التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب استقبال الغزاة

          ░196▒ باب: استقبال الغُزاة.
          3082- ذكر فيه حديث ابن أبي مُلَيْكة: قال ابن الزُّبَيرِ لابن جَعفرٍ: أتذكرُ إذ تلقَّينا رسول الله صلعم أنا وأنت وابن عبَّاسٍ؟ قال: نعم، (فحَمَلَنا وترَكَك).
          3083- وحديث الزُّهْريِّ قال: قال السَّائبُ بن يزيدَ: ذهبنا نتلقَّى رسول الله صلعم مع الصِّبيان إلى ثنيَّة الوداع.
          الشَّرح: كذا وقع هنا أنَّ ابن الزُّبَير قال ذلك، وفي أفراد مسلمٍ و«مسند أحمد» أنَّ عبد الله بن جعفرٍ قال ذلك لابن الزُّبَيرِ، والظَّاهر أنَّه انقلب على الرَّاوي كما نبَّه عليه ابن الجَوزيِّ في «جامع المسانيد».
          والتَّلقِّي للمسافرين والقادمين مِنَ الجهاد والحجِّ بالبشر والسُّرور أمرٌ معروفٌ ووجهٌ مِنْ وجوه البرِّ، ولهذا الحديث ثبت تشييعهم، لأنَّ ثنيَّة الوداع إنَّما سُمِّيت بذلك لأنَّهم كانوا يشيِّعون الحاجَّ والغُزاة إليها ويودِّعونهم، وإليها كانوا يخرجون صغارًا وكبارًا عند التَّلقِّي، وقد يجوز تلقِّيهم بعدها وتشييعهم إلى أكثر منها.
          وأمَّا الدَّاوُديُّ فقال: قوله: (إلى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ) ليس بمحفوظٍ، لأنَّ ثنيَّة الوداع مِنْ جهة مكَّة، وتبوكُ مِنَ الشَّام مقابلتها كالمشرق مِنَ المغرب، إلَّا أن يكون ثَمَّ ثنيَّةٌ أخرى في تلك الجهة.
          قال: والثَّنيَّةُ الطَّريقُ في الجبل، وليس كذلك وإنَّما الثَّنيَّةُ: ما ارتفع مِنَ الأرض.
          وفيه الفخر بإكرام الشَّارع.
          وفيه رواية الصَّبي ابن سبع سنين، وفيه إثبات الصُّحبة لعبد الله بن الزُّبَيرِ، لأنَّه صلعم توفِّي وهو ابن ثمان سنين.
          وفيه ركوب الثَّلاثة على الدَّابَّة.
          وفيه كفالته صلعم اليتيمَ، قاله الدَّاوُديُّ.
          واعترض عليه ابن التِّيْنِ فقال: وَهَلَ؛ في الحديث نصًّا أنَّه صلعم حمل ابن عبَّاسٍ وابن الزُّبَيرِ، ولم يحمل ابن جعفرٍ كما سلف.
          فائدةٌ: البُخَاريُّ روى حديث ابن أبي مُليكة عن (عبد الله بن أبي الأسوَد) / وهو أبو بكرٍ ابن أخت ابن مهديٍّ قاضي هَمَذان، وهو عبد الله بن محمَّد بن أبي الأَسْود، وفيه (حُميدُ بنُ الأَسْوَد) أيضًا، وهو بَصريٌّ مات ببغداد سنة ثلاثٍ وعشرين ومئتين، انفرد بهما.