-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░70▒ (بابُ: الحِرَاسَةِ فِي الغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللهِ)
2885- ذكر فيه حديثَ عائشةَ في حِرَاسَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لرسولِ اللهِ صلعم.
2886- وحديثَ أبي بَكْرٍ _يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ_ عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقَطِيفَةِ وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ).
2887- (وزادَ لَنا عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحمن بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ _صلعم_: تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ...) الحديث.
وقال: (تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ، قال أبو عبد الله: لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمحمَّد بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ).
الشَّرح: قال الإسماعيليُّ: تابع أبا بكرٍ شَريكٌ وقيسٌ، و(عَمْرٌو) شيخ البُخاريِّ هو ابْن مرزوقٍ، وقد أسنده أبو نُعيمٍ مِنْ حديث يوسف القاضي عنه به، وابن عساكرَ مِنْ حديث أبي مسلمٍ عنه، ورواه ابن ماجَهْ عن ابن كاسبٍ، عن إسحاق بن إبراهيم بن سعيد المدنيِّ، عن صفوان بن سُلَيمٍ عن عبد الله بن دينارٍ، ورواه الإسماعيليُّ مِنْ حديث عبد الصَّمد بن عبد الوارث عن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن دينارٍ عن أبيه به.
ثُمَّ الكلام مِنْ وجوهٍ:
أحدها التَّعْسُ: الكَبُّ، أي: عَثَرَ فسقطَ لوجهه، قاله ابن التِّيْنِ، قال: وضُبِط بكسر العين، وذكره بعض أهل اللُّغة بفتحها، وقال ابن الأنباريِّ عن أبي العباس أحمد بن يحيى: التَّعْس: الشَّرُّ، قال _تعالى_: {فَتَعْسًا لَهُمْ} [محمَّد:8] وقيل: هو البعد، وذكر ابن التَّيَّانيِّ عن قُطْرُبٍ فتحَ العين وكسرها؛ شقيَ، وعن عليِّ بن حمزة: بالكسر والفتح؛ هلك، وفي «البارع»: تَعِسَهُ اللهُ وأَتْعَسَهُ: نكسه، وقال شَمِرٌ كما في «التَّهذيب»: لا أعرف تَعِسَه الله، ولكن يُقال: تَعِسَ بنفسه وأَتْعَسَهُ اللهُ، قال: وقال الفرَّاء: يُقال: تَعَسْتَ إذا خاطبتَ الرَّجلَ فإذا صِرتَ إلى أن تقول: فَعَلَ، قلت: تَعِسَ بالكسر، وقال بعض الكلابيِّين: تَعِسَ: هو أنْ يُخْطئ حجَّته إن خاصمَ وبُغْيَتَه إنْ طَلَبَ، وقال الرُّسْتُمِي: التَّعْسُ: أن يخرَّ على وجهه، والنَّكْسُ: أنْ يخرَّ على رأسه، وقال اللَّيث: التَّعس ألَّا ينتعش مِنْ عَثْرَته وأن يُنَكَّس في سِفال، والتَّعس في اللُّغة: الانحطاط، ذكره الزَّجَّاج، وقال صاحب «المحكم»: هو السُّقوط على أيِّ وجهٍ كان، وقال ابن السِّكِّيت: هو أن يَخِرَّ على وجهه، ومنه نَكَّستُ الشَّيء: نَكَّبتُه عَلى رأسه، قال ابن فارسٍ: ويُقال تَعْسًا له ونَكْسًا، وقد يُضَمُّ الثَّاني.
ثانيها: معنى (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ) أي إنْ طلب ذلك قد استعبده وصار عمله كلُّه في طلبها كالعبادة لهما.
وقوله: (إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ) أي إنْ أُعطي ما له عَمِلَ رضًا عن مُعطيه، وهو خالقه تعالى، وإن لم يُعط سَخِطَ ما قَدَّر له خالقه ويسَّر له مِنْ رزقه، فصحَّ بهذا أنَّه عبدٌ في طلب هذين، فوجب الدُّعاء عليه بالتَّعس لأنَّه أوقف عمله على متاع الدُّنيا الفاني، وتَرك العمل لأجل نعيم الآخرة الباقي، والتَّعس: أن لا ينتعش ولا يفيق مِنْ عثرته، (وانْتَكَسَ) أي عاوده المرض كما بدأه، هذا قول الخليل، قال صاحب «المطالع»: وذكره بعضهم بالشِّين المعجمة وفسَّره بالرُّجوع، وجعله دعاءً له لا عليه.
