-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░157▒ باب: الحرب خَدْعةٌ.
3027- 3028- ذكر فيه حديث أبي هريرة ☺ عَن النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُنْفقنَّ كُنُوزُهُما فِي سَبِيلِ الله) وسمَّى الحربَ خَدعةً.
3029- وعنه: سمَّى النَّبيُّ صلعم الحربَ خَدعةً.
3030- وعن جابرٍ قال: قال النَّبيُّ صلعم: (الْحَرْبُ خَدْعَةٌ).
الشَّرح: أخرج هذه الأحاديثَ مسلمٌ أيضًا، وشيخ البُخَاريِّ في الثَّاني أبو بكرٍ بُوْرُ بنُ أَصْرَمَ مَرْوَزيٌّ، مِنْ أفراده، مات بعد العشرين ومئتين.
وفي الباب عن عليٍّ وابن عبَّاسٍ وعائشةَ وأسماءَ بنت يزيد وكعب بن مالكٍ، وأخرجه الحاكم في «تاريخه» مِنْ حديث زيد بن ثابتٍ، وابن أبي عاصمٍ مِنْ حديث حُميد بن عبد الرَّحمن عن أبيه، وحديث أنسٍ في قصَّة الحجَّاج بن عِلَاطٍ سلف.
وأمَّا (خَدْعَةٌ) ففيها أربع لغاتٍ: لغة سيِّدنا رسول الله صلعم فتح الخاء وإسكان الدَّال كما ستعلمه، وخُدْعةٌ بضمِّ الخاء مع إسكان الدَّال، وخَدَعةٌ بفتحهما، وخُدَعةٌ بضمِّ الخاء وفتح الدَّال، والأَصيليُّ ضبطه بالثَّاني، ويونس بالرَّابع، والثَّالث ضبطه القاضي، وفي باب المفتوح أوَّلُه مِنَ الأسماء مِنْ «فصيح ثَعلب»: و((الحرب خَدعة)) هذه أفصح اللُّغات، ذُكر لي أنَّها لغة سيِّدنا رسول الله صلعم، وحكى الأَزهَريُّ الأخيرة عن الكسائيِّ وأبي زيدٍ، قال: وهي أجود اللُّغات الثَّلاث.
والخَدْعة: المرَّة الواحدة مِنَ الخِداع، ومعناه: أنَّ مَنْ خُدِع فيها مرَّةً واحدةً عَطِب وهَلك ولا عودة له، وقال ابن سِيده في «عَويصه»: مَنْ قال خُدَعةً أراد: تخدعُ أهلَها، وفي «الواعي»: أي: تُمنِّيهم بالظَّفر والغلبة ثُمَّ لا تفي لهم، ومَنْ قال: خُدْعة أراد: هي تُخدع، كما يُقال رَجلٌ لُعْنة: يُلعن كثيرًا، وإذا خدع أحد الفريقين صاحبه في الحرب فكأنَّها خُدعت هي. وقال قاسم بن ثابتٍ في «دلائله»: كثُر استعمالهم لهذه الكلمة حتَّى سَمَّوا الحرب خدعةً، وحكى مكِّيٌّ ومحمَّد بن عبد الواحد لغةً خامسةً: خِدْعةٌ بكسر الخاء وسكون الدَّال، وحكاها ابن قُتيبة عن يونس.
قال المطرِّز: والأفصح الفتح، لأنَّها لغة قريشٍ، واعترضه ابن دُرُسْتويهِ فقال: ليست بلغة قومٍ دون قومٍ، وإنَّما هي كلام الجميع؛ لأنَّ بها المرَّة الواحدة مِنَ الخداع، فلذلك فُتحت.
وقال ابن طلحة: أراد: ثعلبٌ أنَّ سيِّدنا رسول الله صلعم كان يختار هذه البِنية ويستعملها كثيرًا، لأنَّها بلفظها الوجيز تعطي معنى البنيتين الأخرَيين ويعطى أيضًا معناها: استعملِ الحيلة في الحرب ما أمكنك فإذا أعيتك الحِيلُ فقاتل، فكانت هذه اللُّغة على ما ذكرنا مختصرة اللَّفظ كثيرة المعنى، فلذلك كان صلعم يختارها.
