التوضيح لشرح الجامع البخاري

كتاب العقيقة

          ░░71▒▒ كِتابُ العَقِيْقَةِ
          هذا الكتاب ذكرَه ابن بطَّالٍ عَقِب باب الخُمُس، وأعقَبَ الأطعمةَ بالتعبير. ويُحصَر الكلام على العَقِيقة في سبعةِ مواضِعَ لا تَسْأم مِن طُولها:
          أوَّلُها: في اشتقاقِها: والمعروف أنَّه اسمٌ للشاة التي تُذَبح عن المولودِ، سُمِّيت عَقِيقةً؛ لأنَّه تُعَقُّ مذابِحُها أي: تُشَقُّ وتُقطع، وقِيل: أصلها الشَّعَر الذي يُحلَق. وقال ابن فارسٍ: عَقَّ يَعُقُّ إذا حلَقَ عن ابنِه عَقِيقةً، وذَبَحَ للمساكين شاةً. قال: والشاةُ المذبوحةُ والشَّعر كِلَاهما عَقِيقةٌ، ولا تكون العَقِيقة إلَّا الشَّعَر الذي يُولَد به، وهي العِقَّةُ أيضًا. وقد أوضحتُ الكلِّام عليها في لُغات «المنهاج». وعبارة ابن التَّيَّانيِّ في «موعبه»: أنَّها الشَّعَر والوَبَر الذي يُولَد به الصَّبِيُ، فإذا حَلَق ونَبَتَ فقد زالَ عنه اسم العَقِيقة، وإنَّما يُسمَّى الشَّعَر عَقِيقةً بعدَ الحَلْق على الاستعارة، سُمِّيت باسم الشَّعَر لأنَّه يُحلَق في ذلك اليوم.
          وعبارة القزَّاز في «جامعِه» أصل العَقِّ: الشَّقُّ، فكأنَّها قِيل لها: عَقِيقة أي: مَعْقُوقة. ويُسمَّى شعر المولود عَقِيقةً باسم ما يَعُق عنه، وقِيل: باسم المكان الذي أعقَّ عنه فيه أي: الشَّقُّ، وكلُّ مولودٍ مِن البهائم فَشَعرُهُ عَقِيقةٌ، فإذا سقطَ وَبَر البعير مرةً ذهب عنه هذا الاسم.
          وقال أبو عُبَيْدٍ: وقولُه في الحديث ((أَمِيطوا عنه الأذى)) يعني بالأذى: / الشَّعَر. وقال الأزْهَرِيُّ في «تهذيبه»: يُقَال لذلك الشَّعَر عَقِيقٌ بغير هاءٍ. وقِيل للذَّبيحة: عَقِيقةٌ؛ لأنَّها تُذبح أي: يُشَقُّ حُلْقومُها ومَرِيئُها ووَدَجَاها قطعًا. وقال ابن سِيَده: قِيل: العِقَّة في النَّاس والحُمُر خاصَّةً، وجمعها عُقُق. قال أبو زيدٍ: ولم نسمعُه في غيرِها، وأَعَقَّتِ الحامل: نَبَتَت عَقِيقة ولدِها في بطنِها. وقال صاحب «المغيث»: عن أحمدَ في قولِه: ((الغلامُ مُرْتَهنٌ بِعَقِيقتِهِ)). أي: يُحرَمُ شفاعةَ ولده. يعني حتَّى يَعُقَّ عنه فإن عقَّ عنه يشفع.
          وقال في «المجمل»: لا تكون العَقِيقة إلَّا للشَّعَر الذي يُولَد به، وقِيل للشَّعَر الذي يَنبتُ بعد ذلك عَقِيقة على جهة الاستعارة، حكاه في «الغريبين». وأنكر أحمدُ تفسير أبي عُبَيدٍ العَقِيقة وقال: إنَّما العَقِيقة الذَّبْحُ نفسُه، حكاه ابن عبد البرِّ في «تمهيده». واحتجَّ بعضُهم لقول أحمدَ، فإن الذي قالَه معروفٌ في اللُّغة، لأنَّه يقال: عَقَّ إذا قَطَع، ومنه يُقَال: عقَّ والديه إذا قَطَعَهما. قال أبو عُمَر: وقول أحمدَ في معناها أَوْلَى مِن قول أبي عُبَيدٍ وأقربُ وأصوبُ.
          فَصْلٌ: وثانيها: في حكمِها: فالجمهور على أنَّها سُنَّةٌ، وبه قال مالكٌ والشَّافِعيُّ وأحمدُ وأبو ثَوْرٍ وإسحاق، ولا ينبغي تركُها لمن قَدِر عليها. قال أحمد: هو أحبُّ إليَّ مِن التَّصدُّقِ بثمنِها على المساكين. قال مالكٌ: إنَّه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم. وقال مرَّةً: إنَّه مِن الأمر الذي لم يزل عليه أمر النَّاس عندنا.
          وقال يحيى بن سَعِيدٍ: أدركتُ النَّاس وما يَدَعُونها عن الغلام والجارية. وقال ابن المنذر: وممَّن كان يراها ابن عبَّاسٍ وابن عُمَرَ وعَائِشَة، وروي عن فاطمَةَ، وسُئل الثَّوريُّ عن العَقِيقة فقال: ليست بواجبةٍ، وإن صُنِعت لِمَا جاء فَحَسنٌ، وقال الأوْزَاعِيُّ: هي سُنَّةٌ مِن رسول الله صلعم، وَيُقَابله قولان:
          أحدهما: أنَّها بِدْعةٌ، حُكِي عن الكوفيِّين وأبي حنيفةَ، وأنكرَه أصحابه ويقولون: هو خرْقُ الإجماع وإنَّما قولُه أنَّها مُبَاحةٌ، وهو خِلاف ما عليه العلماء مِن التَّرغيب فيها والحضِّ عليها.
          ثانيهما: وجوبها: حُكي عن الحَسَنِ وأهل الظَّاهر وتأوَّلوا قولَه: ((مع الغَلَامِ عَقِيقةٌ)) على الوجوب، وكان اللَّيث يُوجِبها.
          قال البَغَويُّ في «شرح السُّنَّة»: أوجبها الحَسَنُ قال: تجِبُ على الغُلام يوم سابعِهِ، فإن لم يَعُقَّ عنه عقَّ عن نفسِهِ. وأبو الزِّنَاد، وهي روايةٌ عن أحمدَ. وقال أبو وائلٍ: هي سُنَّةٌ في الذَّكَر دون الأنثى، حكاه ابن التِّين، وكذا ذكره في «المصنَّف» عن مُحَمَّدٍ والحَسَن. وقال مُحَمَّد بن الحَسَن: هي تطوُّعٌ، كان النَّاس يفعلونها ثمَّ نُسخت بالأضحى. وحكاه ابن بطَّالٍ عن أبي وائلٍ والحَسَن لَمَّا عَقَّ ◙ عن الحَسَن والحسين، فالسُّنَّة مِن كلِّ مولودٍ مِن الذُّكور كذلك.
