بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

حديث: أن رسول الله في بعض أيامه التي لقي فيها انتظر حتى مالت

          144-قوله: ((1)إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم / فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا(2)، انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ ثم قام في الناس فقال أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم(3)) الحديث. [خ¦2966]
          ظاهر الحديث يَدُلُّ عَلَى الوعظ للمجاهدين حين إرادتهم القتال، والكلام عليه مِن وجوه:
          الأَوَّل: قوله: (فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا العدو(4))، يريد(5) في بعض الأيَّام التي قاتل فيها العدوَّ(6).
          الثَّاني: قوله: (انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ)، بمعنى: زالت(7)، وفيه دليلٌ على أنَّ السُّنَّةَ في القتال أن يكون إمَّا(8) غُدْوَةً أو عَشِيَّة، لأنَّه ╕ لم يكن ليقاتلَ حتَّى تزولَ الشَّمس، ولم يكن(9) هذا إلَّا(10) إذا فاته القتال غُدْوة، لأنَّه قد جاء في غير هذا الحديث أنَّه ╕ كان يقاتل أوَّلَ النَّهار، فإن فاته أوَّلُ النَّهار تركه إلى الزَّوال، ويقول لأصحابه: «دَعُوهُ حَتَّى تَهُبَّ الأَرواح(11)، ويَدْعُوا لَكُمْ إِخْوَانُكُم الْمُؤْمِنُونَ(12)».
          وقد قال بعض العلماء: إنَّ النَّصر لا يكون إلَّا بالرِّيح لقَوْله ╕: «نُصِرْتُ بالصَّبَا، وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُور(13)»، والصَّبا: ريحٌ شرقيَّةٌ، فعلى هذا فالرِّيحُ مِن جملة ما يُستعان به على النَّصر، لأنَّه قد صار(14) كالسِّلاح.
          وقد ترك بعض جيوش(15) المسلمين هذه السُّنَّةَ في زمان عمر بن الخطَّاب ☺، فطال بهم المقام على الحِصن الذي كان بإفريقية، ولربَّما(16) نال العدوُّ منهم، فأرسلوا إلى عمرَ ☺ يسألونه النَّجدةَ، فأرسل إليهم عبدالله بن الزُّبير، فسألهم عبدالله(17) ☺ عن كيفيَّة قتالهم؟ فأخبروه أنَّهم يزحفون(18) إلى الحصن قبل الزَّوال، فأنكر / ذلك عليهم(19) وقال لهم: خالفتم سُنَّةَ نبيِّكم، ثمَّ أمرهم بامتثال السُّنَّةِ في ترك(20) القتال حتَّى مالت الشَّمس، ثمَّ أمرهم بالزَّحف للحصن(21) بعد الزَّوال فنُصِروا، فانظر كيف كانت أفعاله ╕ لا يصدر منها(22) شيءٌ إلَّا وتحته مِن الفوائد ما لا ينحصر(23)؟ كيف لا يكون كذلك(24)، وقد وصفه الله ╡ في كتابه بأنَّه رحمةٌ للعالَمين؟ فاتِّباعه في الأفعال والأقوال سببٌ للنَّصر(25) والظَّفر، بل هو عين النَّصر والخير، ومخالفته سببٌ للذِّلة(26) كما تقدَّم في الحديث قبل، فبقدر المخالفة يكون الذل، وبقدر الامتثال والاتباع يكون العزُّ.
          الثَّالث: قوله (ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ، فقال(27): أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ)، وقد تقدَّم أنَّ ذلك دليلٌ على الوعظ للمجاهدين حين إرادتهم القتال.
          وفيه دليلٌ على التِّذكار عند(28) نزول الحوادث المُلِمَّة(29)، وإن كان مَن نزل به ذلك عارفًا بها، لأنَّ التِّذكار زيادةُ قوةٍ للمُذَكَّرِ(30) وإن كان عارفًا بذلك، ومثل هذا ما(31) روي عن أبي بكر(32) ☺ عند وفاة النَّبيِّ صلعم، قام في النَّاس وخطبهم وذكَّرهم الآية وهي قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران:144] فكأنَّهم الآن عرفوها(33)، فتسلَّوا بها وقَوِيَ بها إيمانهم ويقينهم، فما ترى منهم أحدًا(34) إلَّا يتلوها مع أنَّ العلم كان لهم بها / قبل ذلك.
