بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

حديث: اعملوا فإنكم على عمل صالح

          80- (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(1): أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ(2)...)الحديثُ. [خ¦1635]
          ظاهرُ الحديثِ يدلُّ على طهارةِ الماءِ المستعملِ، وهوَ مذهبُ مالكٍ، وعلى(3) طهارةِ المؤمنينِ ومدحِ أفعالِ البرِّ للذينَ يفعلونَها.
          فأمَّا طهارةُ المؤمنينَ والماءِ؛ فلكونِ النَّبِيِّ صلعم شربَ منَ السِّقايةِ بعدَ أنْ أُخبِرَ أنَّ الناسَ يضعونَ فيها(4) أيديَهم، وإنْ كانَ(5) وقوعُ النجاسةِ يتطرقُ بالاحتمالِ لبعضِهم: هل بعلمٍ منهُ أو بغيرِ علمٍ، فبيَّن صلعم بشُربِه أنَّ المُمكنَ في هذا الموطنِ(6) وما أشبهَهُ مِنَ المياهِ، وما يُمكِنُ أنْ يكونَ قدْ خالطَها مِن طريقِ الاحتمالِ لا يُلتَفَتُ إليهِ، وإنما يُعمل على ما تحقق(7) مِن ذلكَ، وأنَّ(8) الأصلَ البراءةُ فيعملُ عليهِ.
          وأنَّ الماءَ طاهرٌ في ذاتِه كما جاءَ في بئرِ بُضاعةَ الذي كانَ(9) يُرمَى فيهِ خرقُ الحُيَّضِ وكانَ مُستقذَرًا في الظاهرِ، فَسُئِلَ عنه ◙ فقَالَ: «(10)الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَو لَوْنَهُ(11)»، فطردَ القاعدةَ وألزمَها استصحابَ(12) الحكمِ، وعلى هذا أجازَ الفقهاءُ الوضوءَ مِنَ الخوابي التي على الطرقِ والدوابُّ تشربُ منها ويخالطُها ما في أنوفِها من القذرِ إلى غيرِ ذلكَ مما في أيدي الناسِ وأرجلِهم مِن الغبارِ واحتمالِ النجاسةِ أن تكونَ حلَّت فيهِ.
          وفيهِ دليلٌ على جوازِ طلبِ شربِ الماءِ وإنْ كانَ في الحضرِ وليسَ كغيرِهِ، وقد ذكرَ ذلكَ بعضُ الفقهاءِ(13).
          وفيهِ دليلٌ على أنَّ ما جُعِلَ في السبيلِ ولم يُسمَّ بصدقةٍ(14) أنَّهُ حلالٌ للغنيِّ والفقيرِ / وليسَ(15) بصدقةٍ ولا يتعيَّنُ على أحدٍ فيهِ مِنَّةٌ، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ أنَّ النَّبِيَّ صلعم شربَ مِن عملِ هؤلاءِ أهلِ السِّقايةِ وهم الكلُّ خرجوا عنهُ للهِ، فلو كانَ يجري مجرى الصدقةِ لَمَا شربَه هو(16) صلعم، فإنَّ الصدقةَ عليهِ حرامٌ، وكذلكَ لو كانَ فيهِ مكروهٌ ما فعلَه صلعم، يُؤخَذُ ذلكَ مِن كونِه ◙ جاءَ بنفسِهِ المكرَّمةِ على(17) السِّقايةِ فاستسقَى.
          وفيهِ دليلٌ على جوازِ جوابِ السائلِ بأعلى مما طلبَ(18) على ما يراهُ المطلوبُ لهُ(19)، يُؤخَذُ ذلكَ مِن قولِ العبَّاسِ بدلًا مِن أَن يُعطِي، قَالَ للفضل: (اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ فائتِ(20) بشرابٍ).
          وفيه دليلٌ على جوازِ ذكرِ النساءِ بمحضرِ أهلِ الفضلِ وجَمعِ الناسِ وليسَ بمكروهٍ(21)، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ: (اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ) بحضرةِ النَّبِيِّ صلعم ومَن معهُ، ولم يعتَبْ عليهِ النَّبِيُّ صلعم (22) في ذلكَ شيئًا.
          وجرتْ عادةُ بعضِ الناسِ اليومَ إذا ذكروا النساءَ ذكروا بعدَ ذلكَ (حاشاكَ) وجعلوهَا مِنَ الأدبِ، بل هيَ منَ البدعِ.
