بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

الرؤيا التاسعة

          الرؤيا التاسعة
          رئي أن النبيّ صلعم في منزل عبد الله، وعبد الله وبنوه جلوس بين يديه، وإذا بسقف البيت إما زال أو انفرج، وإذا بخطاب الحق سبحانه وهو يقول لهم: لِمَ تركتم الرؤيا البارحة، يعني الرؤيا التي تقدم ذكرها، عند قولك: (أخاف على الشرح من هؤلاء أن يبدلوه)؟ فقلت لك: وكيف يقدرون على ذلك وأنا قد طبعت على قلوبهم، وجعلت على آذانهم وأبصارهم غشاوة، فكيف يقدرون على تبديله(1)؟
          ثم إن الحق سبحانه يأمر عبد الله أن يزيد آخر الشرح هذا الدعاء(2):
          اللهم أنت قد مننتَ عليَّ بهذا الشرح، وأخبرتَني في النوم أنك أخبرت به آدم قبل موته، فاجعله لي نوراً في الدنيا والآخرة، واجعله لي حجة، ولا تجعله عليَّ حجة، واجعله لي نوراً تاماً إلى يوم القيامة، واجعله لمن قرأه أو سمعه أو تملّكه نوراً تامّاً إلى يوم القيامة، ولي مثلهم. ومن كذّب به فلا تملّكه إياه، واحرمه بركته. ومَن مَلَكه ولم يعمل به ولا ببعضه فاجعله عليه حجة. واجعله لنا دليلاً وإماماً للحق، وقائداً إليه، ومنوّراً لقلوبنا، ومؤنساً لنا في قبورنا، وأرنا فضله في الدنيا والآخرة، واجعلنا ممن رحمته به، ولا تجعلنا ممن حرمته به، وأعد علينا بركته في الدنيا والآخرة، برحمتك / يا أرحم الراحمين، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله.
          فوقع له توهم وهو أنه قال: كيف أسمع خطاب الحق سبحانه في الدنيا؟ فسَمْع الخطاب من قِبَل الحق سبحانه هذا آخر الليل هو وقت تجلٍّ له، فإذا استيقظت تجده يصلي. فوقع له أيضاً توقف. وهو أن قال: كيف أخبره بهذا، ولعلَّه لا يصدقني(3)؟ فالتفت النبيّ صلعم وقال له: بَلِّغْ كلَّ ما قيل لك، فإن الوقت محتاج إليه، ولا يحل لك كتمه، فإنه إن لم تخبر به ذهبت الفائدة التي أردنا.
          ثم قال صلعم لعبد الله: ما وقع لك من أن تكتب هذه المرائي التي تتعلق بهذا الشرح فهو حسن، وهو مما يرغب فيه، ويعلم به قدره.
          فاستيقظ الولد، فوجد أباه يصلي، كما قيل له.


[1] لم يرد هذا القول في الرؤيا السابقة.
[2] يريد بقوله: (آخر الشرح): شرح أحاديث (جمع النهاية).
[3] كذا.