-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░102▒ باب: دعاء النَّبيِّ صلعم النَّاسَ إلى الإسلام والنُّبوَّة، وألَّا يتَّخذ بعضهم بعضًا أربابًا مِنْ دون الله، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} الآية [آل عمران:79]
2940- 2941- ذكر فيه حديثَ ابن عبَّاسٍ: (كَتَبَ النَّبيُّ صلعم إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلَامِ..) وقد سلف [خ¦7] بطوله أوَّل الكتاب.
2942- وحديثَ سهلِ بن سعدٍ سمع النَّبيُّ صلعم يقول يوم خَيبرَ: (لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْه فَأَعْطَاهَا عَلِيًَّا...) الحديث.
2943- 2944- 2945- وحديث حُميدٍ عن أنسٍ: (كَانَ النَّبيُّ صلعم إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَمَا يُصْبِحُ...) الحديثَ.
وفي روايةٍ: (كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا) وفي روايةٍ: (أنَّه صلعم خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهَا لَيْلًا وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حتَّى يُصْبِحَ...) الحديث.
2946- وحديث أبي هريرةَ قال: قال النَّبيُّ صلعم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ).
رواه عمرُ وابن عمرَ عن النَّبيِّ صلعم.
الشَّرح: فيه الدُّعاء إلى الإسلام بالمكاتبة وبعثةُ الرَّسول، وأحاديثه متفرِّقةٌ في أبوابها، واستحبَّ العلماء أن يُدعى الكافر إلى الإسلام قبل القتال، وقال مالكٌ: أمَّا مَنْ قرُبت داره منَّا فلا يُدعَون لعلمهم بالدَّعوة ولتُلتمس غرَّتهم، ومَنْ بعُدت داره وخيف ألَّا تبلغه فالدَّعوة أقطعُ للشَّكِّ، وذكر ابن المُنْذرِ عن عمر بن عبد العزيز أنَّه كتب إلى جَعْوَنَةَ، وأمره على الدُّروب أن يدعوهم قبل أن يقاتلهم، وأباح أكثر أهل العلم / قتالهم قبل أن يدعوا، لأنَّهم قد بلغتهم الدَّعوة، هذا قول الحسن البصريِّ والنَّخَعيِّ وربيعة واللَّيث وأبي حَنيفةَ والثَّوْريِّ والشَّافعيِّ وأحمد وإسحاق وأبي ثَوْرٍ، قال الثَّوْريُّ: ويُدعَون أحسن، واحتجَّ اللَّيث والشَّافعيُّ بقتل ابن أبي الحُقيق وكعب بن الأشرف، وعن أبي حَنيفةَ: إن بلغتْهم الدَّعوةُ فحسنٌ أن يدعوهم الإمام إلى الإسلام وأداء الجزية قبل القتال، ولا بأس أن يغيروا عليهم بغير دعوةٍ.
وقال الشَّافعيُّ: لا أعلم أحدًا مِنَ المشركين لم تبلغه الدَّعوة اليوم إلَّا أن يكون خلف الجزر، والتُّرك أمَّةٌ لم تبلغهم فلا يقاتَلوا حتَّى يُدعوا، ومَنْ قُتل منهم قبل ذلك فعلى قاتله الدِّية، وقال أبو حَنيفةَ: لا شيءَ عليه، قال ابن القَصَّار: وهو ما أراه، ولا أحفظ عن مالكٍ فيه نصًّا.
قال الطَّحَاويُّ: قد لبث الشَّارع بعد النُّبوَّة سنين يدعو النَّاس إلى الإسلام ويقيم عليهم الحجج والبراهين كما أمره الله تعالى بقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون:96] وقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} [المائدة:13] ثُمَّ أنزل الله تعالى بعد ذلك: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرَامِ حتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة:191] فأباح الله قتال مَنْ قاتله ولم يبح قتال مَنْ لم يقاتله، وكان الإسلام ينتشر في ذلك وتقوم الحجَّة على مَنْ لم يكن علمه، فأنزل الله تعالى بعد ذلك: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ} [التوبة:123] قاتلوكم قبل ذلك أم لا، فكان في ذلك زيادةٌ في انتشار الإسلام، ثُمَّ أنزل عليه: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة:36] فأمر بقتالهم كافَّةً حتَّى يكون الدِّين كلُّه لله، وقد تقدَّمت معرفة النَّاس جميعًا بالإسلام وعلموا ما منابذته سائر أهل الأديان، ولم يُذكر في شيءٍ مِنَ الآي الَّتي أُمر فيها بالقتال دعاءُ مَنْ أُمر بقتالهم، لأنَّهم قد علموا خلافهم له وما يدعوهم إليه.
