-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░166▒ بَاب: مَنْ رَأَى الْعَدُوَّ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا صَبَاحَاهْ حتَّى يُسْمِعَ النَّاس.
3041- ذكر فيه بإسناده الثُّلاثيِ: حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بن الأكوع أنَّه أخبره... فذكر قصَّته في الغابة.
وهي غزوة ذي قَرَدٍ بفتح القاف والرَّاء وبالدَّال المهملة، ويُقال: بضمَّتين، وقال السُّهَيليُّ: كذا ألفيته مقيَّدًا عن أبي عليٍّ، والقَرَد في اللُّغة: الصُّوف الرَّديء، وهو على نحوٍ مِنْ يومٍ مِنَ المدينة، قال ابن سعدٍ: والغابة على يومٍ مِنَ المدينة في طريق الشَّام، كانت في شهر ربيعٍ الأوَّل سنة ستٍّ. وقال ابن إسحاق: حدَّثني عاصم بن عمر وعبد الله بن أبي بكرِ بن حَزْمٍ وغيرهما قالوا: لمَّا قدم النَّبيُّ صلعم مِنْ بني لِحْيان لم يُقِمْ بعد قدومه إلَّا لياليَ حتَّى أغار عُيينة، وكان خرج إلى بني لِحْيان في جمادى الأولى، وقال البُخَاريُّ: إنَّها قبل خَيبرَ بثلاثة أيامٍ، وفي مسلمٍ نحوه، وفيه نظرٌ.
ولابن سعدٍ: كانت لِقَاح رسول الله صلعم عشرين لقْحَةً ترعى بالغابة، وكان أبو ذرٍّ فيها، فأغار عليهم عُيَينة بن حِصْنٍ ليلة الأربعاء في أربعين فارسًا، فاستاقوها وقتلوا ابن أبي ذرٍّ، وجاء الصَّريخ فنُودي: يا خيل الله اركبي، فكان أوَّل ما نُودي بها، وركب رسول الله صلعم، وخرج غداة الأربعاء في الحديد مقنَّعًا فوقف، فكان أوَّلَ مَنْ أقبل إليه المِقْدادُ بن عمرٍو وعليه الدِّرع والمِغْفر شاهرًا سيفه، فعقد له رسول الله لواءً في رمحه وقال: ((امضِ حتَّى تلحقَ الخيولُ وأنا في إثرك)) واستخلف على المدينة ابن أمِّ مكتومٍ، وخلَّف سعد بن عُبادة في ثلاث مئةٍ مِنْ قومه يحرسون المدينة، قال المِقْداد: فأدركت أُخرَيات العدوِّ، وقد قتل أبو قَتَادة مَسْعدةَ، وقتل عُكَّاشةُ أبانَ بن عمرٍو، وقَتل المقدادُ حَبيبَ بن عُيَينة وقِرْفةُ بن مالك بن حُذيفة بن بدرٍ، وأدرك سَلَمة بن الأكوع القومَ، وهو على رجليه فجعل يراميهم بالنَّبل ويقول:
خُذْهَا وَٱنَا ابنُ الأَكْوَعِ واليَومُ يومُ الرُّضَّعِ
وفي البُخَاريِّ:
أنا ابنُ الأَكْوَعِ وَاليَومُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
حتَّى انتهى بهم إلى ذي قَرَدٍ، وهي ناحية خَيبرَ ممَّا يلي المُستناخ.
قال سَلَمة: فلحقَنا رسولُ الله صلعم والنَّاسُ عِشاءً، قلت: يا رسول الله، إنَّ القوم عطاشٌ فلو بعثتني في مئة رجلٍ استنقذت ما بأيديهم مِنَ السَّرح، وأخذت بأعناق القوم، فقال: / ((ملكت فأسجح)) ثُمَّ قال: ((إنَّهم الآن ليُقْرَون في غَطَفَان)) ولم تزل الخيل تأتي، والرِّجال على أقدامهم حتَّى انتهَوا إلى رسول الله صلعم بذي قَرَدٍ، فاستنقذوا عشر لِقاحٍ، وأفلتَ ما بقي وهي عشرٌ، وصلى رسول الله صلاة الخوف بذي قَرَدٍ وأقام بها يومًا وليلةً، والثَّبت عندنا أنَّ رسول الله صلعم أمَّر على هذه السَّريَّة سعيد بن زيدٍ الأَشْهَليَّ، ولكنَّ النَّاس نسبوها إلى المِقْداد لقول حسَّان:
غَداةَ فوارس المِقْدادِ
فعاتبه سعيدُ بن زيدٍ فقال: اضطرَّني الرَّويُّ إلى المقداد.
