بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

حديث: إن الدين يسر

          ♫
          وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم(1).
          6- (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ╩ عَنِ النَّبيِّ صلعم قَالَ: إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ(2) إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)(3). الحديث. [خ¦39]
          ظاهر الحديث يدلُّ على أنَّ الدِّين يُسرٌ وليس بعسر وطلب الرِّفق فيه والكلام عليه مِن وجوه:
          الوجه(4) الأوَّل: قوله عليه(5) الصلاة والسَّلام: (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ). هذا اللفظ يحتمل وجوهًا، وعلى كل وجه كلام مِن وجوه إلى آخر الحديث، فنبدأُ أولًا بوجهٍ ونبيِّن(6) معناه ثمَّ نبيِّن الحديث(7) على ما يقتضيه ذلك(8) الوجه إلى آخره، ثمَّ نرجع إلى الوجه الثَّاني ونتبعه(9) أيضًا إلى آخر الحديث، ثمَّ كذلك إلى أن تفرُغ الوجوه المحتملة للَّفظ ليكون ذلك أيسرَ على المُطالع(10) وأسرعَ للفهم فنقول:
          الوجه الأوَّل: قوله ◙ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) احتمل أن يكون أراد به الإيمان، واحتمل أن يكون أراد به الإسلام، واحتمل أن يكون أرادهما معًا، والإيمان هو التَّصديق، والإسلام هو الانقياد.
          والأظهر أن يكون المراد هما(11) معًا بدليل قوله تعالى: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]. ثمَّ قال: {وَلـمـَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:14]. فلم يقبل منهم الظاهر لعدم تصديق الباطن، ولقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيْرَا(12)} [النساء:145]، مع أنَّهم قد أظهروا الانقياد الذي هو الإسلام، لكن لمَّا أن لم يكن معهم الإيمان لم ينفعهم الإسلام إذ ذاك(13)، وكذلك / أيضًا في العكس وقد تقدَّم.
          فإذا قلنا: بأنَّ(14) الإيمان والإسلام متلازمان فالمراد (بالدِّين) المذكور هنا هما معًا، وإذا كان المراد بهما(15) معًا فنحتاج إذًا إلى بيان يُسْرِهما(16).
          فأمَّا الإيمان فيكفي فيه مِن التَّيسير حديث السوداء، الحديث المشهور وهو حين سألها النَّبيُّ صلعم : «أَيْنَ اللهُ؟» فقالت: في السماء، ثمَّ قال لها: «مَنْ أَنَا؟» فقالت: أنت(17) رسول الله، فقال ◙ لصاحبها: «أَعْتِقْهَا فَإنَّها مُؤْمِنَةٌ» فاقتنع ◙ منها أنَّها(18) أقرَّت بأنَّه رسول الله، وأنَّ الله موجود وهو قاهر حاكم؛ لأنَّها أشارت إلى السَّماء، والسَّماء عند العرب كلُّ ما علا وارتفع، فكل مَن علا غَلَبَ وَقَهَر، ولا يلزم مِنه ما قاله بعض الملحدين مِن التحييز _تعالى الله عن ذلك عُلُوًا كبيرًا_ لأنَّه(19) ليس في(20) الحديث بمقتضى اللغة ما يوجب القول بذلك.
          ولأجل هذا قال بعض علماء أهل السنَّة بأنَّ الجاهل ببعض الصِّفات ليس بكافر وهو الحقُّ الواضح، لأنَّه إنْ قيل بغير هذا القول يتضمنه تكفير عوامِّ المؤمنين، وقد وقع الإجماع مِن الصَّحابة والسَّلف بِصِحَّة إيمانهم، وقد قال النَّبيُّ صلعم : «نَحْنُ أُمَّةٌ أُميَّةٌ لا نَقْرَأ ولا نَكْتُب». وهذا بخلاف مَن يَنْسِبُ إلى الذَّات الجليلة ما لا يليق بها، فإذا اجتُزِئ في الإيمان هذا(21) القَدْر فهو يسير(22) لا شك فيه.
          وأمَّا الإسلام فيكفي فيه من التيسير _حديث ضِمام_ الحديث المشهور الذي سأل عن الإسلام، فقال له رسول الله صلعم : «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» فَقَالَ(23): هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا(24)؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» قَالَ / رَسُولُ اللهِ صلعم : «وَصِيَامُ رَمَضَانَ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّع»(25) فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ منه، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» والفلاح هو مَن بلغ في الآخرة ما يؤمِّل، فإذا اجتُزِئ في الإسلام بهذا القدر وكان صاحبه مِن المفلحين فهو يُسرٌ لا شكَّ فيه.
          الوجه(26) الثَّاني: قوله ◙ (27): (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ(28) الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) هذا اللفظ مِن أبنية المفاعلة مَنْ فَعَل بمقتضاهُ غَلبهُ(29) الدِّين فإن(30) شدَّد في دينه بحيث لا يبلغ به حدَّ المغالبة فقد خرج عن هذا النَّهي وكان مِن القِسم المحمود، لأنَّ ذلك قوَّة في الدِّين ورفعة في الهمم والمناصب لقوله صلعم : «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ(31) خَيْرٌ».
          فأفاد هذا الإخبار أن الضعيف أقلُّ مرتبةً مِن القوي، وأنَّ الضعيف فيه خير(32) بقَدْر ما يخلِّص به نفسه إذا وفى(33) القدر المُجزئ مِن إيمانه على ما تقدَّم(34) قبلُ فلم يخرجه ◙ ، وإنْ كان ضعيفًا مِن باب الأفضليَّة، وهذا يدلُّ بما تضمن(35) أنَّ المطلوبَ الكمالُ الذي هو القوَّة والتَّرقي، فمَن لم يقدر على الكمال فحينئذ يرجع إلى ما هو أدون(36) مِنه قليلًا بقدر طاقتِه، ويحذر أن يأخذ في طرف(37) الكمال حتى يبلغ به الحال إلى حدِّ المغالبة(38) فيغلِبه الدِّين كما(39) تقدَّم، لأنَّه إنْ تَعَمَّقَ في أحد الوجهين المذكورين الذين(40) هما الإيمان والإسلام فالدِّين قد غلبه بالضَّرورة، لأنَّه يفني عمره ولا يبلغ مِن أحدهما معشارَه، مثال ذلك في الإيمان / مَن يريد أن يأخذ إيمانه بغير تقليد فيشتغل بالاستدلالات(41) والاستنباطات فيفرغ عليه العمر ولم يبلغ في ذلك ما أمَّل.
          وقد أقرَّ بالغلبة هنا رئيس(42) مَن أراد أن يأخذ الإيمان بغير(43) تقليد وهو أبو المعالي ⌂، فإنَّه حكى عنه(44) الثِّقات أنَّه قال: لقد خلَّيت أهل الإسلام وعلومهم، وركبتُ البحر الأعظم، وغُصْتُ في الذي نَهَوا عنه كل ذلك رغبة في الحقِّ وهروبًا مِن التَّقليد والآن قد رجعت عن الكلِّ إلى كلمة الحقِّ، والويل لابن(45) الجُويني _يعني نفسه_ فإذا كان هذا قول رئيس(46) مَن أراد الأخذ(47) بغير تقليد أقرَّ بالعجز(48) والغلبة فكيف به من جاء بعده يقفو أثره؟
          ومثال ذلك في الإسلام من يريد أن يُوفي ما يجب للربوبيَّة على العبوديَّة من الحقوق فهذا أيضًا يفني عمره ولم(49) يبلغ معشار ما أمَّل، لأنَّ الله تعالى يقول في كتابه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا(50) اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران:102]،وهذا لا يطيق البشر على بعضه إلا وينقطع، ويكفي في هذا بيانًا حديث عبد الله بن عمر(51) حين أراد أن يقوم الليل ويصوم النهار فقال له ◙ : «إِنَّكَ لا تَطُيقُ ذَلِكَ». هذا ما هو في(52) أمرين مِن أمر الدين، فكيف به في(53) باقي أجزائه على مقتضى التَّعظيم؟ فصدق عليه(54) بالضَّرورة أنَّ الدِّين غَلبه.
          وإنَّما(55) الطريق المخلص والحال المحمود هو الأخذ بالكمال دون أن يصل إلى حدِّ(56) هذه المغالبة، وكيفية ذلك في الإيمان أن يأخذ أوَّلًا إيمانه بالجَّزم والتَّصديق على ما طُلِب منه، وينفي عنه الشُّكوك فإذا تَحَصَّلَت له هذه القاعدة وخلصت(57) فحينئذ يأخذ في النَّظر والاستدلال على مقتضى ما أمر الله تعالى / في كتابه مِن النَّظر إلى ملكوت السَّماوات والأرض ليكون ذلك دليلًا على وَحدانيته تعالى، ومِن ذلك ما في السَّماء من الكواكب على اختلافها والشَّمس والقمر ومحاقه وكماله وغير ذلك، وما في الأرض من البقع واختلافها كما قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [الرعد:4].
          وكذلك ما فيها مِن المياه عذبِها ومالحِها كما قال تعالى: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ(58) وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ(59) حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} [فاطر:12].
          وكذلكَ ما فيها مِن الثِّمار واختلاف طعمها مع كونها تُسقَى بماء واحد، وتنبت في بقعة واحدة كما قال تعالى: {تسْقَى(60) بِمَاءٍ وَاحِدٍ(61) وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد:4].
          وهذا النَّظر والاستدلال على ما أشرنا إليه يكفي في(62) كمال الإيمان، لأنَّ الله تعالى جعل ذلك لخليله ◙ سببًا(63) لعلم اليقين فقال تعالى:{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام:75]،ولهذا العلم أشار ◙ بقوله: «تَعَلَّمُوا(64) اليَقِيْنِ فَإِنِّي أَتَعَلَّمَهُ». ولم يقل(65) ذلك في الإيمان إلَّا طلبه جزمًا ابتداءً، فلـمـَّا كان الأصل وهو الخليل لم يصل لعلم اليقين إلَّا بالدَّليل الذي ذكره تعالى في كتابه اتخذه النَّبيُّ صلعم حالًا ودلَّ عليه سبيلًا لقوله(66) تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاس بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبيُّ}[آل عمران:68].
          فمَن أراد الزِّيادة على هذا الحدِّ الذي به يبلغ / علمَ اليقين فقد دخل في المغالبة، وهو لا يطيق ذلك فيغلبُهُ الدِّين بالضَّرورة إمَّا لِقصر الزمان مع كثرة الأدلَّة، وإمَّا لشكٍّ يعرض له أو شبهة، وكيفية ذلك في الإسلام(67) أن يأخذ أولًا بالفرض مِن كلِّ الجِّهات حتَّى يوفيه، فإذا وفى حينئذ(68) يأخذ في المندوبات(69) بقدر استطاعته، ولا يَتَغَايا(70) في طرف مِن الواجب(71) أو طرف مِن المندوب حتَّى لا(72) يُخِلَّ بالآخر، لأنَّ هذه هي المغالبة في الأعمال وهي تؤول إلى الخسارة إلَّا أن يتداركه الله تعالى باللطف والتَّوبة.
          يشهد لهذا ما رُوِيَ أنَّ أبا بكر الصديق ☺ لقي النَّبيَّ صلعم يومًا(73) فقال: يا رسول الله بماذا بُعِثْتَ؟ فقال رسول الله صلعم : «بُعِثْتُ بالعقلِ» قال: ومَن(74) لنا بالعقل يا رسول الله؟ قال(75): «إنَّ العَقْلَ لَا حَدَّ لَهُ، ولَكِنْ مَنْ حَرَّمَ حَرَامَ اللهِ، وحَلَّلَ حَلَالَهُ سُمِّيَ عَاقِلًا». فإن اجتهد في العبادة(76) سمِّي عابدًا، فإن اجتهد سمِّي جوادًا، فإن اجتهد في العبادة وسمح في نوائب المعروف بغير حظٍّ مِن عقلٍ يدلُّ على اتباع ما أمر الله تعالى واجتناب ما نهى الله فأولئك مِن الذين{ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف:104]. وكذلك أيضًا إن(77) طلب نفسَه بتوفية العبادات مِن كلِّ الجِّهات إلى حدِّ الكمال فهذا أيضًا يقع(78) في المغالبة مِن وجهين:
          (أحدهما): العجز لقوله صلعم : «إنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ، وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى». لأنَّ البشريَّة لا تحمل ذلك.
          (الثَّاني): أنَّه قد يجتمع عليه في وقت أو في جُلِّ الأوقات أنواع مِن الواجبات والمندوبات في زمن فرد ولا يقدر إلَّا(79) على أحدها، فقد حصل في المغالبة لأجل(80) ما أخذ نفسَه به، وإنَّما(81) / حال الكمال في هذا أن يأخذ نفسه أولًا بما أشرنا إليه ويعمل على متضمَّن الكلام على بقيَّة الحديث على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
          ولقائل أن يقول: لِمَ(82) لمْ يقل ◙ : ولن(83) يُشادَّ (رجلُ أو امرأةٌ)، وقال بدله: (أحدٌ)؟ قيل له: ذلك يدلُّ على فصاحتِه ◙ وبلاغته(84)، لأنَّ: (أَحَدًا) في اللفظ أقلُّ كلامًا وأكثر فائدة، لأنَّه يُطْلَقُ(85) على الذكر والأنثى، والقويِّ والضَّعيف، والحرِّ والعبدِ(86)، والعالم والجاهل، والعليِّ والدَّنِيِّ على اختلاف أحوال العالم.
          الوجه الثَّالث: قوله ◙ : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) احْتُمِلَ أن يكون هذان اللفظان(87) لمعنى واحد، واحْتُمِلَ أن يكونا لمعنيين، فإن كانا لمعنى واحد فيكون المراد بهما الأخذ بالحال الوسط، لأنَّ السَّداد والتَّقريب هو ما قارب الأعلى، ولم يكن بالدُّون فهو متوسِّط بينهما، وإن كانا لمعنيين فيكون المراد بِـ (سَدِّدُوا)(88) الأخذ(89) بالحال الوسط على ما تقدَّم، والحال الوسط هو ما نصَّ النَّبيُّ صلعم عليه(90) في حديث عبدالله بن عَمْروٍ حين قال له النَّبيُّ صلعم : «صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وإنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»، ثمَّ عمَّمَ(91) له بعد ذلك فقال: «وَأَعْطِ كُلَّ(92) ذِي حَقٍّ حَقَّهُ».
          فهذا هو السَّداد وهو أن يمشي المرء في الأمور كلِّها على ما فُرِض ونُدِب(93) مِن غير تَغالٍ(94) ولا تقصير في جهة مِن الجِهات.
          ويكون المراد بـ (قَارِبُوا) أي: مَن لم يبلغ منكم إلى حدِّ السَّداد الذي هو ما ذكرناه ويعجز عن ذلك لعذر به فليُقارِبْ منه، لأنَّ ما تقارب(95) مِن الشيء أُعْطِيَ حكمه، وهذا بشرط أن لا يقع بهذا التقريب / خَلَل ولا نقص في شيء مِن الواجبات، لأنَّ الواجب إذا كان فيه شيء مِن ذلك لم يجز وغيره مِن المندوبات لا يقوم مَقامه، بل إنَّه لا يطلق(96) عليه أنَّه قارب إلى السَّداد إلَّا بعد توفية الواجبات مِن كلِّ الجِّهات ثمَّ يأخذ مِن المندوبات(97) بعد ذلك ما يستطيع عليه(98) ويعجز عن الوصول إلى حدِّ السَّداد المذكور لعجزٍ إمَّا بمرض أو غيره فحينئذ يطلق عليه إنَّه قارب.
          وقد نصَّ ╡ على هاتين الطَّائفتين معًا في كتابه _أعني: الطائفة التي أخذت بالسَّداد والطائفة التي أخذت بالتَّقريب_ فقال تعالى في حقِّ الطَّائفة الأولى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة:10-11]. وقال في حقِّ الطَّائفة الثَّانية التي لم تستطع الوصول لذلك المقام لكنَّهم قاربوا إليه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء:31].
          ونَضرِبُ لهذا مثلًا(99) ليكون أسرع للفهم _أعني في كيفيَّة السَّداد وفي كيفيَّة التَّقريب_ فمثال ذلك: أن يأتيَ الطَّالب أولًا لطلب العلم ويعمل جَهْدَه على أن يكون مِن العلماء فإن قدر على ذلك فبها ونِعْمَت(100)، لأنَّه يحصل بذلك في الطائفة التي أخذت بالكمال وهو السَّداد، فإن عجز عن ذلك فلا يخلي نفسَه مِن طرف منه بحسب ما استطاع؛ لأن النَّبيَّ صلعم قال: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ(101)»، فيكون قد أخذ بالتَّقريب حين عجز عن التَّسديد.
          وكذلك أيضًا يأخذ نفسه في التَّعبُّد بعد توفِيةِ الفرائض إن قدر أن يكون مِن العابدين فليفعل؛ / لأنَّ الله تعالى يقول على لسان نبيه ◙ : «لَا يَزَالُ العَبْدُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي(102) يَبْطِشُ بِهَا». فإن عجز أن يكون مِن العابدين فلا يخلي نفسه مِن طرف منه لإخباره ◙ أنَّه(103): «إِذَا كانَ(104) يومُ القِيامَةِ يَنْظُرُ اللهُ إلى صَلاةِ العبدِ، فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا قالَ تعالى: انْظُرُوا إنْ كانَ لَهُ نَافِلَةً فَأَكْمِلُوهَا لَهُ مِنْهَا».
