شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟

          ░140▒ باب: مَنِ اكْتُتِبَ في جَيْشٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ حَاجَّةً، أَوْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رسُول الله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ: اذْهَبْ، وَاحْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ). [خ¦3006]
          قال المؤلِّف: إذا قام بثغور المسلمين من فيه الكفاية لدفع العدوِّ فلا بأس أن يأذن الإمام لمن له عذرٌ في الرُّجوع؛ ولهذا المعنى أذن النَّبيُّ صلعم للرَّجل أن يرجع ويحجَّ مع امرأته، فإن كان للعدوِّ ظهورٌ وقوَّةٌ تعيَّن فرض الجهاد على كلِّ أحدٍ فلا يأذن له الإمام في الرُّجوع.
          قال المُهَلَّب: والجهاد أفضل لمن قد حجَّ عن نفسه من الحجِّ، لكن لمَّا استضاف إلى الحجِّ النَّافلة ستر عورةٍ وقطع ذريعةٍ كان أوكد وأفضل من الجهاد في وقتٍ قد استظهر المسلمون فيه على عدوِّهم.
          قال المؤلِّف: وقوله: (اِرْجِع فَاحْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ) محمولٌ عند العلماء على معنى النَّدب للزَّوج أن يحجَّ مع امرأته / لا أنَّه يلزمه ذلك فرضًا، كما لا يلزمه مئونة حملها في الحجِّ؛ فلذلك لا يلزمها أن تحمله إليه بنفسه، وقد تقدَّم في باب حجِّ النِّساء في آخر كتاب الحجِّ اتِّفاق الفقهاء في أنَّه ليس للرَّجل منع زوجته من حجَّة الفريضة، كما لا يمنعها من صلاةٍ ولا صيامٍ، فأغنى ذلك عن إعادته. [خ¦1862]