          الرَّابع: قَوْلُهُ ╕: (واسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ)، فيه دليلٌ على طلب العافية في زمان المهلة، وقد قال ╕: «أَحَبُّ الدُّعَاءِ إِلَى اللهِ العَفْو والعَافِيَةَ»(35) وقد قال ╕: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَاسْأَلُوُه العَافِيَةَ»(36)، وقد مرَّ ╕ على رجلٍ به بلاءٌ كثيرٌ، فقال له: «يَا هَذَا هَلْ دَعَوتَ اللهَ بِشَيءٍ؟»، فقال: سألت ربي إن كان لي في الآخرة عذابٌ أن يعجِّله(37) لي هنا، فقال ╕: «هَلَّا سَأَلْتَهُ العَفْوَ(38) والعَافِيَةَ»، لأنَّه(39) ╡ لا يُعْجِزه شيءٌ(40)، فكما يُنجي بفضله مِن الأكبر، فكذلك يُنجي مِن الأصغر، لأنَّ الدَّارين له وحكمه فيهما نافذٌ، ما شاء فيهما كان، وما لم يشأ لم يكن، وكذلك فيما نحن بسبيله، هو ╡ قادرٌ على نصر المسلمين مِن غير أن يقع منهم مقابلة لعدوِّهم، فتحصَّل(41) مِن هذا(42) أنَّ شأن المرء أن يسأل اللهَ(43) العافيةَ حيث ما(44) كانت، وأن يَترُكَ(45) التَّمني والاختيار لجهةٍ دون أخرى.
          الخامس: قَوْلُهُ ╕: (فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا(46))، أي: إذا قابلتم(47) المشركين فاثبتوا وقِفُوا، لأنَّ الثَّباتَ(48) عند المقابلةِ هو المطلوبُ والفرارَ مِن الكبائر.
          وفيه دليلٌ على الصَّبر عند نزول المحنة وترك(49) القَنَط إذ ذاك.
          السَّادس: قَوْلُهُ ╕: ((وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ)) فيه دليلَّ على التِّذكار بالأجور لأهل المصائب إذا نزلت بهم، وإعلامهم بما / لهم مِن الخير إذا سلَّموا لله في قضائه ورضُوا به(50)، ومَن فعل هذا كان له مِن الأجر مثل(51) ما للمصاب، لقَوْله ╕: «مَنْ عزَّى مُصَابًا فَلَهُ مثل(52) أَجْرِ المصابِ»، ولأنَّ تذكيرك إيَّاه بذلك وتَعزِيتَكَ(53) له، عونٌ على الصَّبر على(54) ما نزل به، فكان لك الأجر لكونك أَعَنْتَهُ على حمل ما نزل به.
          السَّابع: لقائل أن يقول: لِمَ جعل ╕ هنا(55) الجنَّة تحت ظلال السُّيوف، وجعل في الحديث المتقدِّم الغنائم تحت ظلال الرِّماح(56)؟
          والجواب مِن وجهين:
          (الأَوَّل): إنَّ القتال بالسَّيف لا يكون إلَّا عند شدَّة(57) الحرب وحَميِ الوطيس فيه، وعند هذا الحال يكثر الغبار حتَّى يعود على المقاتلين(58) كالظلِّ، وذلك الظِّلُّ صادرٌ عن القتال بالسَّيف، فأخبر بما هو(59) صادرٌ عنه بظلِّهِ، لأنَّ العرب تسمِّي الشَّيء بأصله أو بما قاربه، والحرب إذا وصل إلى هذه الحالة الغالب فيه القتل، وإذا وقع القتل حصلت(60) الجنَّة بمتضمَّن الوعد الصِّدق، لأنَّه إن كان المؤمن هو القاتل، فقد حصل له ما أمَّل وما هو المراد بالجهاد، وحصل له من الثَّواب ما تقرَّر في الشَّريعة، وإن كان هو المقتول فقد(61) حصلت له الشَّهادة، والشَّهيد في الجنَّة.
