بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما عليها ولها

حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

          94-قولهُ صلعم : (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا(1)...) الحديثُ(2). [خ¦2079]
          ظاهرهُ يدلُّ على أنَّ كلَّ واحدٍ مِن البائعينِ(3) لهُ الخيارُ / ما لم يتفرَّقا، وأنَّ البركةَ معَ الصدقِ، وأنَّ مَحْقَ(4) البركةِ معَ الخيانةِ والكذبِ، والكلامُ عليهِ مِن وجوهٍ:
          منها: هل (الافتراقُ) المعنيُّ هنا(5) بالأقوالِ أو هو(6) بالأبدانِ؟ لأنَّهُ قد جاءَ(7) المعنيان في الكتابِ العزيزِ(8).
          أمَّا الأبدانُ فقَولُهُ تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:130]هذهِ بالأبدانِ(9)، وبالأقوالِ مثلُ قَولِه تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران:105]، فهذهِ بالأقوالِ(10)، وكذلكَ(11) أيضًا قَولُه ◙ : «افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»(12).
          واختلفَ العلماءُ في قَولِه(13): (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا(14)).
          فمنهم مَن قَالَ بالأبدانِ وهو الشافعيُّ ☼ ومَن تبعَه، ومنهم مَن قَالَ بالأقوالِ وهوَ مالكٌ ☼ ومَن تبعَه وهوَ الأظهرُ والله أعلمُ؛ لِما جاءَ في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ معَ عُثمانَ بنِ عفَّانَ ☺ حينَ باعَ منهُ عبد الله مِخرافًا(15) كانَ له بموضعٍ كانَ لعثمانَ، وكانَ عبدُ اللهِ حريصًا على تمامِ البيعِ، فقامَ مِن حينِه، وهوَ ممَّنْ روى هذا الحديثَ في البيعِ ليسَ إلَّا بلا زيادةٍ، فقَالَ لهُ عثمانُ: أردتَ تمامَ البيعِ، ليستِ السنَّةُ بافتراقِ الأبدانِ، قد انْتَسَخَ(16) ذلكَ وكانَ تبايعهما(17) بعدَ وفاةِ رسولِ الله صلعم، فرجعَ عبدُ اللهِ ☺ إلى مقَالَةِ عثمانَ ☺.
          وقد قَالَ مالكٌ ☼: إذا كانَ / حديثانِ صحيحانِ(18) وثبتَ أنَّ الخلفاءَ أو أحدُهم عملَ بالواحدِ وتركَ الآخرَ فذلك(19) دليلٌ على نسخِه، فمِن بابِ أَولى إذا كانَ الحديثُ مُحتمِلًا إلى معنيينِ(20)، ونصَّ بعضُهم على سقوطِ الوجهِ الواحدِ منهما.
          وقد أنكرَ بعضُ أهلِ الوقتِ ما رُوِيَ عن عثمانَ ☺ بتعصُّبِهِ للشافعيِّ ☼، والذي نقلَه ثقةٌ متفقٌ عليهِ وعلى صِحَّةِ نقلِه لا خفاءَ فيهِ، وهو أبو الوليدِ(21) ابنُ رشدٍ الجدُّ(22) ☼ صاحبُ «البيانِ والتحصيلِ» ذكرَهُ في المقدِّماتِ(23) التي لهُ في الفقهِ.
          وهنا(24) بحثٌ في قَوله ◙ : (البَيِّعَانِ) لِمَ سمَّاهُما (بيِّعيْنِ) والواحدُ (مشترٍ) والآخرُ (بائعٌ)؟
          فَالجَوابُ: أن(25) كلَّ واحدٍ منهما ينطلق عليهِ(26) اسمُ بائعٍ ومشترٍ؛ لأنَّهُ (بائعٌ) للشيءِ الذي يدفعُه لصاحبِه و(مشترٍ) في الشيءِ(27) الذي يأخذُهُ مِن صاحبِه، فلمَّا كانَ لا يخرجُ الشيءُ مِن يدِ صاحبِه إلا باختيارِهِ سمَّاهُما ◙ (بَيِّعينِ)، وصدق الفعلانِ(28) عليهما بذلكَ.