          وأمَّا الإناث، فلم يصحَّ عندنا عنه ◙ أنَّه أمرَ بالعَقِيقة عنهُنَّ ولا أنَّه فَعَلَه، إلَّا أنَّ الذي مضى عليه العمل بالمدينة والذي انتشرَ في بلدان المُسْلِمٍين: أن يَعُقَّ عنها أيضًا. دليل الجمهور: الأحاديث المشهورة فيه، ومنها: حديث «الموطَّأ»: ((مَن وُلد له وَلدٌ فأحبَّ أن يَنْسُكَ عنه فَلْيَفْعل)) فعلَّقَه بمحبَّةِ فاعلِه، وسيأتي.
          قال أبو مُحَمَّد ابن حَزْمٍ: هي فرضٌ واجبٌ يُجبر الإنسان عليها إذا فَضَلَ له عن قُوتِه مقدارُها، وهو أن يَذبح عن كلِّ مولودٍ يولَدُ له حيًّا أو ميِّتًا بعد أن يُوقع قد وقَعَ عليه اسم غلامٍ أو جاريةٍ، إن كان ذكرًا فَشَاتين، وإن كانت أنثى فشاةٌ تٌذبح يوم سابعِه، ولا يُجزئ قبلَهُ وإلَّا ذَبَح بعده متى أمكنَ ويأكلُ منها ويُهدي ويتصدَّق، هذا كلُّه مباحٌ لا فرضٌ، ويحلِقُ رأس المولود في سابعِه، ولا بأس أن يمسَّ بشيءٍ مِن دمِ العَقِيقة، ولا بأسَ بكسر عِظَامها. كما رُوِّينا مِن طريقِ النَّسائيِّ: أخبرنا مُحَمَّد بن المثنَّى، حَدَّثَنا عفَّانُ، حَدَّثَنا حمَّاد بن سَلَمَة، أخبرنا أيُّوبُ ابن أبي تَمِيمةَ، وحبيبٌ _هو ابن الشَّهيد_ ويُونُس _هو ابن عُبيدٍ_ وقَتَادَةُ، كلُّهم عن مُحَمَّد بن سِيرينَ، عن سلمانَ بن عامرٍ الضَّبِّيِّ أنَّ رسول الله صلعم قال: ((في الغلام عَقِيقتُهُ فأَهْرِيقُوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى)). قال: ورُوِّيناه مِن طريقِ البُخارِيِّ وغيرِه إلى حمَّاد بن زيدٍ وجرير بن حازِمٍ، كِلَاهما عن أيُّوبَ، عن ابن سِيرينَ، عن سَلْمانَ أنَّه ◙ بنحوه، ومِن طريقِ الرَّبَابِ، عن سَلْمانَ عن رسول الله صلعم بنحوه.
          قلت: البُخارِيُّ رواه مِن طريقِ حمَّاد بن زيدٍ أوَّلًا موقوفًا [خ¦5471]، فإنَّهُ قال بعد أن ترجم باب: إماطة الأذى عن الصَّبيِّ في العَقِيقة: حَدَّثَنا أبو النُّعْمَان _هو مُحَمَّد بن الفضْلِ_ حَدَّثَنا حمَّادُ بن زيدٍ، عن أيُّوبَ، عن مُحَمَّدٍ، عن سَلْمانَ بن عامِرٍ قال: مع الغُلام عَقِيقةٌ. ثمَّ قال: وقال حجَّاجٌ: حَدَّثَنا حمَّادٌ، أخبرنا أيُّوبُ وقَتَادَةُ وهِشَامٌ وحبيبٌ، عن ابن سِيرينَ، عن سَلْمانَ، عن رسول الله صلعم، وحمَّادٌ هذا: هو ابن سَلَمَة _كما سيأتي_ وقال غير واحدٍ: عن عاصمٍ وهِشَامٍ، عن حَفْصةَ بنت سِيرينَ، عن الرَّبَابِ، عن سَلْمانَ، عن رسول الله صلعم وقال أصبغُ: أخبرني ابن وَهْبٍ، عن جَرِير بن حَازمٍ، عن أيُّوب السَّخْتِيَانِيِّ، عن مُحَمَّد بن سِيرينَ قال: حَدَّثَنا سَلْمانُ بن عامرٍ الضَّبِّيُّ قال: سمعتُ رسول الله صلعم يقول: ((مع الغُلَام عَقِيقةٌ، فَأهْرِيقُوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى)).
          ورواه الإسْمَاعيلِيُّ، عن البَغَويِّ، حَدَّثَنا إسماعيل، حَدَّثَنا سُلَيْمَان، حَدَّثَنا حمَّاد بن زيدٍ، عن أيُّوبَ، عن مُحَمَّدٍ، عن سَلْمانَ أنَّ رسول الله صلعم قال: ((مع الغُلَام عَقِيقةٌ)) الحديث، قال: رواه _يعني: البُخارِيَّ_ عن عِكْرِمَةَ، عن حمَّاد بن زيدٍ، فقال: عن سَلْمانَ مِن قوله. وبنحوه ذكره أبو نُعَيمٍ.
          وقد ظهر لك أنَّ البُخارِيَّ روى حديث جَرِيرٍ مُعلَّقًا، لا جَرمَ قال أبو نُعَيمٍ: ذكره البُخارِيُّ بلا روايةٍ.
          واعترض الإسْمَاعيلِيُّ فقال: لم يروِ البُخارِيُّ في هذا الباب _يعني باب إماطة الأذى_ حديثًا صحيحًا على شرطِه، أمَّا حديث حمَّاد بن زيدٍ، فجاء به موقوفًا وليس فيه ذكر إماطة الأذى، والباب مِن أجلِه، وحديث حبيبٍ ذكره بلا خبرٍ، وقد قال أحمدُ: حديث جَرِيرٍ بمِصْرَ، كأنَّهُ على التوهُّم أو كما قال.
          وأمَّا حديث حمَّاد بن سَلَمَة فذكره مستشهدًا به فقال: وقال حجَّاجٌ: حَدَّثَنا حمَّادٌ. قلت: وكأنَّ ابن حَزْمٍ ظنَّهُ حمَّادَ بن زيدٍ لأنَّه طوى اسم والده بخلاف حمَّاد بن زيدٍ، فإنَّه صرَّح به أوَّلًا.
          وطريق الرَّبَابِ قد أخرجها أيضًا مُعلَّقًا / ووصَلَها أبو داودَ عن الحَسَن بن عليٍّ، عن عبد الرَّزَّاق، عن هِشَامٍ، والتِّرْمِذيُّ وصَلَ رواية عاصمٍ عن الحَسَن بن عليٍّ، عن عبد الرَّزَّاق، عن سُفْيَان بن عُيَينةَ، عن عاصم بن سُلَيْمَان، ثمَّ قال: صحيحٌ.
