التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل

          ░170▒ باب: هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجل وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ.
          3045- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَن الزُّهْريِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: (بَعَثَ رَسُولُ الله صلعم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بن الخَطَّاب فَانْطَلَقُوا حتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ...) الحديث.
          وفيه قصَّة خُبَيبٍ بكمالها، وهو مِنْ أفراده، وعند الدَّارَقُطْنيِّ: قال يونسُ _مِنْ رواية أبي صالحٍ عن اللَّيث عن يونس_ وابنُ أخي الزُّهْريِّ وإبراهيمُ بن سعدٍ: عُمَر بن أبي سفيان بضمِّ العين، غير أنَّ إبراهيمَ نسبه إلى جدِّه فقال: عُمر بن أَسِيدٍ، قال البُخَاريُّ في «تاريخه»: الصَّحيح: عَمرٌو.
          إذا تقرَّر ذلك فالكلام عليه مِنْ وجوهٍ:
          أحدها: هذه السَّرية تُسمَّى سريَّة الرَّجِيعِ، قال ابن سعدٍ: كانت في صفرٍ على رأس ستَّةٍ وثلاثين شهرًا، وعن أبي هريرة وعاصم بن عمرَ قالا: قدِم على رسول الله صلعم رهطٌ مِنْ عَضَلٍ والقَارَة _وهم مِنَ الهُون بن خُزَيمةَ_ فقالوا: يا رسول الله إنَّ فينا إسلامًا فابعث معنا نفرًا مِنْ أصحابك يفقِّهونا ويُقرِئونا القرآن. فبعث معهم عشرة رهطٍ: عاصمَ بن ثابتٍ، ومَرْثَدَ بن أبي مَرثدٍ، وعبد الله بن طارقٍ، وخُبَيْب بن عَديٍّ، وزيد بن الدَّثِنَة، وخالد بن البُكَيْر، ومُعَتِّب بن عُبيدٍ _وهو أخو ابن طارقٍ لأمِّه_ وأمَّر عليهم عاصمًا وقال قائلٌ: مَرْثد بن أبي مَرثدٍ، وكذا في «الإكليل»، قال الواقِديُّ: والرَّجِيعُ على سبعة أميالٍ مِنْ عُسْفان، حدَّثني موسى بن يعقوب عن أبي الأَسود قال: بعث رسول الله صلعم أصحاب الرَّجِيعِ عيونًا إلى مكَّة ليخبروه، وعند موسى بن عُقبة كذلك عن الزُّهْريِّ قال: وكانوا ستَّةً، وفي «الدَّلائل» للبَيْهَقيِّ: ((بعث صلعم عاصم بن ثابتٍ إلى بني لِحْيان بالرَّجيعِ، وذكرها ابن إسحاق في صفرٍ سنة أربعٍ، وعدَّهم ستَّةً، وأميرهم مَرْثَدٌ)). وقال عبد الحقِّ في «جمعه»: إنَّها كانت في غزوة الرَّجيع، وكانت غزوة الرَّجيع بعد أُحدٍ.
          ثانيها: (أسِيدٌ) بفتح الهمزة وكسر السِّين، و(جارِيَةَ) بالجيم.
          وقوله: (جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ) قال الدِّمْياطيُّ بخطِّه: لم يكن جدَّه وإنَّما كان خالَه، لأنَّ عاصمَ بن عمر بن الخَطَّاب أمُّه جميلةُ بنت ثابتِ بن أبي الأقلَحِ أخت عاصم بن ثابتٍ، وكان اسمها عاصية فسمَّاها رسول الله صلعم جميلة.
          و(بنو لِحْيَان) مِنْ هُذَيل بن مُدْرِكَة بن إلياسَ بن مُضرٍ بكسر اللَّام، وحكى صاحب «المطالع» فتحها، وعند الدِّمْياطيِّ: إنَّهم مِنْ بقايا جُرْهُمَ دخلوا في هُذَيلٍ، وعن ابن دُرَيدٍ: اشتقاقه مِنَ اللَّحْي مِنْ قولهم: لَحَيْتُ العُودَ، ولَحَوْتُهُ إذا قشرتَه.
          و(الْهَدَأَةِ) بفتح الهاء والهمزة، موضعٌ بين عُسْفان ومكَّة كما ذُكر.
