-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░175▒ باب: جَوائز الوَفْدِ.
3053- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَان الْأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عَن ابن عبَّاسٍ ☻ أَنَّهُ قَالَ: (يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ) إلى أن قال: (وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ وَنَسِيتُ الثَّالثةَ).
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ محمَّدٍ سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحمن عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَقَالَ: مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: الْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ.
الشَّرح: كذا في الأصول: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ) قال الجَيَّانيُّ: كذا في نسخة أبي زيدٍ والنَّسفيِّ وأبي أحمد، وعن ابن السَّكَن عن الفَرَبْريِّ عن البُخَاريِّ: <حدَّثنا قُتيبة>: بدل (قَبيصة) وهو ما ذكره في باب: مرضه مِنَ المغازي، وتكرَّر قتيبة عن ابن عُيَينة في مواضعَ، ولعلَّ البُخَاريَّ سمع الحديث منهما، غير أنَّه لا يحفظ لقَبيصة عن ابن عُيينة شيءٌ في «الجامع»، ولا ذكره الكَلاباذيُّ فيمَنْ روى في «الجامع» عن غير الثَّوْريِّ.
و(الثَّالِثَةَ) ورد في روايةٍ ستأتي أنَّها القرآن، وعن المهلَّب: هي تجهيز جيش أسامةَ بن زيدٍ، وكان المسلمون اختلفوا في ذلك على الصِّدِّيق فأعلمهم أنَّه صلعم عهد بذلك عند موته، وقال عِياضٌ: يحتمل أنَّها قوله: ((لا تتَّخذوا قبري وثنًا)) فقد ذكر مالكٌ معناه مع إجلاء اليهود.
وفيه سنَّةُ إجازة الوفد، وهو مِنْ باب الائتلاف، وهو عامٌّ في جميع الوفود الواردين على الخليفة، مِنَ الرُّوم كانوا أو مِنَ المسلمين، لأنَّهم وإن كانوا مِنَ الرُّوم فإنَّهم لا يأتون إلَّا بأمرٍ فيه منفعةٌ وصلاحٌ للمسلمين، فلذلك أمر صلعم بالوصاة بإجازتهم، وأيضًا فإنَّهم ضيوفٌ، وقد قال صلعم فيهم: ((جائزته يومٌ وليلةٌ)) ولم يُخَصَّ فهو عامٌّ.
وفيه: دِلالةٌ أنَّ الوصيَّة المدَّعاة لعليٍّ باطلةٌ، لأنَّه لو كان وصيًّا كما زعموا لعلم قضيَّة جيش أسامةَ كما علم ذلك الصِّدِّيق وما جهله.
وقوله: (فَقَالُوا هَجَرَ رَسُولُ الله صلعم) أي: اختلط، وأَهْجَر: أَفْحَش، قاله ابن بَطَّالٍ، وقال ابن التِّيْنِ: أي هَذَى، يُقال: هَجَرَ العليل إذا هَذَى، يَهْجُر هَجْرًا بالفتح، والهُجْر _بالضَّمِّ_ الإفحاش، قال ابن دُرَيد: هَجَر الرَّجل في المنطق إذا تكلَّم بما لا معنى له، وأَهْجَر: إذا أَفْحَش.
وقوله: (ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا) فتنازعوا / ولا ينبغي عند نبيٍّ تنازعٌ.
(قالوا: هَجَر رسول الله صلعم، فقال: دَعُونِي) لا شكَّ أنَّه صلعم لم يكن ليدع شيئًا أُمر بتبليغه لتنازعِهم مع أنَّ الوحي كان ينزل عليه، فلو عُورض في شيءٍ أُمِر بتبليغه لبلَّغه، ولكان الله تعالى يعاتب مَنْ حالَ بينه وبين ما يريد، وقد تكفَّل له ولأمَّته بإظهار الدِّين كلِّه وتمامه ووفاء ما وعدَه، ولم يكن يذكر إخراج المشركين وإجازة الوفد وفي روايةٍ أخرى أنَّه أوصى بالقرآن ويدع ما هو أوكد منه، وقد يكون هذا هو الَّذي أراد أن يكتبه، وقد بقي بعد ذلك أيَّامًا يمكنه التَّبليغ فيها، لأنَّه توفي يوم الاثنين حين اشتدَّ الضَّحاء بعد أن نظر إلى النَّاس قيامًا وهم في صلاة الصُّبح.