          وكذلك في جميع الفرائض إذا نقص منها شيء يُنْظَرُ في النفل الذي هو مِن جنس ذلك الفرض الذي نقص فيُجبر منها، فالمقتصر على الفرض التَّارك للأخذ بالتَّقريب(105) الذي أشرنا إليه هنا يُخاف عليه مِن عدم التوفية فيستحق العذاب، يدل على ذلك ما روي أنَّ النَّبيَّ صلعم رآى رؤيا في منامه، وكان ممَّا رأى فيها(106): «رجلًا يُشْدَخُ رَأْسُهُ، فَسَأَلَ عَنْهُ فقيل لَهُ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ القُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ».
          ومعلوم أنَّ قيام الليل ليس بواجب وكيف يعذَّب على ما ليس بواجب، والعذاب لا يقع إلا على ترك الواجب أو وقوع الخلل فيه؟ لكن وإن كان قيام الليل مندوبًا فالعذاب إنَّما وقع على وقوع الخلل في الواجب، بيان ذلك: أنَّه لمَّا(107) لم يكن ليعمل فيه بالنهار فقد أخلَّ بالواجب، وهو لم يعمل المندوب الذي هو قيام الليل مِن حيث(108) أن يجبر له الفرض به(109) فوقع العذاب على ترك الواجب في الحقيقة(110) وهو في الظاهر عليهما معًا.
          ثمَّ كذلك أيضًا: إن قدر أن يكون مِن الموقنين بعد توفيةِ الإيمان المجزي / فليفعل، فإن عجز عنه فلا يُخْلي نفسَه مِن طرف منه لقوله ◙ : «تَعَلَّمُوا اليقينَ فَإِنِّي أَتَعَلَّمَهُ(111)». وقد حصل بما أشرنا إليه كفاية في ضرب المثال لَمَّا أردنا بيانه في التَسديد والتَّقريب فنرجع إذًا إلى(112) الكلام على الحديث.
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (وَأَبْشِرُوا(113)) البشارة(114) هنا على ضربين (أحدهما) معلوم محدود(115)، و(الثَّاني) معلوم لا حدَّ له، فأمَّا المعلوم المحدود فهو ما يُرْجَى مِن قبول الأعمال والثَّواب عليها، لأنَّ الثَّواب عليها(116) محدود(117) بإخبار الشَّارع ◙ على ما نقل عنه وقد قال تعالى في كتابه:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:7- 8] وقال ╡ : {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47].
          وأمَّا المعلوم الذي هو غير محدود فهو ما وعد تعالى في كتابه حيث قال: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:173]. فالزِّيادةُ معلومةٌ وحدُّها مجهول عندنا.
          وفيه دليل على أنَّ البشارة إنَّما تكون للعاملين؛ لأنَّه ◙ لم يقل (أَبْشِرُوا) إلَّا بعد ما نصَّ على العمل الذي يوجب البشارة وهو التَّسديد والتَّقريب لمن عمل بهما، فأتى بالبشارة للعاملين بذلك وهو(118) مثل قوله تعالى(119) في كتابه:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ} [البقرة:218]. فنصَّ تعالى على(120) أنَّ مَنْ فعل ما ذكره من الأعمال هو الذي يرجو رحمتَه تعالى، وكذلك فيما نحن بسبيله مِن أخذٍ بالتَّسديد والتَّقريب على نحو ما تقدم هو الذي يَستبشِر(121).
          ولقائل أن يقول: لِمَ(122) قال ◙ : (أَبْشِروا) ولم يقل: أيقِنُوا؟ / والجواب مِن وجهين:
          (الوجه(123) الأوَّل): أنَّ الإيقان قَطْع بالأمر، والقطع لا يكون إلَّا لله وحده وإنَّما لغيره قوَّة الرَّجاء لا غير، لأنَّه ليس للعبد(124) حقٌّ وجوب على الإلهيَّة وإنَّما هو مِن طريق الفضل والمنِّ(125)، وما كان مِن طريق الفضل والمنِّ فلا يطمع فيه إلَّا بقوَّة الرَّجاء لا(126) أنَّه يكون(127) حتمًا، وقد قال تعالى في كتابه:{وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ} [التوبة:111]. فتكون قوَّة الرَّجاء في هذا الوعد بحسب ما يرجى مِن عظيم الفضل الَّلائق بالجَّلال والكمال.
          و(الثَّاني)(128): أن ذلك سدٌّ للذَّريعة؛ لأنَّه لو قال: (أَيقِنُوا)، لحصل به للضُّعفاء اغترار وهو عين الهلاك،وربَّما يكون ذلك تسبُّبًا(129) للتَّقصير في العمل مع كونه مهلكًا وهذا بخلاف البشارة؛ لأنَّ البشارة رجاء، ونفس الرَّجاء يشرح الصدور(130) وينشِّط للعمل وتنتعش به الرُّوح الأبيَّة.
          الوجه الخامس: قوله ◙ : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) الاستعانة هنا(131) تنقسم على ثلاثة أقسام: مُسْتَعِيْنٌ، ومُسْتَعَانٌ بِه(132)، ومُسْتَعَانٌ عَلَيْهِ، فالمستعين(133) هو المؤمن، والمستعان به أصلُهُ إعانةُ بعضٍ لبعضٍ لغَرَضٍ ما مِن الأغراض كما رُوِيَ في الحديث: «وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ»، أي: يحمله له حتَّى يبلغه له(134) للموضع الذي أمَّل.
          والاستعانة هنا على وجهين: استعانة بالزَّمان، واستعانة بالعمل، فأمَّا الاستعانة بالزَّمان فهي ما في طَرَفي النَّهار مِن اعتدال الهواء ونشط النفس فيهما(135)، وما روي أنَّ العمل فيهما أزكى(136) ممَّا في غيرهما، قال الله تعالى / في كتابه خطابًا لنبيه ◙ :{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه} [الكهف:28]. وقال تعالى على لسان نبيِّه ◙ : «اذْكُرْنِي سَاعَةً بَعَدَ الصُّبْحِ، وسَاعَةً بعدَ العَصْرِ أَكْفِكَ(137) مَا بَيْنَهُمَا».
          والدُّلجة أيضًا كذلك؛ لأنَّ الدُّلجة(138) هي آخر الليل، وآخر الليل(139) أبدًا للبدن أقوى(140)، لأنَّه قد أخذ راحته مِن النَّوم والغذاء، وقد ورد فيه مِن الفضل كثير، فمِن ذلك قوله ╕: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا _وفي رواية: كلَّ ليلةِ في ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ(141)_ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟».
          فإذا كان تعالى ينادي هكذا كل ليلة(142) في آخرها(143) فمحال أن يدعو أحد(144) إذ ذاك أو يتوب أو يستغفر فيُرَدَّ؛ لأنَّ الله تعالى لا يُخلِف الميعاد، والمراد بالنُّزول هنا نزول طَوْلٍ ومَنٍّ(145) ورحمةٍ دون حلول ولا انتقال(146).
          وأمَّا الاستعانة بالأعمال فهي أن تُعْمَرَ هذه الأوقات المذكورة بأنواع الطَّاعات، وإذا عُمِّرت بذلك لم يَبْقَ بعدها إلَّا الأوقات التي جُعلت للرَّاحات، وهي ما نصَّ تعالى عليها في كتابه حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ...} [النور:58].
          فعلى هذا فمفهوم هذا الحديث ما نصَّ ◙ عليه(147) في حديث آخر حيث قال: «رَوِّحُوا القُلُوبَ / سَاعَةً بَعَدِ سَاعَةٍ». لكنَّه ◙ زاد في الحديث الذي نحن بسبيله تعيين(148) الأوقات التي جُعِلَت للعبادات، أي جُعِلت العبادة فيها أفضلَ مِن غيرها مِن سائر الأوقات.
          وإذا قلنا بهذا: وهو أنَّ المطلوب عمارة هذه(149) الأوقات بالطَّاعات فهل ما يُعمَّر به مِن الأعمال معيَّن أو غير معَّين؟ احتمل الوجهين معًا.
          فإنْ قلنا: بالتَّعيين فهي(150) الصَّلاة، لأنَّها هي التي تَسبِق للذِّهن(151)، وإذا قلنا: بأنَّها الصَّلاة فما الحكمة في تعيينها دون غيرها؟ فنقول والله أعلم: أنَّها إنَّما اختصت بهذه الأوقات وجُعلت سببًا للاستعانة لِمَا فيها مِن التَّعظيم لله تعالى والافتقار إليه والدُّعاء والالتجاء(152) وما فيها مِن أنواع الخير على ما سيأتي بيانه في موضعه مِن داخل الكتاب إن شاء الله تعالى.
          وإن قلنا بعدم التَّعيين فيكون ذلك مِن باب التَّنبيه بالأعلى على الأدنى لقوله ◙ : «مَوْضِعُ الصَّلَاةِ مِنَ الدِّينِ موضعُ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ». وهذا هو الأظهر والله تعالى أعلم؛ لأنَّه قد تعرض(153) في بعض الأوقات أعمال تكون أفضل مِن الصَّلاة بحسب الأحوال وهي كثيرة تتعدد فعلى ما ذكرناه مِن هذا التَّعليل يترتب عليه مِن الفقه وجهان:
          (أحدهما): اغتنام نشط(154) النَّفس وخلوِّ الشغل، وقد نصَّ ◙ على ذلك حيث قال: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ» وعدَّ فيها: «فَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ».
          (الثَّاني): اغتنام حسن الزَّمان واعتداله، لأنَّ ذلك ممَّا يعين(155) على العبادة وقد نصَّ ◙ على ذلك حيث قال: / «أَبْرِدُوا بالصَّلَاةِ».
          وأمَّا(156) المستعان عليه فهو يحتمل(157) وجوهًا:
          (الأوَّل)(158): وهو أعمُّها صلاح الحال في الدنيا والفلاح في الآخرة وهو بلوغ ما يؤمَّل مِن الخير على ما نصَّ عليه العلماء. (الثَّاني): أن يكون عائدًا على التَّسديد والتَّقريب. (الثَّالث): أن يكون عائدًا على البشارة وما تتضمَّن إلى غير ذلك مِن الوجوه على مقتضى ما يحتمله الحديث(159) على ما أذكره بعد إن شاء الله تعالى. هذا ما تضمَّنه البحث على هذا الوجه إن ْكان المراد بالدِّين (الإيمان والإسلام) معًا، ثمَّ نرجع الآن إلى بيان الوجه الثَّاني على ما اشترطنا أولًا فنقول:
          قولهُ ◙ (160): (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد(161) يريد به الإسلام دون غيره، وهي أفعال الدِّين(162) على ما بيَّناه، بيان ذلك: أنَّ الخطاب بالحديث إنَّما كان للمؤمنين والإيمان قد كان حاصلًا، وإذا كان المراد به الإسلام فالكلام على بقيَّة ألفاظ الحديث تَضَمَّنه الكلام على الوجه قبله فأغنى عن إعادته.
          الوجه الثَّالث: قوله ◙ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به أنَّ الشَّيء الذي وُعِدتم أنَّكم تتخلَّصون به مِن الأعمال وضُمِنَت(163) لكم به النَّجاةُ هو(164) توفِيةُ ما فُرِض عليكم.
          الوجه الثَّاني منه: قوله ◙ : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) أي: لا تُوغِلوا(165) في المندوبات فيؤول بكم الأمر إلى أن تُخِلُّوا بالفرائض فيغلبكم الدِّينُ، ومثال هذا مَن يُكثِر في طرف مِن المندوب(166) ويَتركُ شيئًا واجبًا عليه مِن طرف آخر لم يفعله، وكذلك أيضًا مَن يتوسوس في الطَّهارة حتى يفضي به الأمر إلى إيقاع الخلل فيها، / وكذلك في سائر التَّعبُّدات إن تعمَّق فيها حتَّى يُخلَّ بالفرض منها فقد غلبه الدِّين، لأنَّ الأصل الذي يتقرب إلى الله تعالى به(167) قد أخلَّ به، ولا يسوغ أن يتقرب بالفرع مع عدم توفية الأصل(168)؛ لأنَّ الله تعالى يقول على لسان نبيه ◙ : «لَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بأحبَّ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِمْ، ثمَّ لَا يَزَالُ العَبْدُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي(169) يَبْطِشُ بِهَا».
          وفي هذا(170) إشارة إلى التربية بالتدريج في(171) السلوك والتَّرقِّي ومنع الأخذ بالقوَّة أولًا في التَّعبدات مِن النَّوافل بالليل(172) والنَّهار وغير ذلك، لأنَّ مَن يأخذ بذلك في بداية(173) أمره يغلبه(174) الدِّين بالضَّرورة لِقِلَّة الرِّياضة فيما أخذ بسبيله.
          ومثل هذا ما روي أنَّ(175) عمر بن الخطَّاب ☺ فَقَدَ سليمان بن أبي حَثْمة(176) في صلاة الصُّبح فلـمـَّا كان مِن الغد مرَّ على الشفاء أم سليمان، فقال لها: لم أرَ سليمان(177) في(178) الصُّبح؟ فقالت: إنَّه بات يصلِّي فغلبته عيناه، فقال عمر: لأنْ أشهد صلاة الصُّبح في الجَماعة(179) أحبُّ إليَّ مِن أن أقوم ليلة.
          فانظر كيف فضَّلَ حُضور الصَّلاة في الجَّماعة على قيام الليل كلِّه مع أنَّ قيام الليل فيه مِن المشقَّة ما هو معلوم، لكن لمَّا أن(180) كان ذلك القيام الليل(181) كله مِن جنس المندوب وآل أمره إلى أن أوقع الخلل في فَضْلٍ مِن فضائل المفروضات كرهه عمر ╩ فلو قام مِن الليل بعضَه ونام بعضَه وحضر الصَّلاة في جماعة لكان مِن الآخذين / بالكمال، ولم يقع عليه بذلك غلبة في نقص فضيلة ولا غيرها، فإذا أخذ المرء أولًا نفسه بالرِّفق والرِّياضة في تعبُّداته حتَّى يصير له ما أخذ من ذلك عادة كانت العبادة(182) عليه يسيرة لا(183) مشقَّة عليه فيها حتَّى يبلغ بها النِّهاية، وهو كأنَّه لم يزد على نفسه شيئًا(184) يُرْوَى عن السَّمَّاك(185) ⌂ وهو مِن أحد شيوخ «الرِّسالة» أنَّه انتهت به نافلته في دكانِه مع بيعه ألفَ ركعة في اليوم.
          الوجه الثَّالث: قوله ◙ : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا)(186) أي: قاربوا الحدَّ(187) ولا تأخذوا الأخذَ الكليَّ الذي تصلِون به إلى الْمُشَادَّة فيغلبكم الدِّين و(سدِّدوا) أي: ليكن جِدُّ كل شخص على ما تقتضيه بِنْيَتُه وطاقَتهُ ومِزاجُه.
          ومِن هذا الباب راح كثيرٌ مِن العباد، لأنَّهم يأخذون أنفسهم أوَّلًا بأن يعاندوا(188) مَن ليس مثلهم مِن أهل النِّهايات فيأخذون(189) مأخَذَهم ويسلكون(190) مسلكهم فيُقطَع بهم في الحال عنهم، لأنَّه(191) قد يكون مَن أرادوا التشبُّه به أكثر قوَّة في بدنه منهم و أعدلَ مزاجًا، وأخذ نفسه أولًا فيما هو بسبيله الآن بالتَّدريج في السُّلوك والتَّرقي حتَّى صار له ما هو بسبيله(192) مِن التَّعبد مزاجًا كما حكيناه عن ابنِ السَّمَّاك(193)، ولهذا قال يُمْنُ بنُ رِزق ⌂ الإمام في الطريقين: ((حَذارِ حَذارِ(194) مِن أهل البداياتِ أن يتشبَّهوا بأهل النِّهايات، فإنَّ هناك مَقاماتٍ لم يُحْكِمُوها))، فعلى هذا فالشَّأن(195) الذي يبلغ به المقصود إن شاء الله تعالى يكون(196) صاحبه مِن أهل السَّداد، وهو(197) أن يُحكِم أولًا الخَمْسَ التي(198) فُرضت عليه وهي اليسير(199) بواجباتها ومندوباتها / والمحافظة عليها، فإذا رجع له ذلك(200) مِزاجًا أخذ إذ ذاك بالرِّفق والسَّداد على ما أشرنا إليه في النَّوافل.
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (وَأَبْشِرُوا) البشارة هنا هي لمن زاد على الفرض ولم يقتصر عليه، لأنَّ الفرض قد جاء فيه ما جاء مِن الوعد الجميل في الكتاب والسُّنَّة في غير ما موضع، فإن حملنا البشارة هنا على ذلك فهو تحصيل حاصل، ونكون قد حملنا ألفاظًا جملة على معنى واحد وليس ذلك بالمرضيِّ عند(201) العلماء، وإنَّما يحمل كل لفظ على فائدة أو فوائد دون غيره مِن الألفاظ إن وُجِد لذلك سبيل(202)، وكفى في هذا دليلًا قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]. ولا ذاك إلَّا في النَّفل دون الفرض، والبشارة هنا(203) على معنيين:
          (الأوَّل): هو أنَّه إذا أخذ بعد الفرض باليسير(204) مِن النَّفل فَلْيسْتَبْشِر بزيادة مقتضى(205) قوُّة البشارة حتَّى يبلغ ما أَمَّل مِن الأحوال الشَّريفة والمنازل المنيعة(206) بلا كُلفة، لأنَّ حقيقة البشارة لا تكون إلَّا في المستقبل، والبشارة بما قد وُعِد تحصيلُ حاصل، وإنَّما سُمِّيَتْ بشارةً مجازًا لا حقيقة، وإنَّما البشارة الحقيقيَّة مثل ما تضمَّنه إخباره ◙ لكعب بن مالك أحدِ الثَّلاثة الذين خُلِّفوا حين تِيْبَ عليهم فقال له ╕: «أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بِخَيْرِ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْكَ فِيْهِ الشَّمْسُ».
