-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░52▒ (بابُ: مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الحَرْبِ)
2864- ذكر فيه حديثَ أَبِي إِسْحَاقَ قال: (قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ الله _صلعم_ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ الله _صلعم_ لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ، فَانْهَزَمُوا فَأَقْبَلَ المُسْلِمُونَ عَلَى الغَنَائِمِ، وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ الله _صلعم_ لَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِيُّ _صلعم_ يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ)
هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا، وفي لفظٍ: كنَّا واللهِ إذا احمرَّ البأس نتَّقي به، وذكره البُخاريُّ في موضعٍ آخر: فَنَزَلَ واسْتَنْصَر، وفي موضعٍ آخر: قال إسرائيل وزهير: نزل رسول الله _صلعم_ عن بغلته، وفي روايٍة قال للبراء: رجلٌ مِنْ قيسٍ.
ثُمَّ الكلام عليه مِنْ وجوهٍ:
أحدها: (حُنَيْنٌ) بالحاء المهملة: وادٍ بينه وبين مكَّة ثلاثُ ليالٍ قرب الطَّائف قاله الواقِدِيُّ، وقال البَكْريُّ: بضعةَ عشرَ ميلًا، والأغلب فيه التَّذكير لأنَّه اسم ماءٍ، وربَّما أنَّثته العربُ جعلته اسمًا للبقعة، وهو وراء عرفات، سُمِّي بحُنين بن قَانية بن مَهْلائيل، وقال الزَّمَخْشَريُّ: هو إلى جنب ذي المجاز، وتأتي في الغزوات، وكانت سنة ثمانٍ، وسببُها أنَّه لمَّا أجمع _◙_ على الخروج مِنْ مكَّة لِنُصْرة خُزاعة أتى الخبرُ إلى هَوازنَ أنَّه يريدهم، فاستعدُّوا للحرب حتَّى أتَوا سوق ذي المَجاز فسار _◙_ حتَّى أشرف على وادي حُنَينٍ مساء ليلة الأحد، ثُمَّ صابحهم يوم الأحد نصف شوَّالٍ.
ثانيها: قوله (وَلَكِنَّ رَسُولَ الله _صلعم_ لَمْ يَفِرَّ) هذا معلوم مِن حاله وحال الأنبياء لفرط إقدامهم وشجاعتهم وثقتهم بوعد الله في رغبتهم في الشَّهادة ولقائه، ولم يثبتْ عن واحدٍ منهم _والعياذ بالله_ أنَّه فَرَّ، ومَنْ قال ذلك في رسول الله _صلعم_ قُتِل ولم يُسْتَتَبْ عند مالكٍ لأنَّه صار بمنزلة مَنْ قال: إنَّه كان أسودًا وأعجميًّا لإنكاره ما عُلم مِنْ وصفه قطعًا وذلك كُفرٌ.
قال القُرْطُبيُّ: وحُكي عن بعض أصحابنا الإجماعُ على قتل مَنْ أضاف إليه نقصًا أو عيبًا، وقيل: يُستتاب فإن تاب وإلَّا قُتِل، وقال ابن بَطَّالٍ: مَنْ زعم أنَّه انهزم فقد رماه بأنَّه كذَّب وحي الله بالعصمة مِنَ الناس، فإن تاب وإلَّا قُتِل لأنَّه كافرٌ إن لم يتأوَّل ويُعذر بتأويله، وستكون لنا عودةٌ إليه قريبًا في باب: مَنْ صفَّ أصحابه عند الهزيمة [خ¦2930]، والَّذين فرُّوا يومئذٍ إنَّما فتحه عليهم مَنْ كان في قلبه مرضٌ مِنْ مُسْلِمَةِ الفتح المؤلَّفة ومشركيها الَّذين لم يكونوا أسلموا، والَّذين خرجوا لأجل الغنيمة، وإنَّما كانت هزيمتهم فجأةً.
ثالثها: ركوبُه يومئذٍ بغلتَه البيضاء هو النِّهاية في الشَّجاعة والثَّبات، لا سيَّما في نزوله عنها، وتقدُّمِه يركض على بغلته إلى جمع المشركين حين فرَّ النَّاس، وليس معه إلَّا اثني عشرَ نفرًا، وَكان العبَّاس وأبو سفيان _كما ذكر هنا وهو ابن الحارث كما سيأتي_ آخذَين بلجامها يكفانها عَن الإسراع به إلى العدوِّ، واختلف في لون البغلة الَّتي كانت تحته يومئذٍ، ففي مسلمٍ: كانت بيضاء أهداها له فَرْوة بن نَفَاثة، وفي لفظٍ: كانت شهباء، وعند ابن سعدٍ: كان راكبًا دُلْدُلَ الَّتي أهداها له المُقَوْقِس، فيجوز أن يكون ركوبه متعدِّدًا بعد أن نزل.
رابعها: قوله:
(أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ .........)
كان بعض العلماء يرويه (لَا كَذِبَ) بنصب الباء ليخرجه عَن وزن الشِّعر، حكاه ابن التِّيْنِ، وقد قيل: إنَّما قيل:
أَنْتَ النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنْتَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
فقال حكاية قولهم:
(أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ .........)
وفيه إثباتُ النُّبوَّة، أي: أنا ليس بكاذبٍ فيما أقول فيجوز عليَّ الانهزام، وإنَّما ينهزم مَنْ ليس على يقينٍ مِنَ النُّصرة وهو على خوفٍ مِنَ الموت، والشَّارع على يقينٍ مِنَ النُّصرة بما أوحى الله إليه في كتابه وأعلمه أنَّه لا بدَّ له مِنْ كمال هذا الأمر، فمَنْ زعم بعد هذا أنَّه انهزم فقد رماه بأنَّه كذَّب وحي الله أنَّ الله يعصمه، وقد سلف حكمُه.
خامسها: إن قلتَ: نهى عن الافتخار بالآباء وقال هنا ما قال، قلتُ: عنه جوابان:
أحدهما: أنَّه أشار بذلك إلى رؤيةٍ رآها عبدُ المطَّلب دالَّةٍ على نبوَّته مشهورةٍ عند العرب فأخبر بها قريشًا، فعُبِّرت بأن سيكون له ولدٌ يسودُ النَّاس ويهلكُ أعداؤه على يديه، وكان أمر تلك الرُّؤيا مشهور في قريشٍ، فذكَّرهم بقوله هذا أمرَ تلك الرُّؤيا ليقوى بذلك مَنِ انهزم مِنْ أصحابه فيرجعوا وليثقن بأنَّ الظَّفر لهم.
ثانيها: أنَّه أشار بذلك إلى خبرٍ نُقل عن سيف بن ذي يزن أنَّه أخبر عبد المطَّلب وقت وفوده علي في جماعة قريشٍ وهو أن يكون في ولده، وعنه جوابٌ ثالثٌ: لشهرة جدِّه فإنَّها أكبر مِنْ شهرة والده لأنَّه توفِّي شابًّا في حياة أبيه، وكان كثيرًا ما يَنسب إليه عملًا بالعادة في الشُّهرة، ولهذا قال ضِمَام بن ثَعلبة لمَّا وفد عليه قال: أيُّكم ابنُ عبد المطَّلب؟
سادسها: فيه خدمة السُّلطان في الحرب، وسياسة دوابِّه لأشراف النَّاس مِنْ قرابته وغيرهم، وفيه جوازُ الانتماء في الحرب، وإنَّما كُره مِنْ ذلك ما كان على وجه الافتخار في غير الحرب لأنَّه رخَّص في الخُيَلاء فيه مع نهيه عنها في غيرها، وفي التِّرمِذيِّ / محسَّنًا عن ابن عمرَ: لقد رأيتُنا يومَ حُنينٍ وإنَّ الفئتين مُوَلِّيَتَيْنِ ومَا مع رسول الله _صلعم_ إلَّا مئةُ رجلٍ، ولعلَّه عند التلاحقٌّ كما قال ابن إسحاق، وعند الزُّبَير ممَّن ثبت معه يومئذٍ عُتْبَة ومُعَتِّبُ ابنا أبي لهبٍ، ولابن إسحاق: وجعفر بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب وأبو بكرٍ وعمرُ وعليٌّ والفضل بن العبَّاس وأسامة وقُثَمُ بن العبَّاس وأيمن ابن أمِّ أيمن _وقُتل يومئذٍ_ وربيعة بن الحارث بن عبد المطَّلب، وعَقِيل بن أبي طالب فيما ذكره ابن الأَثير، وأمُّ سُلَيْم أمُّ أنس بن مالكٍ، قال العبَّاس:
نَصَرْنَا رَسُوْلَ اللهِ فِي الحَرْبِ تِسْعَةً وَقَدْ فَرَّ مَنْ قَدْ فَرَّ عَنْهُ وَأَقْشَعُوا
وَعَاشِرُنَا لَاقَى الحِمَامَ بِنَفْسِهِ لما مَسَّهُ فِي اللهِ لَا يَتَوَجُّعُ
ويُروى:
......... سبعةً ............
وثامنُنا......... ............
وقال العبَّاس _فيما رواه ابن أبي عاصمٍ في «الجهاد» _ شهد النَّبيُّ _صلعم_ يوم حُنينٍ وما معه إلَّا أنا وأبو سفيان، فإن قلت: كيف فرَّ القوم وهو كبيرةٌ؟ قلتُ: ذاك أن ينويَ عدم العَود عن وِجدان القوَّة، وأمَّا مَنْ تحيَّز إلى فئةٍ أو كان فِرارُه لكثرة عدد العدوِّ أو نوى العَود إذا أمكنه فلا محذور فيه ولا داخل في الوعيد، ولهذا قال _تعالى_ في حقِّ هؤلاء: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح:26].
وفيه جوازُ الأخذِ بالشِّدَّة والتَّعرُّضِ للهَلَكَة في سبيل الله لأنَّ النَّاس فرُّوا عن رسول الله _صلعم_ ولم يبقَ معه إلَّا اثنا عشرَ رجلًا، والمشركون في أضعافهم عددًا مرَّارًا كثيرًا فلزموا مكانهم ومصافَّهم، ولم يأخذوا بالرُّخصة مِنَ الفِرار، وفيه ركوبُ البغال في الحرب للإمام كما سلف ليكون أثبتَ له ولئلَّا يُظنَّ به الاستعدادُ للفِرار والتَّولِّي، وهو مِنْ باب السِّياسة لنفوس الأتباع لأنَّه إذا ثَبَتَ ثَبَتَ أتباعُه، وإذا رُئي منه العزمُ على الثَّبات عُزم معه عليه.