التوضيح لشرح الجامع البخاري

كتاب الحيل

          ♫
          ░░90▒▒ كِتَابُ الحِيَلِ
          ░1▒ بَابٌ فيِ تَرْكِ الحِيَلِ، وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى فيِ الأَيْمَانِ وَغَيِرْهَا
          6953- ساق فيه حديثَ: (الأَعْمَالُ بالنِّيَّات).
          وهو حُجَّةٌ لمالكٍ وغيرِه في أنَّ الأَيمان على نِيَّةِ المحلوف له، وأنَّ التَّوريةَ لا تنفعُه في سقوطِ الحِنْث خاصَّةً، كالرَّجُلِ يحلِفُ لغريمِه وهو مُعْسَرٌ: واللهِ ما لَكَ عندي شيءٌ. يعني في هذا الوقتِ مِن أجل عُسْرِي وأنَّ اللهَ قد أنظرَ إلى الوجود، وكالحالفِ: هندٌ طالِقٌ. وزوجتُه اسمُها ذلِكَ، ونَوَى أجنبيَّةً تُسمَّى به، أو يريدُ طلاقَها إلى موضِعِ سُكنَاها أو مِن قيدٍ، وكالحالِفِ على أكْلِ طعامٍ وخصَّ طعامًا بعينِه، وكالحالِفِ لِغريمِهِ وهو يريدُ شيئًا ما غيرَ ما لَهُ عليه، فإنْ كان الحالِفُ يخاصمُهُ غرماؤُه وزوجتُه واخَذَهُ الغُرَماءُ بِظاهِرِ لفظْهِ، ولم يلتفتوا فيه إلى نيَّتِهِ في الحُكْمِ، وحملوا الكلام على مخرَجِه، هذا قولُ مالكٍ وأهلِ المدينةِ، / والشَّافعِيُّ حَرَقَ البِساطَ ولم يجْعَلْ له أَثَرًا.
          ومَن أجازَ التَّوريةَ إنَّما فرُّوا مِن الحِنْثِ بمعاريضِ الكلامِ، وجعلوه على نِيَّتِه في يمينٍ لا يَقتَطِعُ بها مالَ امرئٍ مُسلمٍ ولا يُبطِلُ حقَّه، وإن اقتَطَعَ بيمينِه مالَ آخَرَ فلا مخرجَ له عند أحدٍ مِن أهلِ العلم ممَّن يقولُ بالتَّوريةِ وغيرِها، ولا يكون ذلك المالُ حلالًا عندهم، ولا بدَّ مِن ردِّه إلى صاحبِه، ولو جازت التَّوريةُ لَنَوى الإنسانُ عند حَلِفِه في الحقوقِ غيرَ ما طُولِبَ به، ويَحِلُّ له ما اقتطعه بهذه اليمينِ المعرَّجِ بها عن طريقِ الدَّعوى، ولذلك أنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانِهِمْ} الآية [آل عِمْرَان:77] فلمَّا اتَّفَقوا معنا على أنَّه لا يَحِلُّ شيءٌ مِن ذلك المالِ عُلِمَ أنَّ التَّوريةَ لا تُزيلُ الحِنْثَ وسقط قولُهم.