهم، ولو خالفَهم ما هلكَ ولا(116) هلكُوا.
          الوجهُ التاسعُ: في هذا المعنى وجهٌ مِن الحِكمةِ والاعتبارِ، وذلك أنهُ لمَّا أن جعل ╡ هذهِ الدارَ للتغييرِ والذهابِ جعلَ كلَّ ما فيها بمُقتضَى الحِكمةِ بتلكَ النِسبةِ يلحقُه النَّقصُ والذهابُ؛ لأن(117) أجَلَّ ما فيها العلمِ والإيمانِ وهَاهُما يَلحقهما(118) النقصُ حتى يذهبا، فلَحِقَتْ عِلَّةُ الدارِ لساكِنِها(119) وما فيها.
          الوجه العاشرُ: في هذا المعنى ترغيبٌ للزهدِ في هذه الدنيا، وتحريضٌ على(120) تركِها؛ إذ هي وما فيها للنقصِ والذهابِ، ففي ماذا(121) الرَّغبةُ؟ وعلى(122) ماذا التَّعبُ؟.
          الوجهُ(123) الحادي عشرَ: فيه دليلٌ على أنَّ بلاءَ هذهِ الدارِ أكثرُ مِن خيرِها؛ لأنَّه إذا قلَّ العلمُ والإيمانُ _وهما عينُ الخيرِ_ كَثُرَ ضِدُّهما، وهو(124) الكُفْرُ والجَهلُ، فهما موجِبَان للشرِّ، بل هُما عَينُه.
          الوجهُ(125) الثاني عشرَ: يؤخذُ مِن هذا مِنَ الفقهِ تأكيدُ التَّخَلِّي عن الالتفاتِ لهذهِ الدارِ وما فيها لمن عَقَلَ، إذْ إن خَيرَها يَقِلُّ وشَرَّها يزيدُ، فخَيرُها نادرٌ وشرُّها كثيرٌ موجودٌ، وقد قالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ☺: لو كانتِ الآخِرةُ مِن خَزَفٍ وهي باقيةٌ، والدُنيا مِن فضَّةٍ وهي فانِيَةٌ، لكانَ يَقتضِي الزُّهدَ في الدنيا وإنْ كانت مِن فِضَّة لكونِها فانِيَةً والرغبةَ في الآخِرَةِ وإن كانت مِن خَزَفٍ لأنها(126) باقِيةٌ، فكيفَ والأمرُ بضدِّ ذلكَ؟.
          الوجهُ(127) الثالث عشرَ: فيهِ دليلٌ على أنَّ حقيقةَ الرِّياسَةِ لا تكونُ إلا بالعلمِ إذا كانَ على حقيقتِهِ، وهو أن يكونَ للهِ خالِصًا على مُقتضى الكتابِ والسنَّة، وأن رِياسَةَ(128) غيرِ العالِمِ ليسَت(129) بحقيقةٍ؛ لأنهُ ◙ قد نصَّ على / أنَّ العالِمَ ما دامَ بينَ أَظهُرِ الناسِ دامَ بهِ الخيرُ، وأنَّ الجاهلَ(130) إذا كانَ مكانَه وقعَ بهِ الضلالُ والهلاكُ.
          والعِلَّةُ في هذا المَعنى ظاهرةٌ بَادِيَةٌ؛ لأن كلَّ الناسِ يحتاجونَ إلى العالِمِ ليُرشِدَهم لطريقِ ربِّهم ويُبيِّنَ لهم أمرَه ونَهيَه وغيرُ العالِمِ ليسَ كذلكَ؛ لأنَّه قد يَحتاجُ إليه بعضُ الناسِ في تلكَ اللحظَةِ(131) التي رَأَسَ فيها(132)، وقد لا يُحتاجُ إليه وهو الكثير، ولهذا المَعنى قالَ ◙ : «نِعمَ الرجلُ العالِمُ؛ إنِ احْتِيجَ إليهِ نفعَ، وإن استُغني عنهُ أَغنى نفسَه». ومَعنى الغِنى هنا(133): الغِنى بالله ╡ ، فهذهِ هي حقيقةُ الرِّئاسةِ، وقد بدأَ الآنَ(134) ما أَخبَرَ(135) الصادقُ ◙ : «رَأَسُوا بغَيرِ عِلمٍ فاسْتُفْتُوا فأَفْتَوا بغيرِ علمٍ فَضَلُّوا وأضَلُّوا(136) مَنِ اتَّبَعَهم»، فليَنْتَبِهِ الجاهلُ المِسكينُ من غَفلَتِه، وليُفِقْ مِن سَكرتِه، وليَحذرْ مِن هذا الأمرِ العظيمِ الذي حلَّ بهِ.
