التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا

          ░185▒ باب: مَنْ غَلَبَ الْعَدُوَّ فَأَقَامَ عَلَى عَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا.
          3065- ذَكَرَ فيهِ حَدِيثَ قَتَادةَ قالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (عَنْ أَبِي طَلْحَةَ ☻ عَن النَّبِيِّ صلعم أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ) تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادةَ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ عَن النَّبِيِّ صلعم.
          متابعة عبد الأعلى أخرجها مسلمٌ عن يوسفَ بن حمَّادٍ عنه، ومتابعة مُعاذٍ أخرجها الإسماعيليُّ عن أبي يَعْلى عن أبي بكر بن أبي شَيْبة: حدَّثنا مُعاذُ بن مُعاذٍ وعبد الأعلى حدَّثنا سعيدٌ عن قَتَادة، فذكره، قال الحُمَيديُّ: زاد البَرقانيُّ في هذا الحديث: قال قَتَادة: أحياهم الله، قلت: البُخَاريُّ أخرجه في موضعٍ آخر ولفظه: قال قَتَادة: أحياهم الله حتَّى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقمةً وحسرةً وندمًا.
          وذكر قبله أنَّه ((أمر يوم بدرٍ بأربعةٍ وعشرين رجلًا مِنْ صناديد قريشٍ فقُذفوا في طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ)) فذكر بداءةً إيَّاهم وقوله: (مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ) ثُمَّ ذكر قول قَتَادة.
          قال المهلَّب: وهذا كان منه صلعم _والله أعلم_ ليريحَ الظَّهر والأنفس، هذا إذا كان في أمنٍ مِنْ عدوٍّ طارقٍ، وإنَّما قصد إلى ثلاثٍ لأنَّه أكثر ما يريح المسافر، لأنَّ الأربعة إقامةٌ؛ لحديث العلاء بن الحَضْرميِّ، وحديثه الآخر: ((لا يبقينَّ مهاجرٌ بمكَّة بعد قضاء نُسكه فوق ثلاثٍ)) ولقسمة الغنائم ولراحة الظَّهر، وقال ابن التِّيْنِ: هذا حكايةُ ما رأى لا أنَّه لا يجوز غيره، وقال ابن الجَوزيِّ: فائدتها ليظهر تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام وترتيب الثَّواب، ولقلَّة احتفاله بهم كأنَّه يقول: نحن مقيمون فإن كانت لكم قوَّةٌ فهلمُّوا إلينا.