التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من حدث بمشاهده في الحرب

          ░26▒ (بابُ: مَنْ حَدَّثَ بِمَشَاهِدِهِ فِي الحَرْبِ
          قاله أبو عثمانَ عن سعدٍ).
          2824- ثُمَّ ساق حديث السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: (صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ وَسَعْدًا وَالمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ _صلعم_ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ).
          الشَّرح: قوله: (قَالَهُ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ سَعْدٍ) يعني معلَّقًا، وقد ذَكره مسندًا في «صحيحه» عن محمَّد بن أبي بكرٍ وحامد بن عمرَ ومحمَّد بن عبد الأعلى عن معتمرٍ، عن أبيه عن أبي عثمانَ، وإنَّما لم يحدِّث هؤلاء عن رسول الله _صلعم واللهُ أعلم_ خشية الزِّيادة والنُّقصان لئلَّا يدخلوا في معنى قوله: ((مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) فاحتاطوا عَلى أنفسهم أخذًا بقول عمرَ: أقِلُّوا الحديث عن رسول الله _صلعم_ وأنا شريكُكم، وقد سلف ذلك في كتاب العلم واضحًا [خ¦72]، وإنَّما حَدَّث طلحة عن مشاهده يوم أُحدٍ، ففيه أنَّ للرَّجل أنْ يحدِّث عمَّا تقدَّم له مِنَ العناء في إظهار الإسلام وإعلاء كلمته، وما يعدُّ فيه مِنْ أعمال البرِّ والموجبات غير النَّوافل، لأنَّه كان عليهم نصرُه _صلعم_ وبذل أنفسهم دونه فرضًا ليتأسَّى بذلك المتأسِّي، ولَا يدخل ذلك في باب الرِّياء لأنَّ إظهار الفرائض أفضلُ مِنْ سَترها ليشاد مَنار الإسلام، وتظهرَ أعلامه، وكان طلحة مِنْ أهل النَّجدة وثبات القدم في الحرب، ذكر البُخاريُّ عن قيسٍ في المغازي [خ¦4063] قَالَ: ((رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ وَقَى بِهَا رسولَ اللهِ _صلعم_ يَوْمَ أُحُدٍ)) وَعن أبي عثمانَ أنَّه لم يبقَ مع رسول الله _صلعم_ تلك الأيَّام غير طلحة وسعدٍ، فلهذا حدَّث طلحةُ عن مشاهده يوم أُحدٍ ليُقْتدى به ويَرْغَب النَّاسُ في مثل فعلِه.