          هذه هي البشارة الحقيقيَّة وهي خَفِيَّة دقيقة؛ لأنَّ ظاهر اللفظ قد يستشكلُه السَّامع، وقد(207) / استشكله بعض العلماء وقال: كيف يكون هذا خير يوم طلعت عليه(208) فيه الشَّمس وقد تقدَّمه يوم إسلامه وهو خروجه مِن الكفر إلى الإيمان؟ وهذا القائل قد توهَّم أنَّ هذا إشكال في الحديث وليس(209) ذلك بإشكال.
          بيان ذلك: أنَّه أعقب يومَ إسلامه بهذا الذَّنب العظيم الذي استوجب به هَجْرَ النَّبيِّ صلعم والصَّحابة، فلـمـَّا تِيْبَ(210) عليه هذه التَّوبة التي علم النَّبيُّ صلعم أنَّها لا معصيةَ بعدها، أخبره ◙ بأنَّ ذلك خير يوم طلعت عليه فيه الشَّمس؛ لأنَّه لم يقع(211) منه بعد ذلك معصية ولا مخالفة والتزم الصِّدق والعبادة حتَّى قبضه الله تعالى إليه(212) على أحسن حال، فلو أراد النَّبيُّ صلعم بالبشارة الماضي(213) لقال له: (أبشر فقد غُفِر لك و تِيب عليك)، ويحصل بذلك الكفاية(214)، ولكن لـمـَّا أن أراد ◙ البشارة في المستقبل أتى بصيغة ما قد(215) ذكر ولأجل ما فهم الصَّحابي مِن هذه البشارة خلع إذ ذاك ثيابه ولم يكن ليملك غيرها فأعطاها في البشارة لعلمه بعظيم(216) ما بُشِّر به.
          وكلُّ بشارة وردت مِن الشَّارع ◙ مبهَمَةً فالمراد بها ما ذكرناه مِن مقتضى هذه البشارة، و لهذا قال أهل السُّلوك: فيمَن بلغ بعض المنازل فدام عليه بأدبه: فإنَّه يترقَّى إلى ما هو أعلى منه فما دام على هذا(217) الحال لا يزال في ترقٍّ حتَّى(218) يبلغ غاية المنازل الرفيعة عملًا منهم على مقتضى البشارة وهي ما ذكرنا(219).
          الثَّاني: هو(220) أنَّه إذا أخذ نفسَه بتوفية الفرض وما تيسَّر عليه مِن النَّفل / فدام على ذلك ولم يزد في(221) عمله شيئًا فنفس البقاء على ذلك زيادة وهي البشارة، يؤيد هذا قوله صلعم حين أُخبر عن الأخوَيْن اللذين مات أحدهما قبل صاحبه(222) بأربعين ليلة فذُكِرت فضيلة الأوَّل بين يديه ◙ ، فقال صلعم عن الآخر: «وَمَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ؟ إنَّما مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهْرٍ عَذْبٍ غَمْرٍ يَمُرُّ(223) بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَقْتَحِمُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ(224) مَرَّاتٍ، فَمَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ(225) مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ؟».
          ولهذا قال أهل السُّلوك: الدَّوام على الحال زيادةٌ(226) فيه وترقٍّ عملًا على الحديث الذي أوردناه.
          الوجه الخامس: قوله ◙ : (واسْتَعِيْنُوا بالغَدْوَةِ والرَّوحَةِ وشَيءٍ مِنَ الدُّلْجةِ) استعينوا (بالغَدوة) أي: صلاة الضحى(227)، و(الرَّوْحَة) أي: الصَّلاة التي بين الظهر والعصر، و(الدُّلْجَة) أي: قيام آخر الليل.
          فإن قال قائل: لمَ عمَّ ◙ الوقتين جميعًا(228) وجعل مِن الثَّالث البعض؟ قيل له: إنَّ هذين الوقتين قريبان محدودان وهما معًا جزء(229) مِن النَّهار و آخر الليل جزء من الليل لكنَّه غير محدود، وإن كان ◙ قد حدَّ(230) الفضل فيه في حديث داود ◙ حيث قال: «أَفْضَلُ الصَّلاةِ صَلَاةُ دَاوُدَ ◙ ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيْقُومُ ثُلُثَهُ، وَيْنَامُ سُدُسَهُ».
          فالحدُّ إنَّما حصل على الأفضليَّة، وما نحن بسبيله إنَّما وقع على الأجزاء الذي به تحصل الاستعانة فمَن قدر على الأخذ بالأفضل فَبِها ونِعْمَت(231)، وإلَّا فقد أخذ بالأجزاء الذي يستعين به(232) وهذا مِن باب التَّوسعة؛ فإنَّ(233) ذلك وقت نوم وأعذار وليس / النَّهار كذلك، وفي هذا دليل على التحريض على تعمير هذه الأوقات بأنواع العبادات إذ إنَّ ذلك ممَّا يُستعان به، وما يُسْتَعان به لا يُترك، لأنَّه إنْ ترك ما يَستعين به خِيْفَ عليه أن لا يبلغ ما أمَّل، ولهذا استُحِبَّ له(234) الابتداء أولًا باليسير أبدًا ويعمل عليه ويكون ذلك دأبُه لئلا يخلي نفسه مِن الاستعانة، فإنْ وجد النِّهاية لم يتركها، وإن حدث(235) له ضعف أو شغل لم يترك قدر ما ينطلق عليه(236) اسم (الاستعانة).
          وقد نصَّ ◙ على هذا المعنى الذي أبديناه في غير هذا الحديث حيثُ قال: «لكلِّ عَابدٍ شِرَّةٌ، ولكلِّ شِرَّةٍ فَتْرَة، فطوبى لمن كانت فترته إلى سُنَّة(237)». والسنَّة التي هي الفترة إليها، هي(238) ما أشار إليه(239) ◙ في هذا(240) الحديث مِن الأخذ في التَّعبد(241) في هذه الأوقات اليسيرة، فسبحان مَن مَنَّ علينا بالخير به وعلى يديه.
          وفي هذا دليل لأهل السُّلوك والتَّربية حيث يستحبُّون أن تكون البداية أولًا في الليل وفي(242) النَّهار ركعتين(243) ركعتين، ثمَّ يزيد على ذلك ما شاء بحسب النَّشاط(244) لئلَّا يخلي نفسه ِمن الاستعانة كما تقدَّم، ثمَّ يبلغ بالتَّدريج(245) ما أمَّل، لأنَّ مَن أخذ مِن هذه الأوقات بقدْر طاقته مِن العبادات ترقَّى إلى ما شاء الله مِن(246) المراتب السَّنيَّة ولا يدركه في ذلك تعبٌ، فإذا أخذ بذلك كان أبدًا في التَّرقي بالزِّيادة تاركًا للتَّقصير(247) حتَّى يبلغ بذلك(248) إلى نهاية(249) ما يقتضيه حال البشريَّة.
          وذلك مثل ما حُكِيَ عن بعض الفضلاء أنَّه أتاه أخٌ(250) له يزوره فوجدَه يصلِّي الظهر، فجلس ينتظر فراغه مِن صلاتِه، فلـمـَّا فرغ مِن الصَّلاة(251) قام إلى التَّنفل(252)، فجلس ينتظر(253) فراغَه مِن التَّنفل، فما زال كذلك إلى صلاة / العصر، فصلَّى العصر(254) ثمَّ جلس للذِّكْر فخاف أن يقطع عليه ذِكْرَه فجلس ينتظر فراغَه فما زال كذلك إلى صلاة المغرب، فقام إلى الصَّلاة فلمَّا فرغ منها قام إلى التَّنفُّل(255)، فخاف أن يقطع عليه تنفُّلَه(256) فجلس ينتظر فراغَه من التَّنفُّل(257) فما زال كذلك إلى صلاة العشاء فلـمـَّا فرغ منها قام إلى التَّنفُّل(258)، فما زال كذلك إلى الصَّباح فقام إلى صلاة الصُّبح، فلـمـَّا فرغ منها جلس إلى الذِّكر(259) فجلس ينتظر فراغَه فبينما هو جالس في مصلَّاه لذكرِه غلبته عيناه قليلًا ثمَّ استيقظ مِن حينه فجعل يمسح عينيه ويقول: أستغفر الله، أعوذ بالله مِن عين لا تشبع من النوم.
          فانظر لِـمَا(260) صار به مِن(261) الحال وهو يتنعَّم(262) بذلك؛ لأنَّه لولا الحلاوة التي وجدها في العبادة لَمَا جعل هذه السِّنَة التي لا تنقض الطَّهارة ذنبًا يستغفر منه، فزال عنه التَّعب والمشقَّة التي(263) تدرك البشر مِن ذلك، ورجع له عوض ذلك الحلاوة والتَّنعم، وذلك ببركة الرِّفق والرِّياضة في التَّربية في السُّلوك، فنسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا بما به(264) مَنَّ عليهم(265)، وأن يعيد علينا مِن بركاتهم، ثمَّ نرجع الآن إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (إنَّ الدِّيَن يُسْرٌ) قد يريد به إنَّما تديَّنتم به بالنِّسبة إلى مَن(266) كان قبلكم يسيرٌ(267)، وإنَّما(268) كُلِّفتم إلَّا ما تُطيقون؛ لأنَّ الله تعالى قد رفع عن هذه الأمَّة الإِصْر(269) الذي كان قد جعل على الأمم الماضية فجعل(270) لهم عند الضيق المخرج.
          مثال ذلك: ما شرع لنا في التَّوبة، وهو الندم والإقلاع والاستغفار، وقد كانت لمن قد كان(271) قبلنا بالقتل، وكذلك أيضًا النجاسة(272) طهارتها لنا(273) بالغسل، ولمن قبلنا بالقطع بالمقراض(274)، / وكذلك أيضًا تَحِلَّةُ اليمين بالله تعالى شرعت لنا، ولم تشرع لمن كان قبلنا، وكذلك أيضًا أكل الميتة عند الاضطرار وقد كانت محرَّمةً إلى غير ذلك وهو كثير(275).
          وكذلك أيضًا لو كَلَّفَنَا ╡ بما لا نطيق(276) لكان ذلك سائغًا؛ لأنَّه(277) الحاكم القاهر لا رادَّ لِمَا قضى ولكن بفضلِه تعالى ومنَّته عافانا فلم يكلِّفنا إلا قدرَ استطاعتنا فقال تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:286]. ومَن كُلِّف قَدْرَ وُسعِه فهو يُسْرٌ عليه لا تعسير(278).
          ومثال ذلك: أنَّه تعالى عفا(279) عن الخطأ والنسيان وحديثِ النفس وما استُكرِهنا عليه(280)، وكذلك أيضًا(281) شرَع لنا ╡ (282) عند العجز عن القيام في الصَّلاة القعودَ، وعند العجزِ عن القعودِ الاضطجاعَ، وعند العجز عن التَّحرُّك(283) الإيماء، وكذلك أيضًا شرَع لنا ╡ التَّيمم عند عدم الماء كما في كتابه تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء:43].(284) وقَصْر الصَّلاة في السَّفر والفِطر فيه، إلى غير ذلك وهو كثير موجود في كتب الفروع، وقال ◙ : «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى(285) رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ(286) تُؤْتَى عَزَائِمُهُ».
          الوجه الثَّاني مِن(287): قوله ◙ : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) يريد أنَّ مَن شَدَّدَ(288) على نفسِه بالأخذ بالأشدِّ وترك ما رخِّص له فيه فقد شادَّ الدَّين، وإن(289) شادَّ الدِّين غَلَبه(290) الدِّين.
          ومثال(291) ذلك: مَن شدَّدَ على نفسه فترك اليمين(292) المشروع وحلف بالمشي إلى مكَّة أو الطَّلاق، أو العَتاق، أو ترك(293) التَّيمم عند العجز عن الطَّهارة وأراد الطَّهارة بالماء وأراد القيام في الصَّلاة مع العجز عنه إلى غير ذلك وهو كثير، فيريد الأخذ / بالكمال في كلِّ الجِّهات ويترك الرُّخص، فمن فعل هذا فقد شادَّ الدِّين فيغلبه(294) الدِّين لأجل ما أدخل على نفسه، وقد ذمَّ ╡ مَنْ فعل ذلك مِن الأمم الماضية فقال تعالى(295): {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام:140].
          الوجه الثَّالث: قوله ◙ : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا)(296)أي: قاربوا أوَّلًا بالجِدِّ وقوَّة العزم على الأخذ بالحزم، والحزم(297) هو ترك المحذور(298) والعمل على براءة الذِّمَّة والأعلى مِن المراتب والأفضل مِن الأحوال، فإن وقع لكم عجز أو غفلتم أو وقعتم في شيء ممَّا نُهيتم عنه فسدِّدوا، أي: أصلحوا حالكم(299) بالخروج على المخارج التي جُعلت لكم والأخذ بالرُّخص(300) التي تُصُدِّق بها(301) عليكم {إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29].
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (وَأَبْشِرُوا(302)) أي: أبشروا بأنَّ(303) ذلك مخلِّص لكم ومبلِّغكم إلى رضاء مولاكم وحسنِ العاقبة لكم، يؤيِّد هذا قوله ◙ : «رُبَّ ذَنْبٍ أَدْخَلَ صَاحبَهُ الجَنَّةَ». قال العلماء معناه: أنَّ ذلك الذَّنب كان سببًا لتوبتِه فتاب توبةً نصوحًا فكان هو السَّبب الذي أدخله الجنَّة، يزيد هذا إيضاحًا وبيانًا ما قيل لبعض الفضلاء حين غَلَب عليه في وقت ما خوفٌ مِن أجل التَّقصير في حقِّ مولاه، ثمَّ تَلمَّح سعة(304) الفضل فخالط ذلك الخوف طمعٌ في سَعَة رحمة مولاه فخوطب بأن(305) قيل له: مَن أردناه اصطفيناه(306) فخوَّفناه ورجَّيناه، ومَن أبغضناه أَبْعَدناه وأَلْهَيناهُ. /
           الوجه الخامس: قوله ◙ : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ).
          الاستعانة هنا: هي أن مَن واظب على الأعمال في الأوقات المذكورة يُرْزَقُ بها العون على ما أخذ بسبيلِه مِن أفعال الطَّاعات ويتيسَّر له(307) ما عَسُرَ عليه(308) مِن أمر دينه، ويزيده قوَّةً في إيمانه فيتبيَّن له(309) قدْرُ ما لطف به، وماذا أريد منه وهذا مِن أكبر أسباب العون، فإنَّ به يَسهُلُ العمل وتسمو الهِمَم إلى المراتب العَلِيَّة، ولأجل ما يحدث مِن هذه المعاني بعمارة تلك الأوقات.
          قال بعض الفضلاء مِن أئمَّة التَّحقيق: وأنا أوصيك بدوام النَّظر في مرآة الفكرة(310) مع الخلوة، فهناك يتبيَّن لك(311) الحقُّ، ومَن بان له الحقُّ رُجيَ له اتِّباعه وكان مِن أهله. فنسأل الله تعالى أن يريَنا الحقَّ حقًا ويرزقنا اتِّباعه.
          وممَّا يناسب ما نحن بسبيلِه مِن وجه ما قوله ◙ : «وَيْلٌ لِمَنْ غَلَبَتْ آحَادُهُ عَشَرَاتِه». ومعنى ذلك: أنَّ الحسنات جُعلت بفضل الله تعالى عشرًا إلى سبعين إلى سبعمائة والله يضاعف بعد ذلك لمن يشاء، والسيِّئة بواحدة، ثمَّ بعد هذا الفضل العميم يَغْفُل ابنُ آدمَ المسكينُ عن نفسه حتَّى لا يجد لنفسه مَخْرَجًا، إمَّا بتغالٍ في الدِّين، وإمَّا بتضييع محاسبة نفسِه فيهلك مع الهالكين وهو لا(312) يشعر، ولهذا قال ◙ : «حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا»، فيحقُّ لمن غفل عن نفسِه و ألزمها هذا التَّغالي المذكور، أو غفل عن محاسبة ذلك(313) الوعيد العظيم أعاذنا الله تعالى مِن ذلك بِمنِّه، فينبغي للعاقل أن يُعِينَ نفسه بما أشار الشارع ◙ / إليه(314)، وأنْ يقيم على نفسه ميزان الشَّرع ولا يغفل عنْ محاسبة نفسه ولا يشادَّ دينه لئلَّا يهلك بأحدِ هذه الوجوه، ثمَّ نرجع الآن إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه الخامس: قوله ◙ (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يُريد به أنَّه يُسرٌ على مَن عرَفَهُ، لأنَّ مَنْ جَهِله عَسُر عليه بمقتضى أدلَّته بجهله(315) فيكون هذا مثل قوله تعالى:{شَهِدَ اللهُ أنَّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران:18]. وشهادته لنفسه هي(316) ما أظهَرَ في جميع مخلوقاته من آثار قدرته الدَّالة على وحدانيتِه(317) وعظمتِه، فيكون الحاصل مِن هذا التَّحضيضَ(318) على علوم(319) الدِّين بمقتضى الكتاب والسنَّة على ما أشرنا إليه قبل.
          الوجه الثَّاني: قوله ◙ : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) المشادَّة هنا هي: مَنْ أراد أنْ يأخذ علوم الدِّين بغير هذين(320) الطَّريقين وهما: الكتاب والسنَّة، إمَّا بعلم العقل أو ما(321) أشبهه واقتصر على ذلك فيغلبه الدِّين إذ ذاك بالضَّرورة؛ لأنَّه إذا فعل ذلك عاد عليه مَقام الحقِّ مشكلًا ومَقام الحقيقة محتملًا، فانقلب بصفقة خاسرة خَسِر الدُّنيا والآخرة.
