التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الخروج في رمضان

          ░106▒ بَاب: الخُرُوجِ فِي رَمَضَانَ.
          2953- ذكر فيه حديث ابن عبَّاسٍ ☻ قَالَ: (خَرَجَ النَّبِيُّ صلعم فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ أَفْطَرَ) قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْريُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بن عبد الله عن ابن عبَّاسٍ، وساق الحديث.
          ولا شكَّ أنَّ الخروج في رمضان جائزٌ، وللمسافر أن يصوم أو يفطر والخِيرةُ إليه، بخلاف ما رُوي عن عليٍّ أنَّه قال: مَنْ أدركه رمضان وهو مقيمٌ ثُمَّ سافر لزمه الصَّوم لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185]، وبه قال عَبِيدةَ وأبو مِجْلَزٍ، وهذا القول مردودٌ بالحديث المذكور، وإفطارِه.
          وجماعةُ الفقهاء على خلاف قوله كما سلف في الصِّيام [خ¦1943]، والمراد: شهود جميعه لا شهود أوَّله، وكان هذا سَنة ثمانٍ، قيل له: إنَّ النَّاس صاموا حين رأَوك صمت، فأفطَر وقال: ((تقوَّوا لعدوِّكم)) ففيه فضل الصَّوم لِمَنْ لا يضعفه ذلك، وفضل الفطر لِمَنْ خشي الضَّعف.
          واحتجَّ به الخَطَّابيُّ على أنَّ الفِطر أفضل مِنَ الصَّوم عند الضَّعف، وهو مذهب الشَّافعيِّ وابن حَبيبٍ، واحتجَّ به مالكٌ؛ لأنَّه صلعم صام، فلمَّا قيل له: صام النَّاس بصيامك أفطَر.
          و(الكَدِيدَ) مكانٌ معروفٌ، وظنَّ المُزَنيُّ أنَّ مَنْ أصبح صائمًا وسافر له الفطر لهذا الحديث وهو عجيبٌ، فإنَّ بين الكَديد ومكَّة عدَّة أيَّامٍ، وكذا وقع في البُوَيْطيِّ أيضًا، فلم ينفرد به.