          وفيهِ دليلٌ على جوازِ تبريدِ الماءِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ: (اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ فَأْتِ بشرابٍ) لأنَّ ماءَ(23) الحجازِ إذا عَذُبَ(24) بردَ وطابَ، فلو لم يكن جائزًا ما فعلَهُ العباسُ ولا سكتَ لهُ النَّبِيُّ صلعم حين سمعَهُ.
          ويُؤخَذُ منهُ أنَّ الذي يقصدُ وجهًا(25) ما في حاجتِه ليسَ يجبُ عليهِ بيانُها، يُؤخَذُ ذلكَ مِن أنَّ النَّبِيَّ صلعم لم يمنعْهُ مِن قبولِ / ما أمرَ العباسُ بهِ ابنَه من إتيانهِ بالماءِ إلا ما قصدَ هو(26) صلعم مِن تقعيدِ قاعدةٍ شرعيَّةٍ كما قدمنا ذكرَها(27) مِن طهارةِ الماءِ المستعملِ وغيرِها، وزيادةٌ على ذلكَ رفعُ التكليفِ، وهي طريقتُه(28) ◙ لقولِ عائشةَ ♦: ((مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صلعم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا)) [خ¦3560].
          وفيهِ دليلٌ لأهلِ الصوفيةِ(29) الذينَ يقولونَ بتركِ التكلُّفِ(30).
          وفيهِ دليلٌ على أنَّهُ إذا اجتمعَ حظُّ النفسِ وأمرُ ما في الدينِ ولو كانَ مندوبًا قُدِّمَ(31) الدِّينُ، يُؤخَذُ ذلكَ مِن أنَّ(32) شربَ الماءِ الباردِ فيهِ راحةٌ للنفسِ، والشربُ مِن السِّقايةِ فيهِ(33) الفوائدُ الدينيَّةُ ما ذكرناهُ، فآثرَ هوَ(34) صلعم ما هوَ للدِّينَ على ما هو للنفسِ، وقد نصَّ ◙ على ذلكَ فقَالَ: «أَنْتُمْ في زَمَانٍ يُبْدونَ(35) أَعْمَالَهُمْ قبلَ أَهْوَائِهِمْ، ويَأْتِي زمانٌ يُبْدونَ أَهْوَاءَهُمْ قبلَ أَعْمَالِهمْ»(36).
          وما قلنا: إنَّهُ مَن قصدَ مقصِدًا في فعلِه لا يلزمُه ذلكَ(37) بمقتضَى ما قدَّمناهُ.
          هل يعارضُنا(38) قَولُهُ حينَ صلَّى(39) بوضوء واحدٍ الظهرَ والعصرَ ولم تكنْ عادَتُه ◙ قبلُ إلا الوضوءُ لكلِّ صلاةٍ، فذكَّرَهُ عمرُ ☺ فقَالَ ◙ : «عَمْدًا فَعَلْتُهُ يا عُمَر»(40).
          فَالجَوابُ عنِ الفرقِ بينَ المسألتينِ أنَّ تلكَ كانتْ لهُ عادةٌ، فذكَّرَهُ(41) عمرُ مِن أجلِ احتمالِ النسيانِ(42) فحينئذٍ جاوبَه ◙ لرفعِ الإشكالِ، وهنا لم تكنْ عادةً(43) / متقدِّمَةً يقعُ مِن أجلِها إشكالٌ، ففعلَ ولم يقلْ، لعلمِه(44) أنَّ فعلَه في التعليمِ(45) أبلغُ وأثبتُ.
          وفيهِ دليلٌ على أنَّ المرأةَ هي المتصرِّفَةُ فيما في البيتِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِن قولِ العبَّاسِ: (اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ)، فلو لم يكن الحكمُ والتصريفُ لها لقَالَ لهُ: اذهبْ أنتَ إلى الموضعِ الفلانيِّ، أو إلى الشخصِ الفلانيِّ الذي كانَ يكونُ(46) لهُ التصرُّفُ(47).
