شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو

          ░66▒ باب: حَمْلِ النِّسَاءِ للْقِرَبَ إلى النَّاسِ في الْغَزْوِ.
          وفيه: ثَعْلَبَةُ بْنُ أبي مَالِكٍ: أَنَّ عُمَرَ قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ في الْمَدِينَةِ، فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: أَعْطِه ابْنَةَ النَّبيِّ صلعم التي عِنْدَكَ _يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ_ فَقَالَ عُمَرُ: أُمُّ سَلِيطٍ(1) أَحَقُّ_امْرَأةٌ مِنْ نِسَاءِ الأنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبيَّ صلعم فكَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ_. [خ¦2881]
          قال المُهَلَّب: فيه دليلٌ / على أنَّ الأولى بالنَّبيِّ صلعم من أتباعه أهل السَّابقة إليه والنُّصرة له، لا يستحقُّ أحدٌ ولايته ببنوَّةٍ ولا بقرابةٍ إذا لم يقارنها الإسلام، ثمَّ إذا قارنها الإسلام تفاضل أهله بالسَّابقة والنُّصرة من المعونة بالمال والنَّفس، ألا ترى أنَّ عمر جعل أمَّ سليطٍ أحقَّ بالقسمة لها من المروط من حفيدة رسول الله بالبنوَّة لتقدُّم أم سليطٍ(2) بالإسلام والنُّصرة والتَّأييد وهو معنى قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ}[الحديد:10]وكذلك يجب أن لا تستحقَّ الخلافة بعده ببنوَّة ولا بقرابة، وإنَّما تستحقُّ بما ذكره الله من السَّابقة والإنفاق والمقاتلة.
          وفيه الإشارة بالرَّأي على الإمام، وإنَّما ذلك للوزير والكاتب وأهل الصُّحبة والبطانة له، ليس ذلك لغيرهم، إلَّا أن يكون من أهل العلم والبروز في الإمامة فله الإشارة على الإمام وغيره.
          وقوله: (تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ) يعني: تحمل، قال صاحب «العين» و«الأفعال»: زفر بالحمل زفرًا: نهض به، والزَّفر: القربة، والزَّوافر: الإماء يحملن القرب.


[1] في (ص): ((سليم)) والمثبت من المطبوع.
[2] في (ص): ((سليم)) والمثبت من المطبوع.