          الوجه الثَّالث: قوله ◙ : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) السَّداد هنا بمعنى سَداد الحال، يُقَالُ: سدَّدَ فلان حالَه إذا أصلحَه، سدَّد الله فلانًا أي: أصلح الله فلانًا، سَدَّدَ القاضي: أي: حكم بينهم بالعدل، لا يباع إلا على وجهِ سَداد(322) أي: بوجه صالح على مقتضى الشَّريعة، وصلاح الحال هنا هو صلاحه في الدِّين(323) بمعرفته ومعرفة أحكامه والعمل على ذلك واتِّباعه، / ويشهد(324) لذلك قوله ◙ : «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ».
          قال العلماء المحقِّقون: معناه: ما وجب على المرء عمله وجب عليه العلم به، لأنَّه لا يمكنه توفية ما أُمِر به إلَّا بالعلم بحدوده، وقد اختلفوا(325) فيمن عمل العمل بغير علم فصادف(326) عمله لسان العلم على ثلاثة أقوال: فمِن قائل يقول: بأنَّ له الثَّواب على عمله واحتجَّ بأن قال: هذا عمل وقع على ما أُمر به، ومَن فعل ما أُمِر به كان له الثَّواب على الامتثال.
          ومِن قائل يقول: بأنَّ(327) عليه الإثم في ذلك، واحتجَّ بأن قال: إنَّ الله تعالى لم يتعبَّد أحدًا بالجَهل، وإنَّما يجوز له الإقدامُ على العمل بالعلم به، وأمَّا مع الجَهل فلا، قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:43]. فلـمـَّا قدِم على العمل بغير علم كان مرتكِبًا للنَّهي، ومَن ارتكب النَّهي أَثِمَ.
          ومِن قائل يقول: بأنَّه ليس له ثواب وليس عليه عقاب، واحتجَّ بأن قال: إنَّه(328) لم يقع بعمله في شيء ممَّا نُهي عنه فلم يكن مأثومًا(329)، وأمر أن(330) لا يُقْدِم على العمل إلَّا بالعلم، فلم يفعل ذلك فلم(331) يكن له أجر عليه، فإن وقع العجز عن هذا السَّداد الذي هو صلاح الحال بالعلم كما تقدَّم فليأخذ(332) بما تضمَّنه قوله ◙ : (قَارِبُوا) معناه:(333) السُّؤال لأهل العلم كما تقدَّم(334)؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:43]. والنَّبيُّ صلعم يقول: «شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ».
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (وَأَبْشِرُوا) البشارة هنا هي: أنَّ مَن أخذ بالطَّريق المذكور الذي أبديناه فَلْيَسْتَبْشِر بأنَّ الله تعالى يرفعه في الدُّنيا والآخرة(335) / ويرزقه مِن حيث لا يحتسب، إذا كان ذلك(336) لله تعالى خالصًا، يشهد لهذا قوله ◙ : «تَكَفَّلَ اللهُ بِرِزْقِ(337) طَالِبِ العِلْمِ». وهو تعالى قد تكفَّل برزق الخلق كلِّهم لكن فائدة هذا الإخبار البشارة لطالب العلم بأنَّ الله تعالى قد رفع عنه التَّعب في طلب الرِّزق والكدِّ عليه ويسَّره له وسهَّله عليه مِن غير تعب يدخل عليه في ذلك ولا مشقَّة(338)، يزيد هذا إيضاحًا قوله ◙ : «إِذَا ابْتُدِعَ بِدْعَةً في الدِّيْنِ كِيد الدين(339) فَعَلَيْكُمْ بِمَعَالِمِ الدينِ واطلُبُوا مِنَ اللهِ الرزقَ(340)، قيلَ: ومَا مَعَالِمُ الدِّينِ؟ قالَ: مَجَالِسُ الحَلَالِ والحَرَامِ».
          الوجه الخامس: قوله ◙ : ((وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)). الاستعانة هنا هي(341) أنَّ مَن عَمَّر هذه الأوقات المنصوص عليها بالتَّعبد فإنَّ الله تعالى يعينُه على ما أخذ بسبيله مِن التَّعلُّم ويُفهِمهُ ويُنَوِّرُ بصيرته، وهذا قد وجده كل(342) مَن عمل(343) ذلك بإخلاص وصِدق وقد قال تعالى في كتابه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:69].
          ثمَّ نرجع إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه السَّادس: قوله ◙ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به أنَّ ما كُلِّفتم به بالنَّص لا(344) يمكن فيه التَّأويل يسير، وإنَّ الأكثر(345) ممَّا كُلِّفتم به مُحْتَمِلٌ للتَّأويل وقابِلٌ له، وإذا كان القابل للتَّأويل(346) المحتمل له(347) هو الأكثر فهو تيسير وتوسعة مِن المولى على عبيده، وقد نشير إلى شيء من ذلك بالنَّص على مسائل ممَّا يحتمل التَّأويل ليتنبَّه بها لِمَا ذكرناه.
          فمِن ذلك: حديث بني قُرَيْظَة الحديث المشهور الذي قال فيه / ◙ للصَّحابة: «لا يُصلِّينَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا في بَنِي قُرَيْظَةَ» فأدركهم العصر في الطَّريق فقال بعضهم: لا نصلِّي حتَّى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلِّي لم يُرِد منَّا ذلك، فَذُكِرَ ذلك للنَّبيِّ صلعم فلم يُعَنِّفْ أحدًا(348) منهم.
          ومِن ذلك اختلاف الفقهاء في معنى قوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98]،فمِن قائل يقول به على الإطلاق(349) في الصَّلاة وفي غيرها. ومِن قائل يقول مثلَ الأوَّل لكنَّه قيدَّها(350) بأن لا تكون إلَّا قبل القراءة. ومِن قائل يقول: بأنَّها لا تكون إلَّا بعد القراءة.
          ومِن ذلك أيضًا اختلافهم في معنى(351) قوله تعالى: {فَلَمْ(352) تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة:6]، فمِن قائل يقول به: على العموم، ومِن قائل يقول به: على(353) الخصوص، ومِن قائل يقول: بجواز التَّيمم به(354) منقولًا كان أو غير منقول، ومِن قائل(355) بعدم الجواز عند النَّقل.
          ومِن ذلك أيضًا اختلافهم في معنى قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} [النساء:23]. فمِن قائل يقول: بتحريمها ابتداءً، ومِن قائل يقول: بعدم(356) التَّحريم حتَّى تكون في حِجْره ويكون كفيلًا لها.
          ومِن ذلك أيضًا اختلافهم في الرِّبا، ما العلَّة فيه؟ فخرج كل واحد منهم على ما أعطاه اجتهاده(357) مِن التَّأويل في الاحتمال، وكلُّ ما اختلفوا فيه أبدًا إنَّما هو مِن أجل الاحتمال الذي في الآية أو الحديث، وهذا الاختلاف توسعة ورحمة.
          وقد كان بعض(358) مَن لقيته مِن الفضلاء الجِلَّة(359) يقول: لا يحلُّ لأحدٍ أن يَتَديَّنَ إلَّا بالمشهور، ولا يُفْتي إلَّا به، وتكون فائدة الخلاف في أمر إذا وقع وفاتَ ولم يُمْكِن تلافيه على المشهور فيُخرَّج إذ ذاك / على قول قائل(360)، لأنَّه أحسن مِن خرق الإجماع(361).
          ولَعَمْرِي لقد كان هذا أحسنَ(362) مِن الفتوى، لأنَّ به يستعمل(363) جميع الوجوه، فيكون الأخذ أولًا بالكمال(364) في الدِّين وهو القُّوة عملًا على قوله ◙ : «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي الكُلٍّ خَيْرٌ».
          فإن تعسَّر عليه الأخذ بالكمال رجع إلى الخلاف وأخذ بالتَّيسير(365) فيكون بينه وبين المحارم حاجزٌ كبير(366)، لأنَّه إن تعذَّر عليه الأخذ بالكمال وجدَّ لماذا(367) يرجع مِن غير أن يخرق الإجماع، بخلاف مَن يأخذ أولًا نفسه بالعمل على الرُّخص، لأنَّه إن تعذَّر عليه الأمر في وقت ما(368) فلا يجد حيلة إلَّا(369) الوقوع في المحارم، وقد قال ◙ : «إِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، فَمَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يقعَ فِيْهِ».
          الوجه الثَّاني منه(370): قوله ◙ : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) معناهُ: أنَّ مَن يريد الأخذ بالكمال فيريد أن يعمل في كلِّ مسألة له بالإجماع(371) فيغلبه الدِّين لأجل ما ألزم نفسه، لأنَّه يجد(372) كثيرًا مِن المسائل لا ينعقد عليها إجماع.
          الوجه الثَّالث: قوله ◙ : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) السَّداد هنا على معنيين:
          (الأوَّل): أنْ يكون بمعنى صلاح الحال بالأخذ بما عليه الجُمهور، والجُمهور(373) هم الصَّحابة والصَّدر الأوَّل لقوله تعالى: {وَمن يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء:115]. قال العلماء: هم الصَّدر الأوَّل(374)، ولقوله ◙ : «خَيْرُ القرونِ قَرْنِي ثمَّ الذِيْنَ يَلُونَهُمْ ثمَّ الذينَ يَلُونَهم».
          (الثَّاني): أن يكون / الآخِذُ بالأظهر مِن الأدلَّة، أو بالوجه الرَّاجح مِن الوجوه المحتملات في اللفظ الواحد، ولا يلتفت إلى الشَّواذ مِن الطَّرفين، طرف التَّشديد وطرف الرُّخص، وإنَّما الشَّأن الأخذ بالأوسط(375) كما قال الخليفة لمالك ⌂ حين أراد أن يجمع كتاب «الموطَّأ» فقال له(376): اترك تشديد ابن عمر(377) ورُخَص ابن عبَّاس، وألِّف(378) بعد ذلك ما شئت، فقال مالك: فخرجت مِن عنده فقيهًا.
          ويكون معنى(379) التَّقريب هنا عند العجز عن الأخذ بما أشرنا إليه في السَّداد لأجل العذر، فَيُخَرِّجُ على قول(380) قائل عند العذر، ولا يأخذ بطرف التَّشديد ولا بطرف الرُّخص(381) مع عدم العذر.
          ويكفي في هذا ما روي عن عمر ☺ حين قيل(382) له عن رجل(383) أتى إلى المدينة يطلب غريب التَّفسير(384) وغريب الحديث فأمر ☺ بإحضاره، وقال له: مَن أنت؟ فقال(385): عبد الله بن فلان، فقال له عمر(386): وأنا عمر بن الخطَّاب، ثمَّ أخذ جريدًا مِن نخل فجعل يضربه بها على رأسه حتَّى أدماه، وهو يقول: أنا عمر بن الخطَّاب، فقال له الرَّجل: جزاك الله عني خيرًا، قد زال ما كان في رأسي. ولا ذاك إلَّا أنَّه مَنْ يَطلب ذلك(387) فالغالب عليه أن يعمل على أحد الطَّرفين، إمَّا بطرف التَّشديد فيأخذ بالمشادَّة(388) ويترك السَّداد، وإمَّا بطرف الرُّخص(389) فيكون له ذريعة لأنْ يقع في المحارم ويترك الأخذ بالتَّقريب.
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (وَأَبْشِرُوا) معنى البشارة هنا هي أنَّ مَن عمل بما ذكرناه فليستبشر بأنَّ الله تعالى يجعل / له عند العسر يسرًا، وعند الضِّيق مَخْرَجًا يؤيِّد هذا قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ(390) يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:2- 3]. وقوله تعالى {ومَنْ(391) يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق:5]. وقد حصل(392) له زيادة لتلك البشارة أنَّ الله تعالى قد جعله مِن المتَّقين.
          ولأجل الجَهل بمعنى هذه البشارة دخل بعض النَّاس عندما ضاق عليهم شيء مِن الدُّنيا في المكروهات والمحرمات ويقولون بأنَّهم معذورون لأجل أنَّهم لا يجدون شيئًا(393) على زعمهم غير ما هم فيه، وهذا مِن العلامات الدَّالة على اقتراب السَّاعة؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم يقول: «مِنْ شروط السَّاعَةِ طَلْبُ الرِّزْقِ بِالْمَعَاصِي».فنعوذ(394) بالله تعالى مِن العمى والضَّلال.
          فانظر إلى هذا العمى الكليِّ والصَّمَم السَّرمديِّ كأنَّهم لم يسمعوا قط هذه البشارة ولم يعرفوا مقتضاها، وكأنَّهم لم يروا في الكتاب، ولم(395) يسمعوا فيه الآيتين المتقدِّمتين الذِّكْر، وكأنَّهم لم يسمعوا قوله ◙ : «لا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللهِ إِلَّا بِطَاعَةِ اللهِ».
          وكلُّ هذا يدلُّ على أنَّ مَن طلب الرِّزق بغير طاعة(396) فقد طلب الشَّيء(397) مِن غير بابه، ومَن طلب الشَّيء مِن غير بابه تعب في طلبه ورجع بصفقة(398) خاسرة، وقد نشير إلى شيء مِن مآثر مَن مضى حيث كانوا يطلبون(399) الرِّزق بطاعة ربِّهم لِيُتَنبَّه(400) بذلك لِمَا أردنا بيانه.
          فمِن ذلك ما روي عن بعضهم أنَّه كان ذا عيال وضاق(401) عليه الوقت ولم / يقدر على شيء، فوقع في باله(402) الأخذ بالطَّاعة التي هي سبب الرِّزق(403)، فخرج إلى مسجد خَرِب(404) فَنَظَّفَهُ(405) وبقي يتعبَّد فيه، فيخرج(406) غدوة ويخبر أهله أنَّه يتسبَّب ثمَّ يجيء عشيَّة فيقولون له: أين الأجرة؟ فيقول: الذي خدمت عنده كريم واستحييت أن أطالبه(407) حتَّى يكون هو الذي يعطيني، فبقي كذلك أيامًا يسيرة، ثمَّ أتى ليلة على العادة إلى منزلِه فلـمـَّا كان بقربه شمَّ روائح طعام عَطِرة(408) فتعجَّب مِن ذلك لأنَّه(409) يعلم أنَّ جيرانه في الضَّعف بحيث لا يقدرون على ذلك، فلـمـَّا أتى منزلَه فإذا بما شَمَّ مِن ذلك في منزلِه فتعجَّب مِن ذلك أكثر مِن تعجُّبه أولًا، ثمَّ نظر فإذا في بيته طعام وإدام وقماش ودراهم، ووجد أهله بكسوة حسنة، فسألهم(410) مِن أين لكم هذا؟ فقالوا: إنَّ الكريم الذي أنت تخدم عنده بعث لك بما ترى وهو يقول لك(411): لا تقطع الخدمة، فقال: أجل.
          فانظر مَنْ طلب الشَّيء مِن بابِه كيف نجح سعيه وظفر بمراده.
          الوجه الخامس: قوله ◙ : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) الاستعانة هنا هي التَّعرض لنفحات الله تعالى في هذه الأوقات المذكورة، وتجد(412) إذ ذاك لطفه بك كثيرًا، وخيره عليك عميمًا، يؤيِّد هذا قوله ◙ : «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ»، وقوله ◙ : «تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ اللهِ»، وقوله ╡ إخبارًا على لسان نبيِّه صلعم : «أنَّه يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيا في الثُلُثِ الأَخِيْرِ(413) مِنَ الليلِ فيقولُ: هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عليهِ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟». فكيف / يقول تعالى هذا ويستغفر أحد إذ ذاك أو يتوب أو يدعو فيُرَدُّ؟ ذلك محال مِن طريق قوَّة الرَّجاء في فضله سبحانه ومَنِّه(414).
          وقد نشير إلى شيء(415) مِن مآثر مَن مضى في هذا أيضًا لنبيِّن(416) به المقصود الذي أردنا(417) بيانه.
          فمِن ذلك ما روي أنَّ بعض الثوَّار(418) نزل بحِصن فضيَّق على أهلِه حتَّى همُّوا بإعطائه، ثمَّ قال بعضهم: لا تعطوه حتَّى تستشيروا فلانًا على ما أردتم فعله، وكان فلان عندهم رجلًا صالحًا متمسِّكًا بالسَّداد والخير(419) فاستشاروه، فقال لهم: لا يَحِلُّ لكم أن تملِّكوا رقابكم لمن(420) يخالف لسان العلم ويسفك الدِّماء بغير حقِّها، فبلغ ذلك الثائر(421) فأرسل إليه يهدِّده ويقول(422) له: أما تعرف بطشي وصِغَر سنِّي؟ فأرسل الشَّيخ إليه الجواب وهو يقول له(423): أما تعرف كِبَر سنِّي وقيامي له بالليل و دعائي(424) له بالأسحار(425)؟ فلـمـَّا أن وقف(426) الثَّائر(427) على الجواب(428) لحقه الرُّعب وأقلع مِن حينه.
          وممَّا يزيد هذه الأوقات شرفًا وترفيعًا(429) وترغيبًا في المحافظة عليها قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف:28]. فمَن رغب في هذه الأوقات وحافظ عليها أُعِين على ما أخذ بسبيلِه ثمَّ زاده على ذلك بشارة، وأيُّ بشارة ترتاح لها نفوس العاملين الصَّادقين وهي ما أخبر تعالى في كتابه حيث قال: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17].