قال اللِّحْيانيُّ: خدَعتُ الرَّجلَ أخدَعه خِدْعًا وخَدْعًا وخَدِيعةً وخَدَعةً إذا أظهرتَ له خلاف ما تخفي، وأصله كلُّ شيءٍ كتمتَه فقد خدَعتَه، ورجلٌ خدَّاعٌ وخَدوعٌ وخَدْعٌ وخُدَعةٌ إذا كان خِبًّا، وفي «المحكم»: الخَدْع والخَدِيْعَة المصدر، والخِدَع والخِدَاع الاسم، ورجلٌ خَيْدَعٌ كثير الخِداع.
وقال ابن بَطَّالٍ: في ((الحرب خدعةٌ)) لغاتٌ، قال سَلَمة بن عاصمٍ تلميذ الفرَّاء: مَنْ قال: الحرب خُدَعَةٌ فمعناه أنَّها تخدع أهلها وتمنِّيهم الظَّفر، ومَنْ قال: خُدْعة: فهي تُخدع، وإذا خَدَع أحدُ الفريقين صاحبه فكأنها خُدِعتْ هي، ومَنْ قال: خَدْعة: وصف المفعولَ بالمصدر كما تقول: درهمٌ ضَرْبُ الأميرِ، وإنَّما هو مضروبه، وقال بعض أهل اللُّغة: معنى الخَدْعة: المرَّة الواحدة، أي: مَنْ خُدع فيها مرَّةً لم يُقَلِ العَثْرَةَ بعدها، ثُمَّ ذكر ما سلف عن ثعلبٍ.
وأمَّا ابن التِّيْنِ فقال: فيها ثلاث لغاتٍ، فذكر الأولى والثَّانية والرَّابعة، قال: ومعنى الأولى أنَّها ينقضي أمرها بخَدْعةٍ واحدةٍ، ومعناها: أنَّها لا يُقال مَنْ خُدِعَ، وفيها معنى الثَّانية، أنَّها بها يُخدع الرِّجال، كما قيل: لُعْبةٌ لما يُلعب به، ومعنى الثَّالثة أنَّها تُمنِّي الرِّجال الظَّفرَ ولا تفي لهم به، كما قيل: ضُحَكَةٌ إذا كان يَضحك بالنَّاس.
قال الدَّاوُديُّ: ومنه أنَّه صلعم كان إذا أراد غزوةً ورَّى بغيرها، وذكر بعض أهل السِّيَر أنَّه صلعم قال: ((هذا يوم الأحزاب)) لمَّا بعث نُعَيْمَ بن مسعودٍ أن يخذِّل بين قريشٍ وغَطَفَان ويهود، ومعناه: أنَّ المماكَرة في الحرب أنفعُ مِنَ المكاثَرة والإقدام على غير علمٍ، ومنه قيل: نفاذ الرَّأي في الحرب أنفع مِنَ الطَّعن والضَّرب.
قال المهلَّب: والخِداع في الحرب جائزٌ كيف ما يمكن ذلك، إلَّا بالأيمان والعهود والتَّصريح بالأيمان فلا يحلُّ شيءٌ مِنْ ذلك، قال الطَّبَريُّ: وإنَّما يجوز مِنَ الكذب في الحروب ما يجوز مِنْ غيرها مِنَ التَّعريض ممَّا يُنْحَى به نحوُ الصِّدق ممَّا يحتمل المعنى الَّذي فيه الخديعة للعدوِّ والإلغاز لا القصد إلى الإخبار عن الشَّيء بخلاف ما هو عليه، قال المهلَّب: مثل أن يقول المبارز له: حزام سَرجك قد انحلَّ، ليشغله عن الاحتراس منه، فيجد فرصةً في ضربه، وهو يريد أنَّ حزام سرجه قد انحلَّ فيما مضى مِنَ الزَّمان، أو يخبرُه بخبرٍ يقطعه مِنْ موت أميره، وهو يريد موت المنام أو الدِّين، ولا يكون قصدَ الإخبار عن الشَّيء بخلاف ما هو عليه ألبتَّة؛ لأنَّ ذلك حرامٌ، ومِنْ ذلك ما رُوي عن رسول الله صلعم أنَّه كان إذا أراد غزوةً ورَّى بغيرها كما سلف [خ¦2947].
