التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب السرعة في السير

          ░136▒ باب: السُّرعة في السَّير.
          وقال أَبُو حُمَيْدٍ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: ((إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى المَدِينَةِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيُعَجِّلْ)).
          وهذا سلف مسندًا في الحجِّ مِنْ حديث عبَّاس بن سهل بن سعدٍ عنه قال: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلعم فِي غَزْوَةٍ تَبُوكَ) الحديثَ [خ¦1481].
          2999- 3000- ثمَّ ذكر أحاديث سلفت في الحجِّ: حديث أسامة: (كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ) [خ¦1666]، وحديث ابن عمرَ في الجمع [خ¦1091]، وحديث أبي هريرة: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ) [خ¦1804].
          3001- وسلف أنَّ مالكًا انفرد بهذا [خ¦1804]، وقال: لو علمتُ أهل العراق يقولون ذلك ما ذكرته.
          والنَّهمة: بفتح النُّون وكسرها، واقتصر ابن فارسٍ في ضبطه كتابَه على الفتح، وقال: هي الهمَّة بالشَّيء.
          والفجوة: المتَّسع بين شيئين.
          والعَنَق: انبساط السَّير، والنَّصُّ فوق ذلك، قال أبو عُبيدٍ: النَّصُّ التَّحريك حتَّى يستخرج مِنَ النَّاقة أقصى سيرها، وأصله منتهى الأشياء وغايتها، والعَنَق: سيرٌ مِنْ سيرِ الدَّوابِّ طويلٌ.
          قال المهلَّب: أمَّا تعجيله إلى المدينة فليسرِّحَ نفسه مِنْ عذاب السَّفر، وليفرحَ بنفسه أهلَه وجماعة المؤمنين بالمدينة، قال: وأمَّا تعجيل السَّير إذا وجد فجوةً حين دفع مِنْ عرفة فليتعجَّل الوقوف بالمَشْعَر الحرام، ويدعوَ الله تعالى في ذلك الوقت، لأنَّ ساعات الدُّعاء في ذلك الوقت ضيِّقةٌ ولا تدوم، ونادرةٌ إنَّما هي مِنْ عامٍ إلى عامٍ.
          وأمَّا تعجيل ابن عمر إلى زوجته إنَّما هو ليدرك مِنْ حياتها ما يمكنه أن تعهد إليه بما لا تعهد به إلى غيره، ولئلَّا يحرمها ما تريده مِنْ طاعة الله في عهدها، ومع ذلك فإنَّه كان يسرُّها بقدومه.
          وفيه التَّواضع وترك التَّكبُّر.