-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░28▒ (بابُ: الكَافِرِ يَقْتُلُ المُسْلِمَ، ثُمَّ يُسْلِمُ، فَيُسَدِّدُ بَعْدُ أو يُقْتَلُ)
2826- ذكرَ فيه حديث أبي هريرة: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ _صلعم_ قَالَ: يَضْحَكُ اللهُ _تَعَالَى_ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلانِ الجَنَّةَ: يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتِلِ، فَيُسْتَشْهَدُ).
2827- وحديثَه أيضًا قال: (أَتَيْتُ رسول الله _صلعم_ وَهُوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا افْتَتَحَها، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَسْهِمْ لِي، فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ العَاصِ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، فَقَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ: وَاعَجَبًا لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ، يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللهُ عَلَى يَدَيَّ، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ، قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيدِيُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: السَّعِيدِيُّ هُوَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ).
الشَّرح: الحديث الأوَّل أخرجه مسلمٌ، والثَّاني مِنْ أفراده، وللنَّسَائيِّ في الأوَّل: ((يَعْجَبُ مِنْ رَجُلَيْنِ)) وذكره أبو داود وقال: لم يُسهِم لَه رسول الله صلعم، وذكر أنَّه أَبَانُ بن سعيد بن العاص، وخرَّج البُخاريُّ الثَّاني في المغازي [خ¦4239] عاليًا عن موسى عن عمرو بن يحيى بن سعيدٍ عن جدِّه، ولأبي داود أنَّه _◙_ بعثَ أَبَانَ وسعيدَ بنَ العاصِ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ المَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رسولِ اللهِ _صلعم_ بِخَيْبَرَ بَعْدَ أنْ فَتَحَهَا فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: لَا تَقْسِمْ له يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتَ هُنَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ عَلَيْنَا مِنْ رَأْسِ ضَالٍ، فَقَالَ _صلعم_: ((اجْلِسْ يَا أَبَانُ)) وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ، وفي لفظٍ ((فقال سعيد بن العاص: يا عَجَبًا لِوَبْرٍ))، قال الخطيب: كذا عند أبي داود فقال سعيدٌ: وإنَّما هو ابن سعيدٍ واسمه أبان، قال: والصَّحيح أنَّ أبا هريرة هو السَّائل كما تقدَّم، قلتُ: ويجوز أن يكونا سألا جميعًا، وأنَّ أحدهما جاز الآخر بقوله: لا تقسم له.
إذا تقرَّر ذلك فالكلام على مَا أوردناه مِنْ وجوهٍ _بعد أن يُعلَم أنَّ ترجمة الباب صحيحةٌ ومعناها عند العلماء أنَّ القاتل الأوَّل كان كافرًا وتوبتُه إسلامُه_:
أحدها: الضَّحِكُ مفسَّرٌ برواية النَّسَائيِّ السَّالفة: ((يَعْجَبُ مِنْ رَجُلَيْنِ)) ونقل ابن الجوزيِّ عن أكثر السَّلف أنَّهم كانوا يمنعون مِنْ تفسير مثل هذا ويُمِرُّونه كما جاء، قال: وينبغي أن تُراعى قاعدةٌ في هذا قبل الإمرار وهي أنَّه لا يجوز أن يُحْدَث للهِ صفةٌ، ولا تشبِهُ صفاتِه صفاتُ الخلق فيكون والعياذ بالله معنى إمرار الحديث الجهل بتفسيره، قَالَ الخَطَّابِيُّ: الضَّحك الَّذي يعتري البشر عندما يستخفُّهم الفرح، أو يستفزُّهم الطَّرب غير جائزٍ على الله تعالى، وإنَّما هو مثَلٌ مضروبٌ لهذا الصَّنيع الَّذي يحُلُّ محلَّ التَّعجُّب عند البشر، فإذا رأَوه أضحكهم، ومعنى الضَّحك في صفة الله: الإخبارُ عن الرِّضا بفعل أحدِ هذين والقَبولِ مِنَ الآخر ومجازاتِهما الجنَّةَ مع تباين مقاصدهما، وقال ابن حِبَّان في «صحيحه»: يريد أضحك اللهُ ملائكته وعجَّبهم مِنْ وجود ما قضى، وقال ابن فُوْرَكَ: أن يُبديَ الله مِنْ فضله ونعمه توفيقًا لهذين الرَّجلين كما تقول العرب: ضحكت الأرضُ بالنَّبات إذا ظهر فيها، / وكذلك قالوا للطَّلع إذا انفتق عنه: كافره الضَّحكُ لأجل أنَّ ذلك يبدو منه البياض الظَّاهر كبياض الثَّغر، وقال الدَّاوُديُّ: أراد قَبول أعمالهما ورحمتَهما والرِّضا عنهما، وكذا قال ابن بَطَّالٍ: المعنى يتلقَّاهما بالرَّحمة والرِّضوان، والضَّحك منه على المجاز، لأنَّه لا يكون منه _تعالى_ على مَا يكون مِنَ البشر لأنَّه ليس كمثله شيءٌ.
