-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░65▒ (بابُ: غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجال)
2880- ذكر فيه حديثَ أنسٍ: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ _صلعم_ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بنتَ أبي بكرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ _وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلانِ_ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، وتَرْجِعَانِ فَتَمْلَآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ).
هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا، ثُمَّ الكلام عليه مِنْ وجوهٍ:
أحدها: الخَدَمُ: الخلاخيل، الواحدة: خَدَمة، وتُجْمَع أيضًا عَلى خِدامٍ، كثمرةٍ وثمارٍ، والْمُخَدَّمُ: موضع الخَلْخَال مِنَ السَّاق، وعبارة صاحب «المطالع»: قد يُسمَّى خَدَمةً، أي لأنَّه موضع الخَلْخال وهو الخَدَمة، وأصله أنَّ الخَدَمة سَيْرٌ غليظٌ مثل الحَلْقة يُشدُّ في رُسغ البعير ثُمَّ تُشدَّ إليها شرائح نَعْلِها، فسُمِّي الخَلْخال خَدَمةً لذلك، وقال أبو عبيدٍ: أصل الخَدَمة: الحلقة المستديرة، وقيل: الخَدَمة: مَخْرَج الرِّجل مِنَ السَّراويل، والسُّوق: جمع ساقٍ.
ثانيها: (تَنْقُزَانِ) _بالزَّاي_ أي تَثِبَانِ، والنَّواقز: القوائم، يُقال: نَقَزَ يَنْقُزُ ويَنْقِزُ نَقَزَانًا ونَقْزًا إذا وَثَبَ، وقال الدَّاوُديُّ: يُسرعان المشي كالهرولة، وقال غيره: معناه: الوثوب، ونحوه في حديث ابن مَسعودٍ: أنَّه كان يصلي الظُّهر والجنادبُ تَنْقُزُ مِنَ الرَّمْضاء، أي تَثِبُ، يُقال: نَقَزَ وَقَفَزَ: إذا وثب وكذا قَحَزَ، وقال صاحب «المطالع»: كأنَّه مِنْ سرعة السَّير، وقال أبو سليمان: أحسبه تَزْفِرَان، والزِّفْر: حَمْلُ القِرَبِ الثِّقال والجمع: أَزْفارٌ، واحتجَّ بالحديث الآتي بعدُ: فإنَّها كانت تَزْفِرُ القِرَبَ يوم أُحدٍ. ويقال للقربة نفسها: الزِّفْر، وكذلك قيل للإماء: الزَّوافر، وذلك لأنَّهنَّ يَزْفِرْن القِرَب، وقيل: الزِّفْر: البحر النَّزع الفيَّاض، فعلى هذا كانت تملأ لهم القِرب حتَّى تحيض، قال صاحب «المطالع»: وضبط الشُّيوخ (القِرَبَ) بنصب الباء، ووجهه بعيدٌ على الضَّبط المتقدِّم، وأما مع (تَنْقُلَانِ) فصحيحٌ، وكان بعض شيوخنا يقرؤه بضمِّ الباء يجعله مبتدأً، كأنَّه قال: والقِرَبُ على مُتونهما، وقد يُؤوَّل النَّصب على عدم الخافض كأنَّه قال: تنقزان بالقِرَب، وقد وجدته في بعض الأصول بضمِّ التَّاء، ويستقيم على هذا نصبُ (القِرَبَ)، أي: تحركان القِرَبَ لشدَّة عَدْوِهما بها، فكانت القِرَبُ ترتفع وتنخفض مثلَ الوَثْبِ على ظهورهما.
ثالثها: اعترض ابن المنيِّر فقال: بوَّب على غزوهنِّ وقتالهنِّ، وليس فيه أنَّهنَّ قاتلنَ، فإمَّا أن يريد أنَّ إعانتهنَّ الغُزاة غزوٌ، وإمَّا أن يريد: ما ثبتن للمداواة ولسقي الجرحى إلَّا وهنَّ يدافعن عن أنفسهنَّ، وهو الغالب فأضاف إليهنَّ القتال لذلك، قلتُ: لا شكَّ في شجاعتهنَّ ودفعهنَّ، ويؤيِّدُه ما ذكره ابن إسحاق لمَّا قال _◙_: ((يا أمَّ سُلَيمٍ مَا هَذا الخنجر؟)) قالت: يا رسول الله أبعجُ به بطن مَنْ يدنو منِّي، وسيأتي.