ورجع رسول الله صلعم إلى المدينة يوم الاثنين وقد غاب خمسَ ليالٍ، وقال: ((خيرُ فرساننا اليوم أبو قَتَادة وخير رجَّالتنا سَلَمة))، قال سَلَمة: وأعطاني سهم الفارس والرَّاجل.
وفي «الدَّلائل» للبَيْهَقيِّ: أوفى سَلَمة على سَلْعٍ ثُمَّ صرخ: يا صباحاهْ، الفزعَ، فبلغ ذلك رسولَ الله صلعم.
وفي «الإكليل» للحاكم: باب غزوة ذي قَرَدٍ، قال: هذه الغزوة هي الثَّالثة لذي قَرَد، فإنَّ الأولى: سريَّة زيد بن حارثة في جمادى الآخرة على رأس ثمانيةٍ وعشرين شهرًا مِنَ الهجرة، والثَّانية: خرج فيها رسول الله صلعم بنفسه إلى بني فَزَارة، وهي على تسعةٍ وأربعين شهرًا مِنَ الهجرة، وهذه الثَّالثة: الَّتي أغار فيها عبد الرَّحمن بن عُيَينة على إبل رسول الله، فخرج أبو قَتَادة وابن الأكوع في طلبها، وذلك في سنة ستٍّ مِنَ الهجرة.
إذا تقرَّر ذلك ففيه النَّذير بالعسكر والسَّريَّة بالصُّراخ، وهي رفع الصَّوت بكلمةٍ تدلُّ على ذلك.
ومعنى (يَا صَبَاحَاهْ) أُغير عليكم في الصَّباح، أو قد صوبحتم فخذوا حِذركم، ومعناه الإعلام بهذا الأمر المهمِّ الَّذي دهمهم في الصَّباح. وقال ابن المنيِّر: الهاء للنُّدْبة، وهي تسقط وصلًا والرِّواية إثباتها فيقف على الهاء. وقيل: لأنَّهم كانوا يغيرون وقت الصَّباح، وقيل: جاء وقت الصَّباح فتأهَّبوا للِّقاء فإنَّ الأعداء يتراجعون عن القتال ليلًا فإذا جاء النَّهار عاودوه.
وفيه جواز الأخذ بالشِّدَّة، ولقاء الواحد أكثر مِنَ المثلين، لأنَّ سَلَمة كان وحده وألقى بنفسه إلى التَّهْلُكة.
وفيه تعريف الإنسان بنفسه في الحرب لشجاعته وتقدُّمه، وسيأتي في الباب بعده زيادةٌ فيه.
وفيه فضل الرَّمي لأنَّه وحدَه قاومهم بها، وردَّ الغنيمة.
و(الْغَابَةِ) الأجمة، والثَّنيَّة مِنَ الأرض كالمرتفَع، قاله ابن فارسٍ، وقيل: هي أعلى الجبل، وسلف.
و(اللِّقَاحَ) النُّوق ذات الدَّرِّ، واحدها: لِقْحَةٌ بكسر اللَّام، وقيل: بفتحها، و(غَطَفَان) و(فَزَارَة) قبيلتان مِنَ العرب.
وقوله:
(وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ)
فيه أقوالٌ للعلماء، منها أنَّ معناه مَنْ أرضعتْه الحرب مِنْ صغره فهو الظَّاهر، وقيل معناه: إنَّ اليوم يُعرف مَنْ رضع كريمةً أو لئيمةً قيل: أو حرَّةً، فيبدو فعله في الدَّفع عن حريمه. وقال الخَطَّابيُّ: معناه أنَّ اليوم يوم هلاك اللِّئام، مِنْ قولهم: لئيم راضعٍ، وهو الَّذي يرضَع الغنم لا يحلبها فيُسمعَ صوت الحلَب. وعبارة غيره: وهو الَّذي رَضِعَ اللُّؤم مِنْ ثدي أمِّه، يُقال: راضعٌ ورضَّعٌ مثل راكعٍ وركَّعٍ، وقيل في المثَل: ألأَمُ مِنْ راضعٍ، وذلك إذا أحسَّ بالضَّيف رَضَعَ اللَّبن بفيه كما ذكرناه. وقال أبو عبد الملك: يحتمل أن يريد: اليوم تعلم المرضعة هل أرضعت شجاعًا أم جبانًا؟ وقال الدَّاوُديُّ: أراد يومًا شديدًا عليكم تُفارِق فيه المرضعة رضيعَها، فلا يجد مَنْ ترضعه أو شيئًا معها. قال: وأتى به على السَّجع، وهو قريبٌ مِنَ الشِّعر.
ورُوي أنَّه قال لهم: إنِّي رجل شديد الطَّلب قليل السَّلَب، وفي الكنانة ثلاثون سهمًا، ولا والله أردُّ يدي إليها وأضع منها سهمًا إلَّا في كبد إنسانٍ منكم وأنَّه استلبهم ثلاثين بُردةً، ذكره في البُخَاريِّ بعد هذا.
