-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░180▒ باب: إِذَا أَسْلَمَ قَوْمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَهُمْ مَالٌ وَأَرَضُونَ فَهِيَ لَهُمْ.
3058- 3059- ذكر فيه حديثَ أسامةَ بن زيدٍ ☻: أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا _فِي حَجَّتِهِ_ فقَالَ: (وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا...) الحديث.
قَالَ الزُّهْريُّ: وَالْخَيْفُ الْوَادِي.
وأثر عمرَ ☺ أنَّه اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا... إلى آخره.
الحديث الأوَّل سلف في الحجِّ في باب: توريث دُور مكَّة [خ¦1588]، والثَّاني مِنْ أفراده، وقال الدَّارَقُطْنيُّ فيه: غريبٌ صحيحٌ، قال ابن أبي صُفْرة: لمَّا أسلم أهل مكَّة عام الفتح مَنَّ عليهم رسول الله صلعم وترك أموالهم ودماءهم، ولم ينزل في شيءٍ منها لمنِّه عليهم بها ونزل في الوادي، وكذلك كان يفعل بهَوازن لو بدرت بإسلامها، فلما استَأْنَت قسم رسول الله صلعم الغنيمة بين أصحابه، فلمَّا جاؤوا بعد القسمة خيَّرهم في إحدى الطَّائفتين: المال أو السَّبي، فاختاروا السَّبي، فقضى به رسول الله صلعم لهم واستطاب أنفُسَ أصحابه وقال: ((مَنْ لم تطبْ نفسُه فليبقَ إلى أوَّل مغنمٍ يُفيئه الله علينا))، وقضى لأهل مكَّة بأموالهم، ولم يستطب نفوس أصحابه، لأنَّه مال الله على اجتهاده لا شيء للغانمين فيه إلَّا أن يقسمه لهم لقوله ╡: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] فآتاهم بهذه الآية أرض خَيبرَ فقسمها بينهم، ونهاهم في مكَّة فانتهَوا، ونهاهم عمرُ عن الأرض المغنومة بالشَّام والعراق بهذه الآية، فلم يقسمها لهم.
قال ابن المنيِّر: وجه مناسبته للتَّرجمة على وجهين:
إمَّا أن يكون صلعم سُئل أن ينزل بداره بمكَّة، وهو مبيَّن في بعض طُرقه، وقوله: (وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا؟) بيِّنٌ، لأنَّه إذا ملك مُستولًى عليه في الجاهليَّة مِنْ ملكه صلعم، فكيف لا يملك ما لم يزل له ملكًا أصالةً؟
وإمَّا أن يكون سُئل هل ينزل مِنْ منازل مكَّة شيئًا لأنَّها فُتحت عَنوةً؟ فبيَّن أنَّه مَنَّ على أهلها بأنفسهم وأموالهم فتستقرُّ أملاكهم كما كانت، وعلى التَّقديرين فأهل مكَّة ما أسلموا على أملاكهم ولكنَّه مَنَّ عليهم ثُمَّ أسلموا، فإذا ملكوا وهم كفَّارٌ بالمنَّ فملْكُ مَنْ أسلم قبل الاستيلاء أولى.
وحديث عمر مطابقته بيِّنةٌ غير أنَّ عبد الرَّحمن وعثمان لم يكونا مِنْ أهل المدينة ولا دخلاها في قوله: (قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلاَمِ) والكلام عائدٌ على عموم أهل المدينة لا عليهما، قال المهلَّب: وإنَّما أدخل هُنيًّا تحت هذه التَّرجمة، لأنَّ أهل المدينة أسلموا عليها، فكانت لهم بأموالهم، ألا ترى أنَّه ساوم بمكان المسجد بني النَّجَّار وقال: ((ثامِنُوني بحائطكم)) فأوجبه لهم، ولذلك قال عمرُ: (إِنَّهَا لَأَرْضُهُمْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلاَمِ) فأوجبها لهم.
وهذا كلُّه شاهدٌ للتَّرجمة أنَّ مَنْ أسلم في أرض الحرب فأرضُه له مالم يُغلَب عليها، وقد سُئل مالكٌ عن إمامٍ قبِل الجزية مِنْ قوم فأسلم منهم أحدٌ أيكون له أرضُه وماله؟ فقال مالكٌ: ذلك يختلف، أمَّا الصُّلح فمَنْ أسلم منهم فهو أحقُّ بأرضه وماله، وأمَّا أهل العَنوة فمَنْ أسلم منهم فمالُه وأرضه فيءٌ للمسلمين، لأنَّ أهل العَنوة قد غُلبوا على بلادهم فهي لِمَنْ مَنَّ عليهم، وأمَّا أهل الصُّلح فإنَّهم قومٌ منعوا أنفسهم وأموالهم حتَّى صالحوا عليها فليس عليهم إلَّا ما صالحوا عليه، وقول مالكٍ في هذا إجماعٌ مِنَ العلماء كما قاله ابن بَطَّالٍ.