          يا لها مِن بشارة ارتاحت(430) لها نفوس الموقنين(431)، وسكن بها حزن الخائفين، وتسابقت / لها أقدام السَّابقين، منحنا الله تعالى منها مِن فضله ما يليق بفضله، ثمَّ نرجع الآن(432) إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه السَّابع: قوله ◙ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به أنَّ ما طُلب منكم وهو الإذعان والاستسلام يسير(433)، يشهد لهذا قوله صلعم للصَّحابة حين أُنزل عليهم(434): {وَإِنْ(435) تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} [البقرة:284]. فشقَّ ذلك عليهم فقال لهم: «لَا تَكُونُوا مِثْلَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ، ولَكِنْ قُولُوا آمَنَّا باللهِ وَمَا أُنْزِلَ» فسلَّموا وأَذْعَنوا فأنزل الله تعالى إذ ذاك: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:285-286]. فجاءهم هذا الخير والفرج العظيم لاستسلامهم وإذعانهم لأمر ربِّهم، والإذعان والاستسلام يُسْرٌ لا شكَّ فيه، لأنَّه(436) عمل بالقلب دون جارحة تتحرك فيه.
          الوجه الثَّاني منه: قوله ◙ : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ). معناه: أن مَن لم يرضَ بالمقدور ولم يقع منه الإذعان والاستسلام لِمَا فُرِض عليه، ويرى أنَّ ما كُلِّفَه مِن باب المشقَّة فقد شادَّ دينه، وإذا شادَّ دينه غلبه.
          وذلك مثل(437) ما حكي عن بني إسرائيل حين أُمروا بالقتال فأبَوا وقالوا لنبيِّهم: {فاذْهَبْ(438) أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24]. فَشُدَّدَ عليهم حين لم يرضَوا ولم يُذعِنوا لِمَا كُلِّفوا به فابتُلُوا لأجل ذلك بالتِّيه(439) أربعين سنة حتَّى مات فيه(440) كبارهم / ونشأ فيه(441) صغارهم.
          يزيد هذا إيضاحًا قوله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155 - 157]، فمَن رُزِق الإذعان للمقدور و الصَّبر عند نزوله عَظُم أجره ولُطِفَ به، وإن ضجر وتسَخَّط(442) كان مأثومًا، والمقدور لم يتغير فشادَّ دينَه فغلبه الدِّين نعوذ بالله مِن ذلك.
          الوجه الثَّالث: قوله صلعم : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) السَّداد(443) هنا بمعنى صلاح الحال في توطين النُّفوس للتَّسليم والانقياد والمقاربة هنا، أي: إن لم تبلغوا هذا المقام فقاربوا إليه، لأنَّ ما قرب(444) مِن الشَّيء أُعطِيَ حكمَه.
          الوجه الرَّابع: قوله صلعم : (وَأَبْشِرُوا) البشارة هنا هي أنَّ مَن فعل ما ذكرناه ووطَّن نفسه على ذلك واستسلم فليستبشر بما تضمَّنه(445) بقية الآية الموردَة إلى آخر السُّورة وهو قوله تعالى(446):{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286].
          الوجه الخامس: قوله صلعم : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) الاستعانة هنا هي أنَّ(447) مَن عَسُر عليه العمل بما ذكرناه مِن نفسه فليقف بباب الجَليل(448) في هذه الأوقات المعينة ويُلَازِمْ ذلك يُرزَق العون إذ ذاك على النَّفس ويظفر بالنُّجح، ولأجل(449) / تضييع هذه الاستعانة غلبت(450) بعضَ النَّاس نفوسُهم فلم يحصل منهم ما أُريد منهم مِن الإذعان والاستسلام(451) لأجل أنَّهم وُكِلُوا إلى أنفسهم لكونهم(452) لم يستعينوا بما شُرِع لهم مِن(453) الاستعانة به، ومثل هذا قوله صلعم للصَّحابة حين أخبر بالفتن فقالوا(454) له: ما النَّجاة مِن ذلك؟ فقال: «الجأوا إلى الإيمان والأعمال الصَّالحة(455)».
          وهذهِ الفتن قد كَثُرَتْ وتكاثرت والقليل النَّادر مَن أخذ بالدَّواء الذي يعينه على النَّجاة منها لا جرم أنَّ الهالك قد كَثُرَ، والنَّاجي قد قلَّ لقلة الامتثال لِمَا به قد(456) أُمِرْ، فبادر أيُّها المسكين للعمل(457) واترك الكسل قبل ورود الحِمام وتراكم المِحَن ويقال لك: (في الصَّيف ضيَّعتِ اللَّبن)، ثمَّ نرجع الآن(458) إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه الثَّامن: قوله صلعم : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به الأخذ بأقرب الوجوه التي(459) اختُلِف فيها دون تعمُّق(460) في أحد الطَّرفين طرف التَّشديد وطرف التَّرخص(461) وترك الالتفات لذلك والمبادرة إلى الامتثال، وإذا كان المراد هذا وهو المبادرة إلى الامتثال وترك الالتفات فهو يسير(462) لا شكَّ فيه.
          الوجه الثَّاني(463): قوله صلعم : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) أي: لا يشدِّد أحدٌ على نفسِه إلَّا ويشدِّد(464) الله عليه لأجل تنطُّعه أو تسامحه في دينه(465)، وذلك مثل ما حُكِيَ عن بني إسرائيل في البقرة التي أُمِروا بذبحها لو أخذوا في امتثال ما به أُمِرُوا(466) وذبحوا بعض البقر(467) دون سؤال عن كيفيتها لأجزأت / عنهم وكانوا بذلك ممتثلين للأمر، ولكنَّهم شدَّدوا فسألوا عن صفتها وكيفيتها فشُدِّدَ عليهم فيها فطلبوها(468) فلم يجدوها(469) زمانًا، ثمَّ وجدوها(470) بقرةً واحدةً عند شخص واحد فطلبوها منه للشِّراء فأبى عليهم فما زالوا به إلى أن أنعم لهم بالبيع فاشتروها منه بِملءِ جلدها ذهبًا وفضَّة، قيل: مرَّةً، وقيل: عشرةً(471)، فشدَّدوا فشدِّد عليهم.
          ولأجل هذا كان النَّبيُّ صلعم يكره كثرة السُّؤال ويذمُّ فاعله خيفة التَّشديد حتَّى(472) كان الصَّحابة ♥ يتمنَّون أن يَقدُم على النَّبيِّ صلعم غريب يسأله فيسمعون الجواب، وهذا المعنى إنَّما كان الخوف منه في زمان(473) النَّبيِّ صلعم لأنَّ الأحكام كانت إذ ذاك(474) تتجدَّد في كلِّ وقت وحين، فلـمَّا(475) انتقل إلى ربِّه طاهرًا مطهَّرًا صلعم زال(476) ذلك.
          لكن بقيَ في بعض النَّاس ما يشبِه ذلك وهو كثير، فمِن ذلك الوسواس(477) الذي يأتي لبعضهم في شيء مِن تعبُّداتهم حتَّى يُخِلُّوا(478) بلسان العلم فيه فيبقى(479) في تعبُّده على ضَلال(480) وهو يحسب أنَّه يُحسن صُنعًا، وقد قال: يُمنُ بن رِزْق ⌂ الإمام في الطريقين: إنَّ الشَّيطان يأتي لابن آدم فيرغِّبه في المعاصي هذا بعد عجزه عن(481) أن يوقع له شبهة في عقيدته، فإنْ قَدَر عليه فهو مقصوده، وإن لم يقدر عليه رجع إليه مِن طريق الوسواس في تعبُّده حتَّى يجعله أنْ يُخِلَّ بشيء مِن لسان العلم، فإذا نال ذلك منه قنع به ثمَّ تركه(482) وحبَّب إليه العبادة ومدَّ له في الصَّوت وربَّما تعرَّض له بعد ذلك / مارِدٌ مِن الشياطين يريد أن يُغوِيَه فيقول له: دَعه فإنَّه بعملي يعمل، فشادَّ دينه فغلبه الدِّين فانقلب بصفقة خاسرة نعوذ بالله مِن العمى والضَّلال.
          الوجه الثَّالث: قوله صلعم : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) سدِّدُوا أي: سدِّدوا حالكم باتباع السنَّة والسُّنَنِ، وقاربوا أي: إن لم تقدروا على هذا السَّداد فقاربوا إليه، فإن لم تقدروا فجاهدوا النفوس في الحمل عليه {فَمَاذَا(483) بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:32].
          الوجه الرَّابع: قوله صلعم : (وَأَبْشِرُوا) أي: إن(484) فعلتم ما أُمِرتم به كما ذكرناه لكم فأبشِروا عند تلك المجاهدة بتيسير سُبُل الخير والهداية يشهد لهذا قوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:69].
          الوجه الخامس: قوله صلعم : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) الاستعانة هنا هي الملازمة على قَرع الباب في هذه الأوقات والمحافظة على ذلك عند نزول المحن والفتن، لأن ذلك هو سبيل النَّجاة فيأتيكم العَون مِن عالم الخفيَّات، يشهد لهذا قوله صلعم : «مَنْ فُتِحَ لَهُ في الدُّعَاءِ فَقَدْ فُتِحَتْ(485) لَهُ أَبْوابُ الخَيْرَاتِ». أو كما قال(486).
          وقوله ◙ (487) إخبارًا عن ربه ╡ يقول(488): «مَنْ شَغَلَهُ(489) ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ». ثمَّ نرجع الآن إلى البحث المتقدم.
          الوجه التَّاسع: قوله ◙ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به قِصَر(490) الأمل؛ لأنَّ قِصَر الأمل(491) مِن الأسباب المُعينة على الدِّين فيصير الدِّين بسببِه يسيرًا(492)، بيان ذلك أنَّ الأمل إذا قَصُر(493) قلَّ الحرص وسَهُل الزهد وخفَّ العمل، وقد جاء هذا نصًا(494) منه ◙ / حيث قال(495): «إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّث نَفْسَكَ بالمساءِ، وإِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تُحَدِّث نَفْسَكَ بالصَّبَاحِ».
          وقد رُوي أن عيسى ◙ مرَّ في سياحتِه بشيخ كبير وهو يخدم في حائط له فتعجَّب عيسى ◙ مِن كِبَر سِنِّه وشدَّة حرصه في التكسُّب، فلـمـَّا أن وقع منه التعجُّب في ذلك رآه قد أزال المِسحاة(496) مِن يده وأقبل للعبادة(497) متوجِّهًا يشتغل بأنواع الخير فبقي على ذلك برهة مِن الدَّهر، ثمَّ قام للخدمة كما كان أولًا فتعجَّب عيسى ◙ مِن ذلك أكثر مِن تعجُّبه أولًا، ثمَّ أتى الشيخ فسأله ما الموجب في تركك للخدمة(498)؟ وما الموجب في عودك(499) إليها؟ فقال له الشيخ: كانت خدمتي أولًا لِمَا طُبع عليه البشر مِن التكسُّب في هذه الدَّار لتحصيل ضروراتهم فخطرت لي فكرة في كِبَر(500) سِنِّي وأنَّ الموت قد دنا مِنِّي، فقلت: ما لي وللتعب، أَتْعَبُ(501) لغيري؟ فتركتُ الخدمة وأخذت فيما أنا سائر إليه، ثمَّ خطر لي أنْ قلت: ولعلَّ أن يَطُول عمري فأحتاج إلى الغير ففضَّلت التكسُّب على ما كنت أخذت بسبيله فعدتُ إلى حالتي الأولى.
          وهذه سنَّة الله تعالى أبدًا مع أوليائه ما سهَّل عليهم العمل وقطعوا مفاوز أعمارهم بالشغل بعبادته والإقبال عليه إلَّا أنَّه ╡ قصَّر آمالهم فتيسَّر عليهم لأجل ذلك ما تعسَّر على غيرهم، وقدْ قال صلعم لأسامة حين باع أو اشترى بِنَسِيئة(502) إلى شهر فقال: «إِنَّ أُسَامةَ لَطَويلُ الأملِ».
          الوجه الثَّاني منه قوله صلعم : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) معناه: أنَّ مَن أطال الأمل وقع له الكسل إذ ذاك فغلبه الدِّين لأجل طول / أملِه، ومِن أجلِّ أو مِن(503) آخر كلام علي بن أبي طالب ☺ أن قال: يا هذا لا تُدخِل همَّ غَدِكَ(504) على يومك، فإن عِشْتَ فسيأتيك اللهُ برزقٍ جديدٍ، وإن مِتَّ فلا تَشْغَل(505) وقتك بهَمِّ ما لا تلحقه، ومِن هذا الباب ضاع كثيرٌ مِن العباد.
          الوجه الثَّالث: قوله صلعم : (فَسَدِّدُوا(506) وَقَارِبُوا) سَدِّدُوا: أي وطِّنُوا النَّفس على قَصْر الأمل، لأنَّ ذلك(507) هو عين السَّداد، وَقَارِبُوا: أي إن(508) لم تقدروا على الأعلى في هذا(509) السَّداد فقاربوا إليه، ولا تَبْعُدوا عن الأعلى والأخذ بالكمال، فَتُسْبَقُوا والمسبوق محروم.
          الوجه الرَّابع: قوله صلعم : (وَأَبْشِرُوا) أي: أبشروا بصلاح دينكم ودنياكم إن قبلتم ما به، قد أُشير عليكم وأُرشِدتم إليه.
          الوجه الخامس: قوله صلعم : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) الكلام على الاستعانة هنا كالكلام على الوجه قبله، ثمَّ نرجع الآن إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه العاشر: قوله صلعم : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به الرِّضا، لأنَّه معنى مِن المعاني يبلغ(510) به أعلى المقامات، لأنَّه أعلى درجات السَّالكين يشهد لهذا قوله ╕ لابن عباس: «يَا بُنَيَّ إنْ قَدَرْتَ أنْ تَعْمَلَ للهِ باليقينِ في الرِّضَا(511) فَافْعَلْ، وَإِلَّا فالصَّبْرُ(512) عَلَى مَا تَكْرَهُ، فيهِ خيرٌ كثيرٌ».
          الوجه الثَّاني منه(513): قوله صلعم : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) أي: مَن لم يرضَ بالمقدور وتسَخَّطَ(514) شادَّ دينه فغلبه(515) الدِّين، ولهذا قال بعض الفضلاء مِن أهل السُّلوك: تجري(516) المقادير، فإنْ رضيتَ جَرَت وأنت مأجور، وإن سخطتَ جَرَت وأنت مأزور. فغلبه الدِّين لأجل ما ترتَّب(517) عليه مِن الوزر عند عدم / الرضا.
          الوجه(518) الثَّالث: قوله صلعم : (فَسَدِّدُوا(519) وَقَارِبُوا) سَدِّدُوا أي: خذوا بحقيقة الرِّضا، (وَقَارِبُوا) أي: إن(520) لم تطيقوا ذلك فقاربوا إليه، والمقاربة إليه هي الصَّبر كما تقدَّم مِن قوله صلعم لابن عباس ╠: «فالصَّبْرُ(521) عَلَى مَا تَكْرَهُ فيهِ خيرٌ كثيرٌ»، وفائدة الرِّضا لا تظهر إلَّا عند الشَّدائد وتراكم المحن، وأمَّا(522) عند العافية والرَّخاء فلا، لأنَّ كل أحد يرضى بذلك.
          الوجه(523) الرَّابع: قوله صلعم : (وَأَبْشِرُوا) البشارة هنا هي أنَّ: مَن أخذ بالوجه المذكور، أو بالوجه بعده فَلْيَسْتَبْشِر بنجحِ سعيه وظفره بمراده كلٌّ على قَدْر رضاه أو صبره، ثمَّ يزداد له عند ذلك بشارة أخرى وأيُّ بشارة زيادة على ما احتوى عليه لفظ الحديث وهي(524) ما تضمَّنه قوله تعالى في كتابه:{وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:173]. فإذا كانت الزيادة بحسب الفضل فكيف تكون؟ منحنا الله تعالى منها من فضله ما يليق بفضله.
          الوجه الخامس: قوله ◙ : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) الاستعانة هنا كما هي(525) في الوجه قبله، ثمَّ نرجع إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه الحادي عشر: قوله صلعم : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به اليقين، لأنَّه معنى مِن المعاني وتُكتَسَب به(526) الدَّرجات والمقامات، يشهد لهذا قوله صلعم في حقِّ أبي بكر ╩: «مَا فَضَلَكُمْ بِكَثْرَةِ صَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ، وَلَكِنْ بشَيْءٍ وَقَرَ فِي صَدْرِهِ»، والشيء الذي كان وقَر في صدره ☺ هو قوَّة اليقين، فنال أبو بكر ☺ أعلى المقامات / وفَضَل(527) غيرَه بذلك المعنى الذي وقَر في صدره دون تعبٍ في العمل بجارحة وهذا يُسرٌ(528) لا شكَّ فيه.
          ولأجل هذا حضَّ(529) صلعم على تكسُّبه ليتيسَّر(530) على أمَّته حيث قال: «تَعَلَّمُوا عِلْمَ(531) اليقينِ فَإِنِّي أَتَعَلَّمه»، وهذا الذي حضَّ عليه هو مأخوذ(532) بالكسب، لأنَّ اليقين على ضربين: فَيْضِيٌّ وكَسبيٌّ، فأشار صلعم هنا إلى ما للعبد حيلة في تكسُّبه، وكيف(533) السبب إلى تعلُّمه وهو(534) التَّفكُّر فيما أظهر تعالى في عالم الحسِّ مِن أحكامِه وإرادتِه الجارية مرةً على نوعٍ ومرةً(535) أخرى على ضدِّهِ والصورة واحدة، وما يظهر للعبد مِن ترجيح شيء ثمَّ يرجح غيره عليه في وقته.
