-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░1▒ (بَابُ: فَضْلِ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ وقول الله _╡_: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ} [التوبة:110-111] قَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: الحُدُودُ الطَّاعَةُ).
ثُمَّ ذكر فيه أربعةَ أحاديثَ:
2782- أحدها: حديث ابن مَسعودٍ: (ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ) ذكره مِنْ طريق مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ قَالَ: (سَمِعْتُ الوَلِيدَ بْنَ العَيْزَارِ، ذَكَرَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسعودٍ) فذكره.
2783- ثانيها: حديث ابْنِ عبَّاسٍ: (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ...).
2784- ثالثها: حديث عائشةَ: (يَا رَسُولَ اللهِ تُرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ).
2785- رابعها: حديث أبي هريرة: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ _صلعم_ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ، قَالَ: لا أَجِدُهُ، قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلا تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلا تُفْطِرَ؟ قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٌ).
الشَّرح: هذا الباب مذكورٌ هنا في جميع النُّسخ والشُّروح خلا ابنَ بَطَّالٍ فإنَّه ذكره عقيب الحجِّ والصَّوم قبل البيوع، ولمَّا وصَل إلى هنا وَصل بكتاب الأحكام، وأحاديث الباب تقدَّمت إلَّا حديثَ أبي هريرة، وقدْ أخرجه مسلمٌ والأربعة، وأمَّا الآية فهي تمثيلٌ مثل {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة:16] ولمَّا جُوْزُوا بالجنَّة على ذلك عبَّر عنه بلفظ الشِّراء تجوُّزًا.
وقوله: ({فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}) فيه بشرى، وهي أنَّ القاتل والمقتول معًا في الجنَّة، وقال بعض الصَّحابة: ما أبالي قَتَلْتُ في سبيل الله أو قُتِلتُ، وتلا هذه الآية، وهذا يردُّ على الشَّعْبيِّ في قوله: إنَّ الغالب في سبيل الله أعظم أجرًا مِنَ المقتول.
({التَّائِبُونَ}) مِنَ الذُّنوب ({الْعَابِدُونَ}) بالطَّاعة أو بالتَّوحيد أو بطول الصَّلاة أقوالٌ، وقال الحسن: {التَّائِبُونَ} مِنَ الشِّرك {الْعَابِدُونَ} لله وحده، وقال الدَّاوُديُّ: كلَّما كانت منهم غفلةٌ أو سهوٌ أو خطئةٌ ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم.
({الْحَامِدُونَ}) على السَّرَّاء والضَّرَّاء أو على الإسلام.
({السَّائِحُونَ}) المجاهدون، أو الصَّائمون واستُؤذن _◙_ في السِّياحة فقال: ((سياحةُ أُمَّتي في الجهاد))، وفي روايةٍ: ((الصَّوم)) وصحَّ عن ابن مَسعودٍ أنَّها الصَّوم، قيل له: سائحٌ لأنَّه تاركٌ للمفطرات فهو كهو، وقيل: السَّائحون: المهاجرون، وقيل: طلبة العلم.
({بِالْمَعْرُوفِ}) التَّوحيد أو الإسلام، ({الْمُنْكَرِ}) الشِّرك، أو الَّذين لم ينهَوا عنه حتَّى انتهَوا عنه.
({وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ}) القائمون بأمره، والعاملون بأمره ونهيه، أو بفرائض الله حلاله وحرامه، أو بشرطه في الجهاد، قال بعض العلماء: إذا كان النَّاهُونَ عن المنكر الثُّلثَ، والعاملون له الثُّلثين وجب على النَّاهين جهاد الفاعلين قياسًا على أهل الكفر، وقال ابن مجاهدٍ: إنَّما يكون باليد واللِّسان لا بالسَّيف إلَّا في المحاربين، وأتى بالواو في قوله: {وَالنَّاهُونَ} ومَا بعده لأنَّ مَا بعد السَّبع مِنَ النُّعوت يأتي بالواو.
({وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}) المصدِّقين بما وُعدوا في هذه الآيات، أو بما نُدبوا إليه فيها، فلمَّا نزلت {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى} جاء رجلٌ مِنَ المهاجرين فقال: يا رسول الله، وإنْ زنا وإن سرق وإن شرب الخمر؟ فنزلت {التَّائِبُونَ}، ومَا ذكره عن ابن عبَّاسٍ في تفسير الحدود أنَّها الطَّاعة، ذكره إسماعيل بن أبي زيادٍ الشَّاميُّ / في «تفسيره» عنه، وذكر الحاكم في «إكليله» أنَّ هذه الآية الكريمة هي أوَّل آية نزلت في الإذن بالقتال، وفي «مستدركه» عنه على شرطهما: أوَّل آيةٍ نزلت فيه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} الآية [الحج:39].
وحديث ابن مَسعودٍ سلف شرحُه في الصَّلاة [خ¦527]، وأنَّ اختلاف الأحاديث كان لاختلاف السَّائلين ومقاصدهم.
وجمع الدَّاوُديُّ أيضًا بألَّا اختلاف إنْ أوقع الصَّلاة في ميقاتها كان الجهاد مقدَّمًا على برِّ أبويه، وإن أخَّرها عن وقتها كان برُّ أبويه مقدَّمًا على الجهاد، قال الطَّبَريُّ: ومعنى الحديث أنَّ هذه الخصال أفضلُ الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله، وذلك أنَّ مَنْ ضيَّعَ الصَّلاة المفروضة حتَّى خرج وقتُها بغير عذرٍ يُعذر منه مع خفَّة مؤنتها وعظم فضلها فهو لا شكَّ لغيرها مِنْ أمر الدِّين والإسلام أشدُّ تضييعًا، وبه أشدُّ تهاونًا واستخفافًا، وكذلك مَنْ ترك برَّ والديه وضيَّع حقوقهما مع عظم حقِّهما عليه، وتربيتهما إيَّاه وتعطُّفهما عليه ورفقهما به صغيرًا، وإحسانهما إليه كبيرًا، وخالف أمر الله ووصيَّته إيَّاه فيهما فهو لغير ذلك مِنْ حقوق الله أشدُّ تضييعًا.
وكذلك مَنْ ترك جهاد أعداء الله _تعالى_ وخالف أمره في قتاله مع كفرهم بالله، ومناصبتهم أنبياءه وأولياءه للحرب فهو كجهاد مَنْ هو دونه مِنْ فُسَّاق أهل التَّوحيد، ومحاربة مَنْ سواه مِنْ أهل الزَّيغ والنِّفاق أشدُّ تركًا، فهذه الأمور الثَّلاثة تجمع المحافظةُ عليهنَّ الدِّلالةَ على محافظته على سواهنَّ، ويجمع تضييعُهن الدِّلالةَ على تضييع ما سواهنَّ مِنْ أمر الدِّين والإسلام، فلذلك خَصَّهُنَّ _◙_ بأنَّهنَّ أفضل الأعمال.
وحديث ابن عبَّاسٍ: (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ) أسلفنا تأويله [خ¦1834]، وقال ابن التِّيْنِ: يُريد: لِمَنْ لم يكن هاجر، دليلُه الحديث الآخر: ((أُذِنَ للمُهاجر أن يقيمَ بمكَّة ثلاثًا بعد الصَّدر)) وكذلك في حديث سعدٍ: أُخلَّف بعد أصحابي؟ فقال: ((اللهُمَّ أَمْضِ لأصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ)) وقيل: كانت الهجرة ضربان:
أحدهما: أنَّ الآحاد مِنَ القبائل كانوا إذا أسلموا وأقاموا في ديارهم بين ظهراني قومهم أُوذُوا فَأُمِروا بالهجرة ليسلَم لهم دينُهم.
ثانيهما: أنَّ أهل الدِّين بالمدينة كانوا في قلَّةٍ مِنَ العدد وضعفٍ مِنَ القوَّة، فوجب على مَنْ أسلم أن يحضر النَّبيَّ _صلعم_ ليستعين به في حدوث حادثةٍ، وليتفقَّهوا في الدِّين ويُعلِّموا قومهم عند رجوعهم، فلمَّا فُتِحَت مكَّة استغنَوا عن ذلك إذ كان معظمُ الخوف على المسلمين مِنْ أهل مكَّة فلمَّا أسلموا أُمر المسلمون أن يغزوا في عقر دارهم، فقيل لهم: أقيموا في أوطانكم وقرُّوا على نيَّة الجهاد فإنَّ فرضه غيرُ منقطعٍ مدى الدَّهر، وكان الجهاد في زمنه فرض كفايةٍ، وقيل: عينٍ، وقيل: على الأنصار، والخلاف في كونه كان فرض كفايةٍ حكاه المالكيَّة أيضًا، وقال سُحْنُون: كان في أوَّل الإسلام فرض عينٍ والآن مرغَّبٌ فيه، وقال الْمُهَلَّبُ: كانت الهجرة فرضًا في أوَّل الإسلام على مَنْ أسلم لقلَّتهم وحاجتهم إلى الاجتماع والتَّأليف، فلمَّا فتح الله _تعالى_ مكَّة دخل النَّاس في دينه أفواجًا سقط فرضُ الهجرة وبقي فرض الجهاد والنِّيَّة على مَنْ قام به، أو نزل به عدوٌّ.
وحديث عائشةَ ضبطه عند أبي ذرٍّ <لَكُنَّ> بضمِّ الكاف على معنى ضمير جماعة النِّساء، وعند غيره بكسرها، ويبيِّن الأوَّل حديث يأتي بعد هذا ((جِهَادكُنَّ الحجُّ)) وقد سلف الخُلف فيه أيضًا [خ¦1520].
و(الْمَبْرُور) الَّذي لا رفثَ فيه ولا فسوقَ ولا جدالَ، وإنَّما جُعل الحجُّ أفضلَ للنِّساء مِنَ الجهاد لقلَّة غنائهنَّ فيه.
وحديث أبي هريرة فيه أنَّ المجاهد على كلِّ أحواله يُكتب له ما كان يكتب للمتعبِّد، فالجهاد أفضل مِنَ التَّنفُّل بالصَّلاة والصِّيام.
وقول أبي هريرة: (إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ) أي ليمرحُ قاله ابن التِّيْنِ، وهو يفتعل مِنَ السَّنن يُقال: فلانٌ سَنَن الرِّيحِ والسَّيل إذا كان على جهتهما، وأهل الحجاز يقولون: سُنَنٌ بضمِّ السِّين، والطِّوَل _بكسر الطَّاء وفتح الواو_: الحبل تشدُّ به الدَّابَّة ويُمسِك صاحبها بطرفه ويرسلها تَرعى.
وقوله: (دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: لَا أَجِدُ) يريد: إذا أتى المجاهد بالصَّلاة في ميقاتها.