التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ركوب الفرس العري

          ░54▒ (بابُ: رُكُوبِ الفَرَسِ العُرْيِ)
          2866- ذكر فيه حديثَ أنسٍ: (اسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ _صلعم_ عَلَى فَرَسٍ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ وفِي عُنُقِهِ سَيْفٌ) ثُمَّ ترجم:
          ░55▒ (بابُ: الفَرَسِ القَطُوفِ)
          2867- وساق فيه حديثَ أنسٍ أيضًا: (أَنَّ أَهْلَ المَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً، فَرَكِبَ رسولُ اللهِ _صلعم_ فَرَسًا لأبِي طَلْحَةَ كَانَ يَقْطِفُ _أَوْ كَانَ فِيهِ قِطَافٌ_ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لا يُجَارَى).
          وقد سلف [خ¦2820]، وركوبُه الفرس عريًا مِنْ باب التَّواضع، وفيه رياضةٌ وتدريبٌ للفروسيَّة، ولا يفعلُه إلَّا مَنْ أحكم الرُّكوب، وفيه أنَّه يجب على الفارس أن يتعاهد صنعته، ويروِّض طباعه عليها لئلَّا يَثقُلَ إذا احتاج إلى نفسه عند الشَّدائد، وفيه تعليق السَّيف في العنق.
          ومعنى (يَقْطِفُ) يقارب الخطو في سرعته، ودابَّةٌ قَطُوفٌ: بيِّنَة القِطاف، وهو ضدُّ الوَسَاع، يُقال: قَطَفَت الدَّابَّةُ: أبطأت السَّير مع تقارب الخطو فهي قَطُوفٌ.
          وفيه أنَّ الإمام لا بأس أن يركب دون الدَّوابِّ ليروِّضها ويؤدِّبها حتَّى تُمرَّن على تأديبه، وذلك مِنَ التَّواضع، وفيه بركة الشَّارع لأنَّ ركوب الفرس أزال عنه اسمَ البطءِ والقِطَاف وصار (لَا يُجَارَى) بعد ذلك أي: لا يُسَابَق لشدَّة سرعته، فهذه مِنْ علامات نبوَّته.