التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب فضائل أصحاب النبي

          ░░62▒▒ (♫)
          ░1▒ (بَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم وَمَنْ صَحِبَ النَّبيَّ صلعم أَوْ رَآهُ مِنَ المُسْلِمِين فَهُوَ مِن أَصْحَابِهِ).
          ذكر فيه ثلاثة أحاديثَ:
          3649- أحدُها: حديثُ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ ☺: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيَقُولُونَ: فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللهِ صلعم؟...) الحديث.
          3650- ثانيها: حديثُ عِمْرَانَ بنِ حُصَينٍ ☻: (خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ...) الحديث.
          3651- ثالثها: حديثُ عُبَيدَةَ عن عبدِ اللهِ ☺: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي...) بمثله، (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ والعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ).
          والأوَّل سلف في الجهاد وعلامات النُّبوَّة [خ¦2897]، والثاني والثالث في الشهادات [خ¦2651] [خ¦2652]، وما ذكرَه البخاريُّ مِن أنَّ الصُّحبةَ ثبتت بالرُّؤية مِن المسلم هو المعروف مِن طريقة أهل الحديث، وفيه قولٌ ثانٍ أنَّه من طالت صحبتُه على طريقة التَّبَع له والأخذ عنه، وهو طريق أهل الأصول وأهل اللُّغة، وإن كان ابنُ الحاجبِ رجَّح الأوَّل، وعبَّر بقوله: مَن رأى رسولَ الله صلعم ليدخلَ ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ الأعمى وغيره، وقولٌ ثالث: أنَّه مَن أقام معه سنةً أو سنتين وغزا معه غَزْوةً أو غزوتين، قاله سعيدُ بن المسيِّب، ونقضَ عليه بجريرِ بن عبد الله البَجَلِيِّ وشبهه، ورابعٌ: أنَّه مَن أدركه وأسلم وعَقَل أمورَ الدِّين وصحبَهُ ولو ساعةً مِن نهارٍ، قاله الواقِديُّ نقلا عن أهل العلم، وخامسٌ: وهو أوسعُ مِن الكُلِّ ذهبَ إليه أبو عُمَرَ في آخرين أنَّه مَن رآه أو أسلم في حياته أو وُلِد وإن لم يره، ولو كان ذلك قبلَ وفاته ◙ بساعةٍ، لكونه معه في زمنٍ واحدٍ وجمعَهُ وإيَّاهُ عَصْرٌ واحدٌ مَخصوصٌ.
          وقال موسى السيلاني: أتيتُ أنسَ بن مالكٍ ☺ فقلتُ: هل بَقِيَ أحدٌ مِن أصحاب رسول الله صلعم غيرُك قال: قد بَقِي ناسٌ مِن الأعراب قد رأوه، فأمَّا مَن صحبَهُ فلا، وفي التِّرْمذيِّ مِن حديث جابرٍ ☺ مرفوعًا، وقال حَسَنٌ: ((لَا تَمَسُّ النَّارُ مُسلمًا رَآنِي أو رَأَى مَن رَآنِي)).
          فائدة: / أوَّلُهم موتًا على الإطلاق فيما يُقَال: أمُّ أيمنَ مولاةِ رسول الله صلعم طعنَها أبو جَهْلٍ في قُبُلِها فماتت حكاه الدَّاوديُّ، وآخرهم موتًا على الإطلاق أبو الطُّفيل عَامِرُ بن وَاثِلَةَ، مات سنة مائةٍ، وأمَّا بالإضافة إلى النواحي فقد أوضحتهم في «المُقنِع في علوم الحديث».
          فائدة: حديث أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ ☺ فيه لطيفةٌ وهي: روايةُ صَحَابيٍّ عن صَحَابيٍّ فإنَّهُ حديث جابرِ بن عبد الله عنه، كذا رواه هنا وفي الموضعين السابقين.
          فائدة: الفِئَامُ بكسر الفاء الجماعةُ مهموزٌ، والعامَّةُ لا تَهمزه.
          وقوله: (وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ) يعني يَظهر فيهم الزُّور.
          وقوله: (وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ) قيل: يَطلبونها ثمَّ يخونون فيها، وقيل: ليسوا ممَّن يُؤتَمَن، وعلى هذا الأكثر، و(السِّمَنُ) إنَّما يُذَمُّ ممَّن استدعاه دون مَن طُبع عليه، ومعنى: (تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ) قال الدَّاوديُّ: يعني إن لم تسبق يمينه أردفَها بشهادته.
          فائدة أخرى: قوله: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي) يعني أصحابي، (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) يعني التابع بإحسانٍ، واشتقاقه مِن الأقران، واختُلف في مقداره على أقوالٍ سلفت هناك.