-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░91▒ (بابُ: الحَرِيرِ فِي الحَرْبِ)
2919- ذكر فيه حديثَ أنسٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ _صلعم_ رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحمن بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَير فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا).
2920- وفي روايةٍ: (أَنَّ عَبْدَ الرَّحمن بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَير شَكَوَا إِلَى النَّبِيِّ _صلعم، يَعْنِي القَمْلَ_ فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الحَرِيرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ).
2921- وفي روايةٍ: رَخَّصَ لَهُمَا فِي حَرِيْرٍ.
2922- وفي روايةٍ: رَخَّصَ النَّبِيُّ _صلعم، أَوْ رُخِّصَ_ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا.
هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا في السَّفر، وأخرجه الأربعة أيضًا، ثُمَّ الكلام عليه مِنْ وجوهٍ:
أحدها: الحديث صريحٌ لمذهب الشَّافعيِّ ومَنْ وافقه في تجويز لُبس الحرير للرَّجل عند نزول الحِكَّة به، أو كثرة القمل، ومَا في معناهما، وكان فيه خاصيَّةٌ ترفع ذلك، وعُلِّل أيضًا بأنَّ فيه بردًا، وهو عجيبٌ فإنَّ الأطبَّاء على خلافه، وصف أبو عليٍّ الملابس البرد في المصقول والكتَّان، والحرَّ في الحرير والأقطان، وخالف مالكٌ فقال: لا يجوز، والسُّنَّة قاضيةٌ عليه، قال القُرطُبيُّ: الحديث دالٌّ على جواز لُبسه للضَّرورة، وبه قال بعض أصحاب مالكٍ، وأمَّا مالكٌ فمنعه في الوجهين، والحديث واضح الحجَّة عليه إلَّا أن يدَّعيَ الخصوصيَّة لهما ولا يصحُّ، ولعلَّ الحديث لم يبلغه. قلتُ: ويجوز لُبسه أيضًا عند الضَّرورة كفجاءة حربٍ ولم يجد غيره، ولِمَنْ خاف مِنْ حرٍّ أو بردٍ، وسواءٌ فيما ذكرناه الحضر والسَّفر، وقال بعض أصحابنا: يختصُّ بالسَّفر، وهو ضعيفٌ.
وجمع ابن العربيِّ في أصل لُبس الحرير عشرة أقوالٍ: التَّحريم بكلِّ حالٍ، مقابلُه مباحٌ بكلِّ حالٍ، الحرمة وإن خلط مع غيره كالخزِّ، استثناء الحرب، استثناء السَّفر، استثناء المرض، استثناء الغزو، استثناء العلم منه، إلحاق النِّساء بالرِّجال، يحرم لبسه مِنْ فوق دون أسفل وهو الفرش، قاله أبو حَنِيفةَ وابن الماجِشُون وعلَّلاه بأنَّه ليس بلُبسٍ، ويردُّه قول أنسٍ: فقمت إلى حصيرٍ لنا قد اسْوَدَّ مِنْ طول ما لُبِس، وفي أفراد البُخاريِّ مِنْ حديث حذيفة: نهانا رسول الله _صلعم_ عن لُبس الحرير والدِّيباج وأن نجلس عليه، حجَّة الأوَّل هذا الحديث، وحديث أبي موسى الآتي في البُخاريِّ [خ¦5833] ومسلمٍ أيضًا: ((مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ)). وفي «مستدرك الحاكم» مِنْ حديث أبي سعيدٍ الخُدريِّ مرفوعًا مثله بزيادة: ((وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ هُوَ)) ثُمَّ قال: حديثٌ صحيحٌ، وأخرجه ابن حِبَّان في «صحيحه».
وقال ابن بَطَّالٍ: اختَلف السَّلف في لباسه في الحرب، فأجازته طائفةٌ وكرهته أخرى، فممَّن كرهه عمرُ بن الخطَّاب، ورُوي مثله عن ابن مُحَيْرِيزٍ وعكرمة وابن سِيرين، وقالوا: كراهته في الحرب أشدُّ لما يرجون مِنَ الشَّهادة، وهو قول مالكٍ وأبي حَنِيفةَ، وقال مالكٌ: ما علمت أحدًا يُقتدى به لَبِسَه في الغزو، وممَّن أجازه في الحرب: روى مَعْمَرٌ عن ثابتٍ قال: رأيت أنس بن مالكٍ يلبس الدِّيباج في فزعةٍ فَزِعَها النَّاس. وقال أبو فَرقدٍ: رأيت على تجافيف أبي موسى الدِّيباج والحرير، وقال عطاءٌ: الدِّيباج في الحرب سلاحٌ، وأجازه محمَّد ابن الحنفيَّة وعروة والحسن البصريُّ، وهو قول أبي يوسف والشَّافعيِّ، وذكر ابن حبيبٍ عن ابن الماجِشُون أنَّه استخفَّ الحريرَ في الجهاد والصَّلاة به حينَئذٍ للتَّرهيب على العدوِّ والمباهاة، وفي «مختصر ابن شعبان» عن ابن الماجِشُون، عن مالكٍ مثل مَا ذكره ابن حبيبٍ، وقال الطَّبَريُّ: مَنْ كره لباسه في الحرب وغيره فإنَّهم جعلوا النَّهي عنه عامًّا في كل حالٍ، ومَنْ رخَّص فيه في الحرب احتجُّوا بحديث الباب، فبان بذلك أنَّ مَنْ قصد بلُبسه / دَفْعَ ما هو أعظمُ عليه مِنْ أذى الحِكَّة كأسلحة العدوِّ المريد نفس لابسه لقتلٍ وشبهه فله مِنْ ذلك نظير الَّذي كان لعبد الرَّحمن والزُّبَير بن العوَّام بسبب الحِكَّة والقمل.
ومِنَ الحجَّة أيضًا حديث أسماء أخرجه حجَّاجٌ، عن أبي عمر خَتَن عطاءٍ عنها أنَّها أخرجت جبَّةً مزرَّرةً بالدِّيباج وقالت: كان رسولُ الله _صلعم_ يلبسُها في الحرب. قال المهلَّب: ولباسه في الحرب مِنْ باب الإرهاب على العدوِّ، وكذلك ما رخَّص فيه مِنْ تحلية السُّيوف، وكلِّ ما يُستعمل في الحرب هو مِنْ هذا الباب، ويدلُّ على أنَّ أفضل ما استُعمل في قتال العدوِّ والتَّحيُّل في قذف الرُّعب في قلوبهم، وكذلك رخَّص في الاحتيال في الحرب، وقال _◙_ لأبي دُجانة وهو يتبختر في مشيته: ((إنَّها لمشيةٌ يبغضها الله إلَّا في هذا الموضع)) لما في ذلك مِنَ الإرهاب والازدهاء على الأعداء.
وقام الدَّليل مِنْ هذا على أنَّ حُسْن الرَّأي وجودة التَّدبير مِنَ الرَّجل الواحد يشير به في قتال العدوِّ وقد يكون أنكى مِنَ الشَّجاعة، وغناء العساكر العِظام، ومَنِ استثنى السَّفر فكأنَّه استند لحديث الباب، ومَنِ استثنى العلم فلحديث عمرَ في مسلمٍ: نَهَى رسولُ اللهِ _صلعم_ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ، رواه مسلمٌ وفي أبي داود: ثلاثة أو أربعة.
والظَّاهر أنَّه ليس بشكٍّ مِنَ الرَّاوي وإنَّما هو تفصيلٌ للإباحة، كما يُقال: خذ واحدًا أو اثنين أو ثلاثةً _يعني ما شئت مِنْ ذلك_ وفي «مسند أحمد» و«سنن أبي داود» مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ أنَّه قال: إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ _صلعم_ عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنَ الْحَرِيرِ، وأَمَّا الْعَلَمُ وَسَدَاء الثَّوْبِ فَلَيسَ بِهِ بَأْسَ. وصحَّحه الحاكم على شرط الشَّيخين بلفظ: إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ _صلعم_ عَنِ الْمُصْمَتِ إذا كانَ حريرًا.
وقد أباحه مالكٌ في ثلاثة أصابع في أشهر قوليه لأنَّه لم يروِ إلَّا أربع، ومَنْ حرَّمه على النِّساء أيضًا احتجَّ بحديث مسلمٍ أنَّ ابن الزُّبَير قال: لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ _صلعم_ يقولُ: ((مَنْ لَبِسَ الحريرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ)) وكأنَّه فهم العموم ولم يرَ الخصوص، وهو الحديث الصَّحيح أنَّه _◙_ أعطى عليًّا حُلَّةً وقال: ((شقِّقها خُمُرًا بين نِسائك)) أخرجاه مِنْ حديثه، وفي روايةٍ: ((بينَ الفَواطِمِ)) زاد ابن أبي الدُّنيا: فشقَّقها أربعة أَخْمِرة: خمارًا لزوجته، وآخر لأمِّه، وآخر لابنة حمزة، ونسي الرَّاوي الرَّابعة، وحديث أبي موسى الأشعريِّ عبد الله بن قيسٍ مرفوعًا: ((أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا)) رواه أحمد والتِّرمِذيُّ، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وخالف ابن حبَّان في «صحيحه» فقال: لا يصحُّ، ومَنْ قال بإباحته مطلقًا تعلَّق بأنَّ الشَّارع لَبِسَه، ثُمَّ حرَّمه، ثُمَّ أباحه لما ذُكر، والمحرَّم مِنَ المطاعم والملابس لا يُباح لمثل هذه الحاجة اليسيرة، ألا ترى أنَّه لا يجوز التَّداوي بالبول للحاجة؟ قلتُ: هو عندنا جائزٌ على الأصحِّ.
قال ابن العربيِّ: وهذا منزع مَنْ لم يتبصَّر القول كما قال الرَّاوي الصَّاحب العالم: رُخِّص للدَّاء، كان ذلك نصًّا على بقاء التَّحريم في الَّذي بدَّله واختصاص الرُّخصة به، ثُمَّ الرُّخصة شرعًا إمَّا لحاجةٍ وإمَّا لضرورةٍ أو لمشقَّةٍ يسيرةٍ داخلةٍ على المسلم، كالقصر والفطر، وكان ابن الزُّبَير يلبس الخزَّ فدلَّ على إباحته، ولَبِسَه أيضًا عثمانُ، قال: والنُّكتة المعنوية في ذلك أنَّ الخزَّ والحزام والصُّوف والكَتَّان حلالٌ، فإذا مُزجا جاء منهما نوعٌ لا يُسمَّى حريرًا، فلا الاسم يتناوله ولا السَّرف والخيلاء يدخله، فخرج عن الممنوع اسمًا ومعنى، فجاز على الأصل وكُره على الشُّبهة. قلتُ: محلُّه عندنا إذا زاد وزن غير الحرير أو استويا، فإن زاد الحرير حَرُم.
وقال ابن التِّيْنِ: أتى بهذه الطُّرق في الباب لقوله: (فِي غَزَاةٍ) والَّذي أتى مِنْ ذكر الحكَّة والقمل فقد يكونان جميعًا بهما، فربَّما ذكر أحدهما، وربَّما يذكر الآخر قاله الدَّاوُديُّ، والصَّحيح أنَّ ذلك لحكَّةٍ، وإنَّما ذكر القمل بتأويل أحدِ النَّقلة، ولعلَّه تأويلٌ غير صحيحٍ لأنَّه فسَّر في الطَّريقين الأخيرين أن ذلك لحكَّةٍ، قال: وقد جوَّز بعض العلماء لباس الحرير لما فيه مِنَ التَّرهيب على العدوِّ وإظهار قلَّة الهيبة لهم، فيكون أغيظَ لقلوبهم، ذكره سُحْنون، وكرهه مالكٌ في الحرب وغيره، وذَكر ابن حَبيبٍ عن ابن الماجِشُون أنَّه أجاز ذلك في الحرب، وذكره عن مالكٍ وجماعةٍ مِنَ الصَّحابة والتَّابعين، وأجازوا الصَّلاة فيه.
خاتمةٌ: قوله: (شَكَوا) كذا هو بالواو، وهو لغةٌ يُقال: شَكَيْتُ وشَكَوْتُ، بالواو والياء، وادَّعى ابن التِّيْنِ أنَّه وقع <شَكَيَا>، ثُمَّ قال: وصوابه: (شَكَوَا) لأنَّ لام الفعل منه واوٌ فهو مثل: {دَعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا} [الأعراف:189]، نعم في «الصِّحاح» الياء أيضًا.