          ولأجل النَّظر إلى هذه الدَّقائق التي أشرنا إليها قويَ إيمان الأولياء الصَّالحين(536) بزيادة اليقين حتى قيل لبعضهم: بِمَ عرفت الله تعالى؟ فقال: بنقضه لعزائمي، وكذلك أيضًا يتسبَّب في قوَّة اليقين بالنظر في ملكوت السَّماوات والأرض الذي جعله تعالى للخليل ◙ سببًا لقوَّة اليقين كما تقدَّم في الحديث قبل، ولهذا(537) قال صلعم : «تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الدَّهْرِ»، لأنَّ بالتَّفكُّر في مثل ما ذكرنا يحصل به(538) مِن اليقين في ساعة واحدة ما لا يحصل في عبادة الدهر فيتيسر عليه الدِّين وإن كان صعبًا، وقد وصفهم الله تعالى بهذه الصِّفة في كتابه حيث قال: {إِنَّ النَّاس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ(539)} [آل عمران:174-173]، فانظر لـمـَّا أن قويَ يقينهم بثقتهم بربِّهم / زال عنهم رعب ما أُخبروا به، وانقلبوا بعد ذلك بالفضل العميم والنعمة الشَّاملة(540) في الدنيا والآخرة، فربحوا في(541) الدَّارين بتلك اللحظة التي فَوَّضوا الأمر(542) فيها إلى ربهم واستندوا إليه بقوة يقينهم.
          الوجه(543) الثَّاني منه: قوله صلعم : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) أي: مَن ضَعُف يقينُه ولم يأخذ في السبب الذي(544) يقوِّيه له كما أشرنا إليه فقد شادَّ دينَه، ومن شادَّ دينَه(545) غلبه الدِّين، والغلبة هنا هي(546) ما يكون مِن تسويلات النفس(547) وتسويلات الشيطان وتخويفاته(548)، وقد وصفهم ╡ بذلك في كتابه حيث قال: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء:120].
          الوجه الثَّالث: قوله صلعم : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) سَدِّدُوا أي: خذوا بالأعلى مِن اليقين واعملوا عليه، وَقَارِبُوا أي: إن(549) لم تقدروا على الكمال فلا تبخسوا أنفسكم منه(550) فيتعسَّر عليكم الدِّين، ومَن تعسَّر عليه دِينُه باءَ بالخسران والضَّلال، نعوذ بالله تعالى مِن ذلك.
          الوجه الرَّابع: قوله صلعم : (وَأَبْشِرُوا) أي: أبشِروا باليقين الفيضي الآتي مِن الفضل العميم إن أنتم امتثلتم الأمر بما أُشير به عليكم فكسبتم مِن اليقين ما أَلهَمكُم(551) السبب إلى تكسبه.
          الوجه الخامس: قوله صلعم : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) الاستعانة هنا كالوجه قبله يُستعان بالعمل في هذه الأوقات المذكورة(552)، ويُلْجَأ إلى الله فيها لعلَّه بفضله يجود بفضله أن(553) يلهمنا النظر(554) بالاعتبار في / الأشياء التي يتقوَّى بها اليقين، ويؤيدنا بالتوفيق مِن عنده، ويزيدنا على ذلك الضربَ الآخرَ الذي لا يؤخذ بالكسب(555) وإنَّما يؤخذ بالفيض، فمَن تعسَّر عليه شيء مِن هذا أو حُرم مِنه البتَّة، أو هو يريد الزِّيادة على ما حصل له فليقف بالباب في هذه الأوقات ينجحْ له سعيه ويظفر بمراده، لأنَّ المخبر صادق ومَن أُحيلَ عليه كريم وهو لا يُخلِف الميعاد، ثمَّ نرجع إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه الثَّاني عشر: قوله ◙ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به تركَ ما للنفس مِن الحظوظ واستسلامَها بين يدي مولاها(556)، لأنَّ طلبها حظوظها وترك استسلامها هو الحجابُ الأعظم، لأنَّها ما أشرفت قطُّ على شيء إلَّا أفسدته(557) إلَّا مَن عصمه الله مِن شرِّها فقمعها بالاستسلام والانقياد، وتَركُها يسير(558) على مَن يسَّره الله عليه. وقد سُئِلَ بعض الفضلاء مِن السَّالكين عن كيفية الوصول فقال: اتركْ نفسك وقد وصلتَ.
          الوجه(559) الثَّاني منه: قوله ╕: (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) أي: مَن عمل على حظوظ نفسه فبلَّغها آمالها وترك استسلامها فقد شادَّ دينَه، وإذا شادَّ دينَه غَلَبه الدِّين، لأنَّه يُحْرَم بحجاب نفسه ما أُعِدَّ(560) مِن الخيرات عند الاستسلام مِن الألطاف والعَون وغير ذلك.
          الوجه(561) الثَّالث منه: قوله ◙ : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) سَدِّدُوا(562) أي: اعملوا على تَرْكِ ما(563) للنفس مِن الحظوظ مرةً واحدةً وأَزيلوها عن ذلك وسلِّموها(564) إلى خالقها تَسْعَدوا، وَقَارِبُوا أي: إن لم تقدروا على ذلك وغلبتْكُم نفوسُكم فخذوا(565) في / الرياضة والمجاهدات حتى(566) يتأتَّى لكم منها ما قد أُشير به عليكم.
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (وَأَبْشِرُوا) أي: أبشِروا إن(567) أنتم فعلتم ما ذُكر لكم بأن الله خَيْرٌ لكم مِن أنفسكم، وأرحمُ بكم منكم، ولأنَّه(568) يبلِّغكم آمالكم، كيف لا؟ وقد قال تعالى(569): {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]. وقال تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ. خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التوبة:21- 22]. وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40- 41].
          الوجه الخامس: قوله ◙ : (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) أي: استعينوا بهذه الأوقات وحافِظوا عليها تُعَانُوا على ما(570) أُريد منكم وتفوزوا برضاء ربِّكم عنكم، فهل مِن مُشَمِّرٍ يغتنم حصول زمان الإعانة قبل أن يفوته، ثمَّ لا يجد لنفسه على ما فرَّط فيه إقالة، ثمَّ نرجع إلى البحث المتقدم.
          الوجه الثَّالث عشر: قوله صلعم (571): (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به إذا كان الدِّين لله خالصًا ويكون به وله فيعمل على التَّعظيم لِحقِّ(572) مولاه فإذا فعل هذا تيسَّر عليه الدِّين، لأنَّه يجد إذ ذاك حلاوة الطَّاعة وتخفُّ عليه بل يتغذَّى بها فيرجع مَلَكيَّ الباطن بَشَرِيَّ الظاهر(573)، ولهذا قال(574) الفضلاء مِن أهل السُّلوك: مساكين أهل الدنيا خرجوا مِن الدنيا ولم يذوقوا مِن نعيمها شيئًا، قيل(575): وما نعيمها؟ قال: حلاوة الطَّاعة. وقد(576) ندب تعالى لذلك في كتابه وحضَّ عليه / حيث قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]. ثمَّ جعله ╡ مَتْلُوًّا في كلِّ ركعةٍ مبالغةً في الحضِّ(577) على ذلك حتى يكون حالًا، فإذا كان(578) الله معينَه وهادِيهِ حُمِلَ(579) باللُّطف والعناية(580) وتُوِّج بالبرِّ(581) والكرامة.
          الوجه(582) الثَّاني منه: قوله صلعم : (وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ) أي: مَن اعتمد في دينه على نفسِه ولم يتعلَّق بالله تعالى(583) ولم يستعن(584) به فقد شادَّ دينَه، وإذا شادَّ دينَه(585) غلبه الدِّين بما(586) يظهر له مِن عيوب نفسِه ويعجز(587) عن الخروج عنها، ثمَّ يلحقه إذ ذاك أحد الوجهين(588)، وكلُّ واحد منهما إذا وجد في الشَّخص علم أنَّه هالك به إلَّا أن يتداركه الله تعالى باللطف والإقالة(589):
          (أحدهما): القنوط مِن عدم بلوغ ما يؤمِّله(590)، فإذا اتَّصف بهذه الصِّفة خيف عليه إذ ذاك لقوله ◙ إخبارًا عن ربِّه ╡ يقول(591): «لو كنتُ مُعَجِّلًا عقوبةً لَعَجَّلْتُهَا عَلَى القَانِطِيْنَ منْ رَحْمَتِي».
          (الثَّاني): رضاه بما هو عليه مِن الحال ودوامه عليه(592)، فإذا اتَّصف بهذه الصِّفة أيضًا خِيْف عليه لقوله تعالى في كتابه:{...فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة:175]، قال المفسِّرون: معناه أنَّهم يصبرون(593) على الأفعال التي يعلمون أنَّها توجب لهم النَّار، فكأنَّ الصَّبر في الحقيقة على النار(594)، وهذا مثل قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء:10]. ونحن نشاهدهم يأكلون طعامًا طيِّب المذاق، لكن لمَّا أن كان ذلك الأكل يؤول بهم إلى النَّار جعله تعالى كأنَّه النَّار.
          الوجه(595) الثَّالث: قوله ◙ : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا) (سَدِّدُوا(596)) / أي: سدِّدوا ما بينكم وبين نفوسكم وتعلَّقوا بربِّكم في كل لحظاتكم واستعينوا به في كل أوانكم، (وَقَارِبُوا) أي: إنْ لم تقدروا على هذا السَّداد فقاربوا إليه وخذوا أنفسكم بالرِّياضة في الوصول(597) إليه ولا تغترُّوا بطول المهلة لئلَّا يقال لكم: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} [فاطر:37].
          الوجه الرَّابع: قوله ◙ : (وَأَبْشِرُوا) أي: إن(598) تعلَّقتم به واستسلمتم إليه فأبشروا أنكم تجدونه حيث تُؤَمِّلُون، كيف لا؟ وقد قال تعالى على لسان نبيه ╕: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي».
          الوجه الخامس: قوله ╕: (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) أي(599): استعينوا بهذه الأوقات واغتنموا العمل والوقوف فيها بباب مولاكم تُعانوا(600) على ما أُريد منكم ويَسهل عليكم ما عَسُر عليكم، فالحاصل مِن هذا الوجه(601) لمن امتثله(602) زيادة بشرى على البشرى المتقدِّمة، لأنَّ الإعانة تقتضي البشرى وقد تقدَّمها(603) بشرى أخرى، فالبشارات(604) هنا متعدِّدة، والمخبر صادق، والمقصود غني كريم يقبل مِن المحسِن ويتجاوز(605) عن المسيء، فهل مِن مشمِّر صادق(606)؟.
          ومثل هذه البشارة ما تضمَّنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل:1]. إلى آخر السورة، وذلك أنَّ الله تعالى لمَّا أنْ قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30]. قالت(607) الملائكة: {(608)أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}[البقرة:30]، فغضب(609) الله ╡ عليهم ففزعوا فطافوا بالعرش(610) أسبوعًا فغفر ╡ لهم وأقالهم، ثمَّ قال لهم: ابنوا في الأرض بيتًا يطوف به / المذنبون مِن بني آدم أسبوعًا كما طفتم أنتم بالعرش فأغفرَ لهم وأرحمَهم كما فعلتُ بكم ففعلوا، فلـمـَّا جاء الطُّوفان رُفِع وبقيَ أساسه، ثمَّ أمر ╡ خليله إبراهيم(611) ◙ ببنائِه(612)، وأمره ينادي إليه، وقال له: عليك بالنداء وعليَّ(613) البلاغ، فامتثل ما قيل له فأوقع الله تعالى صوتَه لكلِّ مَنْ كان سبق في علم الله تعالى أنَّه(614) يحجُّ إليه(615) مِن ولد آدم في الأرحام والأصلاب، فلـمـَّا أن تعرَّض صاحب(616) الفيل إلى هدم هذا البيت الذي جعله تعالى سببًا لرحمة بني آدم والمغفرة(617) لهم، وأراد أن يرد النَّاس يحجُّون(618) إلى بيتٍ بناه صاحب الحبشة وكان(619) جيشُه لا يطاق، فعل(620) الله تعالى به ما قد نصَّ(621) في السورة.
          ومتضمن الإخبار بذلك، وفائدته: أنْ تعلم عظيم(622) رحمة الله تعالى ولطفِه بخلقِه؛ لأنَّه تعالى يقول بتضمُّن(623) ذلك الإخبار: يا أيها المؤمن المذنب انظر إلى أثر قدرتي كيف أهلكتُ مَن أراد أن يقطع عنك(624) أثر رحمتي مع تمرُّدك عليَّ وأخذك لنعمي تستعين(625) بها على معاصيَّ.
          هذا ما أنا(626) لك وأنت على هذا الحال، فكيف أكون لك إذا أقبلتَ عليَّ و امتثلتَ أمري و اتَّبعتَ كتابي وسنَّة نبيِّ(627)؟ أيقدر أحد على ضرِّك أو يصل إليك بسوء؟ أَأَتْركُكَ(628) إلى نفسك أو أَتْرُكَ نصرتك إلى غيري أو أحوجك إلى غيري؟ أَقْبِلْ عليَّ تجدني بك رحيمًا، وعليك مُنْعِمًا، ولك وليًا وناصرًا، أولم تسمع إلى خطابي لك: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47]. فاستنصرني(629) أنصرك، وتضرَّع إليَّ أرحمك، إنِّي أرحمُ بك مِنك وأقوى / على نصرتك مِنك.
          فمَن تأمَّل هذه البشارة ففهمها وعمل عليها وجدَها صدقًا حقًا، ولقد رأيت بعض الفقراء وكان سِنُّه فوق المائة سنة يقول: منذ رأيت شيخي لم أطلب حاجة لأحد، فيقال له في ذلك، فيقول: إنَّه أوصاني وقال لي في وصيَّته: اجعل حاجتك في كفِّك، فكلَّما أردت حاجة بَسَطتُ يدي إلى الدُّعاء(630) فدعوتُ الله تعالى في قضائها، فإن كانت خيرًا قضاها لي(631)، وإن كانت شرًّا أبعدها عني.
          ثمَّ نرجع الآن(632) إلى البحث المتقدِّم.
          الوجه الرَّابع عشر: قوله ◙ : (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ) قد يريد به جميع الوجوه المتقدِّم ذكرها وما يتشعَّب منها أو أكثر منها(633)، ولولا التَّطويل لذكرنا منها جُمَلًا كلها بأدلتها، لكن مَن نظر(634) وتأمَّل ما أشرنا إليه على تنويع احتمالاتِه سهل(635) عليه النظر فيما عداه، وبانت له طرق الرَّشاد، وتبيَّن له اليسر على مقتضى احتمالاتِه، ومشادَّة(636) كلِّ وجه بما يضادُّه، وبشارته(637) بحسبه، والاستعانة فيه بحسب مَناطِه، والزِّيادة في الكل بحسب الفضل العميم، جعلنا الله تعالى ممَّن هداه لذلك بمنِّه وأسعده بما إليه هداه.


[1] قوله ((وصلى الله على سيدنا... وعلى آله وصحبه وسلم)) ليس في (ط) و(م). وقوله: ((اللهم اجعلنا ممن غفرت... وعلى آله وصحبه وسلم)) ليس في (ف)، والعبارة في (ل): ((إنك كريم جواد وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم عن أبي هريرة)) والمثبت من (ج).
[2] في (ل): ((الدين أحد)) بتقديم وتأخير.
[3] قوله: ((وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)) ليس في (ط) و (ف) و (م). وهو مثبت من (ج) و (ل).
[4] قوله: ((الوجه)) ليس في (ف).
[5] زاد في (ل): ((قوله عليه)) مكرر.
[6] في (ف): ((يتبيَّن)).
[7] زاد في (ج): ((أو)).
[8] قوله: ((أولًا بوجه ونبيِّن معناه ثمَّ نبيِّن الحديث على ما يقتضيه ذلك)) ليس في (ل).
[9] في (ل): ((ونتتبعه))، وقوله بعدها: ((أيضًا)) ليس في (م).
[10] في (م): ((أيسر للمطالع))، وبعدها في (ل): ((وأيسر)).
[11] في (ف): ((أن يكون أرادهما)).
[12] قوله: ((ولن تجد له نصيرا)) ليس في (ف) و (ل).
[13] في (ج): ((ذلك)).
[14] في (ف): ((إنَّ)).
[15] في (ف) و (م) و (ل): ((هما)).
[16] في (ج): ((أيسرهما)).
[17] قوله: ((أنت)) ليس في (م) و (ل).
[18] في (م): ((بأنَّها)).
[19] في (ط): ((إلا أنه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[20] زاد في (م): ((هذا)).
[21] في (ف) و (م) و (ل): ((بهذا)).
[22] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((يسر)).
[23] في (ف) و (م) و (ل): ((قال)).
[24] في (ف): ((غيرهن)).
[25] زاد في (ف): ((قال رسول الله صلعم : وصيام رمضان، قال: هل علي غيره؟ قال: لا إلَّا أن تطوَّع، قال: وذكر رسول الله صلعم الزَّكاة، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا إلَّا أن تطوَّع، قال)). وزاد في (م) و (ل) : ((قال:)).
[26] في (م): ((والوجه)).
[27] قوله: ((قوله ◙)) ليس في (م).
[28] في (م): ((أحدًا)).
[29] في (ل): ((غلبة)).
[30] في (ف): ((بأن)).
[31] في (ف): ((الكلِّ)).
[32] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((من الخير)).
[33] في (ف): ((وافا)).
[34] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((ما تقرر)).
[35] في (م): ((يتضمن)).
[36] في (ف): ((الأدون)) وفي الحاشية: ((أدون)).
[37] في (ف): ((طرق)).
[38] في (ط) و (ف): ((المبالغة)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[39] زاد في (ل): ((قد)).
[40] في (ج): ((الدين)).
[41] العبارة في (م): ((بغير تقليد لأنَّه يفني عمره بالاستدلالات)).
[42] في (ف): ((وبيَّن)).
[43] في (م): ((من غير)).
[44] في (ج) و(ف): ((عن)).
[45] في (ج): ((لابني)).
