-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░110▒ بَاب: البَيْعَةِ فِي الحَرْبِ أَلَّا يَفِرُّوا وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى المَوْتِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى {لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18].
2958- ذكر فيه خمسةَ أحاديثَ:
أحدها: حديث جُوَيْرِيَةَ عن نافعٍ عن ابْنُ عُمَرَ ☻: (رَجَعْنَا مِن العَامِ المُقْبِلِ فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتي بَايَعْنَا تَحْتَهَا، كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ الله، فَسَألتُ نَافِعًا: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعَهُمْ؟ عَلَى المَوْتِ؟ قَالَ: لَا، بَايَعَهُمْ عَلَى الصَّبْر).
2959- ثانيها: حديث عَبْدِ الله بْنِ زَيْدٍ ☺ قَالَ: (لَمَّا كَانَ زَمَنُ الحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاس عَلَى المَوْتِ فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ الله صلعم).
2960- ثالثها: حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ ☺ قَالَ: (بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلعم ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ شَّجَرَةِ فَلَمَّا خَفَّ النَّاس قَالَ: يَا ابْنَ الأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ الله قَالَ: وَأَيْضًا فَبَايَعْتُهُ الثَّانيةَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى المَوْتِ) وهذا أحد ثلاثيَّاته.
2961- رابعها: حديث أنسٍ (كَانَت الأَنْصَارُ يَوْمَ الخَنْدَقِ تقولُ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا عَلَى الجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا
فأَجَابَهُمْ صلعم فَقَالَ:
اللَّهمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ فَأَكْرِم الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ)
وقد سلف في حفر الخندق [خ¦2835].
2962- 2963- خامسها: حديث مُجَاشِعِ بن مسعودٍ: (قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلعم أَنَا وَأَخِي فَقُلْتُ: بَايِعْنَا عَلَى الهِجْرَةِ، فَقَالَ: مَضَت الهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا، فَقُلْتُ: عَلَامَ تُبَايِعُنَا؟ قَالَ: عَلَى الإِسْلَامِ وَالجِهَادِ).
الشَّرح: ذكر البُخَاريُّ وغيره أنَّ المبايعة كانت في الحُدَيْبِيَة على الموت، قال الإسماعيليُّ: هذا مِنْ قول نافعٍ في البيعة ليس بمسندٍ، ووجه مطابقة الآية الكريمة للتَّرجمة قوله في أثنائها: {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} مبنيًّا على قوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح:18] والسَّكينة: الثُّبوت والطُّمأنينة في موقف الحرب، دلَّ ذلك على أنَّهم أضمروا في قلوبهم الثُّبوت، وألَّا يفرُّوا وفاءً بالعهد، كما نبَّه عليه ابن المنيِّر.
وكأنَّ البُخَاريَّ لمَّا ذكر في التَّرجمة عن بعضهم المبايعة على الموت استدلَّ على ذلك بالآية الَّتي فيها المبايعة تحت الشَّجرة، وكانت المبايعة بالحُدَيبِيَة تحت الشَّجرة على الموت كما سلف، وأورد الأحاديث في الباب الَّتي تدلُّ على ذلك وعلى الصَّبر، والصَّبر يجمع المعاني كلَّها، وبيعة الشَّجرة إنَّما هي على الأخذ بالشِّدَّة وألَّا يفرُّوا أصلًا، ولا بدَّ مِنَ الصَّبر إمَّا إلى فتحٍ وإمَّا إلى موتٍ، ومَنْ بايع على الصَّبر وعلى عدم الفِرار فقد بايع على الموت.
قال المهلَّب: هذه الأحاديث مختلفةُ الألفاظ، منهم مَنْ يقول: على الموت وعلى ألَّا يفرَّ، وعلى الصَّبر، وهو أولى الألفاظ بالمعنى، لأنَّ بيعة الإسلام هي على الجهاد وقتال المِثلَين، فإن كان المشركون أكثر مِنَ المثلَين كان المسلم في سعةٍ مِنْ أن يفرَّ وفي سعةٍ مِنْ أن يأخذ بالشِّدَّة ويصبر، وهذا كلُّه بعد أن نُسخ قتال العشرة أمثالٍ، وأمَّا قبل نسخها فكان يلزم قتال العشرة أمثالٍ وألَّا يفرَّ إلَّا مِنْ أكثر منها، وبيعة الشَّجرة إنَّما هي الأخذ بالشِّدِّة كما سلف، فمَنْ قال: بايعنا على الموت أراد: أو يُفتح لنا، ومَنْ قال: ألَّا نفرَّ فهو نفس القضيَّة الَّتي وقعت عليها المبايعة، وهو معنى الصَّبر.