واختلفوا فيما إذا أسلم في دار الحرب وبقي فيها مالُه وولده، ثُمَّ خرج إلينا مسلمًا وغزا مع المسلمين بلدَه، فقال الشَّافعيُّ وأشهبُ وسُحْنون: إنَّه قد أحرز ماله وعقاره حيث كان، وولده الصِّغار، لأنَّهم تبعٌ لأبيهم في الإسلام، وحجَّتهم أنَّه إذا أسلم كان ماله حيث كان مِنْ دار الحرب أو غيرها على ملكه، فإذا غُنمت دارُ الحرب كان حكم ماله كحكم مال المسلم ولم تُزِل الغنيمةُ ملكَه عنه، وقال مالكٌ واللَّيث: أهله وماله وولدُه على حكم البلد وملكهم، كما كانت دارُ النَّبيِّ صلعم على حكم البلد وملكهم، ولم يرَ نفسه صلعم أحقَّ بها، وفرَّق أبو حَنيفةَ بين حكمه إذا أسلم في بلده أو في دار الإسلام، فقال: إن أسلم في بلده ثُمَّ خرج إلينا فأولاده الصِّغار أحرارٌ مسلمون، وما أودعه مسلمًا أو ذمِّيًّا فهو له، وما أودعه حربيًّا فهو وسائر عقاره هناك فيءٌ، وإذا أسلم في بلد الإسلام ثُمَّ ظهر المسلمون على بلده فكلُّ ماله فيه فيءٌ لاختلاف حكم الدَّارين عندهم، ولم يفرِّق مالكٌ ولا الشَّافعيُّ بين إسلامه في دار الحرب أو في دار الإسلام.
وفيه _كما قال المهلَّب_ أنَّ للإمام أن يحمي أراضي النَّاس المُبوَّرة لنَعَم الصَّدقة ومنفعةٍ تشمل المسلمين، كما حمى عمرُ هذا الحِمى لإبل الصَّدقة وغنمِها، وهو الحمى الَّذي زاد فيه عثمانُ فأُنكر عليه، وليس لأحدٍ أن ينكر هذا على عثمان، لأنَّه لمَّا رأى عمرَ فعل ذلك جاز لعثمانَ أن يحميَ أكثر إذا احتاج إليه لكثرة الصَّدقة في أيامه.
تنبيهاتٌ: قول الزُّهْريِّ: الخَيف الوادي، قال جماعةٌ: الخَيف ما ارتفع مِنْ مسيل الوادي ولم يبلغ أن يكون جبلًا.
وقوله: (وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا) كره أنْ يعود في شيءٍ أُصيب به في جنب الله، وقيل: رأى مشتريها لمَّا أسلم أسلم عليها كانت له.
وفيه دِلالةٌ على أنَّ دور مكَّة تُملك وتُكرى، وهو مذهب الشَّافعيِّ، ومذهب مالكٍ خلافُه بناءً على أنَّها فُتحت عَنوةً، / وكره قومٌ كراءها أيام المواسم خاصَّةً، ومنعه قومٌ سائر المدَّة.
وقوله: (اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَن الْمُسْلِمِينَ) أي: لا تحمل ثقلك عليهم وكُفَّ يدك عن ظلمهم، ومَنْ رواه: ((على المسلمين)) فمعناه: استُرهم بجناحك، وعبارة ابن بَطَّالٍ: عن المسلمين، لا تشتدَّ على كلِّ النَّاس في الحمى، فإنَّ ضعفاء النَّاس القليلي الغنم والإبل الَّذي لا تنتهك ماشيتُه الحِمى، إن حميته عنه كان ظلمًا، فاتَّقِ دعوته فإنَّها لا تُحجب عن الله.
و(الصُّرَيْمَةِ) تصغير الصِّرمة، وهي مِنَ الإبل نحو الثَّلاثين، و(الْغُنَيْمَةِ) القليلة، وعبارة ابن التِّيْنِ: الصُّريمة والغُنيمة: القطعة الصَّغيرة.
وفيه ما كان عمرُ ☺ عليه مِنَ الصَّلابة في الدِّين، وأنَّ أقوى النَّاس عنده الضَّعيف، وأضعفهم القَويُّ.
وقوله: (وَإِيَّايَ، وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ) حذَّره أن تدخلَ الحمى لأنَّها كثيرةٌ، فإن دخلته أنهكته، وإن مُنعت الدُّخول وهَلكت كان لأربابها عِوضٌ مِنْ أموالهم يعيشون فيه، ومَنْ ليس له غير الصُّريمة القليلة إن هلكت أن يستغيث أميرَ المؤمنين في الإنفاق عليه وعلى بنيه مِنْ بيت المال.
وقوله: (إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ) يريد أهل المواشي الكثيرة، ويحتمل أن يريد أهل المدينة، واقتدى عمرُ في ذلك برسول الله صلعم.
وفيه جواز الحمل على مَنْ له مالٌ ينقص المضرَّة الدَّاخلة عليه في ماله إذا كان في ذلك نظيرٌ لغيره مِنَ الضُّعفاء.
وقوله: (لَوْلَا الْمَال) يريد الإبل الَّتي يحمل عليها المجاهدين في سبيل الله مِنْ نَعمِ الصَّدقة الَّتي حمى لها لترعى فيه مدَّةَ أيَّام النَّظر في الحمل عليها.
وفيه دليلٌ على أنَّ مسارح القرى وعوامرها الَّتي تَرعى فيها مواشي أهلها مِنْ حقوق أهل القرية وأموالهم، وليس للسُّلطان بيعه إلَّا أن تفضل منه فضلةٌ.
ومعنى الحديث السَّالف: ((لا حمى إلَّا لله ولرسوله)) [خ¦3012]: لا حمى لأحدٍ يخصُّ نفسه، وإنَّما هو لله ورسوله أو لِمَنْ ورث ذلك عنه صلعم مِنَ الخلفاء للمصلحة الشَّاملة للمسلمين وما يحتاجون إلى حمايته.