          قال الإسْمَاعيلِيُّ: وقد رواه الثَّوريُّ موصولًا مجوَّدًا فلم يذكره _يعني البُخارِيَّ_ ثُمَّ ساقَه عنه، عن أيُّوب، عن مُحَمَّدٍ، عن سَلْمانَ مرفوعًا به. والحاصل أنَّه أخرجه مع البُخارِيِّ أصحاب السُّنن مَن ذكرناه وابن ماجه أيضًا. وقال التِّرْمِذيُّ: حَسَنٌ صحيحٌ، ولم يخرج مُسلمٌ عن سَلْمانَ هذا في كتابه شيئًا، وقال: لم يكن في الصَّحابة صَبِيٌّ غيرُه، ثمَّ قال ابن حَزْمٍ: وبالسَّند المذكور للنَّسائيِّ: حَدَّثَنا أحمدُ بن سُلَيْمَان، حَدَّثَنا حمَّاد بن سَلَمَةَ، عن قيس بن سعْدٍ، عن مُجَاهِدٍ وطَاوُسٍ، عن أم كُرْزٍ الخُزَاعيَّة أنَّ رسول الله صلعم قال: ((عن الغُلَام شَاتانِ مُكَافِئتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ)).
          ثمَّ قال: وحَدَّثَنا حِزَامٌ، حَدَّثَنا عبَّاس بن أصبغَ، حَدَّثَنا ابن أيمنَ، حَدَّثَنا مُحَمَّد بن إسماعيل التِّرْمِذيُّ، حَدَّثَنا الحُمَيديُّ، حَدَّثَنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنا عَمْرو بن دِينارٍ، أخبرنا عَطَاءُ بن أَبِي رَبَاحٍ أنَّ حَبِيبة بنت مَيْسرةَ، أخبرتْه أنَّها سمعت أمَّ كُرْزٍ قالت: سمعتُ رسول الله صلعم يقول في العَقِيقةِ: ((عن الغُلَام شاتانِ)) الحديث.
          قلت: فحديث كُرْزٍ هذا أخرجه أصحاب السُّنن الأربعة، وصحَّحَهُ التِّرْمِذيُّ وابن حبَّان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. قلت: واختُلِف في حديث عَطَاءٍ، قال الدَّارقطنِيُّ: روي عنه عن أمِّ كُرْزٍ بلا واسطةٍ، وتارةً عن أمِّ عُثْمَان بنت خُثَيمٍ، عن أم كُرْزٍ، وأخرى: عن مَيْسَرةَ بن أبي خُثَيمٍ، عن أمِّ كُرْزٍ، وتارةً عن عُبَيد بن عُمَيرٍ، عن أمِّ كُرْزٍ، وتارةً: عن عَطَاءٍ، عن ابن عبَّاسٍ، عن أمِّ كُرْزٍ، وتارةً عن عَطَاءٍ، عن ابن عبَّاسٍ، عن رسول الله صلعم، وتارةً عن عَطَاءٍ، عن عَائِشَة، وأخرى عَطَاءٌ عن أمِّ كُرْزٍ، عن عَائِشَة بلفظ: ((شاتانِ مُكَافِئتانِ))) وتارةً قال عَطَاءٌ: سألتُ سُبَيعةُ بنت الحارث رسولَ الله صلعم عن العَقِيقة. وأخرى: عن عَطَاءٍ، عن جابرِ بن عبد الله، عن رسول الله صلعم.
          زاد في كتاب أبي الشيخ: قال جابرٌ: تُقطَّع العَقِيقةُ أعضاءً ثمَّ تُطْبَخ بماءٍ ومِلْحٍ ويُبعَث منها إلى الجيران ويُقال: هذه عَقِيقةُ فُلانٍ، قِيل: فإن جُعل فيها خَلٌّ؟ قال: ذاك أطيبُ. وفي حديث الوليد بن مُسلمٍ، عن زُهَير بن مُحَمَّدٍ، عن ابن المُنْكَدِر، عن جابرٍ أنَّه ◙ خَتَن الحَسَنين لسبعةِ أيَّامٍ وعَقَّ عنهما، قال الوليد: فَذَكَرتُه لمالكٍ فقال: لسبعة أيَّامٍ فلا أدري، ولكن الخِتَان طُهْرَةٌ، وكلَّما قدَّمها كان أحبَّ إليَّ.
          ثُمَّ ساقَه ابن حَزْمٍ مِن حديثِ ابن عُيَينةَ، عن عُبيد الله بن أبي يَزِيْد، عن أبيه عن سِبَاعِ بن ثابتٍ، عن أمِّ كُرْزٍ سمعتُ رسول الله صلعم يقول: ((عن الغلام شَاتانِ، وعن الجارية شاةٌ لا يَضُرُّكم ذُكرانًا كُنَّ أو إناثًا)) وهذا أخرجه التِّرْمِذيُّ مِن حديثِ ابن جُرَيجٍ: أخبرني عُبَيد الله بن أبي يَزِيْدَ، عن سِبَاعٍ، عن أمِّ كُرْزٍ وقال: حَسَنٌ صحيحٌ. وكذا أخرجه النَّسائيُّ، عن قُتَيبةَ، عن سُفْيَانَ، ولم يقل: عن أبيه.
          قال ابن عبد البرِّ: قول ابن عُيَينةَ: عن أبيه. خالفَه حمَّاد بن زيدٍ، فلم يقل: عن أبيه، وذكر أنَّ أبا داودَ قال: وَهَم فيه ابن عُيَينةَ. قال أبو عُمَرَ: ولا أدري كيف قال أبو داودَ هذا، وابن عُيَينةَ حافِظٌ.
          قلت: أدخَلَ التِّرْمِذيُّ بين أمِّ كُرْزٍ وسِبَاعٍ مُحَمَّد بن ثابتِ بن سِبَاعٍ أنَّه أخبره أنَّ أمَّ كُرْزٍ أخبرتْه بالحديث وصحَّحه، ولأبي عُمَر، قلت: يا رسول الله، ما المكافِئتانِ؟ قال: ((المِثْلَانِ وأنَّ الضَّأنَ أحبُّ إليَّ مِن المَعْز)). وذكر أنَّها أحبُّ إليه مِن المَعْز، وذكر أنَّها أحبُّ إليه مِن إناثِها. قال ابن جُرَيجٍ: كان هذا رأيًا مِن عَطَاءٍ. ثُمَّ ذكرَ ابن حَزْمٍ حديث الحَسَن عن سَمُرةَ مرفوعًا: ((الغلامُ مرتهنٌ بِعَقِيقتِهِ تُذبح عنه يوم سابعِهِ ويحلِقُ ويُسمَّى)) مِن طريقِ أبي داودَ والنَّسائيِّ.
          ومن عند البُخارِيِّ: حَدَّثَنا عبد الله بن أبي الأسودِ: حَدَّثَنا قُرَيْش بن أنسٍ، عن حَبِيب بن الشَّهيد قال: أمرني ابن سِيرينَ أن أسألَ الحَسَن ابن أبي الحَسَن ممَّن سَمِع حديث العَقِيقة فقال: مَن سَمُرةَ بن جُنْدبٍ. ثمَّ قال ابن حَزْمٍ: لا يصِحُّ للحسن سَمَاعٌ مِن سَمُرَةَ إلَّا حديثَ العَقِيقة وحدَه.
