شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة

          ░98▒ باب: الدُّعاءِ على المشركِينَ بالهزيمةِ
          فيه: عَلِيٌّ: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأحْزَابِ قَالَ النَّبيُّ ◙: مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى، حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ). [خ¦2931]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: (كَانَ النَّبيُّ صلعم يَدْعُو في الْقُنُوتِ: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ على مُضَرَ، اللَّهُمَّ بسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ). [خ¦2932]
          وفيه: ابْنُ أبي أَوْفَى: (دَعَا النَّبيُّ صلعم يَوْمَ الأحْزَابِ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ). [خ¦2933]
          وفيه: ابْنُ مَسعُودٍ: (كَانَ الرَّسُولُ صلعم يُصَلِّي في ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فجاء أَبُو جَهْلٍ وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ بِسَلَى جَزُورٌ فَطَرَحُوهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ _ثلاثًا_ وَسَمَّى: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بأبي جَهْلِ). وذكر الحديث. [خ¦2934]
          وفيه: عَائِشَةُ: (أَنَّ الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلى رَسُولِ الله فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَلَعَنْتُهُمْ، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ فَقُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: أَوَ لَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ: عَلَيْكُمْ). [خ¦2935]
          قال المُهَلَّب: قد تقدَّم القول في الصَّلاة الوسطى أنَّها الصُّبح على الحقيقة، وأنَّها العصر بالتَّشبيه بها. [خ¦554] [خ¦555]
          وقوله: (شَغَلُونَا) فهذا شغلٌ لا يمكن ترك القتال له على حسب الاستطاعة له من الإيماء والإقبال والإدبار والمطاعنة والمسابقة لكن لهذا وجهان: أحدهما: أنَّ صلاة الخوف لم تكن نزلت بعد، وفي الآية بها إباحة الصَّلاة على حسب القدرة والإمكان، وفي هذا الوقت لم يكن مباحٌ لهم الإتيان بها إلَّا على أكمل أوصافها؛ فلذلك شُغِلوا عنها بالقتال، وهذا الشُّغل كان شديدًا عليهم حتَّى لا يمكن أحدٌ منهم أن يشتغل بغير المدافعة والمقاتلة.
          والمعنى الآخر: أن يكونوا على غير وضوءٍ؛ فلذلك لم يمكنهم ترك القتال لطلب الماء وتناول الوضوء؛ لأنَّ الله لا يقبل صلاة من أحدث حتَّى يتوضَّأ، وأمَّا دعاؤه ◙ على قومٍ / ودعاؤه لآخرين بالتَّوبة فإنَّما كان على حسب ما كانت ذنوبهم في نفسه ◙، فكان يدعو على من اشتدَّ أذاه للمسلمين، وكان يدعو لمن يرجى نزوعه ورجوعه إليهم، كما دعا لدوسٍ حين قيل له: إنَّ دوسًا قد عصت وأبت، ولم تكن لهم نكايةٌ ولا أذًى، فقال: ((اللَّهُمَّ اهدِ دوسًا وائتِ بهم)) وأمَّا هؤلاء فدعا عليهم لقتلهم المسلمين، فأجيبت دعوته فيهم، وقد تقدَّم هذا المعنى في أوَّل كتاب الاستسقاء، [خ¦1006] وسيأتي أيضًا في كتاب الدُّعاء باب: الدُّعاء على المشركين، [خ¦6392] [خ¦6393] [خ¦6394] [خ¦6395] [خ¦6396] مستقصًى فيه القول إن شاء الله.