[46] في (ف): ((وبيَّن)).
[47] في (ج): ((أن يأخذ)).
[48] في (ف): ((أقرب العجز)).
[49] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((وهو لم)).
[50] في (ف): ((كتابه: واتَّقوا)).
[51] في (م) و (ل): ((بن عمرو)).
[52] قوله: ((في)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[53] قوله: ((في)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[54] زاد في (ل): ((السلام)).
[55] قوله ((وإنما)) في (ل): ليست واضحة.
[56] في (ل): ((أخذ))، وقوله بعدها: ((هذه)) ليس في (م).
[57] في (ف): ((تخلصت له هذه القاعدة وحصلت)).
[58] قوله: ((سائغ شرابه)) ليس في (ف).
[59] زاد في (ط) و(ف): ((منه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[60] في (ج): ((يسقى)).
[61] قوله: ((وتنبت في بقعة واحدة كما قال تعالى تسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)) ليس في (ل).
[62] قوله: ((في)) ليس في (ل).
[63] في (م): ((تسببًا)).
[64] في (ج): ((تعلموا علم اليقين)).
[65] في (ج): ((يفعل)).
[66] في (ل): ((بقوله)).
[67] قوله: ((في الإسلام)) ليس في (م).
[68] في (ج) و (م): ((أوفى))، وفي (ف): ((وحينئذ)).
[69] في (ج): ((بالمندوب))، وفي (ف) و (م) و (ل): ((من المندوب)).
[70] في (ط) و(م): ((يتعايا))، وفي (ف): ((يتغايا))، وفي (ل): ((ولا يتغابا))، وفي (ج): ((ولا يتفايا)) ولعل المثبت هو الصواب، وهو كذا في (المطبوع).
[71] في (م): ((من الواجبات)).
[72] قوله: ((لا)) ليس في (ف) و (م) و (ل).
[73] قوله: ((يومًا)) ليس في (ف).
[74] في (م): ((فقال من)).
[75] في (م): ((فقال)).
[76] قوله: ((في العبادة)) زيادة من (ج) على النسخ.
[77] قوله: ((إنْ)) ليس في (م).
[78] في (ف): ((فهو يقع أيضًا)).
[79] قوله: ((إلَّا)) ليس في (ف).
[80] في (ل): ((ولأجل)).
[81] في (ل): ((ولإنما)).
[82] قوله: ((لِمَ)) ليس في (م).
[83] في (ف) و (م) و (ل): ((لن)) بلا واو.
[84] في (ف): ((فصاحته وبلاغته ◙)).
[85] في (ج): ((لأنه يطلق)).وفي (م): ((لأنَّه ينطلق)).
[86] في (ط): ((والعبيد)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[87] في (ط): ((هذا اللفظ)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[88] في (م): ((فسدِّدوا)).
[89] صورتها في (م): ((الآخر)) وفي (ل): ((فيكون المراد سدد والأخذ)).
[90] قوله: ((عليه)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[91] في النسخ: ((عمَّ)) والمثبت من (ج)..
[92] في (ف): ((لكل)) وكتب في الحاشية: ((كل)).
[93] في (م): ((وثبت)).
[94] في (ط): ((تغاي))، وفي (م): ((تعالي)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[95] في (ج) و (ف) و (م): ((ما قرب)) وفي (ل): ((ما قارب)).
[96] في (ف): ((ينطلق)).
[97] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((المندوب)).
[98] في (م): ((إليه)).
[99] في (ل): ((مثالا)).
[100] صورتها في (م): ((ونعمة)).
[101] زاد في (ج): ((ومسلمة)).
[102] في (ف): ((الذي)).
[103] في (م): ((لأنَّه)) وزاد في (ل): ((قال)).
[104] في (م): ((إن كان)). قوله: ((كان)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[105] في (ل): ((بالتقرب)).
[106] قوله: ((فيها)) ليس في (م).
[107] في (م): ((ذلك إنما)).
[108] في (م): ((من غير)).
[109] قوله: ((به)) ليس في (ل)، وبعدها في (ف): ((فوقوع)).
[110] في (م): ((الواجب قيل تحقيقه)).
[111] في (ل): ((أفعله)).
[112] في (م): ((على)).
[113] في (ف): ((أبشروا)) وأشار في الحاشية إلى نسخة: ((وأبشروا)).
[114] في (ل): ((والبشارة)).
[115] في (ط): ((بحدود)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[116] قوله: ((لأن الثواب عليها)) ليس في (ل).
[117] في (ف): ((المحدود)).
[118] في (ف) و (م): ((وهذا)).
[119] في (ل): ((الذي يوجب البشارة للعاملين بذلك وهذا مثل قوله تعالى)).
[120] قوله: ((على)) ليس في (م).
[121] في (ج): ((يبشر)).
[122] قوله: ((أن يقول لم)) في (ل): مكانه طمس.
[123] قوله: ((الوجه)) ليس في (ف) و (م).
[124] في (ج): ((للعبيد)).
[125] في (ف): ((المنِّ والفضل)).
[126] في (ف): ((إلَّا)).
[127] في (ل): ((الرجاء لأنه يكون)).
[128] في (ف) و (م) و (ل): ((الثاني)) بلا واو.
[129] في (ج) و (ف) و (م): ((سببًا)).
[130] في (م): ((الصَّدر)).
[131] صورتها في (م): ((ما)).
[132] قوله: ((به)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[133] في (م): ((والمستعين)).
[134] قوله: ((له)) ليس في (م).
[135] قوله: ((فيهما)) ليس في (ف).
[136] في (م): ((أركن)).
[137] في (م): ((أكفيك)).
[138] في (ج) و (ف): ((الدَّلج)).
[139] قوله: ((وآخر الليل)) ليس في (ف).
[140] في (ف): ((أبدا أقوى للبدن)).
[141] في (م): ((في الثلث الآخر)).
[142] قوله: ((ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ فَيَقُولُ.... ينادي هكذا كل ليلة)) ليس في (ف).
[143] في (ف): ((آخره)).
[144] في (م): ((أحدًا)).
[145] قوله: ((ومن)) ليس في (ل).
[146] في (ف): ((دون حلول وانتقال)).
[147] قوله: ((عليه)) زيادة من (ج) على النسخ.
[148] في (م): ((تعيير)).
[149] قوله: ((هذه)) ليس في (ل).
[150] في (ل): ((فهو)).
[151] في (ف): ((إلى الذهن)).
[152] زاد في (ج): ((إليه))، وفي (م) و(ف) و (ل): ((واللجأ)).
[153] في (ل): ((يعرض))، وفي (المطبوع): ((تُفرَض)).
[154] في (ل): ((بسط)).
[155] في (ل): ((ما يعين)).
[156] قوله: ((أما)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[157] في (م): ((محتملٌ)).
[158] في (ف) و (م) و (ل): ((الوجه الأول)).
[159] في (م): ((مقتضى ما تضمنه البحث)).
[160] كذا في نسخنا، وفي (المطبوع): ((الوجه الثاني)) الذي يتضمن وجوهًا تحته.
[161] قوله: ((قد)) ليس في (م).
[162] في (م): ((البرِّ)).
[163] في (ط): ((ضمن)).
[164] في (ف): ((وهي)).
[165] في (ل): ((لا يغلوا)).
[166] في (ج): ((المندوبات)).
[167] في (ف) و (م) و (ل): ((يتقرَّب به إلى ربِّه)).
[168] في (م): ((مع توفية عدم الإيمان)).
[169] في (ف): ((الذي)).
[170] في (ف): ((وهي هذه)).
[171] في (ج): ((إلى)).
[172] في (ف) و (م) و (ل): ((من نوافل الليل)).
[173] في (ج) و(ف) و (ل): ((بداءة)). وفي (م): ((بداء)).
[174] في (ل): ((بغلبة)).
[175] في (ف): ((عن)).
[176] في (م): ((أبي خيثمة))، وفي (ل): ((حتمة)).
[177] في (ل): ((سلمان)).
[178] زاد في (م): ((صلاة)).
[179] في (ف): ((جماعة)).
[180] قوله: ((أن)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[181] قوله: ((الليل)) ليس في (ف) و (ل).
[182] في (ف): ((العادة)).
[183] في (ف): ((ولا)).
[184] زاد في (ج): ((كما)).
[185] في (ف) و (م) و (ل): ((السماد)).
[186] زاد في (ل): ((قاربوا)).
[187] في (ل): ((الجد)).
[188] في (ط): ((يعاندون)).
[189] في (ف): ((فيأخذوا)).
[190] في (ف): ((ويسلكوا)).
[191] في (ل): ((لأنهم)).
[192] قوله: ((الآن بالتدرج في السلوك والترقي حتى صار له ما)) ليس في (م).
[193] في (ج): ((عن ابن السماك)) وفي (ف) و (ل): ((عن السماد)).وفي (م): ((في السماد)).
[194] في كافة النسخ: ((حذري حذري))، ولعل المثبت هو الصواب وهو مطابق للمطبوع.
[195] في (ج): ((الثاني)).
[196] في (ج): ((يكون)).
[197] قوله: ((وهو)) ليس في (ج) و(ف) و (م) و (ل).
[198] في (ف): ((الذي)).
[199] في (ج) و (ف) و (م): ((اليسر)).
[200] في (ف): ((ذلك له)).
[201] في (ف): ((عن)).
[202] في (ف): ((سبيلا)).
[203] قوله: ((هنا)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[204] في (ف): ((باليسر)).
[205] في (ج): ((في الزيادة لمقتضى)) وفي (ف) و (ل) و (م): ((بالزيادة لمقتضى)).
[206] في (ف) و (م) و (ل): ((المنيفة))، وبعدها في (م): ((فلا)).
[207] في (ج): ((وأنه قد))، وفي (ف): ((السامع مع أنَّه قد)).
[208] قوله: ((عليه)) ليس في (ف).
[209] في (ف): ((ليس)) بلا واو.
[210] في (ط) و(ف): ((ثبت)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[211] في (ل): ((لم تقع)).
[212] قوله: ((إليه)) ليس في (م).
[213] في (م): ((بالماضي)).
[214] زاد في (ف): ((بدليل)).
[215] قوله: ((قد)) ليس في (م) و (ل).
[216] في (ف) و (ل): ((بعظم))، وفي (ط) و(ج): ((لعظيم)) والمثبت من (م).
[217] في (ج): ((هذه)).
[218] في (ج): ((حين)).
[219] في (ف): ((ذكرناه)).
[220] قوله: ((هو)) ليس في (ف).
[221] في (ط): ((يترك من)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[222] في (ط): ((أخوان مات أحدهما قبل صاحبه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[223] قوله: ((يمر)) زيادة من (ج) على النسخ.
[224] قوله: ((خمس)) ليس في (م).
[225] في (ط): ((ما تدرون)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[226] في (ط): ((بزيادة)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[227] في (ل): ((أي بصلاة الضحى)).
[228] في (م): ((معًا)).
[229] في (ط): ((جزأين)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[230] في (ل): ((قد جعل)).
[231] في (م): ((ونعمة)).
[232] قوله: ((به)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[233] في (ف) و (م) و (ل): ((لأنَّ)).
[234] قوله: ((له)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[235] في (م): ((وجدت)).
[236] قوله: ((عليه)) زيادة من (ج) على النسخ.
[237] في (ف): ((سنَّتي)).
[238] قوله: ((إليها هي)) ليس في (ف).
[239] في (ج): ((إليها))، وقوله: ((إليه)) ليس في (ف) وقوله: ((أشار إليها)) في (ل) ليست واضحة.
[240] قوله: ((هذا)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[241] في (م) و (ل): ((الأخذ بالتعبد)).
[242] في (ف): ((أو في)).
[243] في (م) و (ل): ((بركعتين)).
[244] في (ط): ((النشط)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[245] في (ف): ((التدريج)).
[246] في (ف) و (م) و (ل): ((ما شاء من)).
[247] في (ف) و (ل): ((للنقص))، وفي (م): ((للبعض)).
[248] في (ف): ((ذلك)).
[249] في (ف): ((النهاية)).
[250] في (ط) و (ج): ((أتى أخًا)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[251] في (ج): ((من صلاته)).
[252] في (ج): ((النفل)).
[253] في (ج) و(ف): ((ينظر)).
[254] قوله: ((فصلَّى العصر)) ليس في (ف).
[255] في (ج): ((النفل)).
[256] في (ج): ((نفله))، وقوله: ((فخاف أن يقطع عليه تنفله)) ليس في (م).
[257] قوله: ((من التَّنفُّل)) ليس في (ف) و (ل).
[258] قوله: ((فما زال.. إلى قوله... التنفل)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى. وزاد في (ف) و (م) و (ل): ((فجلس يتنظر فراغه من التَّنفُّل)).
[259] في (م): ((جلس للذكر)).
[260] في (ط) و (ف) و (م) و (ل): ((لماذا)) والمثبت من (ج).
[261] قوله: ((من)) ليس في (ف) و (م) و (ل).
[262] في (ف): ((ينعم)).
[263] في (ف): ((الذي)).
[264] في (ج): ((كما))، قوله: ((به)) ليس في (ف).
[265] في (ل): ((أن يمن علينا مما من به عليهم)).
[266] في (م): ((ما)).
[267] في (م) و (ل): ((يسرٌ)).
[268] في (ل): ((وإن ما)).
[269] في (ل): ((الأمر)).
[270] قوله: ((فجعل)) ليس في (ل).
[271] قوله: ((قد كان)) ليس في (ط) و(م) والمثبت من النسخ الأخرى.
[272] في (ف): ((النجاسة أيضا)).
[273] قوله: ((لنا)) ليس في (م).
[274] في (ف) و (م) و (ل): ((والمقراض)).
[275] قوله: ((وهو كثير)) ليس في (م).
[276] في (م): ((لا طاقة)).
[277] زاد في (م): ((هو)).
[278] في (ف): ((فهو يسير عليه ولا تعسير)).
[279] في (ل): ((عافا)).
[280] قوله: ((عليه)) ليس في (م).
[281] قوله: ((وكذلك أيضا)) ليس في (ف).
[282] في (ف): ((╡شرع لنا)).
[283] في (ط) و (ل): ((التَّحريك)).
[284] قوله: ((كما في كتابه تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا})) ليس في النسخ، وهو مثبت من (ج)..
[285] في (ل): ((يؤتى)) والموضع الذي بعده.
[286] قوله: ((يحبُّ أن)) ليس في (م).
[287] في (ف) و (م) و (ل): ((منه)).
[288] في (ط) و (م): ((شدَّ)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[289] في (ف) و (م) و (ل): ((وإذا)).
[290] في (ط): ((فغلبه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[291] في (ف): ((مثال)) بلا واو.
[292] قوله: ((اليمين)) في (ل) مكانه طمس.
[293] في (ف) و (ل): ((وترك)).
[294] في (ط): ((فغلبه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[295] في (ف) و (م) و (ل): ((فقال عزَّ من قائل)).
[296] زاد في (ل): ((قاربوا)).
[297] قوله: ((والحزم)) ليس في (ف).
[298] في (ف): ((المحدود)).
[299] في (ف) و (ل): ((أحوالكم)).
[300] في (ط) و(ف): ((ولأخذ الرخص)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[301] في (ف): ((تصدق الله بها)).
[302] في (ف): ((أبشروا)) بلا واو.
[303] في (ف): ((أنَّ)).
[304] صورتها في (م): ((متعة)).
[305] في (ل): ((الخوف طمع في سعة رحمة مولاه فخوطب بأن)).
[306] في (م) و (ل): ((اصطنعناه)).
[307] في (ف): ((وتيسَّر عليه))، وفي (م): ((ويسر له))، وفي (ل): ((وييسر له))، وفي (ج): ((وتيسير ما عسر عليه)).
[308] قوله: ((عليه)) ليس في (ف).
[309] قوله: ((له)) ليس في (ف).
[310] في (ل): ((الفكر)).
[311] في (ف): ((يتبيَّن له))، وفي (م): ((يبين لك)).
[312] في (ف) و (م) و (ل): ((لم)).
[313] في (ج): ((المحاسبة لذلك)) وفي (ف): ((المحاسبة ذاك)) وفي (ل): ((المحاسبة ذلك)).
[314] قوله: ((إليه)) ليس في (ف).
[315] في (ج) و (م) و (ل) : ((لجهله به))، وزاد في (ف): ((به)).
[316] في (ف): ((هو)).
[317] في (ل): ((وحدانية)).
[318] في (ل): ((التخصيص)).
[319] في (ف): ((معلوم))، وفي (م): ((عموم)).
[320] في (ل): ((يغير بهذين)).
[321] في (ف): ((وما)).
[322] صورتها في (ل): ((شداد)).
[323] العبارة في (م): ((هو صلاح الدين)).
[324] في (ف) و (م) و (ل): ((يشهد)) بلا واو.
[325] قوله: ((اختلفوا)) في (ل) ليست واضحة.
[326] في (ل): ((وصادف)).
[327] في (ل): ((إن)).
[328] في (م): ((بأنَّه)).
[329] قوله: ((مأثوما)) في (ل) ليست واضحة.
[330] في (ف) و (م) و (ل): ((بأن)).
[331] في (ط) و (ج): ((لم)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[332] في (ف): ((كما قرَّرناه فيأخذ))، وفي (م) و (ل): ((كما قررناه فليأخذ)).
[333] في (ف) و (م) و (ل): ((ومعناه)).
[334] في (ج): ((قررناه)).
[335] في (ف): ((في الدار الآخرة)).
[336] قوله: ((ذلك)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[337] في (ط): ((تكفل برزق)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[338] في (ط): ((ولا بمشقة)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[339] قوله: ((كيد الدين)) ليس في (م).
[340] في (م): بياض مقدار هذه الكلمة.