قال ابن العربيِّ: الخديعة في الحرب تكون بالتَّورية وتكون بالكَمين وتكون بخُلف الوعد، وذلك مِنَ المستثنى الجائز المخصوص مِنَ المحرَّم، والكذب حرامٌ بالإجماع، جائزٌ في مواطنَ بالإجماع، أصلها الحرب، أذن الله فيه وفي أمثاله رفقًا بالعباد لضعفهم، وليس / للعقل في تحليله ولا تحريمه أمرٌ إنَّما هو إلى الشَّرع، ولو كان تحريم الكذب كما يقوله المبتدعون عَقْلًا ويكون التَّحريم صفته نفسيَّةً كما يزعمون ما انقلب حلالًا أبدًا، والمسألة ليست معقولةً فتستحقَّ جوابًا، وخفي هذا على علمائنا.
قلت: والظَّاهر كما قال النَّوويُّ إباحةُ حقيقة الكذب، نعم الاقتصار على التَّعريض أفضلُ.
وأمَّا قوله: (هَلَكَ كِسْرَى...) إلى آخره فهو عامٌّ فيه وخاصٌّ في قيصر، ومعناه: فلا قيصر بعده بأرض الشَّام، وقد دعا صلعم لقيصر لمَّا قرأ كتابه أن يثبِّت الله ملكه، فلم يذهب ملك الرُّوم أصلًا إلَّا مِنَ الجهة الَّتي خلا منها، وأمَّا كسرى فمزَّق كتابه فدعا عليه أن يُمزَّق ملكُه كلَّ ممزَّقٍ، فانقطع إلى اليوم.
وفيه مِنْ علامات النُّبوَّة إخباره أنَّ كنوزه ممَّا سيُنفق في سبيل الله، فكان كذلك.
وقال ابن التِّيْنِ: قوله: (ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ) قيل: معناه لا يملك مسلمٌ ملكه، وقيل: فلا قيصر بعده يكون بالشَّام كما قدَّمناه، وهو ما جزم به ابن بَطَّالٍ أيضًا، وقد سلف أيضًا تأويل ذلك في أوَّل «الصَّحيح» في الحديث السَادس منه فراجعْه [خ¦7].
قال الخَطَّابيُّ: فأمَّا كسرى فقطع الله دابره وأُنفقت كنوزه في سبيل الله، وأمَّا قيصر ملك الرُّوم فكانت الشَّام يُجبى له بها فكان بها منتداه ومرتعه، وبها بيت المقدس الَّذي لا يتمُّ للنَّصارى نُسكٌ إلَّا فيه، ولا يَملك على الرُّوم أحدٌ إلَّا أن يكون مَنْ دخله سرًّا أو جهرًا، وقد أُجلي عنها واستُفتحت خزائنه ولم يخلفه أحدٌ مِنَ القياصرة بعده إلى أن ينجز الله تمام وعده في فتح القُسطنطينيَّة آخرَ الزَّمان، فقد وردت الأخبار عن رسول الله صلعم بذلك، وسينجز الله وعده، وقال القُرْطُبيُّ: ورد ((هلكَ كِسرى)) بلفظ الماضي المحقَّق بعد، ووقع في التِّرمِذيِّ بإسناد مسلمٍ: ((إذا هلك)) وبينهما بونٌ عظيمٌ، فالأوَّل يقتضي أنَّ كسرى قد كان وقع موته فأخبر عنه.
