التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب فضل من أسلم من أهل الكتابين

          ░145▒ باب: فضل مَنْ أسلم مِنْ أهل الكتابين.
          3011- ذكر فيه حديث أبي موسى قال النَّبيُّ صلعم: (ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) فذكر الأمَة والعبد، وسلفا في العتق [خ¦2547]، ومؤمنُ أهلِ الكتاب الَّذي كان مؤمنًا ثُمَّ آمن بالنَّبيِّ صلعم، ثُمَّ قَالَ الشَّعْبيُّ: وَأَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَقَدْ كَانَ الرَّجل يَرْحَلُ فِي أَهْوَنَ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ.
          فيه أنَّ مَنْ أحسن في معنيين مِنْ أيِّ فعلٍ كان مِنْ أفعال البرِّ فله أجره مرَّتين، والله يضاعف لِمَنْ يشاء، وإنَّما جاء النَّصُّ في هؤلاء الثَّلاثة ليُستدلَّ بذلك في سائر النَّاس وسائر الأعمال، نبَّه عليه المهلَّب.
          قال الدَّاوُديُّ: في قوله: (وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الْكِتَابِ) يعني مَنْ بُعث رسول الله صلعم وهو على دين عيسى، وأمَّا اليهود وغيرهم ممَّن كان على غير الإسلام فإنَّما وُضع عنه ما كان عليه مِنْ كفرٍ، ويُؤتى ثوابَ ما كان يفعله لله في حال كفره، قال صلعم لحكيمٍ: ((أسلمتَ على ما سلف مِنْ خيرٍ)).
          وتعقَّبه ابن التِّيْنِ فقال: هذا الَّذي ذكره إنَّما يصحُّ لو كان عيسى أُرسل إلى سائر الأمم، لكنَّ مَنْ كذَّب به كان كافرًا، فإن لم يكن أحدٌ يكذِّب به أو لم يعلم برسالته وبقي على دينه يهوديًّا أو غيره فله أجران إذا أسلم، وهو معنى قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص:54].
          وقال ابن المنيِّر: إن قلت: مؤمن أهل الكتاب لا بدَّ أن يكون مؤمنًا بنبيِّنا للعهد المتقدِّم والميثاق، فإذا بُعث صلعم فإيمانه الأوَّل يستمرُّ، فكيف يتعدَّد حتَّى يتعدَّد أجره؟ وجوابه بأنَّ إيمانه الأوَّل بأنَّ الموصوف كذا رسولٌ، وثانيًا: أنَّ محمَّدًا صلعم هو الموصوف، وهما معلومان متباينان.
          وقد أسلفنا باقيَ الخصال في العتق [خ¦2547]، وقد أعتق الشَّارع صفيَّة وتزوَّجها، وأدَّى كتابة جُوَيرية وتزوَّجها، وستكون لنا عودةٌ في النِّكاح [خ¦5083] إن شاء الله.