          ويُؤخَذُ منهُ الندبُ إلى مشاركةِ الأهلِ في المعروفِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ لابنه: (اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ فائتِ رَسُولَ اللهِ صلعم بِشَرَابٍ) لكي يُخبرَها فيحصلَ لها نيةٌ في تحسينِ الشرابِ وتنظيفِ الإناءِ، فيكونَ لها في ذلكَ أجرٌ وسرورٌ.
          وفيهِ مِن الأدبِ أنْ يُكَنَّى عن(48) الشخصِ بأعلى أسمائِهِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ: (ائتِ رَسُولَ اللهِ صلعم) لأنَّه أعلى أسمائِه ◙ ، ولم يقلْ: ابنَ أخي ولا غيرَ ذلكَ.
          وفيهِ دليلٌ على أنَّ الاختصارَ في الجوابِ والسؤالِ إذا فُهِمَ المقصودُ هو المستحبُّ(49)، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ حينَ ذَكَرَ لهُ أنَّهم يجعلونَ أيديهم فيهِ: (اسْقِنِي) ولم يزدْ على ذلكَ شيئًا.
          وفيهِ دليلٌ على أنَّ مِن السنَّةِ الانصرافُ عندَ الفراغِ مِن الشربِ أو الأكلِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ: (شَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ) أي تحوَّلَ بعد شربهِ(50) منهُ إلى أنْ مَشى إلى زمزمَ.
          ومنَ المعروفِ إتْباعُ المعروفِ بالمعروفِ؛ لأنَّه ◙ مشى مِن هنا(51) بعدَما قَعَّدَ أحكامًا كما ذكرنا إلى موضعٍ آخرَ، وإن كانَ الحكمُ فيهما(52) سواءٌ؛ لأنَّ هؤلاءِ يسقونَ وهؤلاءِ لا(53) / يسقونَ، فيكونُ مشيُه ◙ لهؤلاءِ الآخرينَ مِن أجلِ إدخالِ(54) السرورِ عليهم؛ لأنَّهُ ◙ لو لم يمشِ لهؤلاءِ(55) لبقيتْ قلوبُهم منكسرةٌ، وكانَ الناسُ أيضًا يفضِّلونَ السقايةَ على زمزمَ، يقولونَ(56): النَّبِيُّ صلعم أتَى السِّقايةَ ولم يأتِ زمزمَ فجاءَ مشيُه ◙ إلى هؤلاءِ معروفًا ثانيًا.
          وقَولُهُ: (فقَالَ: اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ).
          يُؤخَذُ منهُ جوازُ بل ندبُ مدحِ(57) العملِ(58) لأهلِهِ إذا كانوا يعملونَ كما قدَّمنا أولًا.
          وفيهِ مِنَ الفائدةِ أنَّه تنشيطٌ للعاملِ على عملِه وترغيبٌ لهٌ فيهِ، وقد قَالَ ╡ : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] بخلافِ مدحِ الشخصِ؛ لِقَولِهِ ◙ : «قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ» [خ¦6060] لأنَّ مدحَ الذاتِ قد يحصلُ منهُ العُجْبُ(59) وهو سُمٌّ قاتلٌ، ومدحُ العملِ ليسَ فيهِ ذلكَ، بل هو كما ذكرناهُ ترغيبٌ فيهِ، مثالُ ذلكَ إذا رأيتَ شخصًا يصومُ(60) تَذكُر لهُ ما جاءَ في الصومِ، أو يجاهدُ تذكرُ لهُ ما جاءَ في الجهادِ فذلكَ تقويةٌ لهُ على ما هو بسبيلِه.
          وقَولُهُ: (عَلَى(61) عَمَلٍ صَالِحٍ) أي: تُثابونَ عليهِ؛ لأنَّ الأعمالَ الصالحاتِ فائدتُها ما يترتَّبُ عليها من الثوابِ.
          وفيهِ جوازُ تركِ العملِ مالمْ يكنْ فرضًا لِمَا يترتَّبُ عليهِ(62) مِن منعِ توفيتِه أو مكروهٍ يقعُ مِن أجلِهِ.
          يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ ◙ : (لَوْلاَ أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الحَبْلَ عَلَى هَذا(63)) فَبَيَّن ◙ أنَّهُ ما منعَه مِن الفعلِ إلَّا أنهم يُغلَبُونَ / عليهِ حتى لا يتركونَهُ(64) يحصل بقصدِه، وقد يحصلُ لبعضِهم مِنَ الازدحامِ عليهِ مِن أجلِ ما يرغبونَ فيه أذًى.