          ولأجلِ ما يلزمُ لكلِّ(29) واحدٍ منهما مِن بيانِ ما في شيئه(30) مِنَ العيوبِ احتاجَ ◙ إلى ذكرِهما لَمَّا بيَّنَ(31) بعدُ ما لهما وعليهما بِقَولِهِ ◙ : (فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا(32)).
          وفيهِ(33) بحثٌ، وهو(34): هلِ الصدقُ والبيانُ يعودانِ لمعنًى(35) واحد أو هما إلى معنيين(36)؟ وإن(37) حصلَ مِن أحدِهما الصدقُ والبيانُ هل تحصلُ بركةٌ أو لا تحصلُ بركةٌ، أو تحصلُ(38) للذي(39) يصدقُ و(40)يبين ويُحرَمُ الآخرُ؟
          فأمَّا قولُنا: هل الصدقُ والبيانُ لمعنيينِ(41) / أو يعودانِ إلى معنًى(42) واحدٍ؟
          احتملَ أنْ يكونَ أحدُهما مؤكِّدًا للآخرِ والمعنى واحدٌ.
          فمثالُهُ(43): أنْ يَصدُقَ إن كانَ في سلعتِهِ عيبٌ فيقولَ: هوَ كذا وكذا، فقد(44) بيَّنَ ما صدقَ فيه.
          لأنَّهُ قد(45) يقولُ: سلعةٌ(46) معيبةٌ ويكونَ العيبُ(47) خفيًّا فينظرُ المشتري فلا يرى شيئًا فيزيدُ رغبةً في السلعةِ ويظنُّ ذلك منهُ دِينًا(48)، فيقولُ ذلكَ احتياطًا، فيكونُ فيهِ نوعٌ مِنَ الخلابةِ، فإذا بيَّنَ ذلكَ صحَّ صِدقُهُ فيكونُ على ذلكَ (بيَّن) صفةً لصدقِه.
          واحتملَ أنْ يكونَ كلُّ واحدٍ منهما قائمًا بنفسِه، فيكونُ معنى (صَدقَ) في سومِ سلعتِه ولم يزِدْ فيها، تحرُّزًا(49) مِن الرِّبَا، ويكونُ (بيَّنَ) معناهُ: بيَّنَ(50) ما فيها من العيوبِ، فكلُّ وجهٍ منها(51) قائمٌ بذاتِه، وهوَ الأظهرُ واللهُ أعلمُ لكثرةِ الفائدةِ، وهذا المعنى الأخيرُ(52) هو الذي يجيءُ على ما بَيَّنَه(53) أهلُ الفقهِ في الفروعِ، فمَن تأمَّلَه هناكَ يجدْهُ على ما ذكرناهُ(54) إن شاءَ اللهُ.
          وأمَّا قولُنا: إن صدَقا معًا وبيَّنا معًا فلا خلافَ أنَّ البركةَ(55) موجودةٌ معهمُا، وإنْ لم يفعلا معًا فلا خلاف أنَّهما(56) لا(57) يجدانِها، وأمَّا إن فعلَ(58) أحدُهما ولم يفعلِ الآخرُ فالذي فعلَ يجدُ البركةَ ولا يجدُها(59) الآخرُ،(60) وأمَّا الحديثُ فليسَ فيهِ إشارةٌ إلى شيءٍ مِن ذلكَ وقواعدُ الشرعِ تقتضي ذلكَ؛ لأنَّه ╡ يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]، وقَالَ ╡ : {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:7- 8 / وقَالَ ╡ : {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}(61) [الإسراء:7]، وفيهِ الأدلةُ كثيرةٌ.
          وأمَّا إنْ فعلا الشرطَ الواحدَ ولم يفعلا الآخرَ، مثالُ ذلكَ(62): أنْ يَصدُقا ولا يُبيِّنَا، أو ضدُّه(63)، فهل يحصلُ لهما شيءٌ مِن البركةِ أو لا تحصلُ البركةُ إلا بالوصفينِ؟.
          الظاهرُ أنَّه(64) لا يحصلُ لهما مِنَ البركةِ شيءٌ إلا بالوصفينِ معًا؛ لأنَّهما شرطٌ في وجودِ البركةِ، ولا يوجدُ المشروطُ حتى يتمَّ الشرطُ.
