التوضيح لشرح الجامع البخاري

كتاب أخبار الآحاد

          ♫
          ░░95▒▒ كِتَاب أَخْبَارِ الْآحَادِ
          ░1▒ بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِي الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ
          وَقَوْلِ اللهِ ╡: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ} إلى قولِه: {يَحْذَرُونَ} [التوبة:122]. وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات:9]. فَلَوْ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6]. وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صلعم أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ؟ فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ.
          الشَّرح: قال تعالى قبْلَ هذِه الآيةِ: {مَا كَانَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ} الآية [التوبة:120] قال قَتَادَةُ: أُمِرُوا أَلَّا يتخلَّفُوا / عن رسولِ الله صلعم إذا خرجَ بنفْسِه، فإذا وجَّه سَرِيَّةً تخلَّفَ بعضُهم لِيسمعوا الوحيَ والأمْرَ والنَّهيَ فيُخبِروا به مَن كان غائبًا، وقيل: كان الفَرْضُ في أوَّلِ الإسلامِ أنْ يَنْفِرَ الجميعُ، ثمَّ لَمَّا كَثُرَ المسلمون صار الجهادُ فرضًا على بعضِهم ويبقى بعضُهم لحفظِ أمصارِهم ومَنْعِ الأعداءِ منهم ولحفْظِ نبيِّه عليه أفضل الصَّلاة والسلام.
          فَصْلٌ: وما جزمَ به مِن تسميةِ الرَّجُلِ طائفةً، واستدلالِه بالآية هو قولُ ابنِ عبَّاسٍ ☻ وغيرِه. وقال عَطَاءٌ: الطَّائفةُ الرَّجلانِ فصاعَدًا، وقال مالكٌ: الطَّائفةُ أربعةٌ. وقال الزَّجَّاجُ: لا يجوز أن تكونَ الطَّائفةُ واحدًا لأنَّ معناها معنى الجماعةِ، والجماعةُ لا تكون لأقلَّ مِن اثنين، وقال ابنُ فارسٍ وغيرُه مِن أهل اللغة: الطَّائفةُ القِطْعَةُ مِن الشَّيءِ. ولا يمتنع إذن أنْ يُسمَّى الواحدُ طائفةً. ورُوِيَ عن مُجَاهدٍ في الآيةِ المذكورةِ أنَّهما كانا رَجُلينِ، والأشبهُ في معنى الآيةِ الأُخرى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} [النور:2] أنَّها أكثرُ مِن واحدٍ لأنَّ المرادَ بها الشُّهرةُ، وكذا طائفةُ التَّفَقُّه.
          فَصْلٌ: خبرُ الواحِدِ واجبٌ العملُ به عند جماعةِ العلماءِ ولا يحتاج إلى عددٍ محصورٍ. وقيل اثنان، وقيل ثلاثةٌ، وقيل أربعةٌ، وقيل عشرون، وقيل اثنا عشر، وقيل ثمانون، والكلُّ ضعيفٌ.
          7246- ثمَّ ساقَ البُخَارِيُّ في البابِ أحاديثَ سَلَفَتْ:
          أحدُها: حديثُ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ السَّالِفُ في الأذانِ وغيرِه [خ¦631] [خ¦6008] وفيه: (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ) هو جمع شابٍّ مثلُ سَفَرَة.
          7247- ثانيها: حديثُ التَّيْمِيِّ _هو سُلَيْمانُ_ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ☺: (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ _أَوْ قَالَ: يُنَادِي_ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا _وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ_ حَتَّى يَكُونَ هَكَذَا) وَمَدَّ يَحْيَى إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ. وقد سَلَفَ [خ¦621].
          7248- وحديثُ ابْنِ عُمَرَ ☻ مِثْلَهُ، وسَلَفَ أيضًا [خ¦617].
          و(يَرْجِعَ) بفتْحِ أوَّلِه ثُلَاثيٌّ، وهو لغةُ القرآنِ، يُقال: رَجَعَ بنفْسِه وَرَجَعَه غيرُه، ولغةُ هُذَيلٍ أَرْجَعَهُ. والإِصْبَعُ يُذكَّرُ ويُؤنَّثُ وفيه عَشْرُ لغاتٍ سَلَفَتْ، واقتَصَرُ ابنُ التِّينِ على خمسةٍ.
          7249- ثالثُها: حديثُ ابْنِ مَسْعُودٍ في السَّهوِ وأنَّه ◙ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: (وَمَا ذَاكَ؟) قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سَلَّمَ.
          7250- رابعُها: حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ فِي قِصَّةِ ذِي اليَدَيْنِ. ولا دِلالةَ فيها لِمَا بوَّبَ له مِن خبرِ الواحِدِ لأنَّ المخبِرِينَ له جماعةٌ، واستُدِلَّ به على الشَّافعِيِّ أنَّ سُجُودَ الزِّيادةِ بعد السَّلامِ.
          7251- خامسُها: حديثُ ابْنِ عُمَرَ ☻ في التَّحوُّلِ إلى القِبلةِ، وهو أوَّلُ ما نُسِخَ مِن القرآنِ في قولِ ابنِ عبَّاسٍ، وكانت في الثَّانيةِ في رَجَبٍ وقيل في جُمَادى، وقد سَلَفَ واضحًا.
          7252- سادسُها: حديثُ البَرَاءِ مِثْلَهُ، وقد يُقال: إنَّه ليس مِن هذا البابِ وإنَّما هو خبرٌ احتفَّ به قرائنُ لأنَّهم وُعِدُوا التَّحويلَ.
          7253- سابعُها: حديثُ أَنَسٍ ☺: (كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَة وَأَبَا عُبَيْدَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْب شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ _وَهُوَ تَمْرٌ_ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ) الحديث.
          والمِهْرَاسُ المذكورُ فيه حَجَرٌ منقورٌ يُدَقُّ فيه، والهَرْسُ الدَّقُّ، ومنه سُمِّيت الهَرِيسةُ.
          7254- ثامنُها: حديثُ حُذَيفةَ ☺: أَنَّه صلعم قَالَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ: (لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ) فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلعم، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ.
          7255- وحديثُ أَنَسٍ ☺: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ).
          7256- وحديثُ عُمَرَ ☺: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ الله صلعم وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ الله صلعم وَشَهِدَ أَتَانِي بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم.
          7257- وحديثُ عَلِيٍّ ☺ السَّالفُ قريبًا في أمْرِ الأميرِ بدخولِ النَّارِ [خ¦7145].
          7258- 7259- 7260- وحديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنيِّ (أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم). ثمَّ ساقَه مِن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ. وفيه ردٌّ على أبي حنيفةَ في نفْيِ التَّغريبِ وردٌّ على مَن اعتبرَ تكرارَ الإقرارِ بالزِّنا.
          وقولُه في حديث عليٍّ ☺: (فَأَوْقَدَ نَارًا)، وَوَقَدْتُ النَّار وَوَقَّدْتُ، قال ابنُ التِّين: ولم أَرَهُ في كتب اللُّغةِ.
          وهذا الحديث ليس فيما بوَّب له أيضًا لأنَّهم لم يُطيعوه، والشَّارعُ قد بيَّن لهم أنَّهم لو دخلوها ما زالوا فيها إلى يوم القيامة، وأبعدَ مَن قال: إنَّه كانَ يمزَحُ في مَقَالتِه.