-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░23▒ (بابُ: مَنْ طَلَبَ الوَلَدَ لِلْجِهَادِ)
2819- ذكر فيه حديث أبي هريرة مُعَلَّقًا فَقال: وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ هُرْمُزَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺، عَنْ رَسُولِ اللهِ _صلعم_ قالَ: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِئَةِ امْرَأَةٍ _أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ_ كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ).
هذا الحديث كذا أخرجه البُخاريُّ هنا معلَّقًا وأسنده في ستَّة مواضعَ منها في الأيمان والنُّذور [خ¦6639] عن أبي اليمان عن شعيبٍ عن أبي الزِّناد عن الأعرج، وفي لفظٍ: ((ستِّين امرأةً)) وفي لفظٍ: ((سبعين)) وفي آخر: ((مئة)) منْ غير شكٍّ، وفي آخر: ((تسعة وتسعين)) مِنْ غير شكٍّ، ولا منافاةَ بين هذه الرِّوايات لأنَّه ليس في ذكر القليل نفيُ الكثير، وهو مِنْ باب مفهوم العدد، وَلا يعمل به جمهور أهل الأصول، وفي آخر: ((فقالَ لَهُ الْمَلَكُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ))، وطريق اللَّيث أخرجها أبو نُعَيمٍ مِنْ حديث يحيى بن بُكيرٍ عنه، وكذلك مسلمٌ في «صحيحه» مِنْ حديثه.
إذا تقرَّر ذلك فالكلام عليه مِنْ وجوهٍ:
أحدها: فيه الحضُّ على طلب الولد بِنيَّة الجهاد في سبيل الله، وقد يكون الولد بخلاف مَا أَمَّلَه فيه فيكون كافرًا، ولكن قد تمَّ له الأجر في نيَّته وعمله.
ثانيها: أنَّ مَنْ قال: إن شاء الله، وتبرَّأ مِنَ المشيئة إلَّا للهِ ولم يعط الخصَّة لنفسه في أعماله أنَّه حريٌّ بأن يبلغ أمله ويُعطى أمنيَّته، ألَا ترى أنَّ سليمان لمَّا لم يردَّ المشيئة إلى الله ولم يستثنِ مَا لله في ذلك حُرِم أملَه، ولو استثنى بلغ أمله كما أخبر الصَّادق، وليس كلُّ مَنْ قال قولًا ولم يستثنِ فيه المشيئةَ فواجبٌ ألَّا يبلغ أمله، بل منهم مَنْ يشاء الله إتمامَ أمله، ومنهم مَنْ لا يشاء بسابق عِلمه، ولكنَّ هذه الَّتي أخبر عنها الصَّادق أنَّها ممَّا لو استثنى المشيئة لتمَّ له أمله، فدلَّ هذا على أنَّ الأقدار في علم الله على ضروبٍ، فقد يُقدِّر للإنسان الولدَ والرِّزقَ والمنزلة إن فعل كذا أو قال أو دعا، فإن لم يفعل ولا قال لم يُعْطَ ذلك الشَّيء، وأصل هذا في قصَّة يونس ◙، قال _تعالى_: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات:143-144] فبان بهذه الآية أنَّ تسبيحه كان سبب خروجه مِنْ بطن الحوت، ولو لم يسبِّح مَا خرج.
ثالثها: أنَّ الاستثناء قد يكون بإثر القول، وإن كان فيه سكوتٌ يسيرٌ لم تنقطع به دونه الأفكارُ الحائلة بين الاستثناء واليمين، وستعلمُ ذلك في مَوضعه.
رابعها: أنَّ الأنبياء يعتريهم السَّهو، نبَّه عليه ابنُ التِّيْنِ.
خامسها: قوله: (لَأَطُوفَنَّ) كَذا رُوي هنا، وفي روايةٍ أخرى: ((لَأُطِيْفَنَّ)) وَكلاهما صحيحٌ كما قال المبرِّد، يُقال: طاف بالشَّيء وأطاف به، وأصله: الدَّوران حول الشَّيء، وَهو هنا كنايةٌ عن الجِماع، وهو دالٌّ على ما خصَّ الله به أنبياءه / مِنْ صحَّة البنية، وكمال الرُّجوليَّة مع ما كانوا عليه مِنَ الجِدِّ والاجتهاد في العبادة، والعَادة في مثل هذا لغيرهم الضَّعفُ عن الجِماع، لكن خرق الله _تعالى_ لهم العادة في أبدانهم، كما خرقها لهم في معجزاتهم وأحوالهم، فحصل لسليمان مِنَ الإطاقة أنْ يطأ في ليلةٍ مئة امرأةٍ يُنزل في كلِّ واحدة منهنَّ، وسيِّدنا رسول الله _صلعم_ أُعطي أكثر مِنْ ذلك قُوى ثلاثين رجلًا، وفي «الطَّبقات»: أربعين، قال مجاهدٌ: أُعطي قوَّة أربعين رجلًا كلُّ رجلٍ مِنْ أهل الجنَّة، وقد أوضحت الكلام عليه في «الخصائص»، وكان إذا صلَّى الغداة دخل على نسائه فطاف عليهنَّ بغسلٍ واحدٍ ثمَّ يبيت عند الَّتي هي ليلتها، وإن رُوي مِنْ حديث عائشةَ طوافُه عليهنَّ مِنْ غير مَسيسٍ ولا مباشرةٍ. واللَّام في (لَأَطُوفَنَّ) داخلةٌ على جواب القسم، وكثيرًا ما تَحذف معها العربُ المقسَمَ به اكتفاءً بدِلالتها على المقسَم به، لكنَّها لا تدلُّ على مقسَمٍ به معيَّنٍ، ويؤيِّده قوله: ((لو قالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ لم يَحْنَثْ)) لأنَّ عدم الحِنث ووجوده لا يكون إلَّا عن قسمٍ، ويبعد أن يكون ابتدأ به، وأنَّ ذلك حكايةٌ عَن قول سليمان مِنْ غير قسمٍ.
سادسها: قوله: (بِفَارِسٍ) وفي روايةٍ: ((بغلامٍ)) ظاهره الجزم على أنَّ الله _تعالى_ يفعل ذلك لصدق رجائه في حصول الخير، وظهور الدِّين والجهاد، ولا يَظُنُّ به أنَّه قطع بذلك عَلى الله _تعالى_ إلَّا مَنْ جَهِلَ حال الأنبياء في معرفتهم بالله وتأدُّبهم معه.
وقوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ) يعني: الملَك كما ذكره في النِّكاح [خ¦5242]، وفي مسلمٍ: ((فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أو الْمَلَكُ)) وهو شكٌّ مِنْ واحدٍ مِنْ رواته، وفي روايةٍ له: ((صاحبه)) بالجزم مِنْ غير تردُّدٍ، قال القُرْطُبيُّ: فإن كان صاحبه فيعني به وزيره مِنَ الإنس أو مِنَ الجنِّ، وإن كان الملَك فهو الَّذي كان يأتيه بالوحي، قال: وقد أبعد مَنْ قال هو خاطره، وقال النَّوويُّ: قيل: المراد بصاحبه الملَك، وهو الظَّاهر مِنْ لفظه، وقيل: القرين، وقيل: صاحبٌ له آدميٌّ، قلتُ: الصَّواب الأوَّل كما أسلفناه عن رواية البُخاريِّ في أثناء النِّكاح.
سابعها: قوله: (فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ) أي بلسانه، لا أنَّه غفل عن التَّفويض إلى الله بقلبه، فإنَّه لا يليق بمنصب النُّبوَّة، وإنَّما هذا كما اتَّفق لنبيِّنا _عليه وعليهم أفضلُ الصَّلاة والسَّلام_ لمَّا سُئِلَ عن الرُّوح والخَضِر وذي القرنين، فوعدهم أن يأتيَ بالجواب غدًا، جازمًا بما عنده مِنْ معرفة الله وصدقه وعدَه في تصديقه وإظهار كلمته، لكنَّه ذُهِل عن النُّطق بها لا عن التَّفويض بقلبه، فاتَّفق أن تأخَّر الوحي عنه ورُمِيَ بما رُمي لأجل ذلك، ثُمَّ علَّمه الله بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا. إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} الآية [الكهف:23-24] فكان بعد ذلك يستعمل هذه الكلمة حتَّى في الواجب، وهذا لعلوِّ مناصب الأنبياء وكمال معرفتهم بالله _تعالى_ يُعَاتَبون على ما لا يُعاتَب عليه غيرُهم.
ثامنها: قوله: (لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللهُ لَمْ يَحْنَثْ) فيه دلالةٌ على أنَّه أقسم على شيئين: الوطء والولادة لأنَّ فعل الوطء حقيقةٌ والاستيلاد لم يتمَّ، إذ لو تمَّ لم يقل فيه ذلك، وهذا محمولٌ على أنَّه _◙_ أُوْحِيَ إليه بذلك في حقِّ سليمان، لا أنَّ كلَّ مَنْ فعل هذا يحصل له هذا، وهذا مِنْ خصائص نبيِّنا في اطِّلاعه على أخبار الأنبياء السَّالفة والأمم الماضية.
تاسعها: فيه دِلالةٌ على جواز قول: لو ولولا بعد وقوع المقدور، وقد جاء في القرآن كثيرٌ وفي كلام الصَّحابة والسَّلف، وسيأتي ترجمة البُخاريِّ على هذا: باب ما يجوز مِنَ اللَّوِّ [خ¦7238]، وأمَّا النَّهي عن ذلك وأنَّها تفتح عمل الشَّيطان فمحمولٌ على مَنْ يقول ذلك معتمدًا على الأسباب معرضًا عن المقدور أو متضجِّرًا منه، وقد أوضحت ذلك في «شرح العمدة»، فإنِّي أمعنت في شرح هذا الحديث فيه، وهنا اقتصرنا على أطرافٍ خشية الطُّول.
العاشر: إنْ قلت مَنْ أمن لسليمان أنَّ الله _تعالى_ يخلق مِنْ مائه في تلك اللَّيلة مئة غلامٍ، لا جائز أن يكون بوحيٍ لأنَّه ما وقع، ولا أن يكون الأمر في ذلك إليه لأنَّه لَا يكون إلَّا ما يريد؟ فالجواب ما ذكره ابن الجوزيِّ: أنَّه مِنْ جنس التَّمنِّي على الله، والسُّؤالِ له _جلَّ وعزَّ_ أن يفعل والقسمِ عليه، كقول أنس بن النَّضْر: واللهِ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ، قلتُ: الشَّارع سمَّاه قسمًا فقال: ((إنَّ منْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَو أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأبرَّ قَسَمَهُ)).
الحادي عشرَ: قوله: (فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ) وفي روايةٍ: ((بِشِقِّ غلامٍ))، وفي أخرى: ((نصف إنسان))، وفي أخرى له: ((فلم تَحمِلْ شيئًا إلَّا واحدًا ساقطًا إحدى شقَّيه)).
الثَّاني عشرَ: قوله: (فَلَمْ يَقُلْ) قد فُسِّر في الرِّواية الأخرى: (فَنَسِيَ)، وقيل: صُرف عَن الاستثناء ليتمَّ سابقُ حكمه تعالى، وقيل: هو على التَّقديم والتَّأخير، أي: فلم يقلْ إن شاء الله، فقيل له: قلْ إن شاء الله.
تتمَّاتٌ: أحدها: سليمان أحد المؤمنَين اللَّذَين ملَّكهما الله الدُّنيا كلَّها، والآخر ذو القرنين، وملكها كافران: نُمرودٌ وبُخْتَنَصَّرُ، ويُقال: إنَّه ملك بعد أبيه وله اثنتا عشرَة سنةً مِنْ عمره، وسخَّر الله له الجنَّ والإنس والطَّير والرِّيح، وكان إذا جلس في مجلسه عكفتْ عليه الطَّير، فقام له الإنس والجنُّ، عاش ثلاثًا وخمسين سنةً.
ثانيها: قال بعض المتكلِّمين: نبَّه _◙_ هنا على آفة التَّمنِّي والإعراض عن التَّسليم والتَّفويض، قال: ومِنْ آفته نسيانُه الاستثناء ليمضي فيه القدرُ السَّابق كما سبق.
ثالثها: في روايةٍ للبخاريِّ ستأتي [خ¦5242]: ((وكانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ))، وفي أخرى في «الصَّحيح»: ((وكان درَكًا لحاجته)) وهو _بفتح الرَّاء_ اسمٌ مِنَ الإدراك، / أي: لحاقًا قال _تعالى_: {لَا تَخَافُ دَرَكًا} [طه:77] والمعنى أنَّه كان يحصل له ما أراد.
رابعها: فيه أنَّ الاستثناء لا يكون إلَّا باللَّفظ ولا تكفي فيه النِّيَّة، وهو قول الأربعة والعلماء كافَّةً، وادَّعى بعضُهم أنَّ قياس قول مالكٍ أنَّ اليمين تنعقد بالنِّيَّة صحَّت الاستثناء بها مِنْ غير لفظٍ ومنعٍ.
خامسها: جواز الإخبار عَن الشَّيء ووُقوْعه في المستقبل بناءً على الظَّنِّ، فإنَّ هذا الإخبار راجعٌ إلى ذلك، وأجاز أصحابنا الحَلِفَ على الظَّنَّ الماضي، وقالوا: يجوز أن يحلف على خطِّ مورِّثه إذا وثق بخطِّه وأمانته، وجوَّزوا العمل به واعتماده.
سادسها: فيه استحبابُ التَّعبير باللَّفظ الحسن عن غيره، فإنه عبَّر عن الجِماع بالطَّواف كما سلف، نعم لو دعت ضرورةٌ شرعيَّةٌ إلى التَّصريح به لم يعدل عنه.