واحتجَّ لهذا القول بحديث أنسٍ أنَّه كان ◙ إذا سمع أذانًا أمسك، وإن لم يسمع أذانًا أغار بعدما أصبح، فهذا يدلُّ على أنَّه كان لا يدعو.
وذهب مَنِ استحبَّ دعوتهم قبل القتال إلى حديث سَهل بن سعدِ في الباب أنَّه صلعم قال لعليٍّ: ((على رِسلك حتَّى تنزل بساحتهم، ثُمَّ ادعُهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم)). وقال أهل القول الأوَّل: هذا يحتمل أن يكون في أوَّل الإسلام في قومٍ لم تبلغْهم الدَّعوة ولم يدروا ما يُدعَون إليه ليكون ذلك تبليغًا لهم وإعلامًا، ثُمَّ أمر بالغارة على آخرين، فلم يكن ذلك إلَّا لمعنًى لم يحتاجوا معه إلى الدُّعاء، لأنَّهم قد علموا ما يُدعَون إليه، وما لو أجابوا إليه لم يقاتلوا، فلا معنَى للدُّعاء.
واحتجُّوا بحديث ابن عونٍ: كتبت إلى نافع أسأله عن الدُّعاء قبل القتال، فقال: إنَّما كان ذلك في أوَّل الإسلام قد أغار رسول الله صلعم على بني المصطَلِق وهم غارُّون، فقتل مقاتلتهم وسبى ذَراريَّهم، وأصاب يومئذٍ جُوَيْرِية، حدَّثني بذلك ابن عمر وكان في ذلك الجيش وسيأتي في موضعه [خ¦2541]، وبما رواه الزُّهْريُّ عن عروة عن أسامة بن زيدٍ قال: قال رسول الله صلعم: ((أَغِرْ على أُبْنَى صباحًا وحرِّق)).
وقال ابن التِّينِ: في حديث أنسٍ يحتمل أنَّه دعاهم ولم يُنقل، وفي حديث أنسٍ أيضًا الحكم بالدَّليل في الأبشار والأموال، ألا ترى أنَّه حقنَ دماء مَنْ سمع مِنْ دارهم الأذان، واستدلَّ بذلك على صدق دعواتهم للإيمان.
وفيه أيضًا البيانُ عن صحَّة قول مَنْ أنكر على غزاة المسلمين بياتَ مَنْ لم يعرفوا حاله مِنَ الحصون حتَّى يصبحوا، فتبيَّن حالُهم بالأذان ويعلموا هل بلغتهم الدَّعوة أم لا، وإن كانوا ممَّن بلغتهم الدَّعوة، ولم يُعلموا أمسلمين هم أم أهل صلحٍ أو حربٍ لهم؟ فلا يغيروا حتَّى يصبحوا، فإن سمعوا أذانًا مِنْ حِصنهم كان مِنَ الحقِّ عليهم الكفُّ عنهم، وإن لم يسمعوا الأذان، وكانوا أهل حربٍ أغاروا عليهم إن شاؤوا.
وأمَّا حديث الصَّعْب بن جَثَّامة أنَّه صلعم سُئل عن أهل الدَّار مِنَ المشركين يُبَيَّتون فيُصاب مِنْ ذراريِّهم ونسائهم فقال: ((هم منهم)) _وسيأتي حيث ذكره البُخَاريِّ_ [خ¦3012] فهو محمولٌ على مَنْ بلغته الدَّعوة ولا يُشكُّ في حاله مِنْ أهل الحرب، فيجوز بياته.
وحديثُ أنسٍ محمولٌ على مَنْ لم يعلم هل بلغته فينظر لهم الصَّباح ليستبرئ حالهم بالأذان وغيرِه مِنَ الشَّعائر.
وقال ابن التِّينِ: الدَّعوة تجب لِمَنْ بعُدت داره، واختُلف في القريب، قال: وقال الحسن وغيره: لا يجب على كلِّ أحدٍ.
وأمَّا حديث ابن عبَّاسٍ فقد أوضحنا الكلام عليه أوَّلَ الكتاب [خ¦7]، ولا بأسَ بإعادة قطعةٍ لطيفةٍ منه مختصرًا، فمعنى (شكرًا لما أبلاه الله) يُقال: بلاه الله بلاءً حسنًا، والبلاء: الاختبار، يكون للخير والشَّر إذا كان ثلاثيًّا.
وفيه أنَّه كان على دين عيسى، فلذلك تبرَّر بالمشي إلى بيت المقدس.
وقوله: (لَكَذَبْتُهُ) وفي نسخةٍ: <لحدَّثته> أي: بالكذب، و(يَأْثُرَ) يحدِّث، وقال ابن فارسٍ: أَثَرْتَ الحديث: إذا ذكرتَه عن غيرك.