          (الثَّاني): هو لأنَّ ظلَّ السَّيف(62) لا يظهر إلَّا بعد الضَّرب به، لأنَّ عادة العرب لا تسُلُّ السَّيف إلَّا عند إرادة الضَّرب به، فيخرجونه مِن غِمده إلى الضَّرب بغير مهلةٍ، فما(63) يظهر ظلُّه إلَّا بعد / الضَّرب(64)، وعند الضَّرب يكون القتل، والقاتل(65) هناك له مِن الخير ما قد عُلِم، والمقتول شهيد، وقد قال تعالى في الشُّهداء: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169]، ففي نفس القتال(66) حصل له الحياة والاستقرار في الجنَّة بالوعد الصِّدق.
          وأمَّا الجواب على(67) الرُّمح فقد مرَّ الكلام عليه في الحديث قبل هذا(68)، فسبحان مَن أيَّده بالفصاحة والبلاغة.
          الثامن(69): قَوْلُهُ ╕: (اللهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ)، يَرِد على هذا الفصل سؤال وهو أن يقال: ما الفائدة في اختصاصه ╕ لذكر(70) هذه الصِّفات الثَّلاث في هذا(71) المقام دون غيرها مِن الأسماء والصِّفات؟
          والجواب: أنَّه ╕ في هذا المقام يطلب النُّصرة على الأعداء، والأعداء كانوا في الكثرة بحيث يعلم(72) مِن الأخبار المنقولة عنهم، ولا تقع الغلبة(73) مِن الجمع اليسير على الجمع الكثير إلَّا بالقدرة، فَطَلب ╕ النَّصر، وأحال ذلك على القدرة بغير أن يطلب كيفية النَّصر(74) كيف تكون، فأتى بتلك الثَّلاث لأجل ما فيها مِن هذا المعنى.
          بيان ذلك أنَّ السَّحاب تجري(75) بين السَّماء والأرض مثقلةٌ بالماء، ليست(76) على عَمَدٍ ولا عَلَاقة فوقها، وهي مع ذلك تمرُّ مع الرِّيح مرَّ الرِّيح، وتقف حيث(77) تُؤمَر، ولا تحرِّكها الرِّيح حين تُؤمر بالوقوف، وتمسِك الماء ولا تُنزله(78) إلَّا حيث تُؤمَر، فهذه إظهار / قدرةٍ بارزةٍ مشاهدةٍ بغير حكمة تغطِّيها.
          وأمَّا هَزْم الأحزاب فهو مِن(79) هذا الباب أيضًا بغير حكمة تغطيها، لأنَّ الجمع الكثير قد انهزم بالعدد اليسير، وذلك إظهارًا للقدرة أيضًا(80) لأنَّ الجمع الكثير أبدًا بمقتضى(81) الحكمة يغلب الجمع اليسير، وها هنا كانت الغلبة بالقدرة وأبطلت ما جرَت به عادةُ الحكمة، فكان ذلك مقتضى(82) ما قاله ╡ في(83) التَّنزيل: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران:13]، وقال ╡ : {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ} [الأنفال:10]، فلم يعلِّقْه بالحكمة، وإنَّما عَلَّقَه بعظيم آثار القدرة التي(84) لا يغلبها شيءٌ، وإنَّما تفعل ما شاءت كيف شاءت(85).
          وأمَّا إنزالُ الكتابِ فهو مِن ذلك الباب أيضًا، لأنَّه ╕ لو أراد تعظيمه لتوسَّل به، فقال: بحقِّ الكتاب، ولكنَّه عدَل عن ذلك، وأتى بهذه الصِّيغة(86) التي فيها إظهار القدرة مِن غير حِكمة تغطِّيها، كما فعل في الوجهين قبله لكي يأتي بصفة تناسب ما يطلبه في وقته. والقدرة الظاهرة التي في الكتاب هو(87) كونه كلامَ الله القديم الأزلي(88)، ثمَّ يَسَّره ╡ باللُّغة العربيَّة التي هي صفة المحدَث حتَّى وقع لنا(89) بذلك الفهم لِمَا أريد منَّا كيف أُرِيد منَّا(90)، فعلى هذا فالكلام منزل حقًّا ميسَّرٌ باللغة حقًّا، ولا سبيلَ إلى القول(91) بالحلول والأبدال(92)، بل يجب الإيمان بمقتضى التَّنزيل بغير شكٍّ، والتَّيسير(93) باللغة العربيَّة / بغير ريب ولا سبيلَ إلى طلب الكيفية في اتصال القديم بالمحدَث، كما ليس في الشَّيئين المذكورَين معه في الحديث سبيل إلى معرفة الكيفية(94) فيهما مع مشاهدتهما(95) عيانًا.