          وفيهِ دليلٌ على طلبِ التبرُّكِ مِن المُبَاركينَ(65)، يُؤخَذُ ذلكَ مِن أنَّهم لم يكونوا يأخذونَ الحبلَ(66) معهُ ◙ إلا أنَّهم يرغبونَ في البركةِ التي تحصُلُ لهم مِن(67) اجتماعِهم معهُ ◙ في حَبْلٍ واحدٍ، فإنَّهُ يُرجَى مِن الكريمِ إذا قَبِلَ عملَ مَن لهُ عندَهُ حُرمةٌ لا يَتركُ مَن كانَ معهُ فيهِ مُشارِكًا، كيفَ وقدْ قيلَ(68): «هُمُ القَوْمُ لَا يَشْقَى بهم(69) جَلِيْسُهُمْ»؟ح:6408] فهذا بالمجالسةِ فكيفَ بالمشاركةِ؟
          ويترتَّبُ على هذا بحثٌ يَحُضُّ على مخالطةِ أهلِ الفضلِ في كلِّ الأحوالِ رجاءَ الفضلِ مِن فضلِهم؛ لأنَّهم(70) ما جُعِلوا إلا رحمةً فينبغي أن نغتنمَ تلكَ الرحمةَ مِن واهبِها، ولذلكَ فاقَ أهل الصوفةِ الناسَ في هذا التحسينِ الظنِّ(71) بعضِهم ببعضٍ.
          وقد دخلتُ قريةً بالأندلسِ تُسمَّى(72) (بَلْفِيق)، وكانتْ موطنَ الشيخِ المباركِ أبي إسحاقَ نفعَ اللهُ بهِ وبأمثالِه، فلا تمشي فيها تسألُ أحدًا منهم عنْ أحدٍ: أينَ هوَ؟ إلا أنْ(73) يكونَ جوابُه عن ذلكَ الشخصِ: سيِّدِي فلانٌ نفعَ اللهُ بهِ في الموضعِ الفلانيِّ،(74) هذا في غيبةِ الشخصِ، وأمَّا بحضرتِه فلا يزيدُ أحدٌ(75) منهم لأحدٍ على السلامِ الشرعيِّ شيئًا، وإن نادَاهُ نادَاهُ باسمِه لا يزيدُ عليهِ شيئًا، هكذا رأيتُهم مدَّةَ ما كنتُ معهم(76) لم يتغيروا عنهُ.
          وفيهِ دليلٌ على الكلامِ بالإشارةِ وليسَ منَ العِيِّ(77)، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ: (على هَذِهِ(78)، وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ).
          وفيهِ دليلٌ / على أنَّ إشارةَ ذي الفضلِ ليسَ فيها اعتراضٌ عليهم ولا تَنَقُّص بهم، ولا خَلَل في منزلتِهم، يُؤخَذُ ذلكَ مِن إشارتِهِ ◙ إلى عاتِقِه.
          وفيهِ دليلٌ على أنَّ الحكمَ للمعاني لا لظاهرِ الألفاظِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ(79) أنَّ(80) إشارتَهُ ◙ إنما(81) باشرَ بظاهرها الثوبَ الذي على عاتِقِه(82)، والمعنيُّ بها(83) العاتقُ الذي تحتَه.
          وفيهِ دليلٌ لأهلِ الإشاراتِ وأنَّ الإبلاغَ فيها فيما خفِيَ ورقَّ(84)، يُؤخَذُ ذلكَ مِن فعلِه ◙ مما(85) تقدَّمَ ذكرُه مِنَ الإشارةِ للعاتِقِ والمقصودُ: تلكَ النفسُ المباركةُ.
          وهنا بحثٌ(86): لِمَ قَالَ لأهلِ زَمْزَمَ: ((87) فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ). وقَالَ في الصلاة: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المرءِ في بيتهِ إِلَا الْمَكْتُوبة» [خ¦7290]؟ فوجهُ الفقهِ في ذلكَ أنَّهُ ما كانَ من النوافلِ مِن جميعِ الخيرِ يُمكِنُ فيها الإخفاءُ والإظهارُ فالإخفاءُ أفضلُ(88)، وما كانَ منها لا(89) يمكنُ بالوضعِ إخفاؤُه كمثلِ السقايةِ وتدريسِ العلمِ(90) والجهادِ وما أشبهَ ذلكَ فالأفضلُ(91) فيهِ بتعدِّي النيَّةِ فيهِ؛ لِقَولِهِ ◙ : «أَوْقَعَ اللهُ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نيتهِ»(92).
