بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

الرؤيا الثامنة والأربعون

          الرؤيا الثامنة والأربعون
          كأن سيّدنا صلعم دخل منزل عبد الله بن أبي جمرة، فكان عبد الله يعرض عليه الرؤيا المتقدمة لموضع كان بقي عليه فيه إشكال. فيقول ◙ : أريك ما هو خير من هذا، ما لك في النص، وما لك في الشرح. فيريه ثلاثين بيتاً في غاية الارتفاع والاتساع والطول، وهي في غاية الحسن، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، وعلى كل بيت بواب، فتكون بعض تلك البيوتات مملوءة بالأوامر التي يحتاج إليها هذا النص، وما يجري فيه من الأمور الكليات والجزئيات. ويقول ◙ : هذه كلها ثواب النص. فمن جملة ما ملئت به تلك البيوت بيت مملوء نوراً. فيقول ◙ : هذا ثواب الرضى ومثله. فيقول ◙ : وهذا ثواب التوكل ومثله. فيقول ◙ : هذا ثواب اتباع الأمر في هذه القضية ومثله. فيقول ◙ : هذا ثواب التوفيق والنصر ومثله. فيقول ◙ : هذا ثواب النور واليقين ومثله، فيقول ◙ : هذا ثواب مجاهدتك في حق الله ورسوله. وبيت مملوء زمرداً، وآخر مملوء ياقوتاً، وآخر مملوء ثياباً، وآخر مملوء عنبراً، / وآخر مملوء حُوراً عيناً، وآخر مملوء مسكاً، وآخر مملوء ورداً، وباقيها لا يقدر أحد يصف ما فيها من الخير.
          ثم يريه ◙ ، مائة بيت مثل ما تقدم في الحسن، ويقول ◙ : جميع هذه ما لك في هذا الشرح. فيكون أحد تلك البيوت مملوءاً بما يكون في هذا الشرح، ومن يقبله، ويعمل به، وما له من الخير، ومن يراه ويصدّق به، ومن يصدّق به ولا يراه، وما له من الخير على ذلك، ومن يعمل ببعضه. وأموراً مما يشبه هذا: كليات وجزئيات. وعليه بواب، كذلك على كل بيت من المائة بواب، فيكون منها اثنان مملوءان مصابيح في غاية الحسن موقدة، وأربعة مملوءة نوراً، واثنان مملوءان إيماناً وحكمة.
          ومن كل ما ذكرنا في بيوت النصر من كل نوع بيتان: واحد مملوء خيراً، وآخر مملوء سندساً، وباقيها لا يقدر أحد على أن يصف ما فيها من الخير. ويقول ◙ : هذا جمع لك خير الدنيا والآخرة، ولمحمد الفاسي خمسون بيتاً دون ذلك لكونه كان هو السبب. فيقول عبد الله: يا رسول الله ما معنى تأخر النصر إلى هذا الوقت؟ فيقول ◙ : إنه قد قرب، ولأنه لا يكون تحلٍّ إلا بعد تخلٍّ _كما ذكرت في الشرح_ ولأنه لا يكون الفرح إلا عند التناهي ولا يكون التناهي إلا بعد المبادي. واسأل الخزان يخبروك، فإنه أبلغ في البيان، لأن الأمر عندهم.
          فيسأل عبد الله خازن بيت أوامر النصر فيقول له: لثلاثة أوجه من الحكمة (الواحدة) لقربه، ويعين له عدد الأيام التي بقيت، / ولأن تعرف الأمر الذي يسرّك فتشكر الله عليه، وتعرف الذي تحتاج أن تأخذ حذرك منه، فتستعد له.
          فيقول عبد الله لسيّدنا صلعم : لقد كانت مجاهدة. فيقول ◙ : ولولا ذلك ما حصل لك هذا، وما بقيت إن شاء الله مجاهدة أكثر، والله لا يجعل لك عودة لمثلها.
          وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.