-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
باب فضل الجهاد
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب السبق بين الخيل
-
باب ناقة النبي
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كانَ النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كانَ يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكانَ له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب فضل الجهاد
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░41▒ (بَابٌ: هَلْ يُبْعَثُ الطَّلِيعَةُ وَحْدَهُ؟)
2847- ذكر فيه حديثَ محمَّدِ بن الْمُنْكَدر أيضًا عن جابرٍ المذكورَ: (نَدَبَ النَّبِيُّ _صلعم_ النَّاسَ _قَالَ صَدَقَةُ: أَظُنُّهُ يَوْمَ الخَنْدَقِ_ فَانْتَدَبَ الزُّبَير ثلاثًا فقال _صلعم_: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ).
الشَّرح: حديث جابرٍ هذا يأتي في الخندق أيضًا، وفي النَّسَائيِّ قال وهبُ بن كَيسانَ: أشهد لسمعت جابرًا يقول: لمَّا اشتدَّ الأمر يوم بني قُريظة، قال رسول الله _صلعم_: ((مَنْ يَأْتِينا بخبَرِ القومِ؟)) فلم يذهب أحدٌ، فذهب الزُّبَير، فجاء بخبرهم ثُمَّ اشتدَّ الأمر أيضًا فقال: ((مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِهِم؟)) فلم يذهب أحدٌ، فذهب الزُّبَير ثُمَّ اشتدَّ الأمر أيضًا فقال: ((إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَواريٌّ، وإنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَير)) ورواه ابن أبي عاصمٍ مِنْ حديث وهبٍ هذا، وفيه أنَّ ذلك يومَ الخندق، وفي التِّرمِذيِّ: الحواريُّ: النَّاصر، وقال عبد الرَّزَّاق عن مَعْمرٍ: قال قَتَادة: الحواريُّ الوزير. وله مِنْ طريقٍ ثانٍ مِنْ حديث عليٍّ مرفوعًا: ((إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وإنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَير)) أخرجه ابن أبي شَيبة عن حسين بن عليٍّ عن زائدةَ عن عاصمٍ عن زرٍّ عنه.
ثمَّ اعلم أنَّه وقع هنا ما ذكرنا، والمشهور _كما قاله شيخنا فتح الدِّين اليَعْمُريُّ_ أنَّ الَّذي توجَّه ليأتيَ بخبر القوم حُذيفة بن اليَمان، كما رُوِّينا عنه مِنْ طريق ابن إسحاق وغيره قال _يعني رسول الله صلعم_: ((مَنْ رجلٌ يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثُمَّ يرجع)) يَشترط له رسول الله _صلعم_ الرَّجعة: ((أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنَّة)) فما قام رجلٌ مِنَ القوم مِنْ شدَّة الخوف والجزع / والبرد، فلمَّا لم يقم أحدٌ دعاني فلم يكن لي بُدٌّ مِنَ القيام حين دعاني فقال: ((يا حذيفة اذهب فادخل في القوم)) وذكر الحديث.
وذكر ابن عقبة وغيره خروج حذيفة إلى المشركين ومشقَّة ذلك عليه إلى أن قال _◙_: ((قم فحفظك الله مِنْ أمامك ومِنْ خلفك، وعن يمينك وعن شمالك حتَّى ترجع إلينا)) فقام حذيفة مستبشرًا بدعاء رسول الله _صلعم_ كأنَّه احتمل احتمالًا فما شقَّ عليه شيءٌ ممَّا كان فيه، وعند ابن عائذٍ: فقَبض حُذيفة على يد رجلٍ عن يمينه فقال: مَنْ أنت؟ وعلى يد رجلٍ آخر عن يساره فقال: مَنْ أنت؟ فعل ذلك خشية أن يُفطن له فَبَدَرهم بالمسألة، وقد رُوِّينا في خبر ابن مَسعودٍ غير ما ذكرناه.