          ومِن أجلِ هذا الشأنِ فضُل أهلُ السلوكِ غيرَهم؛ لأنَّهم ناظرونَ أبدًا في ترفيعِ أعمالِهم: إمَّا بالنيَّةِ أو بالقولِ(93) أو بالفعلِ أو بالزمانِ أو بالمكانِ أو بالمجموعِ.
          ولذلكَ قَالَ صلعم : «كَفَى بِالْعِبَادَةِ شُغلًا»(94)؛ لأنَّ صاحبَ هذا الشأنِ مثلُ تاجرِ الدنيا على معظمِ ما معهُ مِن المالِ لا يزالُ في تنميتِهِ بجميعِ وجوهِ التنميةِ، فكذلكَ أهلُ المعاملاتِ / مع مولاهم ليسَ لهم شغلٌ ولا قرَّةُ عينٍ إلا فيما فيهِ رضاؤه ╡ .
          ولبعضِهم:
إنَّ العينَ إذا لم تراكمْ(95) لم ترَ شيئًا يسرُّها                     وإذا أبصرتْكُم لم ترَ شيئًا يَسُوؤُها
فبتجلي جَلالكم جَبْرُ كسرِها                     كجبرِ غيثِ السماءِ في جَدْبِ أَرضِها
فبحرمةِ(96) ما تعلمونَ من ضعفِها(97)                     إلا بلطفِكُم جبرٌ لرَهفِ(98) حالِها


[1] في (ج): ((قوله)) بدل قوله: ((عن ابن عباس))، وفي (ل): ((قوله عن ابن عباس)).
[2] زاد في (ل): ((فَاسْتَسْقَى فَقَالَ العَبَّاسُ: يَا فَضْلُ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلعم بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَالَ: اسْقِنَا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَالَ: اسْقِنِي، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ: اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ، حَتَّى أَضَعَ الحَبْلَ عَلَى هَذِهِ» يَعْنِي: عَاتِقَهُ، وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ)).
[3] في (ج) و(ل): ((ويدل على))، وفي (م): ((ويدل عليه)).
[4] في الأصل (ط): ((فيه)).
[5] في (ل): ((كانت)).
[6] في (ج): ((الموضع)).
[7] في (ط): ((يعمل على تحقيق))، وفي (ج): ((يعمل على ما يحقق)) والمثبت من (ل).
[8] قوله: ((قد خالطها من طريق الاحتمال...من ذلك وأن)) ليس في (م).
[9] قوله: ((كان)) ليس في (م).
[10] زاد في (ج) و(م): ((خلق الله)) وبعدها: ((الماءَ طهورًا)).
[11] في (ج): ((لونه أو طعمه)) والحديث أخرجه الدارقطني ░1/22▒ من حديث ثَوبان.
[12] في (ج): ((الاستصحاب)).
[13] قوله: ((بعض الفقهاء)) ليس في (م).
[14] في (م): ((صدقةً)).
[15] في (ط): ((ليس)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[16] قوله: ((هو)) ليس في (ج) و(م).
[17] في (ج): ((إلى)).
[18] في (ل): ((طلبه)).
[19] في (ج) و(م): ((طلبه على ما يراه المطلوب منه)).
[20] زاد في (م): ((رسول الله)).
[21] في (ج) و(م) و(ل): ((وليس في ذلك مكروه)).
[22] زاد في (ل): ((وما قال له)).
[23] زاد في (م): ((في)).
[24] في (المطبوع): ((عَرِبَ)) وفسره بأنه: صفا وطاب.
[25] قوله: ((وجهًا)) ليس في (م).
[26] قوله: ((هو)) ليس في (ج) و(م).
[27] في (م): ((كما قدمناه كرهًا)).
[28] في (م): ((رفع التكلف طريقته)).
[29] في (م) و(ل): ((الصوفة)).
[30] قوله: ((وفيه دليل لأهل... التكلف)) ليس في (ج)، وفي النسخ: ((التكليف)) ولعل المثبت هو الصواب وهو مطابق للمطبوع.
