التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب حفر الخندق

          ░34▒ (بابُ: حَفْرِ الخَنْدَقِ)
          ذكر فيه أحاديث:
          2835- أحدها: حديثُ أنسٍ: (جَعَلَ المُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ يَحْفِرُونَ الخَنْدَقَ حَوْلَ المَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الَّذينَ بَايَعُوا مُحمَّدَا... عَلَى الإِسْلامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
          وَالنَّبِيُّ _صلعم_ يُجِيبُهُمْ: اللهُمَّ لا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ... فَبَارِكْ فِي الأنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ).
          2836- ثانيها: حديثُ البَرَاءِ قال: (فَكَانَ النَّبِيُّ _صلعم_ يَنْقُلُ وَيَقُولُ:
... لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا                     .............)
          2837- ثالثها: حديث البَرَاء أيضًا: (رَأَيْتُ النَّبيَّ _صلعم_ يَوْمَ الأحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
... لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا                     وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا                     وَثَبِّتِ الأقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا                     إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا)
          الشَّرح: حديث أنسٍ يأتي في الخندق مطوَّلًا [خ¦4100]، وأخرجه مسلمٌ مِنْ طرقٍ وكذا حديث البراء.
          والمتون: جمع متنٍ، وهو مكتنَف الصُّلب مِنَ العَصب واللَّحم.
          وقولهم: (نَحْنُ الَّذينَ بَايَعُوا محمَّدا... عَلَى الإِسْلامِ) هو غير موزونٍ وإنَّما هو:
.........                     عَلَى الْجِهَادِ......
          وقوله:
(... لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا                     ............)
          كَذا هو رُوي وهي:
((تالله لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا                     ............))
          وقوله: (إِنَّ الأُلَى...) إلى آخره ليس يتَّزن هكذا كما رُوي، وإنَّما هو:
(إِنَّ الأُلَى هُمْ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا)
          لأنَّ وزنه مستفعلٌ، مستفعلٌ، فعولٌ، قال الدَّاوُديُّ: وفي روايةٍ:
((إنَّ الأعَادِي بَغَوا عَلَيْنا))
          وهو لا يتَّزن إلَّا بزيادة هم أو قد، ذكره كلَّه ابن التِّيْنِ.
          وفيه _كما قال المهلَّب_ امتهان الإمام نفسه في التَّحصين على المسلمين وما يتأسَّى به النَّاس ويقتدون به فيه شرفٌ له وتحريضٌ وتنشيطٌ، وإثارة النِّيَّة والعزم على العمل في الطَّاعة.