وقوله: (وَإِذَا شِيكَ) أي أصابته شوكةٌ، وعن المَرْوَزيِّ: (شِيْبَ) وهو خطأٌ قبيحٌ، ومعنى الأوَّل: إذا أصابته الشَّوكة في قدمه فلا يقدر على إخراجها، يُقال: انتقش الرَّجل إذا سَلَّ الشَّوكة مِنْ قدمه بالمِنقاش، قَالَ الخَطَّابِيُّ: يُقال: نقشت الشَّوك إذا استخرجتَه، وبه يُسمَّى المِنقاش، وقال ابن التِّيْنِ: معناه عند الهَرَويِّ: لا أخرجه مِنَ الموضع الَّذي أدخله، وعند الخطَّابيِّ: لا قدر على إخراجها ولا استطاعه، و(الخَمِيصَةِ) كساءٌ مربَّعٌ له أعلامٌ أو خطوطٌ قاله الخطَّابي، وقال ابن فارسٍ: كساءٌ أسود معلَّمٌ، فإن لم يكن معلَّمًا فليس بخميصةٍ، زاد القزَّاز ويكون مِنْ خزٍّ أو صوفٍ، قال: ولذلك أمر الشَّارع أن يُذهب بها إلى أبي جَهْمٍ، ويأتوا بأنْبَجانيَّة، وقال الدَّاوُديُّ: هي كساءٌ مِنْ صوفٍ.
ثالثها: قوله: (طُوبَى) هي فُعلى مِنَ الطِّيب، أصلها: طُيْبَى، قُلبت ياؤه واوًا لانضمام ما قبلها، وقيل: هي الشَّجرة الَّتي في الجنَّة.
وقوله: (إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ) يعني أنَّه خامل الذِّكر لا يقصد السُّموَّ، فأيُّ موضعٍ اتَّفق له كان، فمن لزم هذه الطَّريقة كان حريًّا إن اسْتأذن ألَّا يؤذن له، وإن شَفِع ألَّا يُشفَّع.
رابعها: قوله في حديث عائشةَ: (لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ) إن قلت: كيف طلبَ الحراسة مع توكُّله ويقينه بالقدر؟ قلتُ: له ثلاثة أجوبةٍ نبَّه عليها ابن الجَوزيِّ:
أحدها: أنَّه سَنَّ هذه الأشياء لا لحاجته إليها، كما ظاهر بين درعين، ويدلُّ على غناه عنها أنَّهم كانوا إذا اشتدَّ البأس قدَّموه واتَّقَوا به العدوَّ.
ثانيها: الثِّقة بالله لا تنافي العمل على الأسباب، بدليل ((اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ)) وهذا لأنَّ التَّوكُّل يخصُّ القلب، والتَّعرُّض بالأسباب أفعالٌ تخصُّ البدن فلا تناقُضَ.
ثالثها: وساوس النَّفس وحديثها لا يدفع إلَّا بمراعاة الأسباب، ومنه قول إبراهيم: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة:260] ومنه أنَّ سليمان رُئي يحمل طعامًا ويقول: إنَّ النَّفس إذا أحرزت قُوْتَها اطمأنَّت.
وأجاب / ابن بَطَّالٍ بأنْ قال: في الحديث دليلٌ أنَّ ذلك كان قبل أن تنزل آية العصمة، وقبل نزول: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:95] لأنَّه جاء في الحديث أنَّه لمَّا نزلت هذه الآية ترك الاحتراس باللَّيل، ولأنَّ في حديث عائشةَ في بعض الرِّوايات أنَّ ذلك كان عند أوَّل قدومه المدينة، قلت: نزول {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} كان قبله، وزعم القُرْطبيُّ أنَّ آية العصمة ليس فيها ما يناقض الحراسة مِنَ النَّاس ولا ما يمنعه، كما أنَّ إخبار الله عن نصره وإظهار دينِه ليس فيه ما يمنع الأمر بالقتال وإعداد العدد والعدَّة والأخذ بالحزم والحذر، وسبب ذلك أنَّ هذه أخبارٌ عن عاقبة الحال ومآله، ولكن هل تحصل تلك العاقبة عن سببٍ معتادٍ أو غير سببٍ، ووجدنا الشَّريعة طافحةً بالأمر له ولغيره بالتَّحصُّن، وأخذ الحذر مِنَ الأعداء والإعداد لذلك، وقد عمل بذلك _صلعم_ وأخذ به فلا تعارُض في ذلك.
خامسها: في فوائده: فيه _كما قال المهلَّب_ التزامُ السُّلطان للحذر، والخوف على نفسه حضرًا وسفرًا، ألا ترى فعله مع مَا عرفه الله أنَّه يستكمل به دينه ويُعلي به كلمته، التزم الحذر خوف فتك الفاتك وأذى المؤذي بالعداوة في الدِّين والحسد في الدُّنيا، وفيه أنَّ على النَّاس أنْ يحرسوا سلطانهم ويحفُّوا به خشية الفتك وانخرام الأمر، وفيه أنَّ مَنْ شرع بشيءٍ مِنَ الخير أنَّه يُسمَّى صالحًا لقوله: (لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا) أي يبعثه صلاحه على حراسة سلطانه فكيف بنبيِّه، وفيه أنَّه متى سمع الإنسانُ حسَّ سلاحٍ باللَّيل أنْ يقول: مَنْ هذا، ويُعلم أنَّه ساهرٌ لئلَّا يَطمع فيه أهل الطَّلب للغرَّة والغفلة، فإذا علموا أنَّه مستيقظٌ ردعهم بذلك، وفيه تأكيد الدُّعاء بقوله: (وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ) أي إذا أصابته شوكةٌ فلا أخرجها بمِنقاشها، فيمتنع السَّعي للدِّينار والدِّرهم.