          وقوله: (فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِئَتَيْ رَجُلٍ) هو بفتح الفاء، وكذا ضبطه الدِّمْياطيِّ، وضبطه بعض شيوخنا بتشديدها، وفي روايةٍ: ((فنُفِر إليهم بقريبٍ مِنْ مئة رجلٍ)) بتخفيفها، فكأنه قال: نفروا مئتي رجل، ولكن ما تبعهم إلَّا مئةٌ. وفي روايةٍ: فنفذوا بالذَّال المعجمة.
          وقوله: (فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ) أي: اتَّبعوها، قال ابن التِّيْنِ: ويجوز بالسِّين.
          وقوله: (فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ) كذا هو في «الصَّحيح» و«شرح ابن بَطَّالٍ»، وذكره بعض الشُّرِّاح بلفظ: ((فلمَّا أحسَّ)) ثُمَّ قال: أي علم، وفي أبي داود: ((حسَّ)) بغير ألف.
          و(الفَدْفَدُ) بفاءين مفتوحتين بينهما دالٌ مهملةٌ ساكنةٌ، وهو الموضع المرتفع الَّذي فيه غلظٌ وارتفاعٌ، وقال ابن فارسٍ: إنَّه الأرض المستوية، وظاهر الحديث أنَّه مكانٌ مشرفٌ تحصَّنوا فيه، ولأبي داود: ((قَرْدَد)) بقافٍ مفتوحة ثُمَّ راءٍ ساكنةٍ ثُمَّ دالٍ مفتوحةٍ مهملةٍ وأخرى مثلها، وهما سواءٌ.
          ثالثها: الثَّالث الَّذي قال: (هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ) سمَّاه ابن إسحاق: عبد الله بن طارقٍ بدريٌّ، وقتله هؤلاء رميًا بالحجارة بالظَّهْران، وكان خُبَيبٌ قَتل الحارث بن عامرٍ يوم بدرٍ، كما ذكره البُخَاريُّ، وهو بضمِّ الخاء المعجمة، ذكره البُخَاريُّ وغيره في البدريِّين، وقال الدِّمْياطيُّ: إنَّ الحارث بن عامرٍ إنَّما قتله خُبَيب بن يَسَاف بن عُيَينة ببدرٍ، لأنَّ خُبَيب بن عَديٍّ لم يشهد بدرًا.
          وقوله: (فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ).
          وقال ابن إسحاق: ابتاع خُبيبًا حُجَيْرُ بن أبي إهابٍ أخو الحارث لأنَّه ابتاعه لعُقبة بن الحارث ليقتله بأبيه، وقيل: اشتَرك في ابتياعه أبو إهاب / بن عَزيز وعكرمةُ بن أبي جهلٍ والأخنسُ بن شَرِيق وعُبيدة بن حَكيمٍ بن الأوقَص وأميَّة بن أبي عُتبة وبنو الحضرميِّ وصفوان بن أميَّة، وهم أبناء مَنْ قُتل مِنَ المشركين ببدرٍ، ودفعوه إلى عُقبة فسجنه حتَّى انقضت الأشهرُ الحرم فصلبوه بالتَّنْعيم، فكان أوَّلَ مَنْ صُلب في ذات الله، وأوَّلَ مَنْ صلَّى ركعتين عند القتل وقيل: زيد بن حارثة حين أراد المُكْرِي الغدر به فيما ذكر في «مرشد الزُّوَّار».
          و(الدَّثنَة) بدالٍ مهملةٍ مفتوحةٍ ثُمَّ ثاءٍ مثلَّثةٍ مكسورةٍ وساكنةٍ ثُمَّ نونٍ مفتوحةٍ، قتله صفوان بن أميَّة بأبيه.
          وقوله: (فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ أنَّ بِنْتَ الحارثِ أخبرَتْهُ) القائل: فأخبرني عبيدُ الله هو الزُّهْريُّ كما نبَّه عليه الدِّمْياطيُّ، لا كما قاله بعض الشُّرَّاح إنَّه عمرٌو، و(عُبيد الله) هذا: هو القاريُّ مِنَ القَارَة تابعيٌّ، ولم يذكره أحدٌ في رجال البُخَاريّ كما ادَّعاه الدِّمْياطيُّ، نعم ذكره المِزِّيُّ، وهو والد محمَّدٍ، وسمَّى ابنُ إسحاق ابنةَ الحارث ماويَّة، وقيل: مارية، وهي مولاة حُجَير بن أبي إهابٍ، وكانت زوجَ عُقبة بن الحارث، وسمَّاها ابن بَطَّالٍ جُوَيريَة، وفي «معجم البَغَويِّ»: هي ماويَّة بنت حُجير بن أبي إهابٍ، وللواقِديِّ: هي مولاة بني عبد مَنافٍ.
          قال الحُمَيديُّ في «جمعه»: رواية عُبيد الله عنها هنا إلى قوله: (فَلَمَّا خَرَجُوا بِه مِنَ الْحَرَمِ)، والابن الَّذي خيف عليه مِنَ الموسى هو أبو الحسين بن الحارث بن عامر بن نَوفلٍ، وهو جدُّ عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أبي حُسينٍ المكِّيِّ شيخ مالكٍ. وجاء: ((وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا)) هو بفتح الباء الموحَّدة، والبَدَد: التَّفرُّق، قال السُّهَيليُّ: ومَنْ رواه بكسر الباء فهو جمع بِدَّة، وهي: الفرقة والقطعة مِنَ الشَّيء المتبدِّد، ونصبُه على الحال مِنَ المدعوِّ، وبالفتح مصدرٌ.
          والمَصْرَعُ: موضع سقوط الميِّت، والشِّلْوُ: العضو مِنَ اللَّحم، وعن الخليل أنَّه الجسد مِنْ كلِّ شيءٍ، قال صاحب «المطالع»: وهو متعيِّنٌ هنا _يعني أعضاء جسدٍ_ إذ لا يُقال: أعضاء عضوٍ.
          والأوْصَالُ: جمع وَصْلٍ قاله الدَّاوُديُّ، والمُمزَّعُ _بضمِّ الميم وبالزَّاي وعينٍ مهملةٍ_: المفرَّق، ويُروى أنَّ الَّذي قتل خُبَيبًا هو أبو سِرْوَعة بكسر السِّين، وقيل: بفتحها وفتح الرَّاء، وقيل: بضمِّها، وقيل إنَّه عُقبة بن الحارث وقيل: أخوه، وكلاهما أسلمَ بعد ذلك، وكان عاصمٌ قُتل يوم أُحدٍ فَتَيَينِ مِنْ بني عبد الدَّار أخوين، أمُّهما سُلافة بنت سعد بن شهيدٍ، وهي الَّتي نذرت إن قدرت على قحف عاصمٍ لتشربنَّ فيه الخمر.
          و(الظُّلَّةِ) السَّحابة، وقيل: كلُّ ما غطَّى وسَتَر، وقال القزَّاز: ما يُستظلُّ به مِنْ ثوبٍ أو شجرٍ.
          و(الدَّبْرِ) الزَّنابير، واحدها دَبْرةٌ، وقال ابن فارسٍ: هي النَّحل وجمعه دُبُورٌ، وقال ابن بَطَّالٍ: الدَّبْرُ: جماعة النَّحل لا واحد لها، وكذلك الثَّوْل والخَشْرَم لا واحد لشيءٍ منها، كما يُقال لجماعة الجراد: رِجْلٌ، ولجماعة النَّعام: خِيطٌ، ولجماعة الظِّباء: إِجْلٌ، وليس لشيءٍ مِنْ ذلك واحدٌ. ولم يرُع ذلك المشركين وصدَّهم اللهوُ كما سبق في علم الله، والشِّعر الَّذي أنشده خُبيبٌ قال ابن هشامٍ في «السِّيرة»: أكثر أهل العلم بالشِّعر ينكرها له.
          رابعها: في فوائده: فيه أنَّه جائزٌ أن يستأسر الرَّجل إذا أراد أن يأخذ برخصة الله في إحياء نفسه، كما فعل خُبَيبٌ وصاحباه، وقال الحسن البصريُّ: لا بأس أن يستأسر الرَّجل إذا خاف أن يُغلب، وقال الأوزاعيُّ: لا بأس للأسير المسلم أن يأبى أن يمكِّن مِنْ نفسه ويمدَّ عنقه للقتل.
          وفيه الأخذ بالشِّدَّة، والإنابة مِنَ الأسر، والأنفة مِنْ أن يجري عليه مُلك كافرٍ، كما فعل عاصمٌ، وأحد صاحبي خُبَيب حين أبى مِنَ السَّير معهم حتَّى قتلوه، وقال الثَّوْريُّ: أكره للأسير المسلم أن يمكِّن مِنْ نفسه إلَّا مجبورًا.
          وفيه استنان الرَّكعتين لكلِّ مَنْ قُتل صبرًا.
          وفيه استنان الاستحداد لِمَنْ أُسر ولِمَنْ يُقتل، والتَّنظيف لِمَنْ يضيع بعد القتل لئلَّا يُطَّلع منه على قبح عورةٍ.
          وفيه أداء الأمانة إلى المشرك وغيره، وفيه التَّورُّع مِنْ قتل أطفال المشركين، رجاء أن يكونوا مؤمنين.
          وفيه الامتداح بالشِّعر في حين ينزل بالمرء هوانٌ في دينٍ أو ذلَّةٍ ليسلِّي بذلك نفسه ويرغمَ بذلك أنف عدوِّه ويجدِّد في نفسه صبرًا وأنفةً.
          وأمَّا قولها: (يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا) قال ابن بَطَّالٍ: هذا ممكنٌ أن يكون آيةً للهِ على الكفَّار وبرهانًا لنبيِّه، وتصحيحًا لرسالته عند الكافرة وأهل بلدها الكفَّار، مِنْ أجل ما كانوا عليه مِنْ تكذيب رسول الله صلعم، وأمَّا مَنْ يدَّعي اليوم مثلَ هذا بين ظهرانَي المسلمين فليس له وجهٌ، إذ المسلمون كلُّهم قد دخلوا في دين الله أفواجًا وآمنوا بمحمَّدٍ وأيقنوا به، فأيُّ معنًى لإظهار آيةٍ عندهم؟ وعلى ما يستشهد بها فيهم، لأنَّه قد يَشكُّ المرتاب ومَنْ في قلبه جهلٌ، فيقول: إذا جاز ظهور هذه الآيات مِنْ غير نبيٍّ فكيف يصدِّقها مِنْ نبيٍّ وغيرُه يأتي بها؟ فلو لم يكن في رفع هذه إلَّا رفعُ الرَّيب عن قلوب أهل التَّقصير والجهل، لكان قطعُ الذَّريعة واجبًا والمنع منها لازمًا لهذه العلَّة، فكيف ولا معنى لها في الإسلام بعد تأصُّله، وعند أهل الإيمان بعد تمكُّنه؟ إلَّا أن يكون مِنْ ذلك ما لا يخرق عادةً ولا يقلب عينًا، ولا يَخرج عن معقول البشر، مثل أن يُكرم الله عبدًا بإجابة دعوةٍ مِنْ حينه في أمرٍ عسيرٍ وسببٍ ممتنعٍ ودفع نازلٍ وشنعةٍ قد أظلَّت فيصرفها بلطفه عن وليِّه، وهذا ومثله ممَّا يظهر فيه فضل الفاضل وكرامة الوليِّ عند ربِّه، قال: وقد أخبرني أبو عِمران الفقيهُ الحافظ بالقَيروان أنَّه وقَّفَ أبا بكر بن الطَّيِّب الباقلانيَّ على تجويزه لهذه المعجزات، فقال له: أرأيت إن قالت لنا المعتزلة: إنَّ برهانًا على تصحيح مذهبنا وما ندَّعيه مِنَ المسائل المخالفة لكم ظهورُ هذه الآية على يدي رجلٍ صالحٍ منَّا؟ قال أبو عِمران: فأطرق عنِّي ومطلني بالجواب، ثُمَّ اقتضيته في مجلسٍ آخر فقال لي: كلُّ ما اعترض مِنْ هذه الأشياء شيئًا مِنَ الدِّين أو السُّنن، أو ما عليه صحيح العلم فلا يُقبل أصلًا على أيِّ طريقٍ جاء، فهذا آخر ما رجع إليه ابن الطَّيِّب.
          وأمَّا حماية الله عاصمًا مِنَ الدَّبر فلئلَّا ينتهك حرمَتَه عدوُّه، فهذه الكرامة الَّتي تجوز، مثل ذلك غير منكَر، لأنَّ الله تعالى حماه على طريق العادات، ولم يكن قلبَ عينٍ ولا خرقَ عادةٍ، هذا وشبهُه جائزٌ.
          وفيه علامةٌ مِنْ علامات النُّبوَّة بإجابة دعوة عاصمٍ بأنْ أخبر الله نبيَّه بالخبر قبل بلوغه على ألسنة المخلوقين.