[341] في (ف): ((هاهنا))، وقوله: ((هي)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[342] زاد في (ف): ((كل)) مكررة؟ في (ف): ((كل كل)) ولعله ضرب على الأولى.
[343] زاد في (ف) و (م) و (ل): ((على)).
[344] قوله: ((لا)) ليس في (ف).
[345] في (ف): ((الكثير)).
[346] في (ف): ((بالتَّأويل)).
[347] قوله: ((له)) ليس في (ف).
[348] في (ف): ((أحد)).
[349] قوله: ((على الإطلاق)) ليس في (م).
[350] صورتها في (م): ((نبذها))، وفي (ل): ((قيد هنا)).
[351] قوله: ((معنى)) ليس في (ف).
[352] في (ف) و (ل): ((قوله تعالى: فلم)).
[353] قوله: ((على)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[354] قوله: ((به)) ليس في (م) و (ل).
[355] زاد في (ج): ((يقول)).
[356] صورتها في (م): ((بعد)).
[357] في (ف): ((أعطيناه اجتهاده))، وفي (ل): ((ما أعطى باجتهاده)).
[358] قوله ((بعض)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[359] في (ج): ((الأجلة)).
[360] (م): ((قوله تعالى))، وفي (ل) و (ف): ((قولة قائل)).
[361] العبارة في (م): ((لأنه أخرق للإجماع)).
[362] في (ف) و (م) و (ل): ((لقد هذا حسن)).
[363] زاد في (ف): ((به)) في (ف): ((مِن الفتوى، لأنَّ به يستعمل به جميع الوجوه)). وفي (ل): ((تستعمل)).
[364] في (ف): ((بالكمال أولًا)) وقد رسم فوقهما علامتا تقديم وتأخير فتصبح كالمثبت.
[365] في (م): ((باليسير)).
[366] في (ف): ((حاجزًا كبير)).
[367] في (ط): ((لما)) والمثبت من النسخ الأخرى، والعبارة في (المطبوع): ((الأخذ بالكمال وجدَ ما يرجع)).
[368] قوله: ((ما)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى. وفي (م): ((في شيءٍ ما)).
[369] في (ج): ((إلى)).
[370] قوله: ((منه)) ليس في (م) و (ل).
[371] في (ف) و (ل): ((في كل مسائله بالإجماع)).
[372] في (ط): ((لا يجد)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[373] في (ف): ((الجمهور)) بلا واو.
[374] زاد في (ف): ((لقوله تعالى)).
[375] في (ج): ((الوسط))، وفي (ف) و (م) و (ل): ((بالوسط)).
[376] قوله: ((له)) ليس في (ف).
[377] في (م): ((ابن عمرو)).
[378] في (ط) و (م): ((وولف)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[379] في (م): ((بمعنى)).
[380] في (ل): ((قولة)).
[381] في (ف): ((التَّرخيص)).
[382] في (ج): ((قال)).
[383] في النسخ: ((على رجل)) والمثبت من (ج).
[384] زاد في (ج): ((الدين)).
[385] زاد في (ج): ((له))، وفي (ف): ((قال أنا)).
[386] قوله: ((عمر)) زيادة من (ج) على النسخ، وبعدها في (م): ((أنا)).
[387] في (م): ((ذاك)).
[388] في (ف) و (م) و (ل): ((في المشادَّة)).
[389] في (ف): ((التَّرخيص)).
[390] قوله: ((ومن يتَّق الله)) ليس في (ف).
[391] في (ط): ((من)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[392] في (ج): ((جعل)).
[393] في (ج) و (ف): ((سببًا))، وفي (ل): ((سبيل)).
[394] في (ل): ((نعوذ)).
[395] في (ط) و (ج) و(م): ((أولم)). والمثبت من النسخ الأخرى.
[396] في (ف): ((طاعة الله)).
[397] في (م): ((الرزق)).
[398] في (ل): ((بصفقته)).
[399] صورتها في (ل): ((يطالبون)).
[400] في (م): ((لننبِّه))، وفي (ل): ((لينتبه))، وفي (ف): ((بطاعة الله لينتبه)).
[401] في (ط): ((طاق)).
[402] في (ج): ((بباله)).
[403] في (م): ((بالأخذ بالطاعة التي هي سبب للرزق)).
[404] في (ج): ((خراب)).
[405] في (ط): ((نضفه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[406] في (ط): ((فخرج)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[407] في (ف) و (م) و (ل): ((فاستحييت أن أطلبه)).
[408] في (ط): ((عطر)). والمثبت من النسخ الأخرى.
[409] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((لأجل أنَّه)).
[410] في (ف): ((ثمَّ سألهم)).
[411] قوله: ((لك)) ليس في (م).
[412] في (م) و (ل): ((تجد)).
[413] في (م) و (ل): ((الآخر)).
[414] في (ج) و(ف) و (م) و (ل): ((ومنَّته)).
[415] في (ف): ((وقد نشير لشيء)).
[416] في (ف) و (م) و (ل): ((ليتبيَّن)).
[417] في (ل): ((أوردنا)).
[418] صورتها في (ل): ((الثوائر)).
[419] في (ف) و (ل): ((متمسكا بالخير والسَّداد))، وفي (م): ((مستمسكا بالخير والسداد)).
[420] في (م): ((من)).
[421] في (ج) و (م) و (ف) و (ل): ((فبلغ ما قال لهم إلى الثاثر)).
[422] في (ج): ((وهو يقول)).
[423] قوله: ((له)) ليس في (م).
[424] في (ط): ((ودعاء)).
[425] في (ف): ((في الأسحار)).
[426] في (ل): ((وقع)).
[427] في (ف): ((النائر)).
[428] في (ج): ((عليها)).
[429] قوله: ((وترفيعا)) ليس في (ل).
[430] في (ف): ((باحب)).
[431] في (ج) و(م) و(ل): ((الموفقين)).
[432] قوله: ((الآن)) ليس في (ف).
[433] في (ج) و (م) و (ل): ((يسر)).
[434] في (ط): ((عليهم)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[435] في (ف): ((إن)) بلا واو.
[436] زاد في (ج): ((قد)).
[437] قوله: ((مثل)) ليس في (ف).
[438] في (ف) و (ل): ((اذهب)).
[439] في (م): ((بالبليِّة)).
[440] في (ط) و (ف): ((فيهم)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[441] في (ط): ((فيهم)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[442] في (ج): ((سخط)).
[443] في (ط) و (ج): ((والسَّداد)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[444] في (ل): ((قارب)).
[445] كذا في النسخ: ((تضمَّنه)).
[446] في (ف): ((◙)).
[447] قوله: ((أن)) ليس في (ل).
[448] في النسخ: ((بالباب الجليل)) والمثبت من (ج).
[449] في (ط): ((ولا تضييع)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[450] في (م): ((غلب)).
[451] في (ف) و (م) و (ل): ((والتَّسليم)).
[452] قوله: ((لكونهم)) ليس في (م).
[453] قوله: ((من)) ليس في (ف) و (ل).
[454] في (ل): ((وقالوا)).
[455] في (ف) و (م) و (ل): ((الصَّالحات)).
[456] في (ف): ((قد به)).
[457] في (ف): ((بالعمل)).
[458] قوله: ((الآن)) ليس في (ف).
[459] في (ف): ((الذي)).
[460] في (ج): ((التعمق)).
[461] في (ج) و(ط) و(ل) و(م): ((الترخص)).
[462] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((يسر)).
[463] زاد في (ف): ((منه)).
[464] في (م): ((يشدِّد)) بلا واو.
[465] في (م): ((ذلك)).
[466] في (ف): ((ما أُمِروا به)).
[467] قوله: ((وذبحوا بعض البقر)) ليس في (م).
[468] في (ط): ((فطلبوا)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[469] في (ف): ((يجدونها)).
[470] قوله: ((ثمَّ وجدوها)) ليس في (ف).
[471] في (ف): ((عشر مرَّات))، وفي (م) و (ل): ((عشرًا)).
[472] قوله: ((حتى)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[473] في (ف) و (ل): ((زمن)).
[474] في (ف): ((إذ ذاك كانت)).
[475] زاد في (ف) و (ل): ((أن)).
[476] في (ل): ((أزال)).
[477] زاد في (ف): ((السؤال)).
[478] في (ط): ((يخلون)) والمثبت من النسخ الأخرى، و في (ل): ((حين يخلون)).
[479] في (م): ((فبقي)).
[480] في (ج): ((على الضلال))، وفي (م): ((في ضلال)).
[481] قوله: ((عن)) ليس في (ف).
[482] في (ط): ((و تركه)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[483] في (ف) و (م): ((وماذا)).
[484] قوله: ((إن)) ليس في (ل).
[485] في (ف) و (م): ((فتح)).
[486] قوله: ((أو كما قال)) ليس في (ف).
[487] زاد في (م): ((وهو)).
[488] قوله: ((يقول)) ليس في (ف).
[489] في (ل): ((يشغله)).
[490] في (ف): ((قلَّة)).
[491] قوله: ((لأنَّ قصر الأمل)) ليس في (ف) و (م).
[492] في (م): ((يسرٌ))، وفي (ل): ((سببه يسر)).
[493] في (ف): ((قلَّ)).
[494] في (م): ((أيضًا)).
[495] قوله: ((قال)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[496] في (ج): ((المساحة)).
[497] في (ف): ((على العبادة)).
[498] في (ج): ((الخدمة)).
[499] في (ف): ((لعودك)).
[500] في (م): ((فكرة لكبر)).
[501] في (م) و(ج) و(ل): ((أأتعب)).
[502] في (ج) و (م): ((نسيئة))، وفي (ل): ((باع واشترى نسيئة)).
[503] قوله: ((أجلِّ أو من)) ليس في (ف) و (ل).
[504] في (ف): ((سنتك)).
[505] في (م): ((فلا تشتغل)).
[506] في (ط): ((سددوا)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[507] في (ف): ((ذاك)).
[508] قوله: ((إن)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[509] قوله: ((هذا)) ليس في (ف).
[510] في (ل): ((تبلغ)).
[511] في (م): ((بالرضا)).
[512] في (ط) و (ج) و(ف): ((فاصبر)).
[513] قوله: ((الوجه)) زيادة من (ج) و(ف) على النسخ. وقوله: ((منه)) ليس في (م).
[514] في (ج): ((سخط))، في (ف): ((وسخط))، وفي (ل): ((ويسخط))، وبعدها في (ف): ((شدد)).
[515] في (ج) و (ف) و (ل): ((فيغلبه)).
[516] في (المطبوع): ((تحرَّ)).
[517] في (م): ((الدين عندما ترتب)).
[518] قوله: ((الوجه)) زيادة من (ج) على النسخ.
[519] في (ف): ((سدِّدوا)).
[520] قوله: ((إن)) زيادة من (ج) على النسخ.
[521] في (ط) و (ج): ((فاصبر)).
[522] في (ل): ((ولما)).
[523] قوله: ((الوجه)): زيادة من (ج) على النسخ.
[524] في (ف): ((هي)) بلا واو.
[525] في (ل): ((هي كما)) بتقديم وتأخير.
[526] قوله: ((به)) ليس في (م)، وفي (ل): ((ويكتسب به))، وزاد بعدها في (ج): ((أعلى)).
[527] زاد في (ف): ((على)).
[528] في (ج): ((أيسر)).
[529] في (ج): ((خصَّ)).
[530] في (ل): ((لييسر)).
[531] فوله: ((علم)) ليس في (م) و (ل).
[532] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((ما يؤخذ))، وبعدها في (ف): ((بالتَّكسُّب)).
[533] في (ج) و (ف) و (م) و (ل): ((وكيفيَّة)).
[534] في (ل): ((إلى تعلمه هو)).
[535] زاد في (م): ((على)).
[536] في (ف) و (م) و (ل): ((والصَّالحين)).
[537] قوله: ((ولهذا)) ليس في (ل).
[538] قوله: ((له)) زيادة من (ج).
[539] قوله: ((وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)) زيادة من (ج) على النسخ.
[540] في (ف): ((التَّامة)).
[541] قوله: ((في)) ليس في (ف) و (م) و (ل).
[542] قوله: ((الأمر)) ليس في (م).
[543] قوله: ((الوجه)) زيادة من (ج) على النسخ، وقوله بعدها: ((منه)) ليس في (م).
[544] قوله: ((الذي)) ليس في (ل)، وقوله بعدها: ((له)) ليس في (ف).
[545] زاد في (م): ((فقد)).
[546] قوله: ((هي)) ليس في (ف).
[547] في (ف): ((النُّفوس)).
[548] في (ف): ((تخويفاته)) بلا واو.
[549] قوله:((إن)) زيادة من(ج) على النسخ.
[550] في (م): ((فلا تبخسوا منه لأنفسكم)).
[551] في (ط): ((ما ألاكم))، وفي (المطبوع): ((آل بكم)).
[552] في (ج) و (م) و (ل): ((المذكورات)).
[553] قوله: ((أن)) ليس في (م).
[554] في (ج) و(ف) و (ل): ((للنظر)).
[555] في (ف): ((بالتَّكسُّب)).
[556] في (ف): ((مولانا)).
[557] في (ف) و (م) و (ل): ((وأفسدته)).
[558] في (م): ((يسرٌ)).
[559] قوله: ((الوجه)) زيادة من(ج) عل النسخ.
[560] زاد في (ف) و (م) و (ل): ((له)).
[561] قوله: ((الوجه)) زيادة من (ج) على النسخ.
[562] في (ف): ((فسدِّدوا)).
[563] قوله ((ما)) في (ل): ليست واضحة.
[564] في (ل): ((وسلوها)).
[565] في (ط): ((فجددوا)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[566] قوله: ((حتى)) ليس في (ل).
[567] في (م): ((إذ)).
[568] في (ف) و (ل): ((وأنَّه)).
[569] زاد في (ف): ((في كتابه)).
[570] قوله: ((ما)) زيادة من (ج) على النسخ.
[571] قوله: ((صلعم)) ليس في (ف).
[572] في (م): ((بحقِّ)).
[573] صورتها في (م): ((الباطن)).
[574] زاد في (ف): ((بعض)).
[575] زاد في (ف) و (م) و (ل): ((له)).
[576] في (ج): ((ولقد)).
[577] في (ل): ((في الحظ)).
[578] قوله: ((كان)) زيادة من (ج) على النسخ.
[579] في (ط) و(ج): ((يحمل)).
[580] في (م): ((والهداية)).
[581] في (ج): ((وتوجه في البر)).
[582] قوله: ((الوجه)) زيادة من (ج) على النسخ.
[583] زاد في (ف) و (م) و (ل): ((فيه)).
[584] في (ط): ((يستعين)) وفي (ل): ((يستعذ)).
[585] زاد في (ف): ((فقد)).
[586] في (ف): ((ممَّا)).
[587] في (ج) و(ف) و (ل): ((وعجزه)).
[588] في (ف) و (م) و (ل): ((وجهين)).
[589] صورتها في (ل): ((بالطف والا قاله)).
[590] في (ج) و(ف) و (م) و (ل): ((يؤمل)).
[591] قوله: ((يقول)) ليس في (ف).
[592] في (م): ((عليها)).
[593] في (ل): ((بصيرون)).
[594] قوله: ((فكأن الصبر في الحقيقة على النار)) ليس في (م).
[595] قوله: ((الوجه)) زيادة من (ج) على النسخ.
[596] قوله: ((سدِّدوا)) ليس في (ف).
[597] في (ج): ((الوصل)).
[598] قوله: ((إن)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[599] قوله: ((أي)) ليس في (ف).
[600] في (م): ((تعينوا)).
[601] في (ف): ((هذه الوجوه)).
[602] في (م): ((أمسكه)).
[603] في (ج): ((تقدمه)).
[604] في (م): ((فالبشارتان)).
[605] قوله ((ويتجاوز)) في (ل): ليست واضحة.
[606] قوله: ((فهل من مشمر صادق)) ليس في (م).
[607] في (ف) و (م): ((فقالت)).
[608] زاد في (ل): ((إني جاعل في الأرض خليفة قالوا)).
[609] كلمة: ((الله)) من (ف).
[610] في (م): ((بالبيت)).
[611] قوله: ((إبراهيم)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[612] في (م): ((ببنيانه)).
[613] في (ج): ((علينا)).
[614] في (ف) و (ل): ((أن)).
[615] قوله: ((سبق في علم الله تعالى أنَّه يحج إليه)) ليس في (م).
[616] في (ل): ((أصحاب)).
[617] في (ف): ((وللمغفرة)). والعبارة في (م): ((جعله الله ╡ رحمة لبني آدم وللمغفرة)).
[618] قوله: ((يحجون)) ليس في (م)..
[619] زاد في (م): ((يسبق في علم الله أن يحج إليه)).
[620] في (ج): ((ففعل)).
[621] في (ج) و (ف) و (م): ((ما قصَّ))، وفي (ل): ((ما قد قص)).
[622] في (م) و (ل): ((عظم)).
[623] في (ف) و (م) و(ل): ((بمتضمن)).
[624] في (م): ((عند)).
[625] في (ف): ((لنعمتي لتستعين)).
[626] في (ف): ((أتا)).
[627] في (ف): ((نبيي)).
[628] في (ل): ((بسوء وأتركك))، و في (ج): ((إذا تركت)).
[629] في (ج): ((فاستنصر بي)).
[630] في (ف): ((الدنيا)).
[631] قوله: ((لي)) ليس في (م).
[632] قوله: ((الآن)) ليس في (ف) و (م) و (ل).
[633] قوله: ((أو أكثر منها)) ليس في (م).
[634] في (ط): ((تطرق)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[635] في (ف): ((يسهل)).
[636] صورتها في (م): ((وسوادة)).
[637] في (ف): ((وبشارة)) وقوله: ((وبشارته)) في (ل) مكانه طمس.