          قلت: وهذا الحديث أخرجه مع أبي داودَ والنَّسائيِّ ابن ماجه والتِّرْمِذيُّ، وقال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وقد ذكر البُخارِيُّ في «تاريخه الكبير»: قال لي عليُّ بن المَدِينيِّ: سماعُ الحَسَنِ مِن سَمُرةَ صحيحٌ، وأخذ بحديثِه: ((مَن قتَلَ عَبْدَه قَتَلْنَاهُ)).
          وقال البَرْدِيْجِيُّ في «مراسيله»: الحَسَن عن سَمُرةَ ليس بصحيحٍ إلَّا مِن كتابٍ، ولا نحفظ عن الحَسَن عن سَمُرةَ حديثًا يقول فيه: سمعتُ سَمُرةَ، إلَّا حديثًا واحدًا وهو حديث العَقِيقة ولم تثبُت رواية قُرَيْش بن أنسٍ، عن الحَسَن، عن سَمُرةَ، ولم يروه غيرُه وهو وَهَمٌ.
          قلت: قد رواه عنه أبو حُرَّة أيضًا عن الحَسَن، كما ذكره الطَّبَرانيُّ في «أوسط معاجمه»، وفي «كتاب أبي الشيخ ابن حيان» روايته له مِن حديثِ فِطْرٍ عن الحَسَن. ومِن طريقِ يَزِيْدَ بن السَّائبِ، عن الحَسَن فهؤلاء ثلاثةٌ تابعوه، وفي «سؤالات الأَثْرَمِ» ضعَّف أبو عبد الله حديث قُرَيْشٍ _يعني هذا_ وقال: ما أُراه بشيءٍ. ثمَّ رواه ابن حَزْمٍ مِن طريقِ أبي داودَ مِن حديثِ قَتَادَة عن الحَسَنِ، عن سَمُرَةَ يرفعُه: ((كُلُّ غُلامٍ مُرْتهنٌ بِعَقَيقتهِ حتَّى تُذْبَح عنه يوم السابع ويُحلَقَ رأسُه ويُدَمَّى)). قال: فكان قَتَادَةُ إذا سُئل عن التَّدمية كيف تصنعُ؟ قال: إذا ذَبحتَ العَقِيقةَ أخذتَ صوفةً فاستقبلتْ بها أَوْدَاجَها ثمَّ تُوضَع على يَافُوخ الصَّبيِّ حتَّى يسيلَ على رأسه مثل الخيط، ثمَّ تَغسل رأسَه بعدُ وتحلِق. قال أبو داود: أخطأ همَّامٌ إنَّما هو يُسمَّى.
          قال ابن حَزْمٍ: بل وَهَم أبو داود لأنَّ همَّامًا ثبتٌ، وبيَّن أنَّهم سألوا قَتَادَةَ عن صِفة التَّدمية المذكورة فوصفَها لهم. قلت: قال البَرْدِيْجِيُّ: لا يُحتجُّ بهمَّامٍ وأبانُ العطَّار أمثلُ منه. وقال ابن سَعِد: ربَّما غَلَط في الحديث. وقال أبو حاتمٍ: في حفظِهِ شيءٌ. وقال يَزِيْد بن زُرَيعٍ كما حكاه العُقَيلِيُّ في«تاريخه»: كتابُهُ صالحٌ وحِفظُه لا يُسَاوي شيئًا، وكان يحيى بن سَعِيدٍ لا يرضى كتابَه ولا حِفْظَه.
          وقال عفَّانُ: كان لا يرجِعُ إلى كتابِه، وكان يُخالفُ فلا يرجع إلى كتابِه ولا ينظُرُ فيه، / ثمَّ رجع بعدُ فنظَرَ في كتابِه فقال: يا عفَّانُ كُنَّا نُخِطئ كثيرًا فنستغفر الله تعالى منه. وقال السَّاجِيُّ: صَدُوقٌ سَيِّئ الحِفْظ ما حدَّث مِن كتابٍ فهو صالحٌ، وما حدَّثَ مِن حفظِهِ فليس بشيءٍ. وفي «كتاب السَّاجِيِّ»: قال أحمد: كان يحيى يُنكِر عليه أنَّه يَزِيْدُ في الإسناد. وقال ابن المنذر: تكلَّمُوا في هذا الحديث. وقال أبو عُمَر: رواية همَّامٍ في التَّدمية: قالوا: هي وَهَمٌ مٍن همَّامٍ لأنَّه لم يقل أحدٌ في هذا الحديث. ((ويُدَمَّى)) غيرُه، وإنَّما قالوا: ((ويُسمَّى)).
          وكذا أخرجه النَّسائيُّ وابن ماجه مِن طريقِ ابن أبي عَرُوبةَ، حَدَّثَنا قَتَادَة. وأبو الشيخ مِن طريقِ سلَّام بن أبي مُطيعٍ، عن قَتَادَةَ والتِّرْمِذيِّ مِن حديثِ إسماعيلَ بن مُسلمٍ، عن الحَسَن.
          قلت: ثمَّ هو منسوخٌ، كما قاله أبو داودَ، وكان ناسخُه حديث عَائِشَة ♦: كانوا في الجاهليَّة إذا عَقُّوا عن الصَّبيِّ خَضَّبُوا قُطنةً بدمِ العَقِيقةِ، فإذا حَلَقوا رأسَ الصَّبيَّ وَضَعُوها على رأسِه فقال ◙: ((اجعلوا مكانَ الدَّمَ خَلُوقًا)) أخرجه ابن حبَّان في «صحيحه». ولأبي الشيخ: فأمرهم ◙ أن يجعلوا مكانَ الدَّمِ خَلُوقًا، ونهى أن تمسَّ رأس المولود بدمٍ. ولأبي داودَ مِن حديثِ بُريدَةَ قال: كنَّا في الجاهليَّة إذا وُلِد لأحدنا غلامٌ ذبَحَ شاةً ولطَّخ رأس المولود بدمِها، فلمَّا جاء الله بالإسلام كُنَّا نذبَحُ شاةً ونحلِقُ رأسه ونلطِّخُ بِزَعْفَرانٍ. ولابن عَدِيٍّ مِن حديثِ إبراهيمَ بن إسماعيلَ بن أبي حَبِيبةَ _وثَّقه أحمدُ_ عن داودَ بن الحُصَينِ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ قال رسول الله صلعم: ((الخَلُوق بمنزلة الدَّمِ)) يعني: على العَقِيقة.