وقوله: (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى) أي: تُختبر بالغلبة عليها ليُعلم صبرهم.
وقوله: (يُوشِكُ) أي: يسرع ذلك، ومعنى (سَيَظهَر) سيغلب.
وأمَّا حديث سهل، فقوله: (فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ) يُقال: بَرَأْتُ مِنَ المرض، وبَرِئْتُ أيضًا.
وقوله: (عَلَى رِسْلِكَ) هو بكسر الرَّاء، قال ابن التِّينِ: ضبطه بفتح الرَّاء وكسرها، وهو بالفتح التُّؤَدة، وبالكسر: الهِينة.
و(حُمْرِ النَّعَمِ) أعزُّها وأحسنها، يريد: خيرٌ مِنْ أن تكون لك فتتصدَّق بها، وقيل: تنشئها وتملكها، و(النَّعَمِ): الإبل، وقيل: يطلق على الإبل والبقر والغنم إذا اجتمعن.
و(المَسَاحِي) _بفتح الميم_ جمع مِسْحاةٍ، وهي مفعلةٌ ممَّا يُفعل بها، يُقال: سحا وجهَ الأرض بالمِسحاة يسحوه إذا قشره، وأصل المسحاة مِسْحَوَةٌ تحرَّكت الواو وانفتح ما قبلها، قُلبت ألفًا.
(وَمَكَاتِلِهِمْ) جمع مِكْتلٍ، وهو الزِّنْبيل الَّذي يحملون فيه ما يريدون على دوابِّهم ورقابهم، (وَالخَمِيسُ) الجيش، والمعنى: هذا محمَّدٌ وجيشه، أو: قد جاء محمَّدٌ وجيشه، وإنَّما سُمِّي خميسًا، لأنَّه يخمِّس ما يجد مِنْ شيءٍ.
وأمَّا حديث أبي هريرة فأخرجه مسلمٌ أيضًا، وسلف في الإيمان مِنْ حديث ابن عمرَ، وشرحه هناك واضحًا [خ¦25].
قال الطَّحَاويُّ: واختُلف في تأويله، فذهب قوم إلى أنَّ مَنْ قال: لا إله إلَّا الله فقد صار بها مسلمًا، / له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، واحتجُّوا به.
وخالفهم آخرون فقالوا: لا حجَّةَ لكم عليه فيه، لأنَّه صلعم إنَّما يُقاتل قومًا لا يوحِّدون الله تعالى، فكان أحدُهم إذا وحَّد الله عُلم بذلك تركُه لما قُوتل عليه وخروجُه منه، ولم يُعلم بذلك دخولُه في الإسلام أو في بعض الملل الَّتي توحِّد الله وتكفر بجَحْدها رُسلَه، وغير ذلك مِنَ الوجوه الَّتي تكفر بها مع توحيدهم الله تعالى، كاليهود والنَّصارى يوحِّدون الله تعالى ولا يقرُّون برسوله، وفي اليهود مَنْ يقول: إنَّ محمَّدًا رسول الله إلى العرب خاصَّةً، فكان حكم هؤلاء ألَّا يقاتلوا إذا وقعت هذه الشُّبهة حتَّى تقوم الحجَّة على مَنْ يقاتلهم بوجوب قتالهم.
وقد أمر الشَّارع عليًَّا حين وجَّهه إلى خَيبرَ وأهلُها يهودٌ بما رواه ابن وَهبٍ، عن يعقوب بن عبد الرَّحمن عن سُهيل بن أبي صالحٍ عن أبيه عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلعم لمَّا دفع الرَّاية إلى عليٍّ حين وجَّهه إلى خَيبرَ قال: ((امضِ ولا تلتفتْ حتَّى يفتحَ الله عليك)) فقال عليٌّ: علام أقاتلهم؟ قال: ((حتَّى يشهدوا ألَّا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلَّا بحقِّها، وحسابهم على الله))، ففي هذا الحديث أنَّه صلعم قد أباح له قتالهم وإن شهدوا ألَّا إله إلَّا الله حتَّى يشهدوا أنَّ محمَّدًا رسول الله، وحتَّى يَعلم عليٌّ خروجهم مِنَ اليهوديَّة، كما أُمر بقتال عبَدَة الأوثان حتَّى يعلم خروجهم ممَّا قُوتلوا عليه، وقد أتى قومٌ مِنَ اليهود إلى رسول الله صلعم فأقرُّوا بنبوَّته ولم يدخلوا في الإسلام فلم يقاتلهم على إبائهم الدُّخولَ في الإسلام، إذ لم يكونوا بذلك الإقرار عنده مسلمين.