وقول نافعٍ: (على الصَّبر) كراهيةً لقول مَنْ قال بأحد الطَّرفين: الموت أو الفتح، فجمع نافعٌ المعنيين في كلمة الصَّبر.
وقال المحبُّ الطَّبَريُّ في أوائل «أحكامه»: حديث مسلمٍ مِنْ طريق مَعقِل بن يَسار: لم نبايعه على الموت وإنَّما بايعناه على ألَّا نفرَّ، وحديثه أيضًا مِنْ طريق سَلَمةَ: بايعناه على الموت، الجمع بينهما أنَّ معنى الأوَّل: ألَّا نفرَّ أيضًا، وإن أدَّى إلى الموت، لأنَّ الموت نفسه لا يمكنُ المبايعة عليه.
وقوله: (فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتي بَايَعْنَا تَحْتَهَا كَانَتْ رَحْمَةً) يعني: خشية أن تُعبدَ أو تصير كالقبلة والمسجد لِمَنْ لا تمكُّنَ في الإسلام مِنْ قلبه بجهلٍ وشُبهة، / وفي بعض الرِّوايات: ((خفي عليهم مكانُها في العام المقبل)).
فائدةٌ: بيعة الشَّجرة كانت بالمدينة، وبالمدينة فُرض الجهاد على المسلمين، وقد كانت بيعةُ العقبة بمكَّة على ألَّا يُشركوا بالله شيئًا إلى آخر الآية في الممتحنة، وذكره عُبَادة بن الصَّامت في حديثه: ((ولم يُفرَض في هذه البيعة حربٌ إنَّما كانت بيعة النِّساء))، وقد سلف ذلك في باب: علامةُ الإيمان حبُّ الأنصار، مِنْ كتاب الإيمان [خ¦18].
وأمَّا حديث عبد الله بن زيدٍ فهو دالٌّ على أنَّهم كانوا يبايعونه على الموت، ووقعة الحرَّة _حرَّة زُهرة_ كانت سنةَ ثلاثٍ وستِّين كما قال السُّهَيليُّ، وقال الواقِديُّ وأبو عُبيدةَ وغيرهما: في حرَّةِ واقِمٍ، أُطُمٍ شرقيِّ المدينة، قال الشَّاعر:
فإنْ تَقْتُلُونا يَومَ حَرَّة وَاقِمٍ فَنَحْنُ عَلَى الإسْلَامِ أَوَّلُ مَنْ قَتَلْ
وقد أفردها بالتَّصْنِيف المدائنيُّ وغيره.
وسببها أنَّ عبد الله بن حَنظلة وغيره مِنْ أهل المدينة وفدوا على يزيدَ فرأوا منه ما لا يصلح، فرجعوا إلى المدينة فخلعوه وبايعوا ابن الزُّبَيرِ، فأرسل إليهم يزيدُ مسلمَ بن عُقْبة المعروف بمُسْرِفٍ، فأوقع بأهل المدينة وقعةً عظيمةً، قَتَل مِنْ وجوه النَّاس ألفًا وسبع مئةٍ، ومِنْ أخلاطهم عشرة آلافٍ سوى النِّساء والصِّبيان، قال ابن السَّيِّد: والحرَّة في كلامهم: كلُّ أرضٍ كانت ذاتَ حجارةٍ سودٍ محرَّقةٍ، والحِرار في بلاد العرب كثيرةٌ وأشهرها ثلاثٌ وعشرون حرَّةً، كما قاله ياقوتٌ.
وقوله: (لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ الله صلعم) فإنَّما قاله لأنَّه كان يرى القعود في الفتن الَّتي بين المسلمين وترك القتال مع إحدى الطَّائفتين، وقد ذهب إلى ذلك جماعةٌ مِنَ السَّلف على ما يأتي بيانه في كتاب الفتنة في حديث: ((تكون فتنةٌ القاعد فيها خيرٌ مِنَ القائم)) [خ¦7081].
وأمَّا حديث سَلَمة فقوله: (أَلَا تُبَايِعُ؟) أراد أن يؤكِّد بيعته لشجاعة سَلَمة وغَنائه في الإسلام وشهرته بالثَّبات، فلذلك أمرَه بتكرير المبايعة، وليكون له في ذلك فضيلةٌ وليقوِّي نيَّته، وإنَّما بايعهم حين قيل له: قريشٌ أعدُّوا لقتالك، وكان قد بعث عثمانَ ليأتيَه بالخبر، لأنَّه كان أمنعَ صاحبه جانبًا بمكَّةَ لكثرة مَنْ كان بها مِنْ بني أميَّة، فأبطأ عليه، فخشي عليه مع ما قيل عن قريشٍ، فبايع وبايع لعثمانَ إحدى يديه بالأخرى، وقيل له حين أبطأ عثمانُ: أظنُّه أبطأ به الطَّوافُ بالبيت، فلمَّا أتى ذُكر ذلك له فقال: ما كنت لأطوف به قبل أن يطوف به رسول الله صلعم، ولا أتقدَّم بين يديه في شيءٍ، وقال ابن عمرَ: لو علم النَّبيُّ صلعم أنَّ بمكة أعزَّ مِنْ عثمان لبعثه.