رابعها: رؤية أنسٍ لذلك كان لضرورة ذلك العمل في ذلك الوقت، وقال الدَّاوُديُّ: يعني: نظر فجأةً، ويحتمل أن يكون حينَئذٍ صغيرًا، ويحتمل أن يكون قبل نزول الحجاب كما قال القُرْطبيُّ، ولا شكَّ فيه لأنَّه إمَّا في صفيَّة أو زينب، وكلاهما بعد أُحدٍ، وقد يتمسَّك به مَنْ يرى أنَّ تلك المواضع ليست بعورةٍ مِنَ المرأة وليس كذلك.
خامسها: قد سلف أنَّ النِّساء لا غزو عليهنَّ، ولا شكَّ أنَّ عونهنَّ للغُزاة بسقي الماء وسقيَهنَّ وتشميرَهنَّ ضربٌ مِنَ القتال لأنَّ العَون على الشَّيء ضربٌ منه، وقد رُوي عن أمِّ سُلَيمٍ: أنَّها كانت تسبق الشُّجعان في الجهاد، وثبتت يوم حُنينٍ والأقدام قد زلَّت، والصُّفوف قد انتقضت، والمنايا فَغرت فاها، فالتفَتَ إليها رسول الله _صلعم_ وفي يدها خنجرٌ، فقالت: يا رسول الله، أقتل بهذا الَّذين ينهزمون عنك كما تقتل هؤلاء الَّذين يحاربونك، فليسوا بشرٍّ منهم. أخرجه مسلمٌ بنحوه مِنْ حديث أنسٍ، وهو مِنْ أفراده، وفيه: ((يا أمَّ سُلَيْمٍ، إنَّ الله قد كفى وأحسن)) وروى مَعْمَرٌ عن الزُّهْريِّ قال: كان النِّساء يشهدن المشاهد مع رسول الله _صلعم_ ويسقين المُقاتِلة ويداوين الجرحى، ولم أسمع امرأةً قُتلت معه، وقد قاتل نساءٌ مِنْ قريشٍ يوم اليرموك حين دهمتهم جموع الرُّوم وخالطوا عسكر المسلمين، فضَرَبن / نساء يومئذٍ بالسُّيوف وذلك في خلافة عمرَ ☺.
فرعٌ: هل يُسهَم للمرأة؟ قال الأَوْزاعيُّ: نعم، وقد أسهم رسول الله _صلعم_ للنِّساء بخيبرَ وأخذ المسلمون بذلك. قلتُ: في أبي داود: عن حَشْرَج بن زِيَادٍ، عن جدَّته: أنَّ رسولَ الله _صلعم_ أسهم لنا بخيبر كما أسهم للرِّجال. قَالَ الخَطَّابِيُّ: سندُه ضعيفٌ لا تقوم به حجَّةٌ، وقال الثَّوريُّ والكُوفيُّون واللَّيث والشَّافعيُّ: لا يُسْهَم لهنَّ ولكن يُرضَخُ، واحتجُّوا بكتاب ابن عبَّاسٍ إلى نَجْدة: أنَّ النِّساء كنَّ يَحْضرن فيداوين المرضى ويُحذين مِنَ الغنيمة ولم يُضرَب لهنَّ بسهمٍ، أخرجه مسلمٌ، وروى ابن وَهبٍ عن مالكٍ أنَّه سُئِل عن النِّساء هل يُحْذَيْنَ مِنَ المغانم في الغزو؟ قال: ما سمعت ذلك، قال ابن بَطَّالٍ: وقول مالكٍ أصحُّ لأنَّ النِّساء لا جهاد عليهنَّ، وإنَّما يجبُ السَّهم والرَّضْخ لِمَنْ كان مقاتلًا أو ردءًا للمسلمين، وجملة النِّساء لا غَناء لهنَّ ولا نكاية للعدوِّ فيهنَّ، فأمَّا إذا قاتلت المرأة وكان لها غَناءٌ وعونٌ فلو أسهم لها كان صوابًا لأنَّه إنَّما جعل لأهل الجيش لقتالهم العدوَّ ودفعهم عن المسلمين، فمَنْ وُجِدت هذه الصِّفة فيه فهو مستحقٌّ للسَّهم سواءٌ كان رجلًا أو امرأة، والمراد أنَّه لا يُسهَم للغالب مِنْ حالهنَّ، فإنَّ المقاتِلة منهنَّ لا تكاد توجد، قلتُ: حديث ابن عبَّاسٍ يردُّ عليه، وبقول الأَوْزاعيِّ قال ابن حبيبٍ: بشرط قتالها، حكاه ابن المُنَاصف.
