شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير

          ░38▒ باب: فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ.
          فيه: زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: قال: ◙ (مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا في سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا في سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا). [خ¦2843]
          وفيه: أَنَسٌ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقِيلَ لَهُ، قَالَ: إِنِّي أَرْحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي). [خ¦2844]
          قال المُهَلَّب: أوجب له ◙ الفعل مجازًا واتِّساعًا وإن لم يفعله لوجوب أجره له.
          وقال الطَّبريُّ: وفيه من الفقه أنَّ كلَّ من أعان مؤمنًا على عمل برٍّ فللمعين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرَّسول صلعم أنَّ مَنْ جهَّز غازيًا فقد غزا، فكذلك من فطَّر صائمًا أو قوَّاه على صومه، وكذلك من أعان حاجًّا أو معتمرًا بما يتقوَّى به على حجِّه أو عمرته حتَّى يأتي ذلك على تمامه فله مثل أجره.
          ومن أعان فإنَّما يجيء من حقوق الله بنفسه أو بماله حتَّى يغلبه على الباطل بمعونة فله مثل أجر القائم، ثمَّ كذلك سائر أعمال البرِّ، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البرِّ فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر والإثم مثل ما لعاملها، ولذلك نهى الرَّسول صلعم عن بيع السُّيوف في الفتنة، ولعن عاصر الخمر ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وكذلك سائر أعمال الفجور. /
          قال المُهَلَّب: وقوله: (لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْم) يعني: من بيوت النِّساء غير ذوي محارمه؛ فإنَّه كان يخصُّ أمَّ سُلَيم للعلَّة التي ذكر، ولأنَّها كانت أختها أمَّ حرامٍ خالته من الرَّضاعة.
          وقال أبو عبد الله بن أبي صُفرة: وكانت أمُّ حرام أختها تسكن بقباء.
          وقوله: (قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي) أي: قتل في سبيلي؛ لأنَّه قتل ببئر معونة، ولم يشهدها الرَّسول ◙.