التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب التكبير عند الحرب

          ░130▒ بَاب: التَّكْبِيرِ عِنْدَ الحَرْبِ.
          2991- ذكر فيه حديثَ أنسٍ في خيبرَ السَّالفَ في كتاب الصَّلاة، في باب: ما يُذكر في الفخذ [خ¦371]، وقوله: (الله أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ) تابعه عليٌّ عن سفيان: (رفع النَّبيُّ صلعم يديه) يعني: تابع المُسْنَدِيَّ عبدَ اللهِ بنَ محمَّدٍ، وقد أسنده في علامات النُّبوَّة عنه عن سفيان [خ¦3647]، وإنَّما فعل صلعم هذا استشعارًا لكبرياء الله تعالى على ما تقع عليه العين مِنْ عظيم خلقه وكبير مخلوقاته أنَّه أكبر الأشياء، وليس ذلك على معنى أنَّ غيره كبيرٌ، وإنَّما معنى قولهم الله أكبر: الكبيرُ، هذا قول أهل اللُّغة كما نقله عنهم المهلَّب، وقال مَعمرٌ عن أَبان: لم يُعطَ أحدٌ التَّكبير إلَّا هذه الأمَّة.
          وكذلك يفعل صلعم في إشرافه على الجبال، ففرح صلعم بما فتح الله عليه وكبَّر إعظامًا لله وشكرًا له.
          ورفعُ اليدين في الدُّعاء والتَّكبير استسلامٌ لله ╡ وتنزيهٌ مِنَ الحول والقوَّة إلَّا به، وقد روى سفيان عن أَيُّوب في هذا الحديث: ((حالُوا إلى الحِصن)) أي: تحوَّلوا إليه، يُقال: حُلْتُ عن المكان إذا تحوَّلت عنه، ومثله: أَحَلْتُ عنه.
          وقوله: (إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِيْنَ) يريد صلعم أنَّهم يُقدَّم إليهم الإنذار فلمَّا عتَوا وأصرُّوا نزل بساحتهم.
          والنَّهي عن لحوم الحمر قد أسلفنا فيما مضى أنَّه عُلِّل لئلا تفنى أو أنَّه غير ذلك معلَّلٌ، وقيل: لمبادرتهم إليها قبل القسمة. قال الدَّاوُديُّ: مالكٌ يرى لحومها محرَّمة لقوله تعالى: {وَالخَيْلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [غافر:79] وقال في الأنعام {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [غافر:79] وزعم أشهبُ أن تحريمها إجماعٌ مِنْ أهل الحجاز، وأراه أراد أكثرهم، وقال طاوسٌ: أي: ذلك البحر _يعني ابن عبَّاسٍ_ واحتجَّ بقوله: {قُلْ لَا أَجِدُ} الآية [الأنعام:145]، واحتجَّ مَنْ ردَّ ذلك بأنَّ هذا كان قبل نزول الآية، ثُمَّ حرَّم صلعم الحُمُرَ، ولم يكن ينطق عن الهوى، قاله الدَّاوُديُّ، وأهل العلم على أنَّه محرَّمٌ بالقرآن.
          وفيه: أنَّه صلعم كان إذا أراد إفشاء أمرٍ نادى به مناديه.