وروى شُعبة عن عمرو بن مُرَّة عن عبد الله بن سَلِمَة، عن صفوانَ بنِ عَسَّالٍ أنَّ يهوديًّا قال لصاحبه: تعال حتَّى نسألَ هذا النَّبيَّ، فقال له الآخر: لا تقل له نبيٌّ، فإنَّه إن سمعها صارت له أربعة أعينٍ، فأتاه فسأله عن هذه الآية {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء:101] فقال: ((لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النَّفس الَّتي حرم الله إلَّا بالحقِّ، ولا تسرِقوا ولا تزنوا ولا تسحَروا، ولا تأكلوا الرِّبا، ولا تمشوا ببريءٍ إلى سلطانٍ فيقتلَه، ولا تقذفوا المحصَنة ولا تفرُّوا مِنَ الزَّحف، وعليكم خاصَّةً _اليهودَ_ ألَّا تعتدُوا في السَّبت)) فقبَّلوا يده وقالوا: نشهد أنَّك نبيٌّ، قال: ((فما يمنعُكم أن تتَّبعوني؟)) قالوا: نخشى أن تقتلنا اليهود. فأقرُّوا بنبوَّته مع توحيد الله تعالى، ولم يكونوا بذلك مسلمين، فثبت أنَّ الإسلام لا يكون إلَّا بالمعاني الَّتي تدلُّ على الدُّخول في الإسلام وترك سائر الملل. وروى ابن وَهبٍ عن يحيى بن أَيُّوب عن حُميدٍ الطَّويل عن أنسٍ أنَّ رسول الله صلعم قال: ((أُمرت أن أقاتل النَّاس حتَّى يشهدوا ألَّا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله، فإذا شهدوا بذلك وصلَّوا صلاتنا واستقبلوا قبلتَنا وأكلوا ذبيحتنا حُرِّمت علينا دماؤهم وأموالهم إلَّا بحقِّها)) قال: وهذا قول أبي حَنيفةَ وصاحبيه. فالحديث الأوَّل فيه التَّوحيد خاصَّةً هو المعنى الَّذي يكفُّ به عن القتال حتَّى يعلم ما أراد به قائله، الإسلام أو غيره، حتَّى لا تتضادَّ هذه الآثار.
وقال الطَّبَريُّ نحوًا مِنْ ذلك، وزاد: أمَّا قوله: ((فإذا قالوا لا إله إلَّا الله فقد عصموا منِّي دماءهم وأموالهم...)) الحديث، فإنَّه قاله في حال قتاله لأهل الأوثان الَّذين كانوا لا يقرُّون بالتَّوحيد، وهم الَّذين قال الله تعالى عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات:35] فدعاهم إلى الإقرار بالوحدانيَّة وخلع ما دونه مِنَ الأوثان، فمَنْ أقرَّ بذلك منهم كان في الظَّاهر داخلًا في صبغة الإسلام، ثُمَّ قال لآخرين مِنْ أهل الكفر، كانوا يوحِّدون الله تعالى غير أنَّهم ينكرون نبوَّة محمَّدٍ صلعم، فقال صلعم في هؤلاء: ((أُمرت أن أقاتل النَّاس حتَّى يقولوا: لا إله إلَّا الله، ويشهدوا أنَّ محمَّدًا رسول الله)) فإسلام هؤلاء: الإقرار بما كانوا به جاحدين، كما كان إسلامُ الآخرين إقرارَهم بالله أنَّه واحدٌ لا شريك له، وعلى هذا تُحمل الأحاديث.
فصلٌ: حديث أنسٍ في الباب أخرجه مِنْ ثلاث طُرقٍ عن حُميدٍ عن أنسٍ، الأوَّل: عن أبي إسحاق، والثَّاني: عن إسماعيل بن جعفرٍ، والثَّالث: عن مالكٍ، كلُّهم عن حُميدٍ به.
وقد أَخرج بالطَّريق الأوَّل عدَّة أحاديث غيرها، منها: فضل الغدوة كما سلف [خ¦2796]، ومنها حديث العَضْباء [خ¦2871]، ومنها هنا، وفي المغازي حديث حفر الخندق [خ¦4099]، ومنها في المغازي، وصِفة الجنَّة: ((أُصِيب حارثة...)) إلى آخره [خ¦3982] [خ¦6550]، وذكره خلفٌ وأغفله أبو مسعودٍ، ومنها هنا: ((ما مِنْ عبدٍ يموتُ، لهُ عند الله خيرٌ...)) الحديث سلف [خ¦2795]، وذكره يحيى بن عبد الوهَّاب بن مَنْدَهْ فيما استدركه على أبي مسعودٍ، وأخرج الثَّالث هنا وفي المغازي [خ¦4197]، وكذا أخرجه أبو داود والتِّرمِذيُّ وقال: صحيحٌ.