          ولابن ماجه بإسنادٍ جيِّدٍ، عن يَزِيْد بن عبد الله المُزَنيِّ أنَّه ◙ قال: ((يَعُقُّ عن الغلام ولا تُمَسُّ رأسه بدمٍ)). رواه أبو الشيخ الأَصْبَهانيُّ والطَّحاويُّ في كتابه «اختلاف العلماء» مِن حديثِ يَزِيْدَ عن أبيه. وذكر ابنُ أبي شَيْبةَ، عن عبد الأعلى، عن هِشَامٍ، عن الحَسَن ومُحَمَّدٍ: أنَّهما كَرِها أن يُلَطَّخ رأسُ الصَّبيِّ بشيءٍ مِن دمِ العَقِيقة، وقال الحَسَنُ: هو رِجْسٌ، وهذا خِلافُ ما نقله الثَّوري عن الحَسَن: أنَّه استَحبَّ التَّدمية، وعن التِّرْمِذيِّ صحيحًا: لا يمسُّ الصَّبيُّ بشيءٍ مِن دمِها.
          ثمَّ قال ابن حَزْمٍ: وهذه الأخبار نصُّ ما قلنا، وهو قول جماعةٍ مِن السَّلف، رُوِّينا مِن طريقِ عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُرَيجٍ: أخبرني يُوسُف بن مَاهَك، عن حَفْصَةَ قالت: كانت عَمَّتِي عَائِشَة تقول: على الغلام شَاتَانِ، وعلى الجارية شاةٌ. قلت: أخرجه التِّرْمِذيُّ عنها مرفوعًا أنَّ رسول الله صلعم أمرهم عن الغُلامِ بِشَاتَين، وعن الجارية بشاةٍ. ثمَّ قال: حَسَنٌ صحيحٌ.
          زاد أبو الشيخ في كتابه«العَقِيقة» تأليفِه مِن حديثِ عبد المجيدِ بن عبد العزيزِ، عن ابن جُرَيجٍ، عن يحيى بن سَعِيدٍ، عن عَمْرَة، عن عَائِشَة ♦: يَعُقُّ عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاةٍ، وعَقَّ ◙ عن حسنٍ وحُسَينٍ بشاتين وشاتين، ذَبَحَهما يوم سابعَهما وسمَّاهما وقال: ((اذبحوا على اسم الله، وقولوا: بِسْم الله اللَّهُمَّ منكَ وإليك هذه عَقِيقةُ فُلانٍ)). وفي روايةٍ مِن حديثِ يُوسُف بن مَاهَكَ، عن حَفْصَةَ، عنها: أمرنا رسول الله صلعم أن نَعُقَّ...الحديث.
          قال ابن حَزْمٍ: ومِن طريقِ أبي الطُّفَيل، عن ابن عبَّاسٍ ♥: عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاةٌ. قلت: قد سلف رَفْعُه، وأخرجه أبو الشيخ أيضًا مِن حديثِ يَزِيْدَ بن أبي زِنَادٍ، عن عَطَاءٍ، عنه أنَّه ◙ قال: ((يَعُقُّ عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاةٍ)). قال ابن حَزْمٍ: وهو قول عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ، ومِن طريقِ عَطَاء بن السَّائب، عن مُحَاربِ بن دِثَارٍ، عن ابن عُمَرَ قال: يحلِقُ رأسَهُ ويُلطَّخ بالدَّم.
          قلت: مِن شأنه ردُّ حديث عَطَاءٍ فلا ينبغي أن يحتجَّ به هنا. وكذا قولُه عن مَكْحُولٍ أنَّه قال: بَلَغَني أنَّ ابن عُمَرَ قال: المولود مُرْتَهنٌ بِعَقِيقتِهِ. ثمَّ قال: وعن بُرَيدةَ الأَسْلَميِّ: إنَّ النَّاس يُعْرَضون يوم القيامة على العَقِيقة، كما يُعْرَضون على الصَّلوات الخمس. ومثلُه عن فاطمَةَ بنت الحسين.
          قلت: وروى «أبو الشيخ في كتابه» بإسنادٍ جيِّدٍ مِن حديثِ الحَسَن عن أنسٍ أنَّه ◙ قال: ((كلُّ غلامٍ مُرْتهنٌ بِعَقِيقتهِ، تُعَقُّ عنه يوم سابعِهِ مِن الإبل والبقر والغنم)). زاد ابن أبي شَيْبةَ: وكان ◙ يَعُقُّ عن ولده بالجَزُور، ومِن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ مرفوعًا: ((مع الغلام عَقِيقةٌ، فأَهْرِيقُوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى)) وفي لفظ: ((إنَّ اليَهُودَ تَعِقُّ عن الغلام كبشًا ولا تَعِقُّ عن الجارية، فَعُقُّوا عن الغلام كَبْشَين وعن الجارية كبشًا)) وفي لفظ لابن أيمنَ: ((الغلامُ مُرْتَهنٌ بِعَقِيقتِهِ)). قال التِّرْمِذيُّ: وفي الباب عن عليٍّ.
          ورواه ابن أبي شَيْبةَ وأبو الشيخ عن عليٍّ مرفوعًا، وفي الباب أيضًا عن أمِّ عَطِيَّة، أخرجه أبو نُعَيمٍ في «مستخرجه» مِن حديثِ مُحَمَّدٍ عنها مرفوعًا: ((مع الغلام عَقِيقةٌ، فأَهْرِيقُوا عنه دمًا)). وقال وُهَيبٌ عنها عن رسول الله صلعم مثله، وأمِّ السِّبَاع، أخرجه ابن أبي شَيِبةَ مِن حديثِ زيد بن أسْلَمَ، عن عَطَاءٍ: أنَّ أمَّ السِّبَاعِ سألت رسول الله صلعم: أعِقُّ عن أولادي؟ قال: ((نعم، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاةٌ)).
          ولأبي الشيخ مِن حديثِ بُرَيدةَ أنَّه ◙ قال: ((العَقِيقةُ تُذبَح لسبعٍ أو تسعٍ أو لإحدى وعشرين)). ولابن أبي شَيْبةَ: قال مُحَمَّد بن سِيرينَ: لو أعلمُ أنَّه لم يَعُقَّ عَنِّي لعققتُ عن نفسي، وكان ابن عُمَرَ يقول: عُقَّ عن الغلام والجارية بشاةٍ شاة، وذكره أيضًا عن القاسمِ بن مُحَمَّدٍ، وعُرْوةَ بن الزُّبَير، وأبي جعفرٍ مُحَمَّد بن عليِّ بن حُسَينٍ، ومُحَمَّد بن شِهَابٍ.
          وقال مُحَمَّد بن إبراهيمَ التَّيْميُّ عن أبيه قال: يُؤمَر بالعَقِيقةِ ولو بِعُصْفُورٍ. روى أبو عُمر مِن حديثِ عبد الله بن مُحَرَّرٍ الضَّعيف عن قَتَادَةَ، عن أنسٍ: أنَّه ◙ عَقَّ عن نفسه بعدما بُعِث بالنُّبوَّة. قال البَيْهَقِيُّ: هذا حديثٌ مُنكَرٌ. قال عبد الرَّزَّاق: إنَّما تركوا حديث ابن مُحَرَّرٍ بسبب هذا الحديث.