وقال ابن الأنباريِّ في «زاهره»: هو الَّذي رَضِعَ اللُّؤم مِنْ ثدي أمِّه، أي: غُذِّي به، وقيل: هو الَّذي يرضع ما بين أسنانه يستكثر مِنَ الجشع بذلك، وقال أبو عَمرو: هو الَّذي يرضع الشَّاة أو النَّاقة مِنْ قَبل أن يحلبها مِنْ شدَّة الشَّرَه. وقال قومٌ: الرَّاضع الَّذي لا يمسك معه محلبًا، فإذا جاءه إنسان فسأله أن يسقيه احتجَّ أنَّه لا مِحْلَب معه، وإذا أراد أن يشرب هو رَضِعَ النَّاقة أو الشَّاة، وقال في «الموعَب»: رَضِعَ الرَّجل رَضاعةً وهو رَضيعٌ وراضعٌ للَّئيم، وجمعه: راضعون.
وقال ابن دريدٍ: أصل الحديث أنَّ رجلًا مِنَ العماليق طرقه ضيفٌ ليلًا فمصَّ ضَرع شاته لئلَّا يَسمع الضَّيف صوت الشَّخب، فكثر حتَّى صار كلُّ لئيمٍ راضعًا، فعل ذلك أو لم يفعله، وقال إبراهيم: مِنْ عيوب الشَّاة أن تَرتضع لبن نفسها، وقيل: هو الَّذي يرضع طرف الخِلال الَّتي يخلِّل بها أسنانه ويمصُّ ما يتعلق به.
وقوله: (الْيَوْمَُ يَوْمُ الرُّضَّعِ) قال السُّهَيليُّ: هو برفعهما، وبنصب الأوَّل ورفع الثَّاني.
وقوله: (مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ) أي: سهِّل العقوبة ولا تأخذ بالشِّدَّة، بل ارفُقْ فقد حصلت النِّكاية فيهم، يُقال: أَسْجح الكريم إلى مَنْ أذنب عليه يُسْجِحُ إسجاحًا.
وقوله: (فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا) يعني: الماء، وعلى ذلك يدلُّ قوله: (إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ) يحضُّه على اتِّباعهم وإهلاكهم، فقال له النَّبيُّ صلعم: (مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ) أي: استنقذت الغنيمة فملكتَها، وملكت الحماية فأسجِحْ، أي: لا تبالغ في المطالَبة، فربَّما عادت عليك مِنْ حيث لا تظنُّ؛ فبعد أن ظفرت يُظفَر بك، قال ذلك صلعم حضًّا لهم ورجاء توبةٍ منهم وإنابةٍ ودخولهم في الإسلام.
وقوله: (إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ) وهو مِنَ القِرى وهو الضِّيافة، والمعنى أنَّهم قد وصلوا إلى قومهم، وقيل: إنَّهم يُضيفون للأضياف، وقال ابن بَطَّالٍ: ((يُقْرَون)) سيبلغون أوَّل بلادهم فيُطْعَمون ويُسْقَون قبل أن تبلغ منهم ما تريد، قال: ومَنْ روى: ((يَقْرُون)) جعل القِرى لهم أنَّهم يُضيِّفون الأضيافَ، وصحَّفه بعضهم فقال: ((يغزون)) بغينٍ معجمةٍ، ونقل ابن الجّوزيِّ عن بعضهم: ((يَقْرَون)) وفسَّره بأنَّهم يجمعون الماء واللَّبن.
وفي «دلائل البَيْهَقيِّ»: ((إنَّهم ليُغبَقون / الآن في غَطَفان)) فجاء رجلٌ مِنْ غَطَفَان، فقال: مرُّوا على فلانٍ الغَطَفَانيِّ فنَحر لهم جزورًا، فلما أخذوا يكشِطون جلدَها رأَوا غبرةً فتركوها وخرجوا هِرابًا.
وفيها أيضًا أنَّ امرأةَ الغِفاريِّ ركبت العَضْباء ناقةَ رسول الله صلعم ونذرت إنِ اللهُ نجَّاها عليها لتنحرنَّها، فلما قدمت المدينةَ أخبرتْ رسول الله بنذرها فقال: ((بئس ما جزيتِها، لا وفاء لنذرٍ في معصية الله ولا فيما لا يملك ابنُ آدم)). قال السُّهَيليُّ: واسمها ليلى، ويُقال: كانت امرأةَ أبي ذرٍّ، وزعم المبرِّد أنَّ المرأة كانت أنصاريَّةً وكانت بمكَّة، وفيه نظرٌ.