وعلى هذا يدلُّ حديث أبي بَكْرة مِنْ عند البُخَاريِّ لمَّا بلغ رسول الله صلعم أنَّ أهل فارسٍ قد ملَّكوا عليهم امرأةً قال: ((لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأةً)) يعني أنَّه لمَّا مات كسرى وقع ذلك، ولهذا لا يصحُّ أن يُقال مكانقد مات: إذا مات، ولا إذا هلك، لأنَّ إذا للمستقبل ومات للماضي، وهما متناقضان فلا يصلح الجمع بينهما إلَّا على تأويلٍ بعيدٍ، وهو يقدَّر أنَّ أبا هريرة سمع الحديث مرَّتين: أوَّلًا ((إذا هلك)) ثُمَّ سمع بعده ((هلك))، فيكون صلعم قاله أوَّلًا قبل موت كسرى، لأنَّه علم أنَّه يموت، والثَّاني بعد موته.
ويحتمل أن يُفرَّق بين الموت والهلاك فيُقال: إنَّ موت كسرى كان قد وقع في حياته فأخبر عنه بذلك، فأمَّا هلاك مُلكه فلم يقع إلَّا بعد موت سيِّدنا رسول الله صلعم وموت الصِّدِّيق، وإنَّما هلك مُلكُه في خلافة عمر.
وأمَّا قوله: (فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَلَا قَيْصَرَ) فقال عِياضٌ: معناه عند أهل العلم: لا يكون كسرى بالعراق ولا قيصرُ بالشَّام، وقد انقطع أمر كسرى رأسًا وتمزَّق ملكه بدعوته كما سلف [خ¦64]، وتخلَّى قيصر عن الشَّام ورجع القَهْقَرى إلى داخل بلاده.
و(كِسرى): بكسر الكاف، كذا ذكره ثعلبٌ وأبو عليٍّ أحمد بن جعفرٍ الدِّينَوَريُّ في «فصيحهم»، وعليه اقتصر ابن التِّيْنِ، وقال يعقوبُ والفرَّاء في «البهيِّ»: هو أكثر مِنَ الفتح، وخالف أبو زيدٍ فأنكر الفتح، وقال أبو حاتمٍ في «تقويمه» الوجهين، وقال ابن الأعرابيِّ: الكسر فصيحٌ، وقال ابن السِّيْد: كان أبو حاتمٍ يختار الكسر، وقال القزَّاز: إنَّه أفصح، والجمع: كُسور وأكاسرة وكَياسرة، قال: والقياس أن يُجمع: كِسْرَونَ كما يجمع موسى مُوسَوْنَ، وأنكر الزَّجَّاج على أبي العبَّاس الكسر قال: وإنَّما هو بالفتح، وقال: ألا تراهم يقولون: كَسْرَويٌّ.
قال ابن فارسٍ: أمَّا اعتباره إيَّاه بالنِّسبة فقد يُفتح في النِّسبة ما هو في الأصل مكسورٌ أو مضمومٌ، أما تراهم يقولون في النِّسبة إلى تَغْلِب: تَغْلَبيٌّ، وفي النِّسبة إلى أُميَّة: أَمَويٌّ، وقد يُقال: تَغْلِبيٌّ وأُمَويٌّ، فقد جرى بعض النِّسبة على غير الأصل، فلا معنى إذنْ لقول الزَّجَّاج، على أنَّ الَّذي قاله روايةٌ.
وبعد فإنَّه معرَّبُ خُسْرَو، أي واسع الملك، فكيف أعربَه المُعْرِبُ إذا لم يخرج عن بناء كلام العرب فهو جائزٌ، وروى ناسٌ مِنَ البصريِّين بالكسر كما رواه ثعلبٌ.
وقال في «المجمَل»: قال أبو عمرٍو: يُنسب إلى كِسرى _بالكسر_ كِسريٌّ وكِسرَويٌّ. وقال الأمويُّ: بكسر الكاف أيضًا.
وفي «الجمهرة»: كِسْرى اسمٌ فارسيٌّ، ويُجمع: كُسُورًا وأكاسِر، هكذا يقول أبو عُبيدة، ولم يذكر ابن دُرَيدٍ غيرَ هذا فقط، وذكر اللِّحْيانيُّ أنَّ معناه: شاهان شاه، وهو اسمٌ لكلِّ مَنْ مَلك الفرس.