التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الأسارى في السلاسل

          ░144▒ باب: الأسارى في السَّلاسل.
          3010- ذكر فيه حديث أبي هريرة ☺، عن النَّبيِّ صلعم قال: (عَجِبَ اللهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ).
          هذا الحديث مِنْ أفراده، ومعناه: يدخلون الإسلام مكرهين، وسُمِّي الإسلام باسم الجنَّة لأنَّه سببُها، ومَنْ دخله فقد دخل الجنَّة، وقد جاء هذا المعنى بيِّنًا في حديثٍ ذكره البُخَاريُّ في التَّفسير في تفسير سورة آل عمران مِنْ حديث أبي هريرةَ أيضًا في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] قال: خير النَّاس للنَّاس تأتون بهم في السَّلاسل / في أعناقهم حتَّى يدخلوا في الإسلام كَرهًا.
          وفيه سَوق الأُسَراء في الحبال والسَّلاسل والاستيثاق منهم حتَّى يرى الإمام فيهم رأيه.
          والعجب المضاف إلى الله راجعٌ إلى معنى الرِّضا والتَّعظيم، وأنَّ الله تعالى يعظِّم مَنْ أخبر عنه بأنَّه يعجب منه ويرضى عنه، قاله ابن فُورَك.
          وقال الدَّاوُديُّ: أي: جعلهم عجبًا أسارى فأسلموا، ولأبي داود: ((عجب ربُّنا مِنْ قوم يُقادون إلى الجنَّة في السَّلاسل)).
          قال ابن المنيِّر: إن كان المراد حقيقةَ وضع السَّلاسل في الأعناق فالتَّرجمة مطابِقةٌ، وإن كان المراد المجازَ عن الإكراه فليست مطابقةً، وقال ابن الجَوزيِّ: ويحتمل أنَّهم لو بقُوا على كراهتهم للإسلام لم يدخلوا الجنَّة لكنَّهم قُيِّدوا مكرَهين، فلمَّا عرفوا صحَّة الإسلام دخلوا طوعًا فدخلوا الجنَّة، وَكان السَّبب الإكراهَ في الأوَّل، وأوضح أبو داود هذا المعنى أيضًا فإنَّه لمَّا ذكر حديث أبي هريرة المُبدأ بذكره في باب: الأسير يوثق؛ ذكر معه حديث ثُمَامة بن أُثَالٍ وحديث الحارث بن البَرْصاء، وأنَّهما أُوثقا وجيء بهما إلى رسول الله صلعم.