وأمَّا حديث أنسٍ فالَّذي أجابهم صلعم مِنَ الرَّجز إنَّما هو لابن رَواحة فتمثَّل به، وإنَّما كان يقول: ((ارحَم المهاجرينَ والأنصار)) قاله الدَّاوُديُّ، قال: وقوله: (اللهُمَّ) أحسبه ليس فيه ألفٌ ولامٌ إنَّما قال ابنُ رواحة:
لاهُمَّ...............
فأتى به بعض الرُّواة على المعنى، وتعقَّبه ابن التِّينِ فقال: ما ذكره لا يصحُّ هنا ولا يتَّزن به الرَّجز، نعم يصحُّ كما سلف:
اللَّهمَّ إنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرة
فهذا إذا أسقط منه الألف واللَّام صار موزونًا.
وأمَّا حديث مُجَاشِعٍ فإنَّما كان بعد الفتح وقد قال صلعم: ((لا هجرةَ بعد الفتح إنَّما هو جهادٌ ونيَّةٌ)) فكان مَنْ بايع قبل الفتح لزمه الجهاد أبدًا ما عاش إلَّا لعذرٍ يجوز له به التَّخلُّف، ولذلك قالوا بحضرته في ارتجازهم يوم الخندق:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينا أَبَدَا
وكذلك قال تعالى: {وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة:122] فأباح لهم أن يتخلَّف عن الغزو مَنْ ينفر إلى التَّفقُّه في الدِّين، ولم يبح لغير المتفقِّهين التَّخلُّف عن الغزو، وأمَّا مَنْ أسلم بعد الفتح فله أن يجاهدَ وله أن يتخلَّف بنيَّةٍ صالحةٍ كما قال: ((جهادٌ ونيَّةٌ)) إلَّا أن ينزل عدوٌّ أو ضرورةٌ فيلزم الجهادُ كلَّ أحدٍ، ذكره ابن بَطَّالٍ، ثُمَّ قال: والدَّليل على أنَّ كلَّ مَنْ بايع رسول الله صلعم قبل الفتح لا يجوز له التَّخلُّف عن الجهاد أبدًا قصَّةُ كعب بن مالكٍ إذ تخلَّف عن تبوكَ مع صاحبيه: هلال بن أميَّة ومُرارة بن الرَّبيع، أنَّهم لم يُعذروا وعتبَ الله ورسوله والمؤمنون عليهم، وأخرجوهم مِنْ بين ظهرانَيهم ولم يُسلِّموا عليهم ولم يكلِّموهم، حتَّى بلغت منهم العقوبة مبلغها وعلم الله نيَّاتهم، فتاب عليهم.
وقال ابن التِّينِ: كان مَنْ هاجر إلى رسول الله صلعم قبل الفتح مِنْ غير أهل مكَّة وبايعه على المُقام بالمدينة كان عليه المُقام بها حياتَه صلعم، ومَنْ لم يشترط المُقام مِنْ غير أهل مكَّة بايع ورجع إلى موضعه، كفعل عمرو بن حُريثٍ ووفد عبد القيس وغيرهم، وكانت الهجرة فرضًا على أهل مكَّة إلى الفتح، ثُمَّ زالت الهجرة الَّتي توجب المقام مع رسول الله صلعم إلى وفاته، ووجبت الهجرة أن تُؤتى المدينة ثُمَّ يرجع المهاجر كما فعل صَفوان.
وقوله: (عَلَى الإِسْلَامِ وَالجِهَادِ) فيه دِلالةٌ أنَّ المبايع لم يكن مِن الأعراب الَّذين ليس عليهم جهادٌ، والجهاد المشترط هنا جهاد مَنْ يلي الكفَّار وغيرهم لملَّتهم، وأنَّ على مَنْ يليهم نصْرَهم إذا احتاجوا إليه، وأنَّ على الإمام أن يمدَّهم إذا احتاجوا إلى ذلك، وعلى النَّاس أن ينفروا إذا استنفرهم الإمام.
فائدةٌ: أخو مُجَاشعٍ اسمه: مُجَالِدُ بن مسعودٍ السُّلَميُّ، نبَّه عليه ابن بَطَّالٍ.