التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ظل الملائكة على الشهيد

          ░20▒ (بابُ: ظِلِّ المَلائِكَةِ عَلَى الشَّهِيدِ)
          2816- ذكر فيه حديث محمَّد بن المُنْكَدِر: (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ _صلعم_ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِي قَوْمِي فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقِيلَ: ابْنَةُ عَمْرٍو _أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو_ وقَالَ:لِمَ تَبْكِي _أَوْ لا تَبْكِي_ مَا زَالَتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا. قُلْتُ لِصَدَقَةَ) أي ابنِ الفضل شيخِ البُخاريِّ (أَفِيهِ:حَتَّى رُفِعَ؟ قَالَ: رُبَّمَا قَالَهُ).
          هذا الحديث سلف [خ¦1244]، وفيه مِنْ فضل الشَّهادة وضعُ الملائكة أجنحتَها عليه رحمةً له، كما نبَّه عليه المهلَّب، وفيه أنَّ النِّياحة ليست الشِّدَّةُ في النَّهي عنها إلَّا إذا كان معها شيءٌ مِنْ أفعال الجاهليَّة، مِنْ شقٍّ وخمشٍ ودعوى الجاهليَّة، على ما سلف في الجنائز [خ¦1244]، وفيه أنَّ الشَّهيد والرَّجل الصَّالح ومَنْ يُرجى له الخيرُ لا يُحبُّ أن يُبكى عليه، ألا ترى أنَّه قال لها: (لَمَ تَبْكِي؟) فأخبرها بالأمن عليه في الآخرة، وإنَّما البكاء لِمَنْ يُخشى عليه النَّار، وشهد لهذا المعنى حديث أمِّ حارثة إذ قالت لرسول الله _صلعم_: أخبرني بمنزلة ابني، فإن كان في الجنَّة صبرتُ واحتسبت.
          وفيه أنَّ الشَّهيد لا يضرُّه بكاءُ مَنْ بكى عليه مِنَ النِّساء، وأنَّ أهل الشَّهيد مِنَ النِّساء أعْذَرُ في البكاء ممَّن يموت حَتْفَ أنفِه إذ لم يَقل لهنَّ هاهنا شيئًا؛ كذا قال الدَّاوُديُّ، قال ابن التِّيْنِ: والَّذي في الحديث شكٌّ، هل هو نهاها أو قال: (لِمَ تَبْكِي) يقوله لغيرها، إذ لو خاطبها لقال: لمَ تبكين؟