          قال البَيْهَقِيُّ: وقد روي هذا الحديث مِن وجهٍ آخرَ عن قَتَادَة، ومِن وجهٍ آخرَ عن أنسٍ وليس بشيءٍ. فهو حديثٌ باطلٌ. قلت: وأخرجه ابن حَزْمٍ / مِن حديثِ الهيثم بن جَمِيلٍ، حَدَّثَنا عبد الله بن المثنَّى بن أنسٍ، حَدَّثَنا ثُمامة عن أنسٍ. وأبو الشيخ مِن حديث داودَ بن الحُصَين، والهيثم عن عبد الله بن المثنَّى. قال أبو عُمَرَ: وقِيل: عن قَتَادَة أنَّهُ كان يُفْتي به.
          فَصْلٌ: استدلَّ مَن قال بعدم وجوبِها بما أسلفناه في «الموطَّأ»: عن زيدِ بن أسلَمَ، عن رَجُلٍ من بني ضَمْرةَ، عن أبيه أنَّه قال: سُئِل رسول الله صلعم عن العَقِيقة، فقال: ((لا أُحِبُّ العُقوق)). وكأنَّه إنَّما كَرِه الاسم، وقال: ((مَن وُلِد له وَلَدٌ، فأحبَّ أن يَنْسُكَ عن ولده فَلْيَفْعَل)).
          قال ابن عبد البرِّ: لا نَعلمُه يُروى هذا الحديث عن رسول الله صلعم إلَّا مِن هذا الوجه، ومِن حديثِ عَمْرو بن شُعَيبٍ بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي عن أبيه عن جدِّهِ، واختُلِف فيه على عَمْرٍو، ومِن أحسن أسانيده ما رواه عبد الرَّزَّاق، أخبرنا داود بن قيسٍ قال: سمعتُ عَمْرو بن شُعَيبِ، عن أبيه، عن جده: سُئِل رسول الله صلعم عن العَقِيقة، فقال: ((لا أُحِبُّ العُقُوق)) قالوا: يا رسول الله، يَنْسُكُ أحدنا عمَّن يُولَد له؟ فقال: ((مَن أحبَّ منكم أن يَنْسُكَ عن ولده فَلْيَفْعَلْ، عن الغلام شاتانِ مُكَافِئتَانِ، وعن الجارية شاةٌ)).
          ردَّه ابن حَزْمٍ وقال: هذا لا شيءَ؛ لأنَّه عن رَجُلٍ لا يُدرى مَن هو في الخَلْق، وكذا قال ابن الحَذَّاء: لا أعرف هذا الضَّمْريَّ مَن هو، ولو صحَّ لكان حُجَّةً لنا لأنَّ فيه إيجاب ذلك عن الغلام والجارية، وأنَّ ذلك لا يلزم الأب إلَّا أن يشاء. هذا نصُّ الخبر ومقتضاه، فهو كالزكاةِ وزكاةِ الفِطْر ولا فرق.
          قلت: يُبعدُه لفظة: ((فمَنْ أَحَبَّ))، وزكاة الفِطْر خَرَجت بقولِه: ((على كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ وأدُّوها عمَّن تمونون)). ولَمَّا ضعَّف البَيْهَقِيُّ حديث مالكٍ قال: إذا ضُمَّ إلى حديث عَمْرٍو بن شُعَيبٍ مع ضعفِه قَوَّاهُ. ورواه أبو الشيخ في كتابه عن البزَّار إلى أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قال: سُئِل رسول الله صلعم عن العَقِيقة، فقال: ((لا أحبُّ العُقُوقَ، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاةً)). وفي«المصنَّف» مِن حديثِ ابن عقيلٍ، عن عليِّ بن حُسينٍ، عن أبي رافعٍ قال: قالت فاطمة ♦: يا رسول الله، أَلَا أعقُّ عن ابني دمًا؟ قال: ((لا، احلقي رأسَه وتصدَّقِي بوزنِه على المساكين)).
          ولا يُغَاير هذا حديث ابن عبَّاسٍ وأنسٍ أنَّهُ ◙: عقَّ عن الحَسَنِ كبشًا، وعن الحسين كبشًا. صحَّحهما عبد الحق وابن حَزْمٍ، وذكره «ابن الجَارُود في منتقاه»، وإن كان أبو حاتمٍ الرَّازِيُّ قال في «عِلله»: حديث أنسٍ أخطأَ فيه جَرِير بن حازمٍ، وحديث ابن عبَّاسٍ الصَّواب أنَّه مرسَلٌ عن عِكْرِمَة.
          قلت: وأخرجه أبو الشيخ بإسنادٍ جيِّدٍ مِن حديثِ البَغَويِّ عن رَبِيعةَ، عن سعيدٍ ومُحَمَّد بن عليٍّ عنه. وأخرجه النَّسائيُّ مِن حديثِ حجَّاجٍ، عن قَتَادَة، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ: عَقَّ عن الحَسَن كبشين، وعن الحسين كبشين.
          قال ابن حَزْمٍ: رُوِّينا مثله مِن طريقِ ابن جُرَيجٍ عن عَائِشَةَ مقطعًا. ورواه أيضًا عِكْرِمَة مرسلًا، وكذا أرسلَه مَعْمَرٌ عن أيُّوبَ قال: ولا خِلاف أنَّ مولد الحَسَن كان عام أُحُدٍ والحسين في العام التالي، وحديث أمِّ كُرْزٍ كان في الحُدَيْبية فصار الحكم لحديثِها لتأخُّرِه، أو نقول: إنَّ فاطمة عقَّت عن كلِّ واحدٍ بكبشٍ، وعقَّ الشارع بآخرَ، وفيه بُعدٌ.
          وقد روى أبو الشيخ حديث فاطمَةَ مِن طريقِ جعفر بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عنها، ورواه أبو عُبَيْدَة، عن أبيه عبد الله بن مسعودٍ، ومُحَمَّد بن عليِّ بن حسينٍ لم يُولَد إلَّا بعد فاطمة بسنتين، وأبو عُبَيْدَة لم يَسمع مِن أبيه شيئًا فيما قالَه جماعةٌ، وروى أبو الشيخ: عَقَّ ◙ عنهما، مِن حديثِ عَائِشَة، وبُرَيدةَ، وجابر بن عبد الله.
          قال ابن حَزْمٍ: واحتجَّ مَن لم يَرَها واجبةً بروايةٍ واهيةٍ عن أبي جعفرٍ مُحَمَّد بن عليِّ بن حُسينٍ أنَّه قال: نسَخَ الأضحى كلَّ ذبحٍ كان قبلَه. ولا حُجَّة فيه؛ لأنَّه قول مُحَمَّد بن عليٍّ ولا تصِحُّ دعوى النَّسْخ إلَّا بنصٍّ مُسندٍ إلى رسول الله صلعم. وقال ابن عبد البرِّ: ليس ذَبْح الأضحى ناسخًا للعَقِيقة عند جمهور العلماء، ولا جاء في الآثاء المرفوعة عنه ◙ ولا عن السَّلف ما يدلُّ على ذلك، وكذا قال ابن بطَّالٍ: لا أصلَ له ولا سلفَ ولا أثرَ.