إذا تقرَّر ذلك فالكلام عليه مِنْ وجوهٍ:
أحدها: ما ترجم له وهو فضلُ الطَّليعة وبعثُها وحدَها، وأنَّ الطَّليعة تستحقُّ اسم النُّصرة لأنَّه _◙_ سمَّاه: (حواريَّ)، و(الطَّلِيْعَةُ) مَنْ يُبعث ليطَّلع على العدوِّ، والحَوَارِيُّ: النَّاصر أو الوزير كما سلف، وهو بمعناه، وهو اسمٌ لكلِّ مَنْ نصر نبيًّا، وبه سُمِّي أصحاب عيسى بذلك فإنَّه لمَّا قال لقومه: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ} [آل عمران:52] فلم يجب غيرهم فكذلك لمَّا قال _◙_: (مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ القَوْمِ؟) _مرَّتين أو ثلاثًا_ فلم يجبه غير الزُّبَير، فشبَّهه بالحواريِّين أنصارِ عيسى، وسمَّاه باسمهم، وإذا اتَّضح أنَّه ناصرٌ فأجره أجر المقاتل المدافع، ومِنْ ثَمَّ قال مالكٌ: إنَّ طليعة اللُّصوص تُقتل معها وإن لم تَقتل ولم تَسلب، وكذلك قال عمرُ: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به.
وقيل: الحواريُّ: الخالص مِنَ الأصحاب، وقيل: سُمِّي أصحاب عيسى بذلك لشدَّة بياض ثيابهم، وقيل: كانوا قصَّارين، وكلُّ ما بيَّضته فقد حوَّرته، قال أبو بكرٍ: ومعنى (حَوَارِيَّ الزُّبَيرُ) أنَّه مختصٌ مِنْ بين أصحابي ومُفَضَّلٌ وسُمِّي خبز الحواريِّ لأنَّه أشرف الخبز، أو لبياضه، قال الدَّاودي: ولا أعلم رجلًا جَمع له النَّبيُّ _صلعم_ أبويه إلَّا الزُّبَيرَ وسعدَ بن أبي وقَّاصٍ كان يقول له: ((ارمِ فداكَ أَبِي وأُمِّي)) وإنَّما كان يقول لغيرهما: ((ارم فداك أبي)) أو: ((فدتك أمِّي)) وهي كلمةٌ تُقال للتَّبجيل ليس على الدُّعاء ولا على الخبر، وكان الزُّبَير مِنْ أوَّل مَنْ أسلم، وكان ممَّن استجاب لله مِنْ بعدما أصابهم القرح، مات يوم الجمل قُتل وهو منصرفٌ، وهو ابن أربعٍ وستِّين سنةً، قتله ابن جُرْمُوزٍ مِنْ بني تميمٍ، وقال له عليٌّ: سمعتُ النَّبيَّ _صلعم_ يقول: ((بَشِّرْ قاتلَ ابنِ صَفِيَّةَ بالنَّارِ)) كُنيته: أبو عبد الله، وهو يلتقي في النَّسب الشَّريف في قُصَيٍّ، وليس أحدٌ مِنَ العشرة بعد عثمانَ وعليٍّ أقربَ نسبًا منه.
ثانيها: فيه شجاعة الزُّبَير وتقدُّمه وفضله، واختُلف في ضبطه كما قال القاضي، فضبطه جماعةٌ مِنَ المحقِّقين بفتح الياء مِنْ (حَوَارِيَّ) كمُصْرِخِيَّ، وضبطه أكثرهم بكسرها.
ومعنى: (انْتَدَبَ) أجاب، ففيه الأدب مِنَ الإمام في النَّدب إلى القتال والمخاوف لأنَّه كان له أن يقول لرجلٍ بعينه: قمْ فأتني بخبر القوم، فيلزم الرَّجلَ ذلك لقوله _تعالى_: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} الآية [الأنفال:24].
