التوضيح لشرح الجامع البخاري

كتاب التمني

          ♫
          ░░94▒▒ كِتَابُ التَّمَنِّي
          ░1▒ بَابُ مَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ
          7226- ذَكَرَ فيه حديثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلعم يَقُولُ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ مَا تَخَلَّفْتُ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ).
          7227- ثمَّ ساقَه أيضًا مِن حديثِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أيضًا.
          هذا الكتاب ذكرهُ ابنُ بطَّالٍ بعد فضائلِ القرآنِ وبعدَه القَدر، وأحاديثُه تقدَّمتْ لكنْ لا بُدَّ مِن التَّنبيهِ على فوائدِها. وأبو سَلَمَةَ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الأئمَّة، مات سنةَ أربعٍ وتسعين على أَحَدِ الأقاويل. وسَعِيدُ بن المسيِّب هو أبو مُحَمَّدٍ المخزوميُّ أَحَدُ الأعلام والفقهاءِ الكُمَّلِ، تابعيٌّ مات سنةَ أربعٍ وتسعين وعاش تسعًا وسبعين سنةً.
          ومِن فوائدِه تمنِّي الخيرِ وأفعالِ البِرِّ والرَّغبةُ فيها _وإنْ عَلِمَ أنَّه لا ينالُها_ حِرصًا على الوصولِ إلى أعلى درجاتِ الطَّاعةِ. وفيه فَضْلُ الشَّهادةِ على سائرِ أعمالِ البِرِّ حيث تمنَّاها الشَّارعُ دونَ غيرِها، وذلك لِرَفِيعِ منزلتِها وكرامةِ أهلِها؛ لأنَّ الشُّهداءَ أحياءٌ عند ربِّهم يُرزقون، وذلك واللهُ أعلمُ لِسخائِهم بِبذل مُهَجِهم في مرضاتِهِ وإعزازِ دِينِه ومُحَاربةِ مَن حارَبَه وعاداه، لا جَرَمَ جازاهم بأنْ عوَّضهم في فَقْدِ حياةِ الدُّنيا الفانيةِ الحياةَ الدَّائمةَ في الدَّارِ الباقيةِ، فكانتِ المجازاةِ مِن جِنْس الطَّاعة.