          قلت: بل ورد في الدَّارقطنِيِّ مِن حديثِ عُتْبةَ بن يَقْظانَ، عن الشَّعْبِيِّ، عن عليٍّ مرفوعًا: ((محا الأضاحي كلَّ ذبحٍ كان قبلَه)) الحديث، وفي حديث عُبَيدٍ المُكْتِبِ، عن الشَّعْبِيِّ، عن مَسْرُوقٍ، عن عليٍّ مرفوعًا: ((نسخ الأضحى كلَّ ذَبْحٍ)). الحديث. وفي «الاستذكار»: روى مَعْمَرٌ عن قَتَادَةَ أنَّه قال: مَن لم يُعَقَّ عنه أجزأتْه أُضْحِيتُهُ. ولابن أبي شَيْبةَ بإسنادٍ جيِّدٍ، عن مُحَمَّد والحَسَن أنَّهما قالا: يُجِزئ عن الغلام الأُضْحِية مِن العَقِيقة.
          فَصْلٌ: وثالثُها، ورابعُها، وخامسُها: جِنْسُها وسِنُّها وحُكمُها، وهي جَذَعَة ضأنٍ أو ثَنِيَّة معزٍ كالأضحيةِ. وفي «الحاوي» أنَّه يُجِزئ ما دونهما، والأصحُّ: المنع، ويُشترط سلامتُها مِن العيبِ المانعِ في الاُضْحِيَّة، وقِيل: يُسَامح فيه، قال بعض أصحابنا: الغنم أفضلُ مِن الإبل والبقر، والصَّحيح خِلافُه كالأُضْحِيَّة، وينبغي تأدِّي السُّنَّة بسبُع بَدَنَةٍ أو بقرةٍ.
          وحكمها في التصدُّقِ والأكل والهديَّة وقدْرِ المأكول كالأُضْحِية. قال ابن المنذر: رُوي عن أبي بَكْرَةَ أنَّه عَقَّ بالإبل. وعند المالكيَّة أنَّ جِنْسها مِن الغنم. قال ابن حبيبٍ: والضَّأنُ أفضل. قال مالكٌ: ثمَّ المعْزُ أحبُّ إليَّ مِن الإبل والبقر. وقال مرَّةً: لا يَعُقُّ بإبلٍ ولا بقرٍ. وقاله مُحَمَّدٌ وابن شَعْبانَ.
          وفي «الموطَّأ» عن إبراهيم التَّيْميِّ: تُستحَبُّ ولو بِعُصْفُورٍ. وقال ابن حبيبٍ: ليس يريد أنَّه يُجِزئ ولكن يريد تحقيقَ استحبابها. وروى ابن عبد الحكم عن مالكٍ: لا يَعُقُّ بشيءٍ مِن الطير والوحش، وَسِنُّها عندهم الجَذَع مِن الضَّأن والثَّنيُّ ممَّا سواه كالضَّحايا كما هو عندنا.
          قال ابن حَزْمٍ: وقد / رأى بعضُهم في ذلك الجَزُور _وقد أسلفناه نحن مرفوعًا_ قال: ولا يقعُ اسم شاةٍ بالإطلاق في اللُّغة أصلًا على غير الضَّأن والماعز، وأمَّا إطلاق ذلك على الظِّباء وحُمُر الوحْشِ وبقرهِ فاستعارةٌ وإضافةٌ وبيانٌ، ولا يجوز الإطلاق أصلًا.
          قلت: في «المحكم» لابن سِيدَه: الشاةُ تكون مِن الضَّأن والمَعْزِ والظِّباء والبَقَر والنَّعَام وحُمُر الوحْشِ، وربما كنَّى بالشاة عن المرأة. وقال ابن التَّيَّانيِّ في «الموعب» عن قُطْرُب: يقال للنَّعَامة: الشاة. وفي كتاب «الوحوش» للكَرْنَبَائيِّ: يُقَال شاةٌ للظِّباء والبقر، ويُسمَّى الظَّبيُ والظَّبية والثور والبقرة شاةً. وفي كتاب «التذكير والتأنيث» لأبي حاتمٍ السِّجِسْتانِيِّ: يُقَال شاةٌ للواحد مِن الظِّباء ومِن بقر الوَحْش ومِن حُمُره. وقال الجَوْهَرِيُّ: الشاة: الثَّور الوَحِشُ. وفي «المغيث» لأبي مُوسَى: وفي الحديث: فامُر لنا بشاةِ غنمٍ. قال: وإنَّما عرَّفها بالغنم لأنَّهم يُسَمُّون البقرة الوحشيَّة والنَّعامة والوَعْل شاةً. وفي «المنجد» للهُنَائيِّ، والشاةُ اسمٌ للنَّعامة والثور الوحْشيِّ، ويسبق ذلك للمرأة. وفي «شرح المعلَّقات» لابن الأنْبَاريِّ: الشاةُ: الثور الوحْشِيُّ. وكذا ذكره أبو المعالي في «المنتهى». وفي «الحيوان» للجاحظ: والظِّباء: شاء.
          فَصْلٌ: وسادسُها: في وقتِها: وعند المالكيَّة: ضُحًى إلى الزوال. واختُلِف في يوم الولادة هل يحسَبُ منها. وقال مالكٌ في «المدوَّنة»: لا يحسَبُ. وعنه: إن وُلد في أوَّل النهار من غُدوُّهِ إلى نِصْف النهار حُسِب. وقال عبد الملك: يحسَبُ ذلك اليوم، قَلَّ ما بَقِي منه أو كَثُرَ. وقال أصبغُ: أحبُّ إليَّ أن يكفى ذلك اليوم، فإن احتسبَ به ثمَّ عَقَّ إلى مقداره مِن اليوم السَّابع إن كان مقدارُه نهَارًا أجزأه.
          قال ابن حَزْمٍ: فإن قِيل: مِن أين أخذتم الذَّبح بعد السابع؟ قلنا: لأنَّه وجبَ يوم السابع، ولزم إخراج تلك الصِّفة مِن المال، فلا يجمُلُ إبقاؤُها فيه فهو دينٌ واجبٌ إخراجه.
          قلت: قدَّمنا الذَّبْح بعدَه مِن حديثِ بُرَيدة وأنسٍ ومِن حديثِ العَرْزَمِيِّ أنَّ عَائِشَة قالت: يَذبح يوم السابع، فإن لم يكن ففي أربع عشرة، فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين.
          فَرْعٌ: فإن فاتَهُ الأسبوع لم يَفُت، والاختيار أن لا يؤخَّر إلى البلوغ. وقال مالكٌ: فاتتْه. وعنه: يَعُقُّ في الثاني وإلَّا فالثالث. وقال ابن جَريرٍ: يستحبُّ لمن لم يُعَقَّ عنه أن يَعُقَّ عن نفسه بعد بلوغِهِ. وقد رُوي عنه أنَّه ◙ فعلَهُ، وقد سلف. وقال مالكٌ: إن مات قبل السابع لم يَعُقَّ عنه. قال ابن عبد البرِّ: وروي عن الحَسَنِ مثل ذلك.