ثانيها: فيه أنَّ الرَّجل قد يوبَّخ بما سلف إلَّا أن يتوب فَلا توبيخ عليه ولا تثريب، ألا ترى أنَّ أبا هريرة لمَّا وبَّخَ ابنَ سعيدٍ على قتل ابن قَوْقلٍ كيف ردَّ عليه أقبحَ الرَّدِّ، وصارت له عليه الحجَّة كما صارت لآدم على موسى مِنْ أجل أنَّهما وُبِّخا بعد التَّوبة مِنَ الذَّنب، وفيه أنَّ التَّوبة تمحو ما سلف قبلها مِنَ الذُّنوب القتلِ وغيره لقوله: (أَكْرَمَهُ اللهُ عَلَى يَدَيَّ، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ) لأنَّ ابن قَوقلٍ وجبت له الجنَّة بقتل ابن سعيدٍ له، ولم تجب لابن سعيدٍ النَّار لأنَّه تاب وأسلم، ويصحِّح ذلك سكوته _◙_ على قوله، ولو كان غير صحيحٍ لما لزمه السُّكوت لأنَّه بُعِث للبيان.
قال ابن الجَوزيِّ: وقوله: (قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ) _بقافين_ لا أدري مَنْ يعني؟ قال: العبَّاس بن عبادة، والنُّعمان بن مالك بن ثعلبة _وهو قَوقل_ قتلهما صفوان بن أميَّة، قلتُ: قوله: وهو قَوقل ليس كذلك، إنَّما قَوقَل اسمه غَنْم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج كذا ذكره الكلبيُّ وأبو عبيدٍ وابن دُرَيدٍ وغيرهم.
ثالثها: الوَبْر بإسكان الباء، قال صاحب «المطالع»: كذا لأكثر الرُّواة، وهي دُوَيْبَّةٌ غبراءُ _ويُقال بيضاءُ_ على قدر السِّنَّور، حسنة العينين مِنْ دوابِّ الجبال، وإنَّما قال له ذلك احتقارًا به ونسبةً إلى قلَّة المقدرة على القتال، وضبطه بعضهم بفتح الباء وتأوَّله، وهو جمع وَبَرةٍ، وهو شعر الإبل، أي: إنَّ شأنه كشأن الوبَرة لأنَّه لم يكن لأبي هريرة عشيرةٌ، قال القزَّاز: هي ساكنة الباء دُوَيْبَّةٌ أصغر مِنَ السِّنَّور طحلاء اللَّون، يعني: تُشبه الطِّحال لا ذنَب لها، وهي مِنْ دوابِّ الغور والجمع وبارٌ، وعن الخطَّابيِّ: أحسب أنَّها تُؤكل لأنِّي وجَدْت بعض السَّلف يوجب فيها الفدية، وقالَ ابنُ سِيدَهْ في «محكمه»: الوَبْر على قدر السِّنَّور، والأنثى وَبْرةٌ، والجمع وُبُرٌ ووبُورٌ ووِبَارٌ ووُبَارةٌ وأُبَارةٌ، وقال الجَوهَريُّ: تَرْجُنُ في البيوت أي: تُقيم بها وتألفها، وقال أبو موسى المدينيُّ في «مغيثه»: في قتلها على المُحرِم شاةٌ لأنَّها تجترُّ كالشَّاة، وقيل: لأنَّ لها كرشًا مثل الشَّاة، وقال مجاهدٌ فيما حكاه في «مجمع الغرائب» مثله، وفي «البارع» لأبي عليٍّ عن أبي حاتمٍ: الطائفيُّون يقولون لِمَا يكون في الجبال مِنَ الحشرات: الوَبْر، جمعها الوِبَارة، ولغةٌ أخرى الوَبَارة، وأخرى الإبارة بالكسر والهمز.