ثالثها: زعم بعض المعتزلة أنَّ هذا الحديث يعارضه حديث ((الرَّاكب شيطان)) ونهيُه أن يسافر الرَّجل وحده، وليس كما زعم فلا تعارض كما نبَّه عليه الْمُهَلَّبُ لأنَّ النَّهي إنَّما جاء في المسافر وحده لأنَّه لا يأنس بصاحبٍ ولا يقطع طريقه بمحدِّثٍ يُهوِّن عليه مؤنة السَّفر، كالشَّيطان الَّذي لا يأنس بأحدٍ ويطلب الوحيد ليغويَه بتذكار قتلةٍ وتزيين شهوةٍ، حضًّا مِنه _◙_ على الصُّحبة والمرافقة لقطع المسافة وطيِّ بعيد الأرض بطيب الحكاية وحسن المعاونة على المُؤنة، وقصَّة الزُّبَير بضدِّ هذا بعثه طليعةً متجسِّسًا على قريشٍ ما يريدونه مِنْ حرب رسول الله صلعم، فلو أمكن أن يتعرَّف ذلك منهم بغير طليعةٍ لكان أسلم وأخفَّ، ولكن أراد أن يسُنَّ لنا جواز الغرر في ذلك لِمَن احتسب نفسه وسخَا بها في نفع المسلمين وحماية الدِّين، ومَنْ خرج في مثل هذا الخطير مِنْ أمر الله لم يعطِ الشَّيطان أذنه فيصغيَ إلى خُدَعِه، بل عليه مِنْ أمر الله حافظٌ ومؤنسٌ، وَهذا ألا ترى تثبيت الله _تعالى_ له حين نادى أبو سفيان في المشركين ليعرف كلُّ إنسان منهم جليسه، قال الزُّبَير لِمَنْ قَرُب منه: مَنْ أنت؟ فسبق بحضور ذهنه إلى ما لو سبقه إليه جليسُه لكان سبب فضيحته، كذا قال: إنَّه الزُّبَير، وإنَّما هو حُذيفة حين سار إلى قريشٍ في الأحزاب متحسِّسًا _كما ذكره ابن سعدٍ وغيره كما سلف_ ولو أرسل معه غيره لكان أقرب إلى أن يُعثَر عليهما، فالوحدة في هذا هي الحكمة البالغة، وفي المسافر هي العورة البيِّنة، ولكلٍّ وجهٌ مِنَ الحكمة غيرُ وجه الآخر لتباين القصص واختلاف المعاني، وحمله الطَّبَريُّ على مَنْ لا يهوله هولٌ، ألا ترى أنَّ عمر لمَّا بلغه أنَّ سعدًا بنى قصرًا أرسل شخصًا وحدَه ليهدمَه.
وذكر ابن أبي عاصمٍ أنَّه _◙_ أرسل عبد الله بن أُنَيسٍ سريَّةً وحدَه، وبعث عمرو بن أميَّة وحدَه عينًا، ولابن سعٍد: أرسل سالم بن عميرٍ سريَّةً وحدَه، فإن لم يكن الرَّجل كذلك فممنوعٌ مِنَ السَّفر وحدَه خشيةً على عقله أو يموت فلا يَدري خبرَه أحدٌ ولا يشهدَه أحدٌ، كما قال عمرُ: أرأيتم إذا سار وحدَه ومات، مَنْ أسأل عنه؟ ويحتمل أن يكون النَّهي نهي تأديبٍ وإرشادٍ إلى ما هو الأولى.
وحديث ((الواحدُ شَيْطَانٌ، والاثنانُ شَيْطَانَانِ، والثَّلَاثةُ ركبٌ)) أخرجه التِّرمِذيُّ وحسَّنه، وعزاه ابن التِّيْنِ إلى رواية الشَّيخ أبي محمَّدٍ في «جامع مختصره»، قال: وذكره مالكٌ في «موطَّآته» عَن عمرو بن شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال: وقيل: أخبار عمرٍو عن أبيه عن جدِّه واهيةٌ لم يَسمع بعضُهم مِنْ بعضٍ، قلتُ: معاذَ الله مِنْ ذلك.
