بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

الرؤيا السادسة والخمسون

          الرؤيا السادسة والخمسون
          كأن سيّدنا صلعم دخل منزل عبد الله بن أبي جمرة، ومعه ثلاث من أزواجه╢، وجمع من الصحابة ♥، فينظر في حديث (إن الدين يسر)(1) فيعجبه، ويقول ◙ : ما سبقك أحد من المفسرين لهذه المعاني. فيقول بعض الحاضرين: ولم كرر لفظ الحديث مراراً، فيقول ◙ : لما فيه من المعاني، وهذا شيء لا تعرفه أنت.
          ثم يقول صلعم لعبد الله: تعال، فصل ركعتين، ونريك ثواب هذا الحديث، فإني ما مهدت معك بعد تلك الأربعة أحاديث في الشرح مثله. فيقول عبد الله: ولم نصلي الركعتين؟ فيقول ◙ : نستفتح العمل بالعبادة، فيصلي ◙ ، ركعتين، ويصلي معه عبد الله، ثم يريه ◙ ، جملة بساتين في غاية الحسن، وأما عددها فلا يقدر أحد أن يقدّره، ويريه جملة قصور في غاية الحسن، وأما عددها فلا يأخذه حزر أيضاً. ثم يريه جملة لؤلؤ وجملة ياقوت، وجملة زمرد، من كل واحد غرفتان في غاية الكبر، ثم يريه جملة ثياب في غاية الحسن والكثرة، وجملة من عدد الحرب في غاية الحسن، وهي قد ملىء بها بيت في غاية من الكبر. ثم يريه ◙ ، أنواعاً من الخير لا يقدر أحد أن يصفه. ويقول ◙ : هذا كله ثواب هذا، وهو اللائق به.
          ثم ينظر ◙ ، في حديث (صلّى العصرَ فقام سريعاً)(2) فيعجبه، ثم يقول: تعال نريك ثواب هذا الحديث، / فيريه دوراً وقصوراً وبساتين وغرفاً وجملة ثياب ولؤلؤاً وزمرداً وياقوتاً، وكل ما ذكرنا في الحسن مثل ما تقدم في حديث (إنّ الدين يسر). وأما في الكثرة فعلى قدر الثلثين منه.
          ثم ينظر في حديث (منبري على حوضي)(3) فيعجبه، ويقول صلعم : تعال نريك ثوابه. فيريه جملة دور وجملة قصور وجملة غرف وجملة بساتين وجملة ثياب وجملة لؤلؤ وجملة زمرد وجملة ياقوت. الكل في غاية الحسن على ما تقدم في حديث (إن الدين يسر)، وأما في الكثرة فعلى قدر النصف منه.
          ويقول ◙ : لو أريتك بقية ثواب حديث (إنّ الدين يسر) ما كنت تطيق رؤيته، ولا يقدر أحد أن يصفه. فيقول عبد الله: بقي منه شيء؟ فيقول ◙ : بقي الخير الكثير.
          ثم يقول ◙ : الذي فُعِل معك في هذا الشرح ما فُعل مع أحد من المفسرين من قبلك، وما أحد منهم أُري ثواب عمله كما فُعل معك.
          وينظر ◙ في حديث (إنّ الدين يسر) موضعين، ويزيد فيهما معنيين بيده المباركة، ويقول ◙ : هذه زيادة حسن في الكتاب وبركة، وما أنت جاهل بهما، ولو كنت جاهلاً بهما ما قيدتهما لك بيدي.
          فنظرت ذينك الموضعين في اليقظة، فألهمت لذينك المعنيين، وزدتهما في الحديث، بفضل الله ورحمته.


[1] رقمه 6.
[2] رقمه 64.
[3] رقمه 63.