التوضيح لشرح الجامع البخاري

كتاب الاستسقاء

          ░░15▒▒ كتاب الاستسقاء.
          ░1▒ وَخُرُوجِ النَّبِيِّ صلعم في الاسْتِسْقَاءِ.
          الاستِسْقاء: طلبُ السُّقيا. يُقال: سَقَاهُ اللهُ وَأَسْقَاهُ بمعنى. وقيل: سَقَاه: نَاولَهُ لِيَشْرَبَ، وأَسْقَاه: جعلَ له سُقيا. وقيل سَقَيتُهُ مِن سَقْي الشَّفَة، وأَسْقيتُهُ: دَلَلْتُهُ على الماءِ.
          ثمَّ هي أنواعٌ أدناها الدُّعاء بلا صَلاة، ولا خَلَفَ صلاةٍ، وأوسطها الدُّعاء خَلف الصَّلاة، وأفضلها الاستسقاء بركعتين وخطبتين، وكلُّها صحيحةٌ كما ستقفُ عليه.
          1005- ذكر في الباب حديث عبَّاد بن تَميمٍ، عن عمِّهِ _وهو عبد الله بن زيد بن عاصمٍ_ قال: (خَرَجَ النَّبِيُّ صلعم يَسْتَسْقِي وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ).
          هذا الحديث ثابتٌ في بعض النُّسخ هنا، وفي بعضها في باب تحويل الرِّداء في الاستسقاء، وسيأتي في مواضع أُخَر في الباب، ويأتي في الدَّعوات أيضًا. وأخرجه مسلمٌ أيضًا من طُرقٍ، والأربعة.
          أمَّا حُكْم المسألة فالإجماع قائمٌ على جواز الخروج إلى الاستسقاء، والبروز إليه في المصلَّى عند إمساك الغيث عنهم. ومِن جملة تراجم البخاريِّ عليه: الاستسقاء في المصلَّى، وزاد فيه: ((خَرَجَ النَّبِيُّ صلعم إِلَى المُصَلَّى يَسْتَسْقِي)). واختلف العلماء في الخروج إليها للصَّلاة، فقال أبو حنيفة: يَبرز المسلمون للدُّعاء والتَّضرُّعِ إلى الله تعالى فيما نَزل بهم، وإن خطبَ مذكِّرٌ لهم ومخوِّفٌ فحَسَنٌ، ولم تُعرف الصَّلاة في الاستسقاء. وحكاه ابن بَزِيزة عن النَّخَعيِّ أيضًا. وحكى الرَّازي عن أبي حنيفةَ التخيير بين الفعل والترك، وعنه: تُصلَّى فُرادى لا جماعة، واحتجَّ بهذا الحديث الذي لا ذكر للصَّلاة فيه. وروى مغيرةُ عن إبراهيمَ أنَّهُ خرج مرَّةً للاستسقاء، فلمَّا فرغوا قاموا يصلُّون، فرجع إبراهيم ولم يصلِّ. وخالفه صاحباه وسائر الفقهاء فقالوا: صلاة الاستسقاء سُنَّة، ركعتان لثبوت ذلك عن النَّبِيِّ صلعم، ومَن حفظَ حُجَّةٌ على مَن لم يحفظ، ويُحمل على أنَّه فَعَلَ أحدَ الجائزات أو نسيَ الرَّاوي، أو كان ذلك في دعاءٍ عُجِّلت إجابته، فاكْتفى به عمَّا سواه، ولم يقصد بذلك بيان سُنَّته، ولَمَّا قصد البيان بيَّنه كما في حديث عبد الله بن زيدٍ. وسيأتي الكلام على تحويل الرِّداء في بابه [خ¦1025] فهو أليقُ به.