[31] في الأصل (ط): ((في)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[32] قوله: ((أن)) ليس في الأصل (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[33] زاد في (ج) و(م): ((من)).
[34] قوله: ((هو)) ليس في (ج) و(م).
[35] في (ط) و(ل): ((يقدمون)) في هذا الموضع والذي يليه.
[36] هو ليس من حديث رسول الله صلعم، بل هو من كلام عبد الله بن مسعود، ينظر الموطأ ░1/173▒.
[37] في (م) و(ل): ((ذكره)).
[38] في (م): ((يعارض)).
[39] في (ل): ((توضأ)).
[40] أخرجه أحمد ░23029▒ ومسلم ░277▒، والترمذي ░61▒ من حديث بريدة الأسلمي.
[41] في (م): ((فذكَّر)).
[42] في (ج): ((النسيان احتمال)).
[43] في (ل): ((عادته)).
[44] في (م): ((ولم يفعل)).
[45] في (م): ((كالتَّعليم)).
[46] قوله: ((يكون)) ليس في (م).
[47] زاد في (ل): ((فيه)).
[48] قوله: ((عن)) ليس في (م).
[49] في (ج) و(م): ((الأولى)).
[50] في (ج): ((شرب)).
[51] في (ج) و (م): ((منى)).
[52] في (ج) و(م): ((فيها)).
[53] في (ج): ((وهم لا))، قوله: ((لا)) ليس في (م).
[54] في (ج): ((الآخرين لإدخال))، وفي (م): ((الآخرين بإدخال)).
[55] في (م): ((إلى هؤلاء)).
[56] في (م): ((ويقولون)).
[57] قوله: ((جواز بل ندب مدح)) ليس في (ج).
[58] العبارة في (م): ((يؤخذ منه ندب العمل)).
[59] في (ط ((التعجب)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[60] قوله: ((يصوم)) ليس في (م).
[61] قوله: ((على)) ليس في (م).
[62] في (ج): ((عليها)).
[63] في (م): ((على أضع الحبل على هذه)).
[64] في (م): ((يتركوه)).
[65] في (م) و(ل): ((بالمباركين)).
[66] في (ج): ((الخيل)).
[67] زاد في (م): ((أجل)).
[68] في (ج) و(م): ((جاء)).
[69] قوله: ((بهم)) ليس في (ط) و(ل).
[70] في (ل): ((لا ماجعلوا)).
[71] في (ج) و(م) و(ل): ((التحسين ظن))، وفي (المطبوع): ((التحسين في ظن)).
[72] قوله: ((بالأندلس تُسمَّى)) ليس في (م).
[73] قوله: ((أن)) ليس في (ج) و(م).
[74] زاد في (ج): ((في)).
[75] في (م): ((أحدًا)).
[76] في (م): ((عندهم)).
[77] صورتها في (م): ((المعنى)).
[78] في الأصل (ط): ((من قوله هذا))، وفي (ل): ((على هذا))، وفي (ج): ((على هذا له))، والمثبت من (م).
[79] قوله: ((من)) ليس في (م) و(ل).
[80] قوله: ((أن)) ليس في (ج).
[81] في (ج): ((إما)).
[82] في (م) و(ل): ((العاتق)).
[83] في (ج): ((على العاتق والمعنى بهذا)).
[84] في (ط) و(ل): ((ورقَّ)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[85] في (ج): ((فيما))، وفي (م): ((ما)).
[86] زاد في (ج) و(م) و(ل): ((وهو)).
[87] زاد في (ج) و(م) و(ل): ((اعملوا)).
[88] في (ج): ((أكمل)).
[89] في (ج): ((ما)).
[90] في (ج): ((العمل)).
[91] في (ج) و(م): ((فالأفضلية)).
[92] أخرجه مالك ░1/233▒ وأحمد ░23753▒، وأبو داود ░3111▒ من حديث جابر بن عتيك.
[93] في (ط): ((بالقبول)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[94] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ░10072▒ من حديث عمار بن ياسر.
[95] في (م): ((تركم)).
[96] في (ج): ((فتحرمه)).
[97] في (م): ((ضعف حالها)).
[98] في (ج): ((فلطفكم خبر أرهب)) وفي (م) و(ل): ((فلطفكم جبر لرهف)) بدل قوله: ((إلا بلطفكم جبر لرهف)).