وذكر ابن دِحية في «مرَج البحرين»: وكَلْبُ بن وَبْرَةَ بن تَغْلِبَ بن حُلْوانَ _بسكون الباء_ وهي دُوَيْبَّةٌ كالسِّنَّور، ووهمَ الجواليقيُّ حيث فتح الباء، قلتُ: لكنْ وافق النَّسَّابين وأهل اللُّغة، وقال ابن بَطَّالٍ: رُوي رأس بدل (قَدُومِ) قال: ومَنْ روى بفتح الباء مِنْ وَبَرٍ فمعناه تشبيهُ أبي هريرة بالوبر الَّذي لا خطب له ولا مقدار، لأنَّه لم يكن لأبي هريرة عشيرةٌ ولا قومٌ يمتنع بهم، ولا يغني في قتالٍ ولا لقاء عدوٍّ، وكان ابن سعيدٍ وأبو هريرة طارئين، ذكر الطَّبَريّ أن أبانًا وأبا هريرة قدما عليه بخيبر وَقد سلف، ومَنْ رواه بإسكانها فمعناه أنَّه شبهه بالوبر وهي دُوَيْبَّةٌ على قدر السِّنَّور، وعن صاحب «العين»: فأراد أنه في ضعف المنَّة وقلَّة العناء كالسِّنَّور في السِّباع، وإنَّما سكت _◙_ عن الإنكار على ابن سعيدٍ لأنه لم يَرْمِ أبا هريرة بحدٍّ ولا تنقَّصه في دِينٍ، إنَّما تنقَّصه في قلَّة العشيرة والقدر، أو بضعف المنَّة.
وجمع الخلافَ ابن التِّيْنِ فقال: الوَبْر دويبَّةٌ يُقال: إنَّها تشبه السِّنَّور قاله الخطَّابيُّ، وقال الهَرَويُّ: على قدره، وقال ابن فارسٍ: الوَبْر دابَّةٌ، والجمع وِبارٌ.
وقوله: (تَدَلَّى عَلَيْنَا) أي: انحدر، ولا يخبر بهذا إلَّا عمَّن جاء مِنْ موضعٍ عالٍ هذا الأشهر عند العرب.
قال أبو ذرٍّ الهرويُّ: (ضَأْنٍ) جبلٌ بأرض دوسٍ، وهو بلد أبي هريرة، وقال ابن التِّيْنِ: شبَّهه في قدومه بتدلِّي الوبر مِنْ موضعه، قال: و(قَدُومِ ضَأْنٍ) اسم موضعٍ، قَالَ الخَطَّابِيُّ: وهو في أكثر الرِّوايات: ضالٍ باللَّام، وهو جبلٌ أو ثنيَّةٌ أو نحوها، وذكر عن الشَّيخ أبي الحسن أنَّه قال: شبَّهه بما يُعلَّق بزند الشَّاة، أي هو مُلصقٌ مِنْ قريشٍ وليس منهم، ويلزم على هذا أن تُقرأ وَبَر بفتح الباء ولم نسمعه كذلك، إنَّما هو بالإسكان، قلتُ: قد حُكي كما سلف، وقال صاحب «المطالع»: هو بفتح القاف وتخفيف الدَّال اسم موضعٍ، وضمَّ المَرْوَزيُّ القاف، والأوَّل أكثر وتأوَّله بعضُهم: (قَدُومِ ضَأْنٍ) أي المتقدِّم فيها، وهي رؤوسها، وهو وَهْمٌ بيِّنٌ.