          وقَولُهُ ◙ : (فِي بَيْعِهِمَا) أي في نفسِ البيعِ الذي هو التعاقدُ، أو(65) ما كان التعاقدُ عليه مِن المثمونين(66) احتملَ الوجهينِ معًا؛ لأنَّهُ إذا كان العقد مباركًا(67) فلا يكونُ عنه(68) في الوجهينِ إلا بركةٌ(69)؛ لأنَّهُ المقدمةُ(70)، فإذا كانتِ المقدمةُ وهي الأصلُ طيبةً(71) فلا تكونُ النتيجةُ(72) ولا ما يتولَّدُ منَ الأصلِ الطيِّبِ إلا طيبًا، وقد يريدُ بيعَهما(73): الشيء الذي تبايعا عليه.
          وقَولُهُ ◙ : (فَإِنْ(74) كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) الكلامُ عليهِ كالكلامِ على ((75)صَدَقَا وبَيَّنَا)، هل يعودان(76) إلى معنى واحد أو معنيين(77)؟ احتملَ والأظهرُ أنَّهما لمعنيين كما قلنا في(78) المتقدِّمِ، والبحثُ على اجتماعِهما على الكتمانِ والكذبِ أو تركُه منهما بالأصالةِ أو فَعَلَهُ الواحدُ ولم يفعلْه الآخرُ، أو فعلا(79) الوجهَ الواحدَ ولم يفعل الآخرَ، مثلُ ما تقدَّمَ سواءٌ بسواءِ، والكلامُ على البيعِ الآخرِ مثلُ الكلامِ / على البيعِ الأولِ كذلكَ.
          وتكلَّم صلعم على الطَّرَفَين(80) ولم يتعرَّضْ إلى الحالةِ الوُسطَى، وهي التي لم يكتمْ ولا كذبَ ولا بيَّنَ، فالحالةُ الوُسطَى أحرى ألا(81) تحتاجَ إلى بيانٍ فإنَّه بتبيينِ الطَّرفَين(82) وتبيينِ حُكمِهما ظهرَ حكمُ المتوسِّطِ، وهو الذي يقعُ مِنَ الناسِ غالبًا.
          مثالُهُ: أن يكونَ في سلعتِه عيبٌ ظاهرٌ فيقولُ للمشتري: اشترِ لنفسكَ وانظرْ وقَلِّبْ، وهو يعتقد أن ذلكَ العيبَ مِنَ الظهورِ حيثُ(83) لا يخفى فلا يحتاجُ إلى بيانِه، ولا(84) كَذَّبَهُ بأنْ قَالَ لهُ: ليس فيها شيءٌ، ولا سكتَ، فقد تكلَّمَ بكلامٍ فيهِ إرشادٌ إلى أنْ(85) يبحثَ المشتري ويُدقِّقَ نظرَهُ، وهنا تقسيمٌ:
          لايخلو المشتري أنْ يكونَ(86) عارِفًا بتلكَ السلعةِ وعيوبِها أو جاهلًا(87)، فإن كانَ جاهلًا فحكمُ هذا حكمُ الكِتمانِ والكذبِ(88)، وإنْ كانَ عارِفًا فالبركةُ لا تحصلُ لهُ؛ لأنَّه(89) لم يأتِ بشرطِها ويبقى النقصُ محتمِلًا: هل يكونُ موجودًا أم لا؟.
          وفيهِ دليلٌ على أنَّه لا تُحصَّلُ الدنيا إلا بالآخرةِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِن أنَّه لن(90) تحصلَ لهما البركةُ إلا بالصدقِ، وهو(91) مِن أمورِ الآخرةِ الذي يكونُ صاحبُه فيهِ مأجورًا، وهو مِن أكملِ صفاتِ الإيمانِ،
          ولذلك(92) قَالَ أهلُ التحقيقِ: مَن صَدَقَ وصَدَّقَ قَرُبَ لا محالةَ، وقد بيَّن صلعم هذا حيثُ قَالَ: «لَا يُنَالُ ما عِنْدَ اللهِ إِلَّا بِطَاعَةِ اللهِ»(93).
          وفيهِ دليلٌ على أنَّ شؤمَ / المعاصي يذهبُ بخيرِ(94) الدنيا والآخرةِ، يُؤخَذُ ذلكَ مِنْ قَولِهِ ◙ : (وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)، والكذبُ من الكبائرِ، والكتمُ _وهو الغشُّ_ مِنَ الكبائرِ أيضًا؛ لِقَولِهِ صلعم : «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»(95).