          فَصْلٌ: وسابعُها في عددِها: فقد سلف: للذَكَر شاتانِ وللأنثى شاةٌ. وقال مالكٌ: للذَّكَر شاةٌ.
          ووافقنا ابن حبيبٍ والحنفيَّة، وقد سلفت الأحاديث في ذلك، وأجاب القاضي أبو مُحَمَّدٍ عن حديث: ((عن الغلام شاتان)) أنَّه ضعيفٌ لا يُعارِض ما رُوِّيناه مِن قبلُ أنَّه لو كان هو الأفضل لم يعدِل عنه إلى غيرِه؛ ولأنَّه ذبْحٌ مقرَّبٌ به فاستوى في عَدَده الذَّكَر والأنثى كالأُضْحِيَّة.
          وعند مالكٍ: أنَّها إذا ولدت توأمين يَعُقُّ عن كلِّ واحدٍ منهما بشاةٍ، وكذا قال اللَّيث: يَعُقُّ عن كلِّ واحدٍ منهما. قال ابن عبد البرِّ: لا أعلم لأحدٍ مِن فُقهاء الأمصار خِلافًا في ذلك. قال ابن حَزْمٍ: والقول بأنَّها شاةٌ، رُوي عن طائفةٍ مِن السَّلف، منهم: عَائِشَة وأسماءُ، ولا يصحُّ ذلك عنهما؛ لأنَّه مِن رواية ابن لَهِيعةَ وهو ساقطٌ، أو عن سَلَامَةَ مولاة حَفْصَةَ وهي مجهولةٌ، أو عن أسامة بن زيدٍ وهو ضعيفٌ، أو عن مَخْرَمة بن بُكَيرٍ عن أبيه وهي صَحِيفةٌ، وهو عن عبد الله بن عُمَرَ صحيحٌ.
          فَرْعٌ: قال الشَّافِعيُّ: لا يَعُقُّ المأذون له عن ولدِهِ ولا يَعُقُّ عن اليتيم، كما لا يصحُّ عنه، وخالف فيه مالكٌ. قال أصحابنا، وإنَّما يَعُقُّ عن المولود مَن تلزمه نفقتِه مِن مال العاقِّ لا مِن مال المولود، فإن عَقَّ مِن مالِه ضَمِن، فلو كان المنفق عاجزًا عن العَقِيقة فأيسرَ في السَّبعة استُحِبَّ له العَقُّ، وإن أيسَرَ بعدها وبعد مدَّةٍ النِّفاس فهي ساقطةٌ عنه، وإن أيسَرَ في مدَّة النِّفاس ففيه احتمالان للأصحاب لبقاء أثر الولادة.
          وأُوِّلَ الحديث السالف أنَّه عَقَّ عن الحَسَن على أنَّه أمر أباهما بذلك، أو أعطاه ما عَقَّ به، أو أنَّ أباهما كان إذ ذاك مُعسرًا فيصيران في نفقة جدِّهما. قال ابن جريرٍ: إن لم يفعلها الأب عَقَّ عن نفسِه إذا كَبِر، فكأنَّهُ يقول يُودِّيها عنه كالحَمَالةِ، فإن لم يفعل فَعَلَها المولود.
          فَرْعٌ: يُطبَخ عندنا بِحُلوٍ، وقِيل بحامضٍ ولا كراهةَ فيه على الأصحِّ لأنَّه ليس فيه نهيٌ، ويُقطَّع. وقال ابن جُرَيجٍ: تُطبَخ بماءٍ ومِلْحٍ أعضاءً _أو قال آرابًا_ ويُهدى إلى الجيران ولا يصَّدَّق منها بشيءٍ. كذا قال.
          فَرْعٌ: اختُلِف في طَلِي رأس الصَّبيِّ بدمها، فأنكره الزُّهْرِيُّ ومالكٌ والشَّافِعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ، وروت عَائِشَة أنَّ أهل الجاهليَّة كانوا يفعلونه _وقد سلف_ فأمَرَهم أن يجعلوا مكان الدَّم خَلُوقًا.
          فَرْعٌ: ذكر الطَّحاويُّ في «اختلاف العلماء» أنَّ مالكًا قال: تُطبَخ العَقِيقة ألوانًا وأكرهُ أن يُدعى لها الجيرانُ للفَخْرِ قال: وأهل العراق يقولون: يَعُقُّ عن الكبير. وهذا خطأٌ لا يَعُقُّ إلَّا يوم السابع ويستقبل المولود الليالي ولا يُعتدُّ له باليوم الذي وُلِد فيه. وهذا سلف.
          فَرْعٌ: يحلِقُ رأسَهُ بعد ذبحها خِلافًا للأوزاعِيِّ، واتباع السُّنَّة _كما سلف_ أَوْلَى.
          فَرْعٌ: قال ابن حَزْمٍ: فإن قِيل: قد رُوِّيتم عن جعفرِ بن مُحَمَّد، عن أبيه _مِن عند ابن أبي شَيْبةَ_ أنَّه ◙ بعثَ مِن عَقِيقة الحَسَن والحسين إلى القابلة وقال: ((لا تكسِرُوا منها عَظْمًا)). قلنا: هذا مُرسَلٌ، ورُوِّينا فيه عن الزُّهْرِيِّ: تُكسَر عِظَام العَقِيقة، وعندنا أنَّ كَسْر عَظْمِها خلاف الأولى، وهل هو مكروهٌ كراهة تنزيهٍ؟ فيه وجهان: أصحُّهما: لا، لأنَّه لم يثبُت فيه نهيٌ.
          فَرْعٌ: في «العُتْبِيَّة» ليس الشأن عند دُعاء النَّاس إلى طعامه، ولكن يأكل أهل البيت والجيران، وقال مُحَمَّدٌ، عن ابن القاسم: يُفرَض منه للجيران. وقال مالكٌ في «المنسوط»: عَققتُ عن ولدي وذبحتُ ما أريدُ أن أدعو إليه / إخواني وغيرُهم وهيَّأتُ طعامهم، ثمَّ ذبحت ضُحًى شاةَ العَقِيقة فأهديتُ منها للجيران وأكلَ منها أهل البيت وأكلوا وأكلنا. قال مالكٌ: مَن وجَدَ سَعَةً فأُحبُّ له هذا، ومَن لم يَجِد فَلْيَذْبَح عَقِيقةً ثمَّ يأكُلُ ويُطعم منها.
          وهذا مخالفٌ لِمَا سلف مِن التعليل مِن أنَّ المنعَ مِن ذلك للفخر، وقول مالكٍ أنَّ سببَها أن يُطعم النَّاس منها في مواضِعِهم لأنَّه نُسُكٌ كالهَدْيِ والأُضْحِية، فإن فَضَل منها شيءٌ وأراد أن يدعو إليه مَن يخصُّه مِن جارٍ أو صديقٍ، فلا بأس بذلك.
          وفُرُوع الوَلِيمة كثيرةٌ وفيما ذكرنا كِفَايةٌ، فلنعُد إلى ما نحن بصددِهِ فنقول: ترجم البُخارِيُّ: