-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░19▒ (بابُ: فَضْلِ قَوْلِ اللهِ _╡_: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} إلى قوله: {أَجْرَ المُؤْمِنِينَ} [آل عمران:169-171])
2814- ثُمَّ ساقَ حديثَ أنسٍ: (دَعَا رَسُولُ اللهِ _صلعم_ عَلَى الَّذينَ قَتَلُوا أَصْحَابَه بِبِئْرِ مَعُونَةَ...) وقد سلف قريبًا [خ¦2801] ويأتي في المغازي [خ¦3064]، وأخرجه مسلمٌ في الصَّلاة.
2815- وحديثَ جابرٍ: (اصْطَبَحَ نَاسٌ الخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ، فَقِيلَ لِسُفْيَانَ: مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ؟ قَالَ: لَيْسَ هَذَا فِيهِ).
قلت: لا شكَّ أنَّه كان قبل تحريمها، فما منعهم ذلك مِنَ الشَّهادة لأنَّ ما قبل النَّهي عفوٌ، وأمَّا الآية فروى الحاكم في «مستدركه» صحيحًا مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: ((لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ منْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، وتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَيَتَّكِلُوا عَنِ الْحَرْبِ؟ فَقَالَ اللهُ _╡_: أَنَا أُبَلِّغَهُمْ عَنْكُمْ))، فَأَنْزَلَ اللهُ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} الآية [آل عمران:169]، وذكره الطَّبَريُّ عن ابن مَسعودٍ مرفوعًا، وروى الواحديُّ مِنْ حديث طَلحة بن خِراشٍ عن جابرٍ أنَّها نزلت في والد جابرٍ، وقال سعيد بن جُبَيْرٍ: نزلت في حمزة ومصعب بن عُميرٍ، لمَّا أُصيبا يوم أُحدٍ، وقال سعيد بن جُبَيْرٍ: نزلت في أهل أُحدٍ خاصَّةً، وقال جماعةٌ منهم: نزلت في شهداء بئر مَعونة، وقيل: نزلت تنفيسًا لأولياء الشُّهداء وإخبارًا عن حال قتلاهم، فإنَّهم كانوا إذا أصابتهم نعمةٌ أو سرورٌ تحسَّروا وقالوا: نحن في النِّعمة والسُّرور وآباؤنا وأبناؤنا في القبور، وقال مُقاتِلٌ: نزلت في قتلى بدرٍ، وكانوا أربعةَ عشرَ شهيدًا.
وقوله: ({فَرِحِينَ}) هو مثل فارحين، قال الدَّاوُديُّ: وقد يُقال الفرحين الآمنين في الدُّنيا، المغترِّين بزينتها، ومعنى ({لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ}) أي في الفضل، وإن كان لهم فضلٌ {وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ} المعنى: ويستبشرون {بِأَنَّ اللهَ} وقرأ الكسائيُّ:{وَإِنَّ اللهَ} بكسر الألف على أنَّه مقطوعٌ مِنَ الأوَّل، المعنى: وهو لا يُضِيع أجر المؤمنين ثُمَّ جِيء بــ{إِنَّ} توكيدًا.
وحديثُ أنسٍ سلف طرفٌ منه أيضًا في القنوت [خ¦2801]، وسيأتي في غزوة الرَّجيع أيضًا [خ¦4088]، وفي «غرائب مالكٍ» للدَّارَقُطْنيِّ يقول في دعائه: ((اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ الفدَّادينَ أهلِ الوَبَرِ، اللهُمَّ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ)) تفرَّد به أحمدُ بن صالحٍ، عن ابن نافعٍ، عن مالكٍ بهذا الإسناد، وللطَّبريِّ مِنْ حديث أنسٍ: لا أدري أكانوا أربعين أو سبعين، وعلى ذلك الماء عامر بن الطُّفيل الجعفريُّ، وفيه أنَّ حَرام بن مِلْحانَ الأنصاريَّ هو الَّذي بلَّغ الرِّسالة، وأنَّ عامر بن الطُّفيل قتلهم أجمعَ، وأنزل الله {وَلَا تَحْسَبَنَّ} الآية.
وفي «سِيَر ابن إسحاق» أنَّ بَعْثَهم كان على رأس / أربعة أشهرٍ مِنْ أُحدٍ، وكان أبو براءٍ عامرُ بن مالكٍ مُلاعب الأسنَّةِ هو الَّذي طلبهم، وأنَّه قال: أنا لهم جارٌ، فبعث رسول الله _صلعم_ المنذرَ بن عمرٍو في أربعين رَجلًا مِنْ خيار المسلمين، فيهم الحارثُ بن الصِّمَّة، وحَرَامُ بن مِلْحَانَ، وعروةُ بن أسماء ونَافعُ بن وَرْقاءَ وعامرُ بن فُهَيْرة فساروا حتَّى نزلوا بئرَ مَعُونة _وهي بين أرض بني عامرٍ وحرَّة بني سُلَيمٍ_ واستَصرخ عليهم عامرُ بن الطُّفيل بني عامرٍ، فأبَوا أن يجيبوه، وقالوا: لن نخفر أبا براءٍ فاستصرخ تلك القبائل عُصيَّة وغيرها فقتلوهم إلَّا كعبَ بن زيدٍ فتركوه وبه رمقٌ، فعاش حتَّى قُتل يوم الخندق، وأُسِر عمرو بن أميَّة وكان على سرح القوم، ثُمَّ أُطلق لمَّا أَخبر أنَّه مِنْ مُضَر أطلقه عامرٌ، وجزَّ ناصيتَه وأعتقه عن رقبةٍ كانت على أمِّه فيما يزعم، فلمَّا أَخبر عمرٌو رسولَ الله _صلعم_ الخبر قال: ((هذا عمل أبي براءٍ قد كنت لهذا كارهًا)) وفي «مغازي موسى بن عُقبة» فقال: كان أميرُ السَّريَّة مَرْثَدَ بنَ أبي مَرْثَدٍ.
ولمسلمٍ: أنَّ ناسًا جاؤوا إلى رسول الله _صلعم_ فقالوا: ابعث معنا رجالًا يعلِّمونا القرآن والسُّنَّة، فبعث إليهم سبعين رجلًا مِنَ الأنصار، يُقال لهم: القُرَّاء، قال أنسٌ: منهم خالي حَرامٌ، فتعرَّضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، وللبَيْهَقيِّ في «دلائله» عن أنسٍ أيضًا: لمَّا أصيب خُبَيْبٌ بعثَهُم رسولُ الله _صلعم_ فأتَوا على حيٍّ مِنْ بني سُلَيمٍ قال: فقال خالي حَرامٌ لأميرهم: دعني لأخبر هؤلاء أنَّا ليس إيَّاهم نريد، فيخلُّون وجوهنا، قال: فأتاهم، فاستقبله رجلٌ منهم برمح فأنفذه به ثُمَّ انطوَوا عليهم فما بقي منهم مُخْبِرٌ، قال ابن التِّيْنِ: ويُقال: إنَّ عامر بن فُهَيرة لم يوجد، يرَون أنَّ الملائكة وارته.
و(مَعُونَةَ) _بالنُّون وفتح الميم وضمِّ العين_ بين مكَّة وعُسْفان أرضٌ لِهُذَيلٍ، وعن الكِنديِّ هي جبالٌ يُقال لها: أبلى مِنْ طريق المٌصْعِدِ مِنَ المدينة إلى مكَّة وهي لبني سُليمٍ، وقال أبو عُبيدة في «كتاب المقاتل»: هي ماءٌ لبني عامر بن صَعصَعة، وقال الواقديُّ: هي أرضٌ لبني سليمٍ وأرض بني كلابٍ، و(رِعْلٍ) _بكسر الرَّاء ثُمَّ عينٍ مهملةٍ ساكنةٍ ثُمَّ لامٍ_ ابن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بُهْثة بن سُلَيم بن منصور، و(ذَكْوَانَ) هو ابن ثَعلبة بن سُليم بن منصور، قال ابن دُريدٍ: اشتقاقه مِنْ شيئين: إمَّا مِنَ الذَّكاء ممدود، وهو تمام السِّنِّ أو مِنْ ذكا النَّار مقصور، واشتقاق رِعْلٍ مِنَ الرِّعلة، وهي النَّخلة الطَّويلة، والجمع رِعال، والرِّعلة: القطعة مِنَ الخيل، والرَّاعل: فحلٌ مِنَ النَّخل معروفٌ بالمدينة، وناقةٌ رَعْلاء إذا قُطعت أذنُها فتُركت منها قطعة معلَّقة، و(عَصِيَّةُ) قال الهجريُّ: هو الخُفاف بن امرئ القيس بن بُهْثة بْن سُلَيم بن منصورٍ.
تتمَّاتٌ: أحدُها قال الدَّاوُديُّ: قوله: (ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ) يريد سقطتْ عن ذكره لتقادم عهدِه إلَّا أن تذكر بمعنى الرِّواية ليس النَّسخ الَّذي يبدل مكانه خلافه لأنَّ الخبر لا يدخله نسخٌ، وعبارة غيره: إنَّ القرآن ربَّما نُسخ لفظُه وبقي حكمُه مثل: {الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ} فمعنى النَّسخ هنا أنَّه أُسقط مِنَ التِّلاوة، وقال السُّهَيْليُّ: هذا المذكور _أعني ما نزل ونُسخ_ ليس عليه رونق الإعجاز، قال: ويُقال: إنَّه لم ينزل بهذا النَّظم، ولكن بنظمٍ معجزٍ كنظم القرآن، لا يُقال: إنَّه خبرٌ، والخبر لا يُنسخ، إنَّما نُسخ منه الحكمُ فقط، فإنَّ حكم القرآن التِّلاوة، وألَّا يمسَّه إلَّا طاهرٌ وأنْ يُكتب بين الدَّفَّتين، وأنْ يكون تعلُّمه مِنْ فروض الكفاية.
فكلُّ ما نُسِخ ورُفِعت منه هذه الأحكامُ وإن بقي محفوظًا فإنَّه منسوخٌ، فإن تضمَّن حكمًا جاز أن يبقى ذلك الحكمُ معمولًا به، وأنكرتْ ذلك المعتزلة، وإن تضمَّن خبرًا بقي ذلك الخبر مصدَّقًا به، وأحكام التِّلاوة منسوخةٌ عنه، كما نزل: ((لو أنَّ لابن آدمَ واديان مِنْ ذهبٍ)) فهذا خبرٌ حقٌّ، والخبر لا يُنسخ لكن نُسخ منه أحكام التِّلاوة له، وكان قوله: لو أنَّ لابن آدم، في سورة يونس بعد قوله: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس:24] كذا قال ابن سلامٍ.
ثانيها: فيه دلالةٌ كما قال الْمُهَلَّب: أنَّ مَنْ قُتِل غدرًا شهيدٌ، لأنَّ أصحاب بئرِ مَعونة قُتلوا غدرًا بهم.
ثالثها: اختَلف النَّاس في كيفية حياة الشَّهيد، وأَولاها _كما قال ابن بَطَّالٍ_ أن تكون الأرواح تُرزق، وكذا جاء الخبر: ((إنَّما نَسَمة المؤمن طائرٌ تَعْلُقُ في شجر الجنَّة)) قال أهل اللُّغة: يعني يأكل منها، قال صاحب «المطالع»: تَعْلُقُ _بضمِّ اللَّام_ أي: تتناوله، وقيل: تشمُّه، وبالفتح أيضًا ومعناه: تتعلَّق وتلزم ثمارها وتأوي إليها، وقيل: هما سواءٌ، وقد رُوي ((تسرح)) وهو يشهد للضَّمِّ، ومَنْ رواه بالتَّاء على النَّسمة، ويحتمل أنْ يرجع إلى التَّطيُّر على أن يكون جمعًا، ويكون ذكَّر النَّسمة لأنَّه أراد الجنس لا الواحد، وقد يكون التَّاء ثبتت للرُّوح لأنَّها تُذكَّر وتُؤنَّث، وهذا الحديث أَّنها تعلُّقٌ عامٌّ والقرآن ذُكِر في الشُّهَداء.
قال الدَّاوُديُّ: وقيل: تمثَّل أرواحهم طيرًا تسرح في الجنَّة، قال: وذُكر بإسناد ضعيفٍ أنَّها تُجعل في حواصل طيرٍ، ولا يصحُّ في النَّقل ولا الاعتبار لأنَّها إن كانت هي أرواح الطَّير فكيف يكون في الحواصل دون سائر الجسد؟ وإنْ كان لها أرواحٌ غيرها فكيف يكون لها روحان في جسدٍ؟ وكيف تصلُ لهم الأرزاق الَّتي ذكر الله تعالى؟ قال: وإنَّما الصَّحيح أنَّ أرواحهم طائرٌ تعلُق في شجر الجنَّة، أي: ترعى حتَّى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ويعرض عليه مقعده بالغداة والعشيِّ، قلتُ: وما أنكره هو ثابتٌ في «صحيح مسلمٍ»، وهو معدودٌ مِنْ أفراده مِنْ حديث مسروقٍ، قال: سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} فقال: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: ((إنَّ أَرْواحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا / قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ في الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّكمُ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ فقَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ في الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، ثُمَّ نأوي إلى تلكَ القناديلِ _فقالَ لَهُمْ ذلكَ ثلاثًا_ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لم يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا)).
وفي «مستدرَك الحاكم» _وقال: على شرط مسلمٍ_ مِنْ حديث محمَّد بن إسحاقَ عن إسماعيل بن أميَّة عن أبي الزُّبَير _زاد ابن أبي عاصمٍ وسعيد بن جُبَيْرٍ_ عن ابن عبَّاسٍ قال: قال رسول الله _صلعم_: ((لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُم بأُحد جعلَ اللهُ أرواحَهُم في جوفِ طيرٍ خضرٍ، تَرِدُ منْ أنهارِ الجنَّةِ وتأكلُ مِنْ ثمارها...)) الحديث، ومِنْ حديث الحسين بن واقدٍ عند ابن أبي عاصمٍ: عن الأعمش عن شقيقٍ عن ابن مَسعودٍ: أنَّ الثَّمانية عشرَ مِنْ أصحاب رسول الله _صلعم_ جعل الله أرواحهم في الجنَّة في طيرٍ خضرٍ، وفي لفظٍ: ((أرواحُ الشُّهداءِ عندَ الله كطيرٍ خُضرٍ في قناديلَ تحتَ العرشِ)) ومِنْ حديث عطيَّة عن أبي سعيدٍ مرفوعًا: ((أرواحُ الشُّهداءِ في طيرٍ خضرٍ تَرْعى في رياضِ الجنَّةِ، ثُمَّ يكونُ مَأْوَاهَا قناديلَ مُعَلَّقةً بالعرشِ)) ومِنْ حديث موسى بن عبيدة الرَّبَذِيِّ عن عبد الله بن يزيد عن أمِّ فلانة _أظنُّها أمَّ مُبَشِّرٍ_ قال رسول الله _صلعم_: ((إنَّ أرواح المؤمنين طيرٌ خضرٌ في حجرٍ مِنَ الجنَّة يأكلون مِنَ الجنَّة، ويشربون مِنَ الجنَّة)) وبإسنادٍ جيَّدٍ إلى كعب بن مالكٍ مرفوعًا: ((أرواحُ الشُّهداءِ في طيرٍ خضرٍ)) ولمالكٍ في «الموطَّأ»: ((نَسَمة المؤمن طائرٌ)) وأوَّلَ بعض العلماء (فِي) بمعنى على، أي: أرواحهم على جوف طيرٍ خضرٍ، كما قال _تعالى_: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:71] أي: على جذوعٍ، وجائزٌ أن يُسمَّى الطَّير جوفًا لهم أو هو محيطٌ به ومشتملٌ عليه كالحامل والجنين، كما نبَّه عليه عبدُ الحقِّ.