          وقَولِه ◙ في الكذَّابِ الحديثَ المتقدِّمَ[خ¦1386] الذي يُشَقُّ شِدْقُه مِن حينِ موتِهِ إلى أنْ تقومَ الساعةُ، فحينئذٍ ينظرُ مصيرَه فقد خسرَ الدنيا بذهابِ حُطامِها مِن يدهِ؛ لأنَّه إذا ذهبتِ البركةُ مِنَ المالِ فهو ذاهبٌ، وخسرَ الآخرةَ لِمَا ينالُه فيها مِنَ العذابِ.
          وقد زادَ ذلكَ صلعم إيضاحًا حيث قَالَ(96): «منْ حاولَ أمرًا بمعصيةٍ كانَ أبعدَ مما يرجو، وأقربَ إلى مَا يخافُهُ»(97)، فأهلُ التوفيقِ ربحوا الدنيا والآخرةَ.
          ولذلكَ لمَّا سُئِلَ عبد الرحمن(98) بنُ عوفٍ ☺ عنْ كثرةِ مالِهِ، ما سببُه؟ قَالَ: ما كذبتُ قطُّ ولا دلَّسْتُ ولا بِعْتُ بدَينٍ ولا رددتُ فَضلًا أيَّ شيءِ كانَ، وقد أخبرَ عنهُ(99) أنَّه اشترى جُملةَ جِمالٍ، فقيل لهُ: تربحُ فيها أزمَّتها، وكانت من حَبْلٍ، ففعلَ، فلمَّا ذهبَ الذي اشتراها بعدَما قبضَها يطلبُ شيئًا بِها،(100)يعملُ لها أزمَّةً لم يجدْ(101) أصلًا فرجعَ إليهِ واشترى(102) منهُ تلكَ الأزمَّةَ بجُملةِ مالٍ.
          وهل يقتصرُ(103) هذا على هذا البيعِ أو ندخلُ فيهِ كلَّ ما ينطلقُ عليهِ اسمُ (بيعٍ)؟
          صيغةُ اللفظِ تقتضي أنْ تحملَ على عمومِها ويتحرَّزَ من العيوبِ المُفسدةِ / أو المُنفيةِ(104) للبركةِ ويرغبُ في التي توجبها؛ لأنَّ الله ╡ يقولُ: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}(105) [التوبة:111]، فمَن صدقَ في بيعِه هذا ولم يكتمِ الحقَّ ولم يكذبْ على اللهِ ورسولِه صلعم ولا على أعلامِ دينِه بأنْ يبتدِعَ بدعةً ويجعلَها دِينًا ويُصدِّقَ اللهَ ورسولَه كما يجبُ ويُبيِّنَ أحكامَ اللهِ تَعَالَى كما تقتضيهِ قواعدُ الشريعةِ، ولم يَخَفْ في اللهِ لومةَ لائمٍ بُورِكَ لهُ في بيعِه.
          غيرَ أنَّهُ يختصُّ هذا البيعُ بزيادةٍ ليست(106) في ذلكَ البيعِ الآخرِ، وهيَ: أنَّ البركتينِ اللتينِ في(107) الثمنِ والمثمَّنِ جميعًا للعبدِ؛ لأنَّ مولانا جلَّ جلالُه غنيٌّ عنَّا، وإنما هيَ تجارةٌ لنا، قَالَ ╡ في كتابِه: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(108) [الصف:10-11]، والخسارةُ أيضًا عليهِ تعودُ معًا(109).
          فوجبَ أنْ تكونَ المحافظةُ على هذهِ أشدَّ مِن الأولى، كما يُذكَرُ عنِ الأنصارِ حينَ بايعوا النَّبِيَّ صلعم، قَالوا: مالنا إذا وفينا؟ قَالَ: ((الجَنَّةُ))، قَالُوا: رضينا، لا ننقُضُ البيعَ، فوفُّوا ♥، فوفَى لهم بأن شهدَ لهم بالوفاءِ وحقيقةِ الإيمانِ، لِقَولِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال:74]، ومِن هنا جعلَ أهلُ التوفيقِ الهمَّ(110) همًّا واحدًا ولم يلتفتوا ففازوا / وغنمُوا، وقَالَ:
لمـَّا رأيتُ القـومَ قدْ سارُوا وخَلَفوا                     وتركُوا مِثْـلي ولم يفترقُوا(111)
جَهَدْتُ في النوحِ والبُكا لعلِّي أَخْلُفُ                     مِن بعدِهم توبةً تجدُنِي مِن حيثُ عرفُوا(112)
واستأنَفْتُ بَيعِي(113) لَعَلِّي مثلَهم لاأُخلَفُ                     وحَادِي نوقِي يقولُ وَعدُكَ يا مَولايَ لا يُخْلَفُ
أنا الضعيفُ بِبَابِكُم وهو                      خيرُ موقوفٍ(114) وَقَفوا...