          الرابعَ عشرَ(137): فيهِ دليلٌ على أنَّه لا بُدَّ للناس مِن رؤساءَ(138) بمُقتضَى الحِكمةِ؛ لأنه ◙ أخبرَ أنَّ العالِمَ إذا عُدِمَ لم يُبقِ الناسُ لأنفسِهم كذلكَ، وإنَّما يتَّخذونَ رؤساءَ غير ذلكَ الصِّنْفِ لتَشَبُّهِهم بهم، فيقعونَ إذْ ذاكَ في الضلالِ كما أخبرَ ◙ .
          الخامسَ عشرَ(139): فيه دليلٌ على أنَّ أخذَ الأشياءِ على(140) غيرِ ما أَحْكَمَتْهُ(141) الشريعةُ لا يوجدُ لها فائدةٌ، بل تنعكسُ الفائدةُ بالضررِ؛ لأنَّ العوامَّ(142) لم(143) يتَّخذوا هؤلاءِ الجُهَّال(144) رؤساءَ إلا لأجلِ الفائدةِ التي عَهِدُوها ممَّن تشبَّهوا بهم، وهو الإرشادُ لِمَا يُصلِحُهم كما تقدَّمَ، فلمَّا لم يكنْ(145) فيهم الشُّروطُ التي أَحْكَمَتْها الشريعةُ جاءَهم إذْ ذاكَ ضِدُّ ما أَرادوه(146) وهو الضَّلالُ.
          السادسَ عشرَ(147): فيهِ دليلٌ لمَن يقولُ بأنَّ العالِمَ لا يلزمُه التَّعليمُ قبلَ السؤالِ؛ لأنَّ الفُتيَا لم تقعْ / حتَّى وقعَ(148) السؤالُ.
          السابعَ عشرَ: فيه دليلٌ على أنَّ البَهْرَجَةَ لا تجوزُ على عالِمٍ(149)؛ لأن العوامَّ إنما اتَّخذوا هؤلاءِ الجُهَّال رُؤوسًا لأجلِ تشَبُّهِهِم بأهلِ العلمِ في الكُتُبِ مثلًا، وفي جِنس الكُتُبِ(150) والنَّظرِ فيها، فلمَّا رأى(151) الناسُ ما جَرت العادةُ بهِ يكون ُعَلَمًا(152) على العالم(153) _وهو النورُ كما تقدَّم في وصفِه قبلُ_ ظنُّوهم(154) مِن العلماءِ الرؤُوسِ حقيقةً فصحَّت البَهْرَجَةُ عليهم، ولهذا قالَ يُمْنُ بن رِزْقٍ ☼: لقلَّةِ(155) العُقلاءِ لم تُعرفِ(156) الحَمْقَى، وهذا المعنى بنفسِه قد ظَهَرَ(157) اليومَ في زمانِنا هذا(158) وكَثُرَ وتفاحشَ بقومٍ(159) يقرؤونَ النحوَ والأُصولَ والمَنطِقَ وعلمَ الكلامِ وعلمَ الطَّبائِعِ(160) وما أشبهَ ذلكَ، ثم يدَّعونَ بها الرِّئاسةَ ويُريدونَ أن يُفتوا(161) في دينِ اللهِ بتلكَ العلومِ، وتَرَجَّحَ(162) ذلكَ عندَهم(163) بعقولِهم الفاسدةِ حتى إن بعضَهم يدَّعي الاجتهادَ على زعمِهِ ويُخَطِّئُ مَن تقدَّمَ مِن الفُضلاء وأئمةِ الدينِ، وذلك لقلَّة فَهمِهِ لِمَا قالوا وسُوءِ ظنِّه بهم، لأنَّه لو حسَّنَ بهم الظنَّ لعادَ عليه مِن بركتِهم بما(164) يَفهمُ كلامَهم، فالحذرَ الحذرَ مِن هذه الطائفةِ الرديئَةِ والعِصابةِ الجَهنَّميَّةِ(165)، وقد حذَّرَ ◙ عنها وبيَّنها أتمَّ بيانٍ، فقال: «يَأتي في آخرِ الزَّمانِ أقوامٌ يُحدِّثونَكم بما لَم تَعرِفوا أَنتم ولا آباؤُكُم» أو كما قالَ ◙ (166) «فخُذْ ما تَعرِفْ ودَعْ ما تُنكِر، وعليكَ بخُوَيِصَّةِ نفسِكَ»(167).
