بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

الرؤيا الخامسة والأربعون

          الرؤيا الخامسة والأربعون
          كأن سيّدنا صلعم دخل منزل عبد الله / بن أبي جمرة ويصل به وبأهله وبأصحابه الظهر، ثم ينظر في الشرح في حديث (القائم على حدود الله)(1) ويعجبه، ثم يصعد بعبد الله وبأهله وبأصحابه إلى فوق السماوات السبع كما فعل في الرؤيا قبل، وإذ بتشويش قد وقع في الأرض، كما كان في الرؤيا قبل، ثم يقول لعبد الله: انظر، فيريه جملة دور وقصور في غاية الارتفاع والحسن، ويعطيه جملة ثياب، ويقول: هذا ثواب ذلك الحديث. ثم يريه شجرة عظيمة خضراء قد ملأت ما بين الأرض والسماء، وثمرها أبيض، وفيها أشخاص في غاية الحسن، فيقول ◙ : تلك الشجرة هي إيمانك، والثمر الذي فيها هو عملك، والأشخاص الذين فيها حراسها.
          ثم إن ذلك التشويش يزول، فيهبط ◙ وكل من صعد معه حتى يأتوا منزل عبد الله، ثم يخرج ◙ إلى المسجد، ويخرج معه عبد الله وأصحابه، فيصلي بهم، ويجمع بالناس صلاة نافلة، ثم يعود ◙ إلى منزل عبد الله، فينظر في (حديث ابن الصامت)(2) في الكلام على (الرحمن على العرش استوى) فيعجبه. فيقول لعبد الله: انظر، وإذا بنحو المائة فرس حسان كلها ملجمة مسروجة، وإذا بما يقرب من عددها صناديق كبار مختلفة الألوان، مملوءة ياقوتاً وجواهر وثياب حرير رفيع في غاية الحسن. ويقول ◙ : هذا ثواب هذا الموضع. فيقول عبد الله: لم لا تريني ثوابها جملة؟ فيقول ◙ : الأحاديث / الكبار لا أريد أن أريك ثوابها جملة.
          ثم إن بعض الحاضرين يسأله عن توالي هذه المرائي. فيقول ◙ : لما كان بدء الرسالة بالمرائي، وتتابعت حتى جاء الخير _كما هو مذكور في الحديث، وهو الحق_ كذلك النصرة لها، تكون ولاً بالمرائي متتابعات، حتى يأتي النصر، ويظهر الحق، ويكمل ظهوره.
          ثم إن بعض الأولاد كان رأى بالنهار رؤيا، فيذكرها له ◙ ، فيعبرها، وكانت الرؤيا أن منزل عبد الله كأنه باب انفتح، وهو قد كبر واتسع، فكان عبد الله يروم غلقه فلا يقدر، وإذا بهاتف يقول: قد انفتح الباب، فلا يقدر على غلقه، وان بيت أبي عثمان يرتفع ويحسن ويتّسع، وكان بعض الحكام في الوقت يأتي عند باب عبد الله ويبسط فوطة ويصلي العصر، فيقول ◙ : الذي قاله الهاتف حق. معناه على ثلاثة أقسام: قد انفتحت القلوب لقبول الحق والتصديق به، وقد انفتح باب الله سبحانه لقبول التوبة وقبول الدعاء، وانفتح باب النصر. وأما ارتفاع المنزل وحسنه فإيمانه يتسع ويحسن. وأما صلاة العصر فيحتمل وجهين: تيسير الخير، ويحتمل التفسير. وإنما هو في الوقت تيسير الخير. فيقول ذلك الشخص: وصلاة المغرب يا رسول الله في النوم؟ فيقول ◙ غروب الشر وإقبال الخير.


[1] رقمه 103.
[2] رقمه 3.