فاحمِلُوا الضعيفَ بفضلِكم                      فوَحياتِكِمْ(115) لا لغيرِكُم أَقِفُ


[1] زاد في (ل): ((فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)) و في الحاشية: ((عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻، عَنِ النَّبِيِّ صلعم، قَالَ: إِنَّ «المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ البَيْعُ خِيَارًا» قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ)) [خ¦2107].
[2] قوله: ((الحديث)) ليس في (م).
[3] في (ج) و(م): ((المتبايعين)).
[4] في النسخ: ((محو)) والمثبت من (م).
[5] زاد في (ل): ((هو)).
[6] قوله: ((هو)) ليس في (ج) و(م).
[7] في (ج): ((وجاء)) بدل قوله: ((لأنه قد جاء)).
[8] قوله: ((العزيز)) ليس في (م).
[9] في (ج): ((هذا بالأبدان)). وزاد في (ل): ((بلا خلاف)).
[10] زاد في (ل): ((بلا خلاف)).
[11] في (م): ((كذلك)).
[12] أخرجه أحمد ░8396▒، وأبو داود ░4596▒، والترمذي ░2831▒، وابن ماجه ░3991▒ من حديث أبي هريرة.
[13] قوله: ((قوله)) ليس في (ج) و(م) و(ل).
[14] في الأصل (ط): ((يتفرقوا))، وفي (ج): ((يفترقا))، وفي (م): ((ما لم يتفرقا))، والمثبت من (ل).
[15] رسمها في (ج): ((عبد عدابا)).
[16] في (ج): ((انفسخ)).
[17] في (ج): ((تبايعا)).
[18] في (م): ((صحيحين)).
[19] في الأصل (ط) و(ل): ((ذلك))، وفي (ج): ((كان ذلك دليلا)) والمثبت من (م).
[20] في (ج) و(م): ((يحتمل معنيين)).
[21] في (م): ((وهو الوليد)).
[22] قوله: ((الجد)) ليس في (ج) و(م) و(ل).
[23] في (ج): ((المقامات)).
[24] قوله: ((وهنا)) ليس في الأصل (ط) و(ل) والمثبت من (ج) و(م).
[25] قوله: ((أن)) ليس في الأصل (ط) و(ل) والمثبت من النسخ الأخرى.
[26] في (ل): ((مطلق عليه))، وفي (ج): ((على)).
[27] في (ج) و(م): ((للشيء)).
[28] في (ج) و(م) و(ل): ((القول)).
[29] في (ج) و(م): ((كل)).
[30] في (ج) و(م): ((متاعه)).
[31] في (ج) و(م): ((بين ◙)) بدل قوله: ((احتاج ◙ إلى ذكرهما لما بين)).
[32] زاد في (م): ((فيه)).
[33] في (م): ((وهنا)).
[34] قوله: ((وهو)) ليس في (م).
[35] في الأصل (ط) و(ل): ((يعود إلى معنى)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[36] في (ج) و(م): ((أو لمعنيين)).
[37] في (م): ((أو إنْ)).
[38] قوله: ((بركة أو تحصل)) ليس في (م)، وفي (ل): ((يحصل))، وقوله: ((بركة)) ليس في (ج).
[39] وضع فوق كلمة: ((الذي)) في (م) :((إلاَّ)).
[40] قوله: ((يصدق و)) ليس في (ج).
[41] في الأصل (ط) و(ل): ((معنيين)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[42] في (ج) و(م): ((يعودان لمعنى)).
[43] في (ج): ((مثاله))، وفي (م): ((بمثاله)).
[44] في (ل): ((وقد)).
[45] قوله: ((قد)) ليس في (م).
[46] في (ل): ((سلعته)).
[47] في (ج): ((معينة ويكون الغيب)).
[48] قوله: ((منه دينًا)) ليس في (م).
[49] في (ج): ((حرزا)).
[50] في (ج): ((وبين))، وفي (م): ((أو بين)).
[51] في (ج) و(م): ((منهما)).
[52] في (ج) و(م): ((الآخر)).
[53] العبارة في (م): ((على فيه)).
[54] في (م): ((ما ذكرنا)).
[55] في (ج) و(م): ((معًا فالبركة)).
[56] في (ج) و(م): ((فإنهما)) بدل قوله: ((فلا خلاف أنهما)).
[57] في (ل): ((لم)).
[58] في (ج): ((فقد)).
[59] في (ج): ((يجدهما)).
[60] قوله: ((وأمَّ إن فعل أحدهما ولم يفعل الآخر...ولا يجدها الآخر)) ليس في (م).
[61] في (ل): (({إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ...} الآية [الإسراء: 7])).
[62] قوله: ((ذلك)) ليس في (م).
[63] في (ج): ((ضد))، و قوله: ((أو ضده)) ليس في (ل).
[64] في (ج): ((أنهما)).
[65] في (م): ((و)).
[66] في (ج): ((التعاقد غلب من الثمونين)).
[67] في (ط) و(ل): ((العقدة مباركة)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[68] في (ط) و(ج) و(ل): ((عنها)).
[69] في (ج): ((عنه في الوجهين إلا البركة)).
[70] في (ج): ((المتقدمة))، وفي (ل): ((لأنها لمقدمة)).
[71] في (ج) و(م) و(ل): ((طيبًا)).
[72] في (م): ((المنتجة)).
[73] في (ج): ((الذي))، وفي (م): ((بذلك)).
[74] في (م): ((وإن)).
[75] زاد في (م): ((ما)).
[76] قوله: ((يعودان)) ليس في الأصل (ط) و(ل) والمثبت من النسخ الأخرى.
[77] في (ج) و(م): ((يعودان لمعنى واحد أو لمعنيين)).
[78] زاد في (م): ((الكلام)).
[79] في الأصل (ط) و(ل): ((فعل)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[80] في (ط): ((الطريقين)).
[81] في (م): ((لا)).
[82] في (ط): ((الطريقين)).
[83] في (ج) و(م): ((بحيث)).
[84] زاد في (ل): ((هو)).
[85] قوله: ((أن)) ليس في (ج).
[86] في (م): ((لا يخلوا أن يكون المشتري)).
[87] في (م): ((أو لا)).
[88] زاد في (ج) و(م) و(ل): ((سواء)).
[89] في (م): ((فإنَّه)).
[90] في (م): ((لم)).
[91] في (م): ((وهي)).
[92] في (ج): ((وكذلك)).
[93] أخرجه الطبراني في الكبير ░7694▒ من حديث أبي أمامة.
[94] في (م): ((خير)).
[95] أخرجه أحمد ░9396▒، ومسلم ░101▒ ░164▒ من حديث أبي هريرة.
[96] في (ج): ((ذلك إيضاحا حيث قال صلعم)).
[97] أخرجه أبو نعيم في الحلية ░3/120▒ من حديث أنس.
[98] قوله: ((عبد الرحمن)) ليس في (ط) و(ل).
[99] قوله: ((عنه)) ليس في (م).
[100] قوله: ((بها)) ليس في (ج) و(م). وزاد في (م): ((ثمَّ)).
[101] في (م): ((يجده)).
[102] في (م): ((فاشترى)).
[103] في (ج): ((تقصر)).
[104] في (ج): ((المفسرة أو المبقية)).
[105] قوله: ((في التوراة والإنجيل)) ليس في (ج). وفي (ل): (({إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ...} الآية [التوبة: 111])).
[106] زاد في (ل): ((هي)).
[107] في الأصل (ط) و(ل): ((متاع)) والمثبت من النسخ الأخرى.
[108] في (ل): (({هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ...} الآية [الصف: 10])).
[109] قوله: ((معًا)) ليس في (ج) و(م).
[110] في (م): ((الهموم)).
[111] في (ج) و(م): ((مثقلًا مثلي ولم يعرجوا))، وفي (ل): ((مثقلًا مثلي ولم يعرفوا)).
[112] في (ج) و(م): ((تجذبني من حيث عرجوا)).
[113] في (ج) و(م) و(ل): ((بيعة)).
[114] في (ج) و(م) و(ل): ((موقف)).
[115] في (ج) و(م): ((فبحياتكم)).