وفيه الحضُّ على الجهاد حيث قال: (طُوبَى لِعَبْدٍ مُمْسِكٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ...) إلى آخره، فجمع في هذا الَّذي مدح مِنَ العمل خير الدنيا والآخرة لقوله: ((الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نَوَاصِيْهَا الخَيْرُ: الأجْرُ والْمَغْنَمُ)) ونعيم الآخرة بقوله: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية [التوبة:111] وفيه ترك حبِّ الرِّياسة والشُّهرة وفضل الخمول، ولزوم التَّواضع لله بأن يُجهل المؤمن في الدُّنيا ولا تُعرف عينه، فيُشار إليه بالأصابع، وبهذا أوصى _◙_ ابن عمرَ قال له: ((يَا عَبْدَ اللهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ)) والغريب مجهول العين غالبًا فَلا يُؤبه لصلاحه فيكرم مِنْ أجله.
فائدةٌ: جاء في الحراسة عدَّة أحاديث:
أحدها: مِنْ حديث سَهْلِ بنِ الحَنْظَلِيَّةِ أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ _صلعم_ يَوْمَ حُنَيْنٍ فقالَ: ((مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟)) فقالَ ابْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، أخرجه أبو داود.
ثانيها: مِنْ حديث عثمانَ مرفوعًا: ((حَرَسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا ويُصَامُ نَهَارُهَا)) رواه ابن ماجَهْ.
ثالثها: مِنْ حديث عقبة بن عامرٍ: ((رَحِمَ اللهُ حَارِسَ الحَرَسِ)).
رابعها: مِنْ حديث أنسٍ: ((مَنْ حرسَ ليلةً عَلَى ساحِلِ البَحْرِ كَانَ أَفْضَلَ منْ عِبَادَةِ أَلْف سنةٍ)) أخرجهما ابن ماجَهْ أيضًا.
خامسها: مِنْ حديثِ سهلِ بن معاذٍ عن أبيه: ((مَنْ حَرَسَ مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مُتَطَوِّعًا لَا تَأَخُذْهُ نَاجِزَةُ سُلْطانٍ لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنَيْهِ، إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ)) أخرجه أحمد، وللطَّبَرانيِّ: ((بُعِثَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ)).
سادسها: مِنْ حديث يحيى بن صالحٍ الوُحَاظِيِّ، حدَّثنا جُمَيْعُ بنُ ثُوَبٍ، حدَّثنا خالد بن مَعْدَان عن أبي أُمَامة مرفوعًا: ((لَأنْ أحرسَ ثلاثَ ليالٍ مُرَابِطًا مِنْ وراءِ بَيْضَةِ المسلمينَ، أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ تُصِيْبَنِي ليلةُ القدرِ في مسجدِ المدينة أو بيت المقدس)) رواه ابن عساكرَ ثُمَّ قال: حديثٌ حسن، وعن قيس بن الحارث مثله، قال الحاكم: غريبٌ مِنْ حديث عمرَ بن عبد العزيز عن قيسٍ، وهو صحابيٌّ معمَّرٌ، قلتُ: فهذا سابعٌ.
ثامنها: مِنْ حديث أبي رَيْحانة: ((حُرِّمَتِ النَّارِ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ)) رواه النَّسَائيُّ.
تاسعها: مِنْ حديث أبي هريرة: ((حَرَّمَ اللهُ عَيْنًا سَهِرَتْ في طاعةِ اللهِ على النَّاِر)) أخرجه في «الخلعيَّات» مِنْ حديث سهيلٍ عن أبيه عن أبي هريرة، ومِنْ حديث بَهْزِ بن حَكيمِ بن معاويةَ عن أبيه عن جدِّه: ((ثَلَاثَةٌ لَا تَرَى أَعْيُنُهُمُ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ)) الحديث، أخرجه أيضًا، ولابن عساكرَ مِنْ حديث إسماعيل بن عَيَّاشٍ عن ثعلبة بن مسلمٍ عن أبي عِمران الأنصاريِّ: ((ثلاثةُ أعينٍ لا تحرقهُم النَّارُ)) فذكر مثله، وللتِّرمِذيِّ مِنْ حديث عطاءٍ الخُراسانيِّ عن ابن أبي رَباحٍ عن ابن عبَّاسٍ: ((حُرِّمَ عَلَى عَيْنَيْنِ أَنْ تَنَالَهُمَا النَّار: عينٌ باتَتْ تحرسُ في سبيلِ اللهِ...)) الحديثَ، ولعبد بن حُميدٍ في «مسنده» مِنْ حديث أبي عبد الرَّحمن عن أبي هريرة مثله، ولابن عساكرَ مِنْ حديث الفضل بن عبَّاسٍ وعطيَّة عن أبي سعيد الخُدْريِّ وابن عمرَ نحوه.