و(جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) ذكر في الكتاب عن المُغيرة تفسيرها وعنه زيادة: وقُرَيَّاتها، وعن مالكٍ أنَّها المدينة، وعن أبي عُبيدٍ: هي ما بين حفر أبي موسى بطوَّارة مِنْ أرض العراق إلى أقصى اليمن في الطُّول، وما بين رمل يَبْرِين إلى منقطع السَّماوة في العرض، ونقل الشَّيخ أبو الحسن عن مالكٍ أنَّها الحجاز ومكَّة والمدينة واليمن، وروى يعقوب بن محمَّدٍ الزُّهْريُّ عنه: واليمامة، وقال الأصمعيُّ: حدُّها مِنْ عَدَن إلى ريف العراق طولًا، ومِنْ تِهامة وما وراءها إلى أطراف الشَّام عرضًا. وهي عند الجُوَينيِّ والقاضي الحسين: الحجاز، وهو مكَّة والمدينة واليمامة وقُراها، والمشهور أنَّ الحجاز بعض الجزيرة، وبه جزم العراقيُّون وغيرهم، وقالوا: المراد بالجزيرة في الحديث: الحجاز، ويؤيِّده رواية أحمد مِنْ حديث أبي عُبيدة بن الجرَّاح: آخر ما تكلَّم به رسول الله صلعم: ((أخرجوا يهود الحجاز وأهل نَجْران مِنْ جزيرة العرب)) انتهى، فلم يتفرَّغ أبو بكرٍ لذلك فأجلاهم عمرُ، قيل كانوا زُهاء أربعين ألفًا، ولم يُنقل أنَّ أحدًا مِنَ الخلفاء أجلاهم مِنَ اليمن مع أنَّها مِنَ الجزيرة، وإنَّما أُخرج أهل نَجْران مِنَ الجزيرة وإن لم يكن مِنَ الحجاز، لأنَّه صلعم صالحهم على ألَّا يأكلوا الرِّبا فأكلوه، رواه أبو داود مِنْ طريق ابن عبَّاسٍ. وعن الأصمعيِّ: هي ما لم يبلغه ملكُ فارسَ مِنْ أقصى عَدَن أَبْيَن إلى أطراف الشَّام طولًا، ومِنْ جدَّة إلى ريف العراق عرضًا، وفي رواية أبي عُبيد عنه: الطول مِن أقصى عَدَن إلى ريف العراق طولًا، وعرضًا من جدَّة وما والاها إلى ساحل البحر إلى أطراف الشَّام، وقال الشَّعْبيُّ: هي ما بين قادسيَّة الكوفة إلى حَضْرَمَوتَ.
قال الخليل _فيما نقله أبو عُبيدٍ البَكْريُّ_: سُمِّيت جزيرة العرب؛ لأنَّ بحر فارس وبحر الحبَش والفرات ودجلة أحاطت بها، وهي أرض العرب ومعدنُها.
قال أبو إسحاق الحربيُّ: أخبرني عبد الله بن شَبِيبٍ عن زهير بن محمَّدٍ عن محمَّد بن فَضَالة إنَّما سُمِّيت جزيرةً لإحاطة البحر بها والأنهار مِنْ أقطارها وأطوارها، وذلك أنَّ الفرات أقبل مِنْ بلاد الرُّوم فظهر بناحية قِنَّسْرِين ثُمَّ انحطَّ عن الجزيرة، وهي ما بين الفرات والدِّجْلة، وعن سواد العراق حتَّى وقع في البحر مِنْ ناحية البصرة والأُبُلَّة، وامتدَّ البحرُ مِنْ ذلك الموضع مُغرِبًا مُطيفًا ببلاد العرب منعطفًا عليها، فأتى منها على سَفَوَانَ وكَاظِمَةَ ونفذ إلى القَطِيْفِ وهَجَرَ وأَسْياف عمانَ والشَّحر وسال منه عنق إلى حَضْرَمَوْتَ إلى أبين وعَدَن ودَهْلَك، واستطال ذلك العنق فَطَعَن في تهائم اليمن بلاد حكمٍ والأشعريِّين وعَكٍّ، ومضى إلى جدَّة وساحل مكَّة وإلى الجار ساحل المدينة، وإلى ساحل تَيْماء وأَيْلة حتَّى بلغ إلى قُلْزُم مصرَ وخالط بلادها، وأقبل النِّيلُ في غربيِّ هذا العنق مِنْ أعلى بلاد السُّودان مستطيلًا معارِضًا للبحر، حتَّى دفع في بحر الشَّام، ثُمَّ قطع ذلك البحر مِنْ مصر حتَّى بلاد فِلَسطين ومرَّ بعَسْقَلانَ وسواحلها، وأتى على صُورٍ بساحل الأُردُنِّ وعلى بيروت وذواتها مِنْ سواحل دمشق، ثُمَّ نفذ إلى سواحل حِمص وسواحل قِنَّسْرين، حتَّى خالط النَّاحية الَّتي أقبل منها الفراتُ منحطًّا على أطراف قِنَّسْرين والجزيرة إلى سواد العراق، فصارت بلاد العرب مِنْ هذه الجزيرة الَّتي تركوها على خمسة أقسامٍ: تِهامة والحجاز ونجدٍ والعَروض واليمن.
فرعٌ: يُمنع كلُّ كافر عندنا وعند مالك مِنِ استيطان الحجاز _وهو ما ذكرناه_ ولا يُمنعون من ركوب بحرِه، ولو دخل بغير إذنٍ أخرجه وعزَّرهُ إن علم أنَّه ممنوعٌ، فإن استأذن في دخوله أَذِنَ الإمامُ أو نائبه فيه إن كان مصلحةً للمسلمين كرسالةٍ وحملِ ما يُحتاج إليه، وعن أبي حَنيفةَ جواز سكناهم الحرمَ، ويمنع دخول مكَّة، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة:28] والمراد به هنا جميعُ الحرم، وقال صلعم: ((إنَّ الشَّيطان أَيِسَ أن يُعبد في جزيرة العرب))، فلو دخله ومات لم يُدفن فيه، وإن مات في غير الحَرم مِنَ الحجاز وتعذَّر نقله دُفن هناك، وحرمُ المدينة لا يلحق بحرم مكَّة فيما ذكرنا، لكن استحسن الرُّوْيانيُّ أن يُخرج منه إذا لم يتعذَّر الإخراج ويُدفن خارجَه.
فائدةٌ: قوله: (وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ) أي: أعطوا القادمين عليكم، والجائزة: قدرُ ما يجوز به المسافر مِنْ مَنْهَلٍ إلى مَنْهَلٍ، وجائزته يومٌ وليلةٌ.