وقال ابن بَطَّالٍ: يحتمل أن يكون قُدوم: جمع قادمٍ مثل راكعٍ وركوعٍ وساجدٍ وسجودٍ، ذكر ذلك سِيبَوَيه، فيكون المعنى: تدلَّى علينا مِنْ جملة القوم القادمين، أقام الصِّفة مقام الموصوف، ويكون (مِنْ) في قوله: (مِنْ قَدُومِ) تبيُّنًا للجنس كما لو قال: تدلَّى مَنْ علينا مِنْ ساكني ضأنٍ، ولا تكون مِنْ مرتبطةً بتدلَّى كما هي مرتبطةٌ بالفعل في قولك: تدلَّيتُ مِنَ الحبل، لاستحالة تدلِّيه مِنْ قومٍ، ولا يُقال: تدلَّيت مِنْ بني فلانٍ، ويحتمل أن يكون (قُدُومٍ) مصدرًا وُصِف به الفاعلون، ويكون في الكلام حذفٌ وتقديره: تدلَّى علينا مِنْ ذوي قدوم، فحَذف الموصوف وأقام المصدر مُقامه، كما قالوا: رجلٌ صومٌ ورجلٌ فطرٌ، أي ذو صومٍ وذو فطرٍ، و(مِنْ) على هذا التَّقدير تبيينٌ للجنس كما كانت في الوجه الأوَّل، قال: ويحتمل أن يكون معناه تدلَّى علينا مِنْ مكان قدوم ضأنٍ ثُمَّ حذف المكان وأقام القدوم مكانه، كما قالت العرب: ذَهب به مَذهبٌ، وسلك به مسلكٌ، يريد المكان الَّذي يسلك فيه ويذهب، ويشهد لهذا رواية مِنْ رأس ضأنٍ، وفيه قولٌ يحتمل أن يكون (قَدُومِ) اسمًا لمكانٍ مِنَ الجبل متقدِّمٍ منه وَلا يكون مصدرًا ولا جمعًا ويدلُّ على هذا رواية مَنْ روى: (تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ رأسِ ضَأْنٍ).
ويحتمل أن يكون اسم المكان (قَدوم) بفتح القاف دون الضَّمِّ لقلَّة الضَّمِّ في هذا البناء في الأسماء وكثرة الفتح، / ويحتمل أن يكون (قَدُّوم ضَأْنٍ) بتشديد الدَّال وفتح القاف لو ساعدته روايةٌ لأنَّه مِنْ بناء أسماء المواضع، وطرف القَدُّوم: موضعٌ بالشَّام، قلتُ: الحازميُّ ضبطَ القرية الَّتي اختَتن بها إبراهيم والجبل الَّذي بقرب المدينة بتخفيف الدَّال، ثُمَّ ذكر عن ثعلبٍ أنَّه قال: بتشديد الدَّال اسم موضعٍ، فإنْ أراد أحد هذين فلا يُتابع عليه لاتَّفاق أئمَّة النَّقل على خلافه، وإن أراد موضعًا ثالثًا فالله أعلم.
وقال أبو موسى في «مغيثه» عَن ابن دُريدٍ: قدوم: ثنيَّةٌ لسراة أرض دوسٍ، وقال أبو عُبَيْدٍ: رواه النَّاس عن البُخاريِّ (ضَأْن) بالنُّون إلَّا الهَمْدانيَّ فإنَّه رواه باللَّام، وهو الصَّواب إن شاء الله، والضَّال: السِّدر البرِّيُّ، وأمَّا إضافة هذه الثَّنيَّة إلى الضَّأن فلا أعلم لها معنًى، وقد قدَّمنا مِنْ عند أبي داود أنَّه باللَّام، وقال ابن الجَوزيِّ: كذا هُو في أكثر الرِّوايات، وزَعم أبو ذَرٍّ الْهَرَويُّ أنَّه بالنُّون جبلٌ بأرض دوسٍ، بلد أبي هريرة، وقيل: ثنيَّةٌ، قال صاحب «المطالع»: وتأوَّله بعضهم على أنَّه الضَّأن مِنَ الغنم، وجعل قُدُومَها أي رؤوسها يعني المتقدِّم منها، والوَبَرُ _بفتح الباء_: شعر رؤوسها، قال: وهذا تكلُّفٌ وتحريفٌ، فتحصَّلنا إسكان الباء وفتحها، وضأن بالنُّون واللَّام، وقدوم بفتح القاف وضمِّها.