          الوجهُ(168) الثامنَ عشرَ: فيه دليلٌ على أنَّ العامِيَّ وظيفتُه(169) السؤالُ والامْتِثَالُ دونَ بحثٍ؛ لأنه ◙ لم يجعلْ لهم في(170) الحديثِ وظيفةً(171) إلَّا السؤالَ وامْتِثالَ(172) ما يُشِير عليهم في ذلكَ السؤالِ(173)، وإنما ضَلُّوا(174) إذْ إنهم لم يُصادِفوا الرأسَ الحقيقيَّ.
          التاسعَ عشرَ: فيه دليلٌ على أنَّ(175) مَن عَمِلَ بفتوى على / غيرِ وجهِها يَلحقُه مِن الإثمِ مثلَ ما يَلحَقُ المُفتي بها؛ لأنه ◙ قد جعلَهُ ضالًّا كما جعلَ ضلالَ الْمُفتِي(176) بذلكَ سواء، يُؤيِّدُ هذا المعنى ويَزيدُه إِيضاحًا ما رُوِيَ عنه ◙ في الضدِّ(177) أنَّه قالَ: «العالِمُ والمُتعلِّمُ شَريكانِ في الأَجرِ».
          العشرونَ: فيه دليلٌ على أنَّ الجاهلَ لا يُعذَرُ بجهلِه عندَ وقوعِه في المحذورِ؛ لأنهُ ◙ قدْ جعلَ العَوامَّ الذينَ لم يُصيبوا بفُتْياهُمْ(178) أَهلها ضالينَ(179) مثلَ الذينَ أَفتُوهُم بها، مع أنهم المساكينُ جاهلون بالأمرِ ليسَ لهم معرفةٌ بما يُميِّزونَ الفُتيا الصحيحةَ من السقيمةِ(180)، فارجعْ أيها الهائم إلى(181) طريقِ الرشاد قبلَ سَبْقِ الحِرمان بغَلْقِ(182) البابِ.


[1] قوله: ((عبد الله بن)) زيادة من (ل) و (ف) على النسخ.
[2] زاد في (ج): ((أنه)).
[3] زاد في (ج) و(ل): ((حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا))، وقوله: ((الحديث)) ليس في (ف).
[4] قوله: ((يقبض)) ليس في (ل)، في (ف): ((يقبضه))، وقوله بعدها: ((العلم)) ليس في (ف).
[5] في (م): ((فالعبد)).
[6] في (ج): ((لعبده)).
[7] في (ل): ((قبل)).
[8] قوله: ((من يرد الله)) مكرر في الأصل.
[9] في (ف): ((الوجه الثاني)).
[10] قوله: ((المذكور)) ليس في (م).
[11] في (م): ((للعلم)).
[12] في (ل) و(ف): ((وتحتمل أن تكون)).
[13] في (م): ((للعهد)).
[14] قوله: ((هي)) ليس في (م)، وقوله بعدها: ((التي)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[15] في (ج) و(م) و(ل): ((تخصص))، في (ف): ((تختص)).