          وهذا أدلُّ دليلٍ على تحقيق ما ذكرناه في حديث البيعة مِن(96) أنَّ الكيفية في اتصال القدرة بالمخلوقات(97) ممنوعةٌ، وأنَّ الكيفية في اتصال الكلام القديم بالحروف المحدَثَة ممنوعةٌ، لأنَّ هذه صفةٌ وهذه صفةٌ، وكذلك يجب في جميع الصِّفات والذَّات مَنْعُ الكيفية مرَّةً واحدةً، ولا سبيلَ إلى طلب شيءٍ مِن ذلك فيهما، ومَن يحاول(98) ذلك فقد ضلَّ عن الطَّريق وخرج عن سَنَن أهل التَّحقيق، بل يجب الإيمان بالذَّات، وجميع الصِّفات على ما ينبغي مِن الجلال والكمال مع نفي التَّكييف(99) والتَّحديد، لأنَّه قد ظهر مِن فائدة اختصاص ذِكره ╕ لهذه الثَّلاث في هذا الموطن أنَّه(100) سأل بصفة عظيمة، وهي القدرة التي ظهر أثرها(101) في هذه المذكورات، وهي مِن أعظم ما يُستدَلُّ به على عظيم القدرة، فذكر ╕ صفةً(102) تناسب ما هو بسبيله وطلب الشَّيء مِن بابه.
          التَّاسع(103): فيه دليلٌ على أنَّ الدَّاعي إذا دعا(104)، فالسُّنَّة فيه أن يذكر من أسماء الله تعالى وصفاته ما يكون مِن نسبة حاجته(105)، لأنَّه ╕ لمَّا أن طلب النُّصرة وهي إظهارُ(106) القدرة، ذكر ما يناسبها كما تقدَّم، ومثال(107) هذا / مَن يطلب المغفرة والرَّحمة، فليذكر إذ ذاك مثل الغفور والرَّحيم والرَّؤوف إلى غير ذلك، مما يناسب(108) ما هو بسبيله، وهو مِن أدب الدُّعاء ويُرجى له القَبول لامتثاله السُّنَّة فيه.
          العاشر: فيه دليلٌ على أنَّ(109) الدُّعاء عند النَّوازل مِن السُّنَّة، لأنَّه ╕ دعا على الكفار بالهَزم، ودعا لنفسه المكرَّمة وللمؤمنين(110) بالنَّصر حين أراد القتال، وهذا مِنهُ ╕ جَمْع بين الحقيقة والشَّريعة، فالشَّريعة هي(111) أخذُ العُدَّة مِن السِّلاح وغيره، والخروجُ للقتال وتحريضُ الصَّحابة لذلك، والحقيقة هي دعاؤه ╕، وإظهاره للافتقار وتعلُّقه بربِّه ╡ ، وكذلك كان ╕ يفعل في كلِّ(112) الأشياء يُبالغ في امتثال الحكمة، ثمَّ بعد ذلك يرجع إلى الحقيقة، فيتعلَّق بالله تعالى ويرُدُّ الأمر إليه.