رابعها: فيه حجَّةٌ على الكُوفيِّين في قولهم في المدد يلحق بالجيش في أرض الحرب بعد الغنيمة أنَّهم شركاؤهم في الغنيمة، وسائر الفقهاء إنَّما تجب عندهم الغنيمة لِمَنْ شهد الوقعة، واحتجُّوا بحديث أبي هريرة هذا لأنَّه لم يسهم له، كَما أخرجه أبو داود كما سلف، وأبو حَنِيفةَ إنَّما يسهمُ لِمَنْ غاب عن الوقعة لشغلٍ شغله الإمام مِنْ أمور المسلمين، كما فَعل بعثمانَ حين قَسم له مِنْ غنائم بدرٍ بسهمه ولم يحضرها لأنَّه كان غائبًا في حاجة الله ورسوله فكان كمَنْ حضرها، أو مثل أن يبعثه الإمام لقتال قومٍ آخرين فيصيب الإمام غنيمةً بعد مفارقة ذلك الرَّجل إياه، أو يبعث رجلًا ممَّن معه في دار الحرب إلى دار الإسلام ليمدَّه بسلاحٍ ورجالٍ فلا يعود ذلك الرَّجل إلى الإمام حتَّى يغتنم غنيمةً فهو شريكٌ فيها، وهو كمَنْ حضرها، وكذلك مَنْ أراد الغزو فردَّه الإمام، وشغله بشيءٍ مِنْ أمور المسلمين فهو كمَنْ حضرها.
قال الطَّحَاويُّ: وأمَّا حديث أبي هريرة فإنَّما ذلك _والله أعلم_ لأنَّه وجَّه أبان إلى نجدٍ قبل أن يتهيَّأ خروجه إلى خيبرَ، فتوجَّه أبان ثُمَّ حدث خروجُه إليها فكان مَا غاب فيه أبان ليس هو شُغْلٌ شُغِلَ به عن حضورها بغير إرادته إيَّاها، فيكون كمَنْ حضرها، وقال الكُوفيُّون: لا حجَّة في حديث أبي هريرة لأنَّ خيبر حين فُتحت صارت دار إسلام، وهذا لا شكَّ فيه، قالوا: وقد روى حمَّاد بن سَلَمة عن عليِّ بن زيدٍ عن عمَّار بن أبي عمَّارٍ، عن أبي هريرة قال: ما شهدتُ لرسول الله _صلعم_ مغنمًا إلَّا قسم لي، إلَّا خيبرَ فإنَّها كانت لأهل الحُدَيْبيَة خاصَّةً شهدوها أو لم يشهدوها لأنَّ الله _تعالى_ كان وعدهم بها بقوله: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} واحتجُّوا بما رواه أبو أسامة عن بُرَيدٍ عن أبي بُرْدة عن أبيه عن أبي موسى قال: قَدِمنا على النَّبيَّ _صلعم_ مع جعفرٍ مِنْ أرض الحبشة بعد فتح خيبرَ بثلاثٍ فقسم لنا، ولم يقسم لأحدٍ لم يشهد فتحها غيرنا، قال الطَّحَاويُّ: وهذا يحتمل أن يكون لأنَّهم كانوا مِنْ أهل الحديبية، أو يكون استطاب أنفس أهل الغنيمة، وعلى قوله لا حجَّة لأصحابهم في حديث أبي موسى، وسيأتي قريبًا تمامُ هذه المسألة في باب: إذا بعث الإمام رسولًا في حاجةٍ [خ¦3136].
وقوله: (يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) أي يَعيبني ويوبِّخني.
وقوله: (أَكْرَمَهُ اللهُ عَلَى يَدَيَّ) يعني: بالشَّهادة، (وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ) يعني: لم يُقدِّر موتي بقتله إيَّاي كافرًا فأدخُلَ النَّار.
وقوله: (قَالَ: فَلا أَدْرِي أَسْهَمَ لَهُ أَو لَمْ يُسْهِمْ) هو مِنْ قول عَنْبَسة أو مَنْ دونَه إلى شيخ البُخاريِّ، قاله ابن التِّيْنِ.