التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب التحريض على القتال

          ░33▒ (باب: التَّحْرِيضِ عَلَى القِتَالِ لقَوْلِ اللهِ _تعالى_: {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال:65])
          2834- ذكر فيه حديثَ أنسٍ: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ _صلعم_ إِلَى الخَنْدَقِ، فَإِذَا المُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالجُوعِ، قَالَ: اللهُمَّ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ... فَاغْفِرْ لِلأنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ، فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا                     عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا)
          فيه أحكامٌ وفوائدُ: أحدها: أنَّ الحفر في سبيل الله والتَّحصين للدِّيار وسدِّ العورة منها أجرُه كأجر القتال والنَّفقةُ فيه محسوبةٌ في نفقات المجاهدين إلى سبع مئة ضعفٍ.
          ثانيها: استعمالُ الرَّجز والشِّعر إذا كانت فيه إقامة النُّفوس في الحرب وإثارة الأنفة والعزَّة فيها، قاله ابن بَطَّالٍ، قال ابن التِّيْنِ: وهذا البيت ليس بموزونٍ على الشِّعر ولا الرَّجز، وقال الدَّاوُديُّ في قوله: (اللهُمَّ لَا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ) إنَّما قاله ابن رواحة:
لَاهُمَّ.........                     ............
          بلا ألفٍ ولا لامٍ، فأتى به بعض الرُّواة على المعنى، وهذا الَّذي ذكر موزونٌ:
لاهمَّ إنَّ العَيْشَ......                     ............
          إلى آخره.
          ثالثها: المجاوبة بالشِّعر على الشِّعر، قال ابن بَطَّالٍ: وليس هو مِنْ قول رسول الله _صلعم_ هو مِنْ قول ابن رَوَاحة، ولو كان مِنْ لفظه لم يكن بذلك شاعرًا ولا ممَّن ينبغي له الشِّعرُ، وإنَّما يُسمَّى به مَنْ قَصد صناعته، وعَلِم السَّبب والوَتِدَ والشَّطر وجميع معانيه مِنَ الزِّحاف والخَرْمِ والقَبْضِ وما شاكل ذلك.