التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة

          ░195▒ باب: إذا اضطرَّ الرَّجل إلى النَّظر في شعورِ أهل الذِّمِّة والمؤمناتِ إذا عَصَينَ الله وتجريدِهنَّ.
          3081- ثُمَّ ذكر حديث سَعد بن عُبيدة _بضمِّ العين_ عن أبي عبد الرَّحمن وكان عثمانيًّا، فقال لابن عطيَّة وكان علويًّا: إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا الَّذي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ، ثُمَّ ذكر حديث روضةِ خاخٍ السَّالفَ قريبًا [خ¦3007]. وهذه الظَّعينة قيل: إنَّها مُشرِكةٌ.
          ومعنى (كَانَ عُثْمَانِيًّا): يفضِّل عثمانَ على عليٍّ، كالعَلويِّ بعكسٍ، ووقفت فرقةٌ ثالثةٌ في التَّفضيل بينهما وقاله مالكٌ مرَّةً، وقال مثل أبي عبد الرَّحمن، والصَّواب تقديم عثمانَ عليه.
          قال الدَّاوُديُّ: وبئس ما قال أبو عبد الرَّحمن في تأويله على أنَّه يجترئ على شيءٍ يراه حرامًا لقوله صلعم في أهل بدرٍ، والله يعلم أفعال العباد قبل كونها، وعلم أنَّهم لا يأتون كبيرةً وإن قال لهم نبيُّهم عنه: ((اعملوا ما شئتم))، وقول أبي عبد الرَّحمن: (إنِّي لأعلم...) إلى آخره، ظنٌّ منه؛ لأنَّ عليًّا على مكانته مِنَ الفضل والعلم لا يقتل أحدًا إلَّا بالواجب، وإن كان قد ضُمِن له الجنَّة لشهوده بدرًا وغيرها.
          وفيه مِنَ الفقه أنَّ مَنْ عصى الله فلا حرمةَ له وأنَّ المعصية تبيح حرمته وتزيل سترته، ألا ترى أنَّ عليًّا والزُّبَير أرادا كشف المرأة إذ لم تُخرج الكتاب، لأنَّ حملها له ضربٌ مِنَ التَّجسس على المسلمين، ومَنْ فعل ذلك فعليه النَّكال بقدر اجتهاد الإمام مسلمًا كان أو كافرًا. وقد أجمعوا أنَّ المؤمنات والكافرات في تحريم الزِّنا بهنَّ سواءٌ، فكذلك في تحريم النَّظر إليهنَّ متجرِّداتٍ، وهما سواءٌ فيما أبيح مِنَ النَّظر إليهنَّ في حين الشَّهادة أو إقامة الحدِّ عليهنَّ، وهذا كلُّه مِنَ الضَّرورات الَّتي تُبيح المحظورات.