وسفر الواحد مباحٌ لتوجيه النَّبيِّ _صلعم_ العيون والطَّوالع وُحْدانًا، قال: وقال النَّبيُّ _صلعم_: ((إنَّ الشَّيطانَ يَهُمُّ بالواحدِ والاثنينِ، وإذا كَانُوا ثلاثةً لم يهُمَّ بهم)) ثُمَّ نقل عن الشَّيخ أبي محمَّدٍ أنَّه يريد في السَّفر الَّذي تُقصر فيه الصَّلاة.
وقد ترجم البُخاريُّ فيما سيأتي باب: السَّير وحده [خ¦2997]، وذكر فيه حديث ابن عمرَ: ((لو يعلمُ النَّاسُ ما في الوحدةِ ما أعلمُ ما سارَ راكبٌ بليلٍ وحْدَه)) واعترض الإسماعيليُّ في دخوله فيه فقال: لا أعلم هذا الحديث كيف يدخل في هذا الباب وهو عجيبٌ، فدخوله / ظاهرٌ، وفي «مستدرك الحاكم» مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ: خرج رجلان مِنْ خيبرَ فتبعه رجلان ورجلٌ يتلوهما يقول: ارجعا حتَّى أَدْرَكهما فردَّهما ثُمَّ قال: إنَّ هذين شيطانان فأَقْرأ على رسول الله _صلعم_ السَّلامَ، وأعلمْه أنَّ في جمعِ صدقاتِنا لو كانت تصلح له لبعثناها إليه، فلما قدِم على رسول الله _صلعم_ وحدَّثه نهى عند ذلك عن الوحدة. ثُمَّ قال: صحيحٌ على شرط البُخاريِّ. قلت: فيجوز أن يكون النَّهي بعد فتح خيبرَ، وعنده أيضًا مِنْ حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جدِّه السَّالف، وقال لرجلٍ قدِم مِنْ سفر وقال له: ((ما صحبْتَ؟)) فقال: مَا صحبتُ أحدًا... ذكره ثُمَّ قال: صحيح الإسناد.
فائدةٌ أجنبيةٌ لغويةٌ في حقيقة السَّريَّة والغزو وغيرهما ذكرها المسعوديُّ في كتاب «التَّنبيه والإشراف»: فالسَّرايا: ما بين الثَّلاث إلى الخمس مئةٍ، والسَّريَّة الَّتي تخرج ليلًا، وبالنَّهار ساربةٌ ومنه: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد:10] وما زاد على الخمس مئةٍ فهي المَناسِر، وما بلغ ثمانِ مئةٍ فهو الجيش القليل، وما زاد على الأربعة آلافٍ فهو الجَحْفَل، وما بلغ اثني عشر ألفًا فهو الجيش الجرَّار، وإذا افترقت السَّرايا والسَّوارب بعد خروجها فما كان دَون الأربعين فهي الجرائد، ومَا كان مِنَ الأربعين إلى دون الثَّلاث مئةٍ فهي المَقانِب، وَما كان مِنَ الثلاث مئةٍ إلى دون الخمس مئةٍ فهي الجَمَرات، وكانوا يسمُّون الأربعين إذا توجَّهوا العُصْبَة، ورأى قومٌ أنَّ المِقْنَب مثل المِنْسَر، وأنَّ كلَّ واحدةٍ منهما ما بين الثَّلاثين رجلًا إلى الأربعين وذكروا له شاهدًا، والكَتيبة: ما جُمع ولم يَنتشر، والحصيرة: يُغزى بهم دون العشرة فمن دونهم، والهبطة: جماعةٌ يُغزى بهم وليسوا بجيشٍ، والأرعن: الجيش الكبير الَّذي مثل الجبل، والخميس: الجيش العظيم، والجرَّار: الَّذي لا يسير إلَّا زحفًا، والبحر: أكبر ما يكون مِنَ الجيش إذا عظُم وثقل.