التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟

          ░140▒ باب: مَنِ اكتتب في جيشٍ فخرجت امرأته حاجَّةً، أو كان له عذرٌ، هل يُؤذَن له؟
          3006- ذكر فيه حديث أبي مَعبدٍ عن ابن عبَّاسٍ السَّالف في باب: حجِّ النِّساء [خ¦1862].
          واسم أبي مَعبدٍ: نافذٌ مولى ابن عبَّاسٍ، روى له الجماعة، مات بالمدينة سنة أربعٍ ومئةٍ.
          ونقل ابن بَطَّالٍ هناك اتِّفاقَ الفقهاء على أنَّه ليس للرَّجل منعُ زوجته مِنْ حجِّ الفرض، كما لا يمنعها مِنْ صلاةٍ ولا صيامٍ، وناقشناه فيه، فإنَّ الأظهر مِنْ قولَي الشَّافعيِّ أنَّ له المنعَ، ولا شكَّ أنَّه إذا قام بثغور المسلمين مَنْ فيه الكفاية بدفع العدوِّ فلا بأس أن يأذن الإمام لِمَنْ له عذرٌ في الرُّجوع، ولهذا المعنى أذن صلعم للرَّجل أن يرجع ويُحِجَّ امرأتَه، فإن كان للعدوِّ ظهورٌ وقوَّةٌ وتعيَّن فرض الجهاد على كلِّ أحدٍ فلا يأذن له الإمام في الرُّجوع.
          قال المهلَّب: والجهاد أفضل لِمَنْ قد حجَّ عن نفسه مِنَ الحجِّ، لكن لمَّا استضاف إلى الحجِّ النَّافلةِ سترَ عورةٍ وقطع ذريعةٍ كان آكدَ وأفضلَ مِنَ الجهاد في وقتٍ قد استظهر المسلمون فيه على عدوِّهم.
          وقوله: (فَاحْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ) محمولٌ عند العلماء على معنى النَّدب للزَّوج أن يحجَّ مع امرأته لا أنَّه يلزمه ذلك فرضًا، كما لا يلزمه مُؤْنة حملها في الحجِّ، فلذلك لا يلزمه أن يحملها إليه بنفسه.