[16] في (م): ((المراد به فهم)).
[17] كلمة: ((الوجه)) ليست في (ط) و(ل) و(م).
[18] زاد في (م) و(ل) و(ف): ((هذا)).
[19] في (م) و(ف): ((يأتي)).
[20] في (ج): ((الصدر)).
[21] في (ج): ((الجواب)) بدون واو.
[22] قوله: ((╡)) ليس في (ف).
[23] قوله: ((في)) ليس في (ج) و(م).
[24] في (ل): ((ولا تفهم)).
[25] زاد في (م): ((فقد)).
[26] في (ط) الأصل: ((ويضع)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[27] قوله: ((إلى آخر الكلام)) ليس في (ج).
[28] النص في (المطبوع): ((وأما الحديث فقوله ◙: إنَّكم أصبحتم في زمنٍ كثيرٌ فُقهاؤُه، قليلٌ قُرَّاؤُه وخُطَباؤهُ، قليلٌ سائلوهُ، كثيرٌ مُعطوهُ، العمل فيه خيرٌ من العلم، وسيأتي على الناس زمانٌ، قليلٌ فقهاؤهُ، كثيرٌ خُطَباؤهُ، قليلٌ معطوهُ، كثيرٌ سائلوهُ، والعلمُ فيه خيرٌ من العمل)).
[29] في (ل) و(ف): ((هأولئك)).
[30] في (ل) و(ف): ((هأولئك)).
[31] في (ط) و(ج): ((من النادر)).
[32] قوله: ((هو)) ليس في (م).
[33] في (ط): ((زال)).
[34] في (م): ((يرتفع)).
[35] زاد في (م) و(ل): ((كان)).
[36] في (ج) و(م) و(ل) و(ف): ((لعدم)).
[37] في (ج) و(م) و(ف): ((بشارة))، وفي (ل): ((ففي إنفاذ الأصل بشارة)).
[38] قوله: ((الوجه)) ليس في (ج).
[39] في (م) و(ل) و(ف): ((والجواب)).
[40] في (ف): ((يكون)).
[41] قوله: ((وذلك))، ليس في (ج).
[42] صورتها في (م): ((أنضف)).
[43] في الأصل: ((لا)) بدل ((لأنه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[44] صورتها في (م): ((تميزه)) في(ف): ((يسره)).
[45] في (م): ((يجدون)).
[46] في (ج): ((أبدت)).
[47] قوله: ((الوجه)) ليس في (ل).
[48] في (م): ((أقيم)).
[49] قوله: ((أم)) ليس في (ج).
[50] قوله: ((مات)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[51] في (ط) مهملة، وفي (ج) و(م) و(ل): ((يخش))، وفي (المطبوع): ((بخسَ)).
[52] قوله: ((وإن كان لا يحس في المرقع وهذا موجود حساً لاسيما)) ليس في (ف)، وبعدها في (م): ((إن)).
[53] في (م): ((إن)).
[54] في (ج): ((على)).
[55] في (م): ((فيضعه)).
[56] قوله: ((ففي كل جيل)) ليس في (ج)، وبعدها في (ل) و(ف): ((ترفع)).
[57] كلمة: ((المعنى)) من (ج).
[58] في (م) و(ل) و(ف): ((وجد)).
[59] في (ج) و(ل) و(ف): ((وجد مفتاحٌ)).
[60] في (ف): ((كغمر قدح الراكب)).
[61] في (م): ((في علم)).
[62] في (ف): ((كغمر قدح الراكب)).
[63] قوله: ((قد)) ليس في (ل).
[64] قوله: ((وأهله)) ليس في (ج).
[65] في (ج): ((يشهد)).
[66] زاد في (م): ((سوا)).
[67] في (م): ((بكثرة)).
[68] في (م): ((كما)).
[69] في (ف): ((◙)).
[70] زاد في (ج) و(م): ((أو كما قال)).
[71] في الأصل: ((القران)) والمثبت من النسخ الأخرى هو الصواب.
[72] قوله: ((الوجه)) ليس في (ل).
[73] في (ل): ((ولن)).
[74] زاد في (ج) و(م) و(ل): ((قد)).
[75] قوله: ((عليه)) ليس في (م)، وفي (ف): ((نصَّ عليه النبي صلعم)).
[76] في (ج): ((البر)).
[77] قوله: ((الدين)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[78] في (ج): ((وأدبه)).
[79] زاد في (ج) و(م) و(ل): ((جميع)).
[80] في (ف): ((◙)).
[81] في (ط): ((وذلك)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[82] في (ط): ((شك)).
[83] في (ف): ((المنقلة)).
[84] في (ل): ((ينقص)).
[85] قوله: ((الوجه)) ليس في (ل).
[86] في (ج) و(ف): ((نقص)).
[87] في (ج): ((ليسوا)).
[88] زاد في (ج) و(م) و(ل): ((أبدا)).
[89] في (ل): ((فإن))، وقوله بعدها: ((كان)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[90] في (ط) و(ج): ((عما)).
[91] في (ج): ((ولا)).
[92] في (م): ((وصى)).
[93] في (ف): ((◙)).
[94] في الأصل(ط): ((إن تصدق)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[95] زاد في (المطبوع) : ((في الوعاء)).
[96] في (ج): ((أواعي)).
[97] في (ج): ((وأخرى))، وفي (م) و(ف): ((أخرى))، وفي (ل): ((أحدهما وزيتاً وأخرى)).
[98] كذا في (ط)، وفي باقي النسخ: ((وأخرى)).
[99] في (ط): ((أنواراً لا تنتقص من عيونها بشيء))، وفي (ج): ((أنوار لا ينقص من عيونها شيء))، والمثبت من النسخ الأخرى، والعبارة في (المطبوع): ((لاينقصُ من أعيانها شيءٌ)).
[100] في (م): ((الحليم))، وفي (ل) و(ف): ((شاءت الحكمة))، وقوله بعدها: ((في)) ليس في (ج) و(م).
[101] كذا في نسخنا، وفي (المطبوع): ((من)).
[102] في (م): ((لكن)).
[103] في (ج): ((الحالتين)).
[104] زاد في (م) و(ل): ((ذلك)).
[105] في (ج) و(م): ((وكذلك)).
[106] قوله: ((في صنفه)) ليس في (ف)، و في (المطبوع): ((في صفة)).
[107] في (م): ((أظهر عظيم))، وفي (ل) و(ف): ((أظهر أثر عظيم)).
[108] قوله: ((به)) ليس في (ج).
[109] في (م): ((فقال ╡)).
[110] في (م): ((الاجتماع)).
[111] قوله: ((الصلاة)) زيادة من (ل)، وليس في (ط) و(ج) و(م) و(ف).
[112] في (ج): ((والاجتماع لأن الاجتماع))، وفي (م): ((وكثير ما بين الاجتماع والضلال لأن الاجتماع)).
[113] في (ط): ((المجالفة))، وفي (ل): ((الخالقة))، وفي (م): ((الحالفة)) ولعل المثبت هو الصواب كما في (المطبوع).
[114] في (م) و(ف): ((تبيين هذا وتوضيحه))، وفي (ج) و(ل): ((يبين هذا ويوضحه))، وكتب في الأصل فوق كلمة ((سر)): ((نسخة)).
[115] في (ج) و(م): ((فيهم)).
[116] في (م): ((ولو)).
[117] في (م) و(ل): ((لأنه)).
[118] في (ج): ((يلحقاهما)).
[119] في (ج) و(م): ((سكانها))، وفي (ل): ((لسكانها)).
[120] في (ل) و(ف): ((في)).
[121] في (ف): ((ففيما ذا)).
[122] في (ط): ((على)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[123] قوله: ((الوجه)) ليس في (ج) و(ل).
[124] في (ل) و(ف): ((وهما)).
[125] قوله: ((الوجه)) ليس في (ج) و(ل).
[126] في (م): ((كونها))، وفي (ل) و(ف): ((لكونها)).
[127] قوله: ((الوجه)) ليس في (ج).
[128] في (ل): ((فإن رئاسية)).
[129] في (ج) و(م) و(ل): ((ليس)).
[130] في (ج): ((الجهل)).
[131] صورتها في (م) و(ل): ((الخطة)).
[132] في (ل) و(م) و(ف): ((رئس بها))،، و في (ج): ((رؤس بها))، وقوله: ((رأس)) ليس في (ط)، ولعل المثبت هو الصواب كما في المطبوع.
[133] زاد في (ج): ((هو)).
[134] زاد في (ج): ((ظهور)).
[135] في المطبوع: ((أخبر عنه))، وفي (ف) كتب: ((عنه)) بخط مغاير فوق السطر.
[136] في (ج) و(ل) و(ف): ((وضلَّ)).
[137] في (م) و(ف): ((الوجه الرابع عشر)).
[138] في (ج): ((للإنسان من رؤوس))، وفي (ل) و(ف): ((للناس من رؤوس)). وبعدها في (ل): ((يقتضي)).
[139] في (م): ((الوجه الخامس عشر)).
[140] قوله: ((على)) ليس في (م).
[141] في (ل): ((ما احتكمته)).
[142] رسمها في الأصل: ((بالضرورة العلوام)) والمثبت هو الصواب.
[143] في (ف): ((لا)).
[144] في (ف): ((الجهلاء)).
[145] في (ج) و(ل) : ((تكن)).
[146] في (ج): ((أورده)).
[147] في (م) و(ف): ((الوجه السادس عشر)).
[148] في الأصل: ((يقع)) وكتب فوقها: ((وقع)).
[149] في (م): ((العالم)).
[150] قوله: ((الكتب)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[151] في (م): ((رأت)).
[152] في (ج) كلمة غير واضحة لعلها: ((مغلوطا)).
[153] في (ج) و(م) و(ل): ((العلم)).
[154] في (م): ((ظنونهم))، وقوله بعدها: ((العلماء)) ليس في (ج) و(م)، وقوله: ((الرؤوس)) ليس في (ل) و(ف).
[155] قوله: ((لقلة)) بياض في (ل).
[156] في (ج) و(م): ((نعرف)).
[157] في (ج): ((أظهر)).
[158] كلمة: ((هذا)) ليست في (ط) و(م).
[159] في (م) و(ل): ((قوم)).
[160] في (ل): ((الطباع)).
[161] في الأصل: ((يفتون)) والصواب المثبت من النسخ الأخرى.
[162] في (ط) و(م) و(ف): ((ويرجح)).
[163] قوله: ((عندهم)) ليس في (م).
[164] في (ل): ((ما)).
[165] قوله: ((والعصابة الجهنمية)) ليس في (م).
[166] قوله: ((أو كما قال ◙)) ليس في (ل).
[167] في الأصل: ((بخوصة نفسه)) والمثبت من النسخ الأخرى هو الصواب.
[168] قوله: ((الوجه)) ليس في (ل).
[169] في (ل): ((وضيفته)).
[170] زاد في (ج): ((هذا)).
[171] في (ل): ((وضيفة)).
[172] في (ج) و(ف): ((وامتثال)).
[173] قوله: ((وامْتِثالَ ما يُشِير عليهم في ذلكَ السؤالِ)) ليس في (م) في(ف): ((وما أشير عليهم في ذلك تنبيه)).
[174] في (ل): ((ما أشير عليهم في ذلك تنبيه للسؤال ضلوا)).
[175] قوله: ((أن)) ليس في (ل).
[176] في (ل): ((الْمُفْتَى له)).
[177] في (م): ((الصبر)).
[178] في (ط) و(م) و(ف): ((بفتياتهم)).
[179] في الأصل: ((صالحين)) والمثبت من النسخ الأخرى هو الصواب.
[180] في (ل): ((السقيم)).
[181] في (ل) و(ف): ((عن)).
[182] في (ل): ((يغلق)).