          الحادي عشر: فيه دليلٌ على وجوب قتال المشركين بالأيدي والأموال والألسنة، لأنَّه ╕ أخذ العُدَّة للقتال، وأتقنَها وهو الجهاد بالمال، ودعا عليهم بالهزيمة(113) وللمسلمين بالنصر، وهو الجهاد باللسان، وقاتل ╕ وقاتلت الصَّحابة رضوان الله عليهم، وهو الجهاد بالأيدي، وقد صرَّح ╕ بهذا في غير هذا الحديث، فقال: «قَاتِلُوا الْمُشْرِكِيْنَ بِأَيْدِيْكُمْ وأَمْوَالِكُمْ وأَلْسِنَتِكُمْ» فبيَّن ╕ بفعله فيما نحن بسبيله ما نصَّ عليه(114) في هذا الحديث. /
          الثاني عشر: فيه دليل لأهل الصُّوفَة في المجاهدة(115) التي يأخذون بها أنفسهم في كل ممكن يمكنهم بالمال(116) وبالأيدي وبالألسنة، لأنه إذا كان في الجهاد الأصغر ذلك فكيف به(117) في الجهاد الأكبر؟ وكيفيته(118) في الجهاد الأكبر(119) ألَّا يُصرَف شيء(120) مِن ذلك إلا باتِّباع أمرِ الله فيه(121) واجتناب(122) نهيه.
          الثالث عشر: فيه دليل لهم أيضًا في كونهم(123) يطلبون العافية بأنفسهم، ولا يعرضون بأنفسهم إلى المجاهدة التي لا قدرة لهم عليها إلا أن يضطروا إلى ذلك فيفعلون ذلك للاضطرار(124)، لأنه في الجهاد الأصغر نهى ╕ عن التمني للقاء العدو، وأمر بطلب العافية، فكيف به في الجهاد الأكبر؟ فعلى هذا فشأن المرء أن(125) يطلب العافية في كل الأشياء ولا يعرض نفسه لشيء وهو(126) لا يقدر عليه، اللهُمَّ إلا إن أتاه أمر وفاجأه فوظيفته إذ ذاك الصبر والتثبت والأدب فيما أُقِيم فيه.
          ولأجل ترك النظر إلى هذا المعنى أو الجهل به كان كثير ممن لم ترسخ(127) له قدم(128) في الطريق ولم يجتمع بأحد(129) مِن فضلاء أهله يُقطع به(130) في نفس مجاهدته ويدخل عليه الخلل فيما هو بسبيله إمَّا بخللٍ في العقل، وإمَّا بارتداد(131) لعدم وجود الميراث، لأنَّ مَن دخل(132) في المجاهدة منهم _أعني مِن الفضلاء المتحققين_ لم يفعل ذلك بنفسه، وإنما هو محمول في / حاله، بل إنَّهم إذا حُملوا في شيء مِن تلك الأحوال لم يقدر أحدهم أبدًا(133) يرجع عمَّا أُقيم فيه حتَّى يُحَوَّلَ عنه(134)، فإن رجع باختيار نفسه عُوقب ولم يترك لذلك، وهُم في كل نَفَس يسألون العافية الشاملة، ويستجيرون بالله مِن الفتنة وهي أن يُرَدُّوا إلى قوَّتهم وحيلتِهم، فمَن يراهم في الظاهر يفعلون ما يفعلون مِن المجاهدات يظنُّ أنَّ ذلك مِن قوَّة البشر وحيلته فيريد التشبُّه بهم فيقطع به عنهم وهيهاتَ هيهاتَ(135) المبتدي يتشبَّه بأهل(136) النهايات ذلك محالٌ، لأنَّ هناك مقامات وأحوالًا لا علم لهم بها، بل إنهم(137) لا يدرون كيف يسمعونها والله الموفقِ.


[1] زاد في (م): ((عن عبدالله بن أبي أوفى)).
[2] زاد في (ج): ((العدو))، والمثبت مطابق لرواية البخاري.
[3] من قوله: ((ثم قام في الناس)) إلى هنا ليس في (ط) و(ج) و(ل).
[4] قوله: ((العدو)) زيادة من (ج) على النسخ.
[5] في(ج): ((يعني)).
[6] قوله: ((العدو)) ليس في (ج)، وفي (م): ((قوله في بعض أيامه التي لقي يعني العدو في بعض الأيام التي قاتل فيها)).
[7] في (ج): ((مالت: زالت))، وفي (م): ((يعني زالت)).
[8] قوله: ((أن يكون إما)) ليس في (م).
[9] قوله: ((يكن)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[10] قوله: ((إلا)) ليس في (ج).
[11] كلمة: ((الأرواح)) ليس في (ط) و(م) و(ل).
[12] في (م): ((حتى تهب الأرياح وتدعو لكم إخوانكم المؤمنين)).
[13] قوله: ((وأهلكت عاد)) ليس في (ج)، وقوله: ((وأهلكت عاد بالدبور)) ليس في (م).
[14] في (م): ((النصر وقد صار)).
[15] قوله: ((جيوش)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[16] في (م): ((ولما)).
[17] زاد في (م): ((ابن الزبير)).
[18] في (م): ((يرجعون)).
[19] في (ج): ((أنكر عليهم ذلك)).
[20] في (م): ((السنة بترك)).
[21] في (م): ((إلى الحصن)).
[22] في (ج) و (م): ((منه)).
[23] في (ج): ((ما لا يحصر)).
[24] في (م): ((ذلك)).
[25] في (م): ((النصر)).
[26] في (م): ((ومخالفه يسبب الأذلة)).
[27] في(ط): ((قال)).
[28] في (م): ((حين)).
[29] في (م): ((المهمة)).
[30] في(ج): ((وفيه دليل على التذكار عند نزول زيادة قوله للمذكر وإن كان عارفا الحوادث المهمة وإن كان من نزل به عارفا بها لأنَّ التذكار زيادة قوة للمذكر)).
[31] قوله: ((ما)) ليس في (م).
[32] زاد في (م): ((الصديق)).
[33] في (م): ((عرفوا)).
[34] في(ج): ((فما تسمع بشرا)) وفي (م): ((فما تسمع بشر)).
[35] هذا الحديث غير موجود في (ج) وقوله: ((وقد قال ╕ أَحَبُّ الدُّعَاءِ إِلَى اللهِ العَفْو والعَافِيَةَ وقد)) ليس في (م).
[36] زاد في (م): ((في زمان المهلة)).
[37] في (م): ((عذاب فليعجله)).
[38] قوله:((العفو)) ليس في (ج).
[39] في (م): ((هل لا سألته العافية فإنه)).
[40] في(ط): ((لا تعجز قدرته ممكناً)) والمثبت من النسخ الأخرى. وبعدها في (م): ((وكما)).
[41] في(ج): ((فيحصل)).
[42] زاد في (م): ((إن شاء الله)).
[43] في (ط) و(ج) و(ل): ((من الله)).
[44] قوله: ((ما)) ليس في (ج) و (م).
[45] في (ط) و (ل): ((وترك)).
[46] في(ج): ((فاضربوا)).
[47] في(ج): (قاتلتم).
[48] في (م): ((الثبوت)).
[49] في (م): ((ويزول)).
[50] في (م): ((وإعلامهم مما كان لهم من الأجر والخير إذا أسلموا لله في قضائه ورضوانه)).
[51] قوله: ((مثل)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[52] قوله: ((مثل)) ليس في (ج) و (م).
[53] في (ج): ((تعزيك)).
[54] في (م): ((عونا على الصبر عونا على)).
[55] قوله: ((هنا)) ليس في (م).
[56] قوله: ((وجعل في الحديث المتقدِّم الغنائم تحت ظلال الرِّماح)) ليس في (م).
[57] في (م): ((نزول)).
[58] في (م): ((المتقاتلين)).
[59] قوله: ((هو)) ليس في (ج).
[60] في (ج): ((حصل)).
[61] قوله: ((حصل له من الثَّواب ما تقرَّر في الشَّريعة وإن كان هو المقتول فقد)) ليس في (م).
[62] في (ج) و (م): ((الثاني أن ظل السيف)).
[63] في (م): ((فلا)).
[64] زاد في (م): ((به))، وبعدها في النسخ: ((وعن)) والمثبت هو الصواب والله أعلم.
[65] قوله: ((القاتل)) ليس في (ج)، وفي (م): ((يكون القاتل والقتل هناك يكون له..)).
[66] في(ج) و (م): ((القتل)).
[67] في (م): ((عن)).
[68] قوله: ((هذا)) ليس في (ج).
[69] في (ج) و (م): ((الوجه الثامن)).
[70] في (م): ((لأن)).
[71] في (م): ((هذه)).
[72] في (ج) و (م): ((بحيث المنتهى على ما قد علم)).
[73] في (م): ((ولا يقع العلم)).
[74] في(ج) و (م): ((من غير أن يطلب كيفية النصرة)).
[75] في (ط): ((هي تجري)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[76] في (ط): ((ليس هي)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[77] في (م): ((حين)).
[78] في (م): ((ولا تتركه)).
[79] في (م): ((الأحزاب فمن)).
[80] قوله: ((وأمَّا هزم الأحزاب فهو من هذا الباب.... بالعدد اليسير، وذلك إظهاراً للقدرة أيضاً)) أتى في (ج) قبل قوله الآتي: ((وأمَّا إنزالُ الكتابِ فهو من ذلك الباب أيضاً؛ لأنَّه عليه..)). وقوله: ((بغير حكمة تغطيها لأنَّ الجمع الكثير قد انهزم بالعدد اليسير وذلك إظهاراً للقدرة أيضاً)) ليس في (م).
[81] في (م): ((لمقتضى)).
[82] في (م): ((بمقتضى)).
[83] في(ج): ((من)).
[84] في (ج) و (م): ((الذي)).
[85] قوله: ((وإنما تفعل ما شاءت كيف شاءت)) ليس في (ج) و (م).
[86] في (ج): ((الصفة)). وبعدها في (م): ((الذي)).
[87] في (م): ((هي)).
[88] قوله: ((القديم الأزلي)) ليس في (م).
[89] في(ج): ((لها)).
[90] قوله: ((كيف أريد منا)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[91] في (م): ((سبيل للقول)).
[92] صورتها في (ط) و (م): ((ولا بالدال)) والمثبت من (ج).
[93] في (م): ((والتنزيل)).
[94] قوله: ((في اتصال القديم بالمحدث،... سبيل إلى معرفة الكيفية)) ليس في (م).
[95] في (م): ((فيها مع مشاهدهما)).
[96] في (م): ((مع)).
[97] في (م): ((في المخلوقات)).
[98] في(ج) و (م): ((حاول)).
[99] في(ج) و (م): ((التكليف)).
[100] في (م): ((لأنه)).
[101] في(ج) و (م): ((آثارها)).
[102] قوله: ((صفة)) ليس في (ج).
[103] في(ج) و (م): ((الوجه التاسع)).
[104] قوله: ((دعا)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[105] في (م): ((ما يكون نسبه حادثه)).
[106] في (ط) و(ج): ((من إظهار)).
[107] في(ط): ((ومثل)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[108] في (ط): ((فليذكر إذ ذاك ما يناسب)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[109] قوله: ((أن)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[110] قوله: ((المكرمة وللمؤمنين)) ليس في (م).
[111] في (م): ((هنا)).
[112] قوله: ((كل)) ليس في (ج) و (م).
[113] في (ج) و (م): ((بالهزم)).
[114] زاد في (م): ((السلام)).
[115] في (م): ((لأهل الصوفة في كونهم يطلبون أن العافية بأنفسهم ولا يعرضون بأنفسهم إلى المجاهدة الذي لا قدرة لهم عليها إلا أن يضطروا والمجاهدة)).
[116] في (ج): ((في المال)).
[117] قوله: ((به)) ليس في (ج).
[118] في (ج): ((يكفيه)).
[119] قوله: ((وكيفيته في الجهاد الأكبر)) ليس في (م).
[120] في (م): ((لا يصرف في شيء)).
[121] قوله: ((فيه)) ليس في (م).
[122] قوله: ((واجتناب)) ليس في (ط) والمثبت من النسخ الأخرى.
[123] زاد في (م): ((أيضا)).
[124] في (م): ((إلى الاضطرار)).
[125] قوله: ((أن)) ليس في (م).
[126] قوله: ((هو)) غير موجود في (ج).
[127] في (ج): ((يرسخ)).
[128] في (م): ((ممن له ترسخ قدم)).
[129] في (ج) و (م): ((مع أحد)).
[130] قوله: ((به)) ليس في (ج).
[131] في (م): ((في العقل أو ارتداد)).
[132] قوله: ((من دخل)) ليس في (م).
[133] في (ج): ((أحد منهم أبدا))، وزاد في (م): ((أن)).
[134] في (م): ((عنهم)).
[135] قوله: ((هيهات)) الثانية ليس في (ج).
[136] في (م): ((لأهل)).
[137] قوله: ((إنهم)) ليس في (ج) و(م).