وردُّه _◙_ في بعض غزواته نساءً خرجن معه، فالحديث فيه ضعفٌ، أو يحتمل أنْ يكنَّ شابَّاتٍ فردَّهنَّ لأجل الفتنة، وقد خرجت أمُّ المؤمنين عائشة ♦، أو لأنَّ العدوَّ كان فيه قوَّةٌ فخاف عليهنَّ.
فرعٌ: يُرضخ للصَّبيِّ خلافًا للأوزاعيِّ ولمالكٍ إذا أطاقه.
فرعٌ: ذكر التِّرمِذيُّ أنَّ بعض أهل العلم قال: يُسهَم للذِّمِّيِّ إذا شهد القتال مع المسلمين، ورُوي عن الزُّهْريِّ أنَّه _◙_ أسهم لقومٍ مِنَ اليهود قاتلوا معه، وهو قول الزُّهْريِّ والأَوْزاعيِّ وإسحاقَ فيما حكاه ابن المُنْذِرِ، وعندنا: يُرْضَخ له إذا حضر بإذن الإمام، ووقع في بعض مسائل المالكيَّة _فيما قاله ابن المُنَاصِف_ أنَّه يُسهَم له إذا أذن له الإمام في الغزو معه.
فرعٌ: المجنون المُطْبِق لا يُسهَم له، فإن كان عنده مِنَ العقل ما يمكنه به القتال فقيل: يُسهَم له، والظَّاهر المنع، ذكره أيضًا.
فرعٌ: المريض الَّذي لا يستطيع شيئًا في الحال، ولا يُرجى في المآل، ولا يُنتفع به في عمل الجهاد بأمرٍ، فالمرويُّ عن أصحاب مالكٍ أنَّه لا يُسْهم له وذلك كالمفلوج اليابس، ذكره أيضًا، قال: واختلفوا في الأعمى والأقطع اليدين والْمُقْعَد لاختلافهم هل يمكن لهم نوعٌ مِنْ أنواع القتال كإدارة الرَّأي إن كانوا مِنْ أهله، وكقتال المقعد راكبًا والأعمى يُناول النَّبل ونحو ذلك، ويكثِّرون السَّواد؟ فمَنْ رأى لمثل ذلك أثرًا في استحقاق الغنيمة أسهم لهم، ومنْ لم يره مَنع، وأمَّا مَنْ به مرضٌ يُرجى برؤه فعند المالكيَّة فيه خلافٌ في الإسهام له، فإنْ مرض بعد الإدراب ففيه خلافٌ، والأكثرون يسهمون لهم، ولم يختلفوا أنَّ مَنْ مرض بعد القتال يُسهم له.
فرعٌ: الأجير والتَّاجر والمحترف يُسهَم لهم عندنا إذا قاتلوا، والخلاف عند المالكيَّة أيضًا.
ثالثها: إنْ قاتلوا استحقُّوا وإلَّا فلا، ولم يُختَلف عن مالكٍ أنَّه إنْ لم يقاتل ولم يشهد لا شيء له، وقال أبو حَنِيفةَ وأصحابه: إنْ قاتلوا استحقُّوا، وعن مالكٍ: يُسهَم لكلِّ حرٍّ قاتَل، وهو قول أحمدَ، وقال الحسن بن حَيٍّ: يُسَهم للأجير، ورُوي مثلُ ذلك عن الحسن وابن سِيرِين في التَّاجر والأجير إذا حضرا وإن لم يقاتلا، ونقل ابن عبد البرِّ عن جمهور العلماء الإسهام للتُّجَّار إذا حضروا القتال، وقال الأَوْزاعيُّ وإسحاقُ: لا يُسهَم للأجير